hit counter script

"ويكيليكس" تضرب من جديد...اجتياح الـ78: الكتائب تدعم والحص يقاوم

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٥ - 07:32

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ويكيليكس تضرب من جديد: نصف مليون وثيقة من العام 1978

نشر موقع «ويكيليكس»، أمس، نحو نصف مليون وثيقة دبلوماسية أميركية، من عام 1978، غطت التعامل الأميركي مع معظم دول العالم. في المقدمة التي نشرها مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج، أشار إلى سبب نشر هذه الوثائق، ذاكراً أن «عام 1978 كان مهماً بنحو غير اعتيادي في ما يتعلق بالتطورات الجيوسياسية»؛ فقد شهد بداية العديد من المعارك السياسية المهمة وكثيراً من التحالفات التي استمرت في تشكيل النظام العالمي الحالي. أيضاً، تخلّل هذا العام صعود شخصيات وسلالات سياسية ما زالت تؤثر في القرار السياسي، حتى اليوم. توثّق البرقيات بداية الثورة الإيرانية، وبداية الحرب الأفغانية التي لا تزال مستمرة. وهي تتطرّق إلى القتال بين لبنان وإسرائيل وإلى اتفاق كامب ديفيد. كذلك تضمنت البرقيات الثورة في نيكاراغوا واجتياح فييتنام لكامبوديا، والاجتياح الإثيوبي لإريتريا. علاوة على ذلك، تطرّقت الوثائق إلى أميركا التي لعبت الورقة الصينية في وجه روسيا، وزيارة مستشار الأمن القومي حينها زبغنيو برجنسكي إلى الصين والتي أدت لاحقاً إلى تطبيع العلاقات

 

بطرس لا يريد إدانة الاجتياح... وتويني منسّق نشر الجيش في الجنوب

بعد يوم على بدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 14 آذار عام 1978 في ما عُرف إسرائيلياً بـ«عملية الليطاني»، سارع وزير الخارجية اللبنانية حينها فؤاد بطرس إلى السفارة الأميركية لطلب مشورة واشنطن، سائلاً السفير: ماذا يجب على الحكومة اللبنانية أن تفعل الآن؟ https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01385_d.html بطرس، الذي قال للسفير ريتشارد ب. باركر إن لبنان «في حالة ارتباك، إذ لسنا واثقين من نيات إسرائيل لبقائها على الأراضي اللبنانية»، لمّح حسب البرقية، إلى أن الحكومة «لا تمانع أن تدخل إسرائيل وتتخلّص من الفلسطينيين في الجنوب، لكنها تأمل أن يحصل ذلك بسرعة». بطرس، طرح على باركر حلّين بديلين: إما أن يُعلم مجلس الأمن الدولي، وهنا سأل بطرس: «لكن، هل يجب أن أدعو الى اجتماع مجلس الأمن وأطالب بإدانة إسرائيل» أم الاكتفاء بإبلاغه؟ والحلّ الثاني حسب بطرس، هو الطلب من الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل لحثّها على الانسحاب من لبنان.
طبعاً، جواب السفير الأولي كان: «الخيار يعود الى الحكومة اللبنانية» قبل أن يشرح للوزير تبعات كلا الخيارين. لكن بطرس عاد وشرح للسفير أن «المشكلة في اللجوء الى مجلس الأمن هي إمكانية أن يفتح الأمر النقاش حول المسألة الفلسطينية وأن يستخدم ذلك لمصلحة الفلسطينيين بدل الدفاع عن لبنان».

وفي ضوء حديثه مع مسؤولين لبنانيين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الياس سركيس والوزير بطرس، رفع باركر تقريراً الى الخارجية الأميركية https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01402_d.html يشير فيه الى أنه «بالمجمل، قد يفضّل اللبنانيون أن تضرب إسرائيل المنطقة (الليطاني) مرّة بعد مرّة ردّاً على أي استفزازات جديدة على أن تدفع بالمسلّحين الفلسطينيين الى مناطق قريبة من بيروت».
بطرس لعب دوراً محورياً خلال الاجتياح ومن بعده خصوصاً في المحادثات بين الحكومة اللبنانية والسفارة الأميركية ومنها مع الإسرائيليين.
في إحدى البرقيات https://wikileaks.org/plusd/cables في أواخر شهر آذار، طلب الوزير من باركر أن يسأل الإسرائيليين: «ما رأيهم بالتعزيزات العربية التي تصل الى المقاتلين الفلسطينيين في لبنان؟ هل سيفعلون شيئاً حيال ذلك أم لا؟ الى متى يمكن أن يستمر تدفق السلاح والمقاتلين للفلسطينيين من دون أن يشكّل ذلك خطراً على أمنهم؟».


وفي نفس البرقية، التي كان فيها بطرس «بمزاج سوداوي حول الوضع العام وغاضب من أداء الحكومة اللبنانية»، قال الوزير لباركر: «أنا لست من أولئك المتطرفين الذين قد يتوقّعون من الأميركيين أن يرسلوا قوات المارينز، لكن الأجدر بنا أن نفكّر بحلّ لأن الأزمة تخطّتنا».

بطرس، كان على تنسيق مع سفير لبنان في الأمم المتحدة حينها غسان تويني الذي أدى دوراً بارزاً في التواصل بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة في نيويورك وبين أطراف الأزمة اللبنانية من المسيحيين خاصة، وبين الرئيس سركيس والسفارة الأميركية. تويني أسهم في وضع القرار 425 الأممي، وكان أحد عرّابي إرسال الجيش اللبناني الى الجنوب. باركر كان على اتصال دائم به، وقد وصفه في إحدى البرقيات https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT03857_d.html بأنه «المعلّم اللبناني المفضّل عنده، إذ كان مليئاً بالأفكار حول كيفية حلّ الأزمات القائمة وتكليلها بالنصر».
في إحدى برقيات تموز https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT04138_d.html قال تويني إن الرئيس سركيس عيّنه «منسّق نشر وحدات الجيش اللبناني في الجنوب»، وأنه «لن يغادر لبنان قبل وصول الوحدات الى هناك». تويني نقل إلى السفير الأميركي تخوّفه من أن لا تمدد قوات الـ «يونيفيل» فترة وجودها في الجنوب إن لم يرسَل الجيش الى هناك. كذلك أشار تويني لباركر إلى أن الحكومة اللبنانية «لا يمكنها أبداً أن تقبل رسمياً بإبقاء الجدار الطيّب مفتوحاً مع الإسرائيليين».

الجميّل ـ شمعون مسرورون: لا تضغطوا على إسرائيل لتنسحب

خلال اجتماعات مع قيادات ما كان يعرف بـ«الجبهة اللبنانية»، سمع السفير الأميركي كلاماً مباشراً وصريحاً حول «حسنات» الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978 وسرور بعض اللبنانيين بذلك.
في لقاء أوّل بعد يوم على بدء الاجتياح، اجتمع السفير ريتشارد ب. باركر برئيس حزب الكتائب آنذاك بيار الجميّل ونجله أمين، على طاولة الغداء https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01413_d.html «أمين الذي بدا مسروراً بشكل واضح بتوجيه إسرائيل ضربات قوية للفلسطينيين، قال إن ذلك قد ينتج منه أمران: إما أن تنظّف إسرائيل الجنوب وتنسحب، ما يعيدنا الى الستاتوـ كو السابق، أو أن الإسرائيليين سيقررون البقاء لمدة كافية كي يتأكدوا من أن المنطقة ستبقى آمنة»، نقل باركر عن أمين.

الجميّل الابن، تابع أنه قد تلجأ إسرائيل الى وسيلتين: «إما أن تبقي جنودها (على الأراضي اللبنانية) إلى ما لا نهاية، أو أن تدعو الجيش اللبناني وتسلّمه المنطقة... وهنا يلعب الجيش اللبناني دور الشرطي فقط لا غير». وهل يستطيع الجيش القيام بتلك المهمة؟ سأل أحد الضيوف الأميركيين، فأجابه أمين: «إذا احتاج الى مساعدة، فيمكننا (أي الميليشيا المسيحية) أن نرسل له نحو 2000 من عناصرنا»، الأمر الذي وافق عليه الجميّل الأب، تلحظ البرقية. وحول الموضوع ذاته، أكّد الجميّل الأب والابن أن «ضمان سلامة وجود الجيش اللبناني في الجنوب لا يمكن أن يتحقق إلا باتفاق ضمني بين الحكومة اللبنانية والسوريين والإسرائيليين». ورغم تشكيك بيار بقدرة السوريين على ضبط الفلسطينيين، حثّ أمين الأميركيين على رعاية اتفاق ثلاثي لضمان إرسال الجيش جنوباً بأسرع وقت.
باركر يذكر أن الجميّل الأب والابن «أملا أن يستفيدا من الاجتياح الإسرائيلي ليزيدا من نفوذهم السياسي والعسكري في البلد».
قيادي آخر في «الجبهة اللبنانية»، الرئيس السابق كميل شمعون، تذكر برقية https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01459_d.html أنه أرسل الى السفير الأميركي رسالة بعد يوم من بدء الاجتياح، مفادها: «لا تستمع كثيراً إلى الوزير بطرس، أي لا تضغطوا على الإسرائيليين من أجل الانسحاب». وتقول البرقية إن رسالة مماثلة جاءت من «حاكم جنوب لبنان، الذي كان مسروراً أيضاً بالتحرّك الإسرائيلي»، وتضيف أن «الشيعة في الجنوب كانوا بشكل عام متحمّسين للأمر في البداية، لكن خاب أملهم من أن إسرائيل لن تنظّف كامل منطقة جنوب الليطاني».
أما داني شمعون، فقد أعلن للسفير الأميركي https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01505_d.html أن «الاجتياح الإسرائيلي هو أمر جيّد جداً للبنان (...) وعلى المسلمين اللبنانيين أن يقرروا نهائياً إن هم لبنانيون أو عرب أوّلاً». البرقية تذكر أنه بعد مغادرة شمعون، قال مساعده نبيل نجيم للحاضرين «كلاماً لن يعجب داني»، مفاده أن «بقاء إسرائيل في لبنان سيولّد حرباً أهلية ستشعل البلد بأكمله».

الحصّ: إسرائيل تقتلنا بأسلحتكم!




صباح أيوب
لعلّ البرقية المنطقية الوحيدة بين برقيات السفارة خلال اجتياح 78 هي التي نقلت لقاء السفير ريتشارد ب. باركر برئيس الوزراء الأسبق سليم الحصّ، بعد 6 أيام على بدء الاجتياح https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01482_d.html .
بينما كان بعض المسؤولين يطالبون بإطالة أمد العدوان والاحتلال، طالب الحصّ السفير بالعمل على إنهاء الاجتياح فوراً. رئيس الوزراء الأسبق وفي مداخلة «عاطفية مؤثرة» كما تذكر البرقية، اتهم إسرائيل بتأزيم الأوضاع في الجنوب وتشريد العائلات بتهجير نحو 150 ألف شخص من القرى الجنوبية، وقتل مئات المدنيين الأبرياء.

الحصّ حذّر من انفلات الوضع في بيروت الغربية أيضاً، قائلاً إن «إسرائيل التي تسلّحها الولايات المتحدة تضرب اللبنانيين لأنهم ضعفاء وليس لأنهم مسؤولون عن حادثة الهجوم على حافلتهم». بكلمات حاسمة وصادقة ومسؤولة لم ترد في أيّ من برقيات الاجتماعات مع قياديين لبنانيين آخرين، اتهم الحصّ الإسرائيليين بـ«تعمّد خلق حالة عدم استقرار في منطقة جنوب الليطاني من أجل تحقيق مصالحها» وأنها هي المسؤولة عن وجود «لاجئين فلسطينيين في تلك المنطقة بالأساس».
رئيس الحكومة الأسبق أشار أيضاً إلى تخوّفه من «أن إسرائيل تطمح الى إطالة فترة احتلالها للبنان»، وطالب واشنطن بأن «لا تقف متفرّجة بل تسعى جاهدة لوقف صبّ إسرائيل غضبها على اللبنانيين». الحصّ قال للسفير الأميركي بوجهه إن «المدنيين اللبنانيين يقتلون بطائرات «إف 15» و«فانتوم» التي مدّت بها الحكومة الأميركية إسرائيل». «لم أشعر يوماً بالعجز وبفقدان الأمل كما أشعر الآن» قال رئيس الحكومة بتأثر شديد.
ص. أ.

الاخبار
  • شارك الخبر