hit counter script

مقالات مختارة - ألان سركيس

الراعي والنواب المسيحيّون حرَّكوا جمود الرئاسة: النِصاب نقطة الإنطلاق

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٥ - 07:05

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

عادَت بكركي الى المبادرة الرئاسيّة، مدعومة من النواب المسيحيّين الذين نظّموا لقاءً جامعاً في الصرح البطريركي أمس، أقرَّ تأليف لجنة تتواصل مع الرئيس نبيه برّي لطرح مخارج دستوريّة، أبرزها بحث نصاب الجلسات.

إستعدّت بكركي منذ الصباح الباكر لاستقبال نواب «14 آذار» المسيحيين، والنواب المسيحيين المستقلين الذين يشاركون في جلسات إنتخاب الرئيس، في وقت يقاطعها قسم من زملائهم تحت حجّة المطالبة بالرئيس القوي.

أمس قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلام الذي كان يطالب به نواب «14 آذار»، وهو أنّ سبب الفراغ في الرئاسة الاولى يعود إلى مقاطعة 42 نائباً لجلسات الإنتخاب الـ23 منعاً لاكتمال النصاب، لكنَّ التوصيف الأفضل للوضع الحالي عبَّر عنه الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي خرج يتمشى في باحة الصرح بعد إنتهاء الإجتماع تحت شمس أيار الحارقة، إذ سألناه: متى تتوقّع إنتخاب رئيس؟ فكان جوابه باللهجة الكسروانية: «إيش بعرّفني، ومين بيعرف».

المرّ

اللقاء الذي حضّر له وزير الإتصالات بطرس حرب، ميّزه حضور نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المرّ، ترافقه النائب نايلة تويني، وقد انتظر الإعلاميون منه موقفاً ليعرفوا كيف تتّجه البوصلة الرئاسيّة، لكنّه اكتفى بتأكيد أهميّة إنتخاب رئيس للجمهورية، وقال «إنّ بكركي صرح وطني، والاجتماع فيها مهم»، مشدداً على أهمية «طمأنة المسيحيين إلى وجودهم وديمومتهم في ظلّ ما يعيشون في لبنان والشرق الاوسط هذه الايام».

بدأ النواب يتوافدون منذ العاشرة والنصف صباحاً، وكان نائبا الكتائب نديم الجميّل وسامر سعادة أوّل الواصلين، لتكرّ السبحة بعدهما، فيدخل النائب جورج عدوان، ويؤكد أنّ الرئاسة أولويّة وأساسيّة لينتظم عمل المؤسسات. ولم ينسَ عدوان دعوة النواب المقاطعين الى حضور الجلسات، وعندما سألناه أين اصبحت ورقة إعلان النوايا، «لأنو رح نختيِر قبل ما تخلص»، أجاب ضاحكاً: «انشالله قريباً».

وفي ضوء الحديث عن مضمون اللقاء، دخل النائب عاطف مجدلاني حاملاً مغلّفاً، ولدى سؤاله عن محتواه، أوضح أنه «يتضمّن كلمة نواب «المستقبل». ومع اللغط الذي أُثير لجهة هوية الحضور وهل يقتصر فقط على النواب المسيحيين، استوضحنا مجدلاني سبب حصر اللقاء بالمسيحيين وإعطائه طابعاً مذهبياً، فسأل: «هل هذا اللقاء هو الوحيد المذهبي، كلّ شيء يحدث في البلد يُصبغ طائفياً، ألم تسمعوا كلام السيد حسن نصرالله المذهبي، لا يمكننا مواجهة مذهبيّته إلّا بلقاء كهذا».

ثم توالى توافد النواب: دخل حرب، ثم نائبا زحلة طوني أبي خاطر وجوزف المعلوف، ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ليصل العدد الى 29 نائباً، وكان آخر الوافدين وزير السياحة ميشال فرعون الذي حضر بعد دخول المجتمعين القاعة، فيما كان ابرز الغائبين النائبان ستريدا جعجع وسامي الجميل.

مبادرة سياسية

عند الحادية عشرة والنصف اكتمل النصاب. جلس الراعي والى يمينه المرّ والى يساره عدوان وحرب، وشهدت القاعة أحاديث جانبية بين النواب، فقال النائب فادي كرم عند ممازحته بأنّ معظم النواب الحاضرين أرثوذكس والموارنة أقلية فهل تحضّرون إنقلاباً لإستلام الرئاسة: «لا نحتاج الى إنقلاب بل ما يحصل هو تسليم وتسلّم بين الموارنة والأرثوذكس».

في الشكل، وَضع اللقاء الإصبع على الجرح، وفي المضمون، شكّل أوّل مبادرة سياسية يقودها النواب المسيحيون لإيجاد حلٍّ لأزمة الرئاسة. وعلى رغم تشبيهه بلقاء قرنة شهوان، إلّا أنّ أحداً لم يربط بينهما، وأصرّ الجميع على أنّ اللقاءين مختلفان.

وبعد إجتماع دام نحو 40 دقيقة، تحدّث الراعي، فأكد في كلمته «ضرورة الإتفاق على مخرج ديموقراطي ينطلق من الدستور الواضح في مواده المختصة بإنتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أنّه «عار جديد أن نبدأ عاماً جديداً والفراغ في سدة الرئاسة».

وقال: «أنتم هنا للإعراب عن استيائكم المرير من عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ 14 شهراً، ومن فراغ سدة الرئاسة منذ سنة كاملة ويوم، لأنّ 42 زميلاً لكم في النيابة قاطعوا الجلسات الـ 23 منعاً لاكتمال النصاب، معتبرين أنهم يريدون رئيساً قوياً يُصنع في لبنان ومنه. وأنتم هنا للبحث عن مخرج لأزمة الفراغ. نحن معكم في الاستياء بوجهَيه، وفي البحث عن المخرج، ونحن معهم بالمطلب لا بالوسيلة».

وأكد الراعي «أننا جميعاً نريد رئيساً يُصنع في لبنان ومنه، ونريده قوياً في شخصيته الحكيمة الراقية المنفتحة، الغنيّة بعطاءاتها، المثقفة والمتمرسة بالحنكة والدراية، القادرة على جَمع اللبنانيين حول دولة عادلة وقادرة ومنتجة، يولد منها «وطن نهائي لجميع أبنائه»، كما نقرأ في مقدمة الدستور (أ). وهو وطن مميّز بخصوصيته الذي قال عنه البطريرك الياس الحويك في مؤتمر السلام في فرساي عام 1919، ملخصاً خصوصية لبنان بأنه التجربة الأولى في الشرق التي تحلّ فيها الوطنية السياسية محلّ الوطنية الدينية».

وأضاف: «أمّا كيف الخروج من أزمة فراغ سدة الرئاسة وتعطيل النصاب، فيجب إعلان فعل إيمان بلبنان الدولة والوطن، والانطلاق من ثوابتنا الوطنية الثلاث: العيش المشترك والميثاق الوطني وصيغة المشاركة. والإقرار بأخطاء مخالفة للدستور متمادية اقترفها الجميع، في هذا وذاك من الظروف، وهذه وتلك من الحالات.

والإتفاق على مخرج ديموقراطي ينطلق من الدستور الواضح في مواده المختصة بانتخاب رئيس للجمهورية، على أن يتمّ التوافق على هذا المخرج الدستوري لضمانة التزامه. لكنّ الأساس الأصيل لهذه الثوابت الثلاث هو الإخلاص للبنان وجعله فوق كل اعتبار شخصي أو فئوي أو مذهبي».

وتمنّى الراعي «في هذا اللقاء التاريخي وفي هذا الوقت الحرج، العمل على التفكير في إمكانية إيجاد مثل هذا المخرج لحلّ أزمة الفراغ في سدة الرئاسة، فلا أحد مستعداً لهزيمة، وعار جديد أن نبدأ عاماً جديداً والفراغ في سدة الرئاسة».

لغط «النصاب»

وإثر انتهاء كلمة البطريرك، عقد إجتماعاً ثانياً مع النواب، خرج بعده حرب ليعلن أنّ اقتراح الانتخاب بنصاب النصف زائداً واحداً لاقى ترحيب وموافقة البطريرك، و»اعتبار النصاب الدستوري لانعقاد الجلسات ما بعد الدورة الاولى لانتخاب رئيس للجمهورية هو الاكثرية المطلقة، على اعتبار النصاب في الدورة الاولى الثلثين».

هذا الأمر أثار لغطاً كبيراً ودفع المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض الى التوضيح أنّ الراعي والنواب «اتفقوا على طرح نصاب النصف زائداً واحداً مع الرئيس برّي، على أن يبارك الراعي الإتفاق الذي يتوصلون اليه».

وأعلن حرب في البيان الختامي، أنّه تمّ الاتفاق مع البطريرك على تشكيل لجنة للتواصل مع برّي ووضعه في أجواء الخطوات التي اتفق عليها الحاضرون. وتضمّ اللجنة: فريد مكاري، بطرس حرب، جورج عدوان، نديم الجميل وعاطف مجدلاني. ولفت حرب إلى أنّ «من بين الخطوات، اعتبار مجلس النواب في حال انعقاد دائم كما نصّ عليه الدستور والتوجّه لتأمين حضور يومي في البرلمان لانتخاب رئيس».

وأشار الى أنّ «الجميع تمنّوا على غبطته دعوة جميع النواب الذين يثابرون على حضور جلسات انتخاب الرئيس من كل الطوائف والمذاهب والمناطق، الى اجتماع يعقد في بكركي لاتخاذ الخطوات المناسبة وتكليف اللجنة المذكورة أعلاه التنسيق مع صاحب الغبطة لتحقيق كلّ ما سبق».

لكنّ مكاري الذي تمنّى للّجنة التوفيق في مهمتها، أوضح أنه ليس بين أعضائها، «كما جاء خطأً في البيان الختامي، وأنه أبلغ إلى المجتمعين تكراراً اعتذاره عن عدم المشاركة فيها، موضحاً لهم الأسباب التي تدعوه إلى ذلك».

انتهى اجتماع بكركي، ليبدأ بعده عمل اللجنة المنبثقة عنه، لإيجاد مخارج وحلول لازمة مرّ عليها عام... والخشية أن تصبح أزمة مفتوحة.

  • شارك الخبر