ورد أمس في هذه الصحيفة «قررت الهيئات الاقتصادية عقد لقاء موسع اليوم في البيال بمشاركة الاتحاد العمالي العام ونقابات المهن الحرة والمجتمع المدني وهيئة التنسيق النقابية تحت شعار «إعلان 25 حزيران ـ القرار ضد الانتحار».
هناك شك كبير في أن الهيئات الاقتصادية ترى مصالحها واحدة ومشتركة مع بقية الشعب اللبناني. وهناك ما يؤكد أنها ترى التناقض بين الاثنين، وهي على استعداد لنسف كل ما من شأنه تحسين مستوى معيشة الفقراء من اللبنانيين، أو الطبقة الوسطى منهم. نسف سلسلة الرتب والرواتب كان برهاناً على ذلك.
هناك شعور عام لدى معظم اللبنانيين، أي لدى الطبقات الفقيرة والمتوسطة، أنه بتحسن الاقتصاد اللبناني، تزدهر الطبقات العليا ويزداد البقية فقراً. وعندما يتراجع الاقتصاد اللبناني تكون الكارثة أكبر على الطبقات الدنيا.
لقد وقفت الهيئات الاقتصادية ضد رفع الحد الأدنى للأجور على مدى العقدين الماضيين، وما وجدت الطبقات الدنيا حلاً إلا في الهجرة تلافياً للبطالة.
وما كلام الهيئات الاقتصادية عن فساد البيروقراطية سوى دعابة هدفها التمويه؛ ليس فقط لتساوي الراشي والمرتشي في المسؤولية، بل لأن مصالح الهيئات الاقتصادية تنمو بوتائر أسرع مع تنامي الرشوات والفساد. كل طبقة تستفيد من الفساد حسب حجم ثروتها.
أما كلام الهيئات الاقتصادية عن الطبقة السياسية، فإن اللبنانيين لم يشعروا يوماً سوى أن الواحدة منهما واجهة للأخرى. كلاهما حكم ويحكم البلد، وكلاهما مسؤول.
أما الحديث عن «رفض الانتحار» فهذا كلام خطير. ليس في علمنا أن الطبقات العليا تهوى الانتحار، بل هي تهوى أشياء أخرى تتعلق بالتلذذ والتمتع. من ناحية أخرى، لا يستطيع أحد إجبارها على الانتحار، إذ المعلوم أن معظم هؤلاء قد هرّبوا أموالهم إلى الخارج. هناك من يضطر للانتحار؛ هؤلاء هم الطبقات الفقيرة التي تضطر للانتحار بطالة أو هجرة أو تسولاً.
أيتها الطبقات الهيئات الاقتصادية، لا شيء يجمعكم مع الفقراء سوى أنكم تضعون النير على رقابهم لجعلهم يعملون كي ينتجوا وكي تقتطعوا بالسياسة والتشريع والقسر من إنتاجهم.
إذا أردتم الانتحار فليكن ذلك لكم وحدكم. فقراء لبنان غير معنيين.