hit counter script

مقالات مختارة - نقولا ناصيف

برّي: هكذا حدث دائماً، هكذا سيحدث

السبت ١٥ أيار ٢٠١٥ - 07:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

حجب الاهتمام بعرسال ومصير جرودها جدلاً ساخناً في الاستحقاق الرئاسي ونصاب انعقاده بدأ في بكركي، ويفترض استكمال حلقته في عين التينة. يتسلح المنادون بالنصف +1 بحجته لانهاء الشغور، بيد ان الحل ليس لديهم فحسب

في انتظار ان يحمل اليه وفد النواب المسيحيين في قوى 14 آذار الموقف الذي خلص اليه اجتماعهم في بكركي الثلثاء الفائت، ومن ثمّ الخيارات المتاحة لاخراج الاستحقاق الرئاسي من مأزقه، لا يجد رئيس مجلس النواب نبيه بري سوى اعادة تأكيد وجهة نظره:
1 ــــ قال بالثلثين نصاب الحضور في كل دورات الاقتراع، ولا يزال يتمسك به، انسجاماً مع ما نصت عليه المادة 49 وتقاليد الاستحقاقات الرئاسية المتعاقبة التي لم تشهد منذ انتخاب اول رئيس للبلاد عام 1926 ان تدنى عدد النواب الحاضرين في الجلسة عن الثلثين على الاقل، وخصوصا بعد انقضاء الدورة الاولى من الاقتراع، والانتقال الى الدورة الثانية التي تتيح فوز المرشح بالاكثرية المطلقة من الاصوات.

وما لم يقع قبلا، يصح ان لا يقع الآن او في ما بعد بالخروج على هذه القاعدة التي شكلت مناعة رئيسية لانتخاب الرئيس، بما فيه اولئك المرشحون الفائزون من الدورة الثانية، بأن تحوط بانتخابهم أوسع مشاركة في الجلسة.
2 ــــ يوافق بري النواب المسيحيين في قوى 14 آذار على ان ليس له ولا لهيئة مكتب المجلس تفسير الدستور الذي لا يدخل في صلاحية اي منهما. كلاهما لم يفعل ذلك في اجتماع هيئة المكتب في 27 آذار 2014، بعد 48 ساعة على بدء المهلة الدستورية للانتخاب الرئيس، عندما قررت نصاب الجلسة الثلثين حضورا في كل دورات الاقتراع. اتخذ القرار بموافقة اعضاء الهيئة التي ترجح فيها الكفة الى قوى 14 آذار، وكان حضر الجلسة تلك النواب مروان حمادة واحمد فتفت وانطوان زهرا وسيرج طورسركيسيان الى النائب ميشال موسى. لم يصر فيها الى تفسير الدستور، بل تذكير النواب بنصاب انعقاد الجلسة والاقتراع. حتى ذلك اليوم لم تكن قوى 14 آذار قد اثارت سجالاً على نصاب جلسة الانتخاب، ولم يستعد اقطابها الحملة التي خاضوا فيها استحقاق 2007، وثابروا على المناداة ــــ بل التهويل ــــ بالنصف +1 نصاب انعقاد جلسة الانتخاب في كل وقت طوال الاشهر الستة التالية آنذاك.
3 ــــ لم يكن اجتماع هيئة مكتب المجلس حدثاً طارئاً او محدثاً، بل جزءاً من تقاليد علاقة السلطة الاشتراعية بالاستحقاق الرئاسي المنوط بها اجراؤه. اكثر من رئيس للمجلس درج، في العقود الثلاثة الاخيرة على الاقل، على ترؤس هيئة مكتب المجلس عشية جلسة انتخاب الرئيس والخروج على الاثر ببيان يذكر النواب بالنصاب القانوني حضورا واقتراعا.


درج رؤساء المجالس على ترؤس هيئة المكتب للتذكير بنصاب جلسة الانتخاب

فعل ذلك الرئيس كامل الاسعد بترؤسه الهيئة في 16 آب 1982، قبل 48 ساعة من موعد اجتماع البرلمان في 18 آب وذكّر في بيان صدر عنها بالنصاب، بيد ان المجلس لم يلتئم سوى في جلسة ثانية في 23 آب انتخب الرئيس بشير الجميل. فعل ذلك ايضا الرئيس حسين الحسيني عشية الجلسة المقررة لانتخاب الرئيس في 18 آب 1988 التي لم تنعقد وكان الرئيس سليمان فرنجيه مرشحها الوحيد. كذلك لم تنعقد الجلسة الثانية في 22 ايلول ما آل الى اول شغور في الرئاسة مع انقضاء ولاية الرئيس امين الجميل. لساعات خلت، في 16 آب 1988، التأمت هيئة المكتب ولجنتا الادارة والعدل والنظام الداخلي وتركت لرئيس المجلس اتخاذ الموقف، بعد مناقشة تحديد النصاب في ضوء بضعة اقتراحات نجمت عن تناقص عدد النواب حينذاك، ما بات يحول دون اعتماد العدد الذي يتألف منه المجلس قانونا، وتاليا ضرورة ربط نصاب الثلثين بالنواب الاحياء. اليوم التالي حسم الحسيني نصاب النواب الاحياء وعددهم 79 نائبا: 53 للثلثين و40 للاكثرية المطلقة.
في السياق نفسه كان ترؤس بري هيئة مكتب المجلس في 27 آذار 2014. لم يكن له ولا لهيئة مكتب المجلس تفسير الدستور، وهو صلاحية الهيئة العامة، بل اشعار النواب بالنصاب القانوني حضورا واقتراعا. وهذا ما وافقت عليه هيئة المكتب بلا تحفظ، فلم يقل اي من اعضائها من قوى 14 آذار لدى مغادرته انه يعترض على القرار او يرفضه. لم تكن قوى 14 آذار في ذلك الوقت في وارد بعث الروح في نصاب النصف +1، ولم تعد تملك الاكثرية المطلقة كما في استحقاق 2007. منذ مغادرة النائب وليد جنبلاط صفوفها عام 2009 بات عدد نوابها 54، بينما تضم قوى 8 آذار 57 نائبا. لم يعد بين ايدي اي منهما الغالبية المطلقة كي يهوّل بها على الفريق الآخر، وتبرر له المطالبة بالنصف +1 حضورا واقتراعا.
4 ـ في استحقاق 2007 رفعت قوى 14 آذار لواء النصف +1 على اطلاقه بلا ادنى تحفظ، وعدّته يصحّ في كل وقت يلتئم مجلس النواب لانتخاب الرئيس. في حين ان عودتها الى هذا الموقف في اجتماع الثلثاء الماضي في بكركي، ناجمة عن اعتقادها بالحاجة الى الخروج من المأزق الراهن، والاستنتاج من ثمّ بأن انعقاد الجلسة الاولى في 23 نيسان 2014 واجراء دورة اولى من الاقتراع، يتيح لها الآن الذهاب الى جلسة ثانية لمباشرة اقتراع الدورة الثانية حضورا واقتراعا بالاكثرية المطلقة في الحالين. وهي بذلك تقع في خطأ جسيم. وقد يكون ابسط وابلغ ما سيقوله بري لوفد النواب المسيحيين الذي سيزوره ــــ وبينهم مَن يعرف الموقف سلفا ــــ ان جلسة 23 نيسان تُلي محضرها واقفل وباتت من الماضي، ما يجعل اي جلسة للبرلمان مذ ذاك جلسة جديدة اولى، بمحضر جديد، تبدأ بدورة اقتراع اولى بنصاب الثلثين، ثم تذهب الى دورة ثانية بنصاب النصف +1، على ان يكون نصاب الحضور في دورتي الاقتراع وكل ما يليهما هو الثلثان دائما.
هكذا حدث دائما في العقود المنصرمة. هكذا يحدث ايضا عندما يحين اوان انتخاب رئيس الجمهورية.

  • شارك الخبر