hit counter script

مقالات مختارة - جورج شاهين

شتاينماير عن الملف السوري: حظر جوّي ثم التحضير لـ«جنيف 3»

السبت ١٥ أيار ٢٠١٥ - 06:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

لم تنَل زيارة وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الى لبنان حقّها حتى الساعة. كان اللبنانيّون يواكبون حرب القلمون وتناسوا أنّ هناك زائراً مميّزاً أتى من إجتماعات الحلف الأطلسي في أنطاليا قاصداً بيروت المثخنة بنتائج النزوح السوري وكلفته، مبدياً الإستعداد للمساهمة بما التزمته بلاده للمساعدة، متخوِّفاً من طول الأزمة وتعقيداتها. فماذا توقّع الضيف الألماني؟

اكتشف أحد الذين شاركوا في لقاء شتاينماير ورئيس الحكومة تمام سلام أنّ هناك كيمياءً متجانسة وإيجابية تجمع الرجلين، فقد سمَحت سلسلة من المؤتمرات بالتعارف والتعاون بينهما في الأشهر القليلة الماضية، من مؤتمر الكويت الأول للنازحين الى برلين فميونيخ، فمؤتمر الكويت الثاني، وقبل ذلك في الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما سمح بأن يسترسل الضيف في الحديث عن الملفات الإقليمية والدولية التي ناقشها لقاء الحلف الأطلسي في انطاليا بسخاء وفي التفاصيل.

وبعدما استعرض المجتمعون ملف الإستحقاق الرئاسي واستبعاد سلام وجود أيّ محاولة جدية لإتمامه، استغرب الضيف عدم ترجمة اللبنانيين ديموقراطيّتهم بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وناقشا ملفَ النزوح السوري وكلفتَه الباهظة على لبنان. وبعد تقديره تقديمات لبنان للنازحين، أكد شتاينماير صدقَ بلاده في توفير ما التزمته باعتبار أنّ الأزمة السورية طويلة وأنّ لبنان يستأهل العون. وبعدما اتفقا على نتائج النزوح الكارثية على لبنان تباينا عندما توقع الضيف عودة سريعة للنازحين الى بلادهم، فحدّثه سلام عن تدمير أكثر من مليون وحدة سكنية عائدة لهم ما يحول دون عودتهم السريعة.

في الملف الأمني السوري، كانت المداخلة الأطول لشتاينماير الذي تحدّث عما يعوق مشاريع الحلف الدولي لضرب «داعش» بقوة كما كان يتمنّى أركانه.

وأشار إلى أنّ ما قد يعيد الى الحلف زخمه هو قرب تخريج بضعة آلاف من المقاتلين السوريين المعارضين الذين يخضعون للتدريب بهدف تعزيز القوى البرية التي تلاقي الغارات الجوية والتي عليها الحلول مكان «داعش» حيث تضرب. عدا عن ظهور بوادر اميركية مشجّعة لمناقشة إقامة منطقة حظر جوي فوق شمال سوريا، وهو ما قد يدفع تركيا للمطالبة بهذه الخطوة، الى دور أكبر بعد إنجاز انتخاباتها.

وكشف شتاينماير أنه يعلم بمفاوضات جانبية قائمة بين واشنطن وموسكو تترجمها اللقاءات المتعددة بين وزيرَي الخارجية جون كيري وسيرغي لافروف ومفاوضين آخرين إستعداداً لإستئناف مسلسل مؤتمرات جنيف.

وما يشجع أنّ الحوار هذا يتناول إعادة قراءة مقرّرات «جنيف 1» للتفاهم على ترجمة موحّدة وتقليص الخلافات حيالَ ما سمّي «الفترة الإنتقالية» التي تتحدّث عن بدء مسيرة سحب الصلاحيات من الرئيس السوري بشار الأسد لصالح حكومة انتقالية، من دون أن تسقط الدولة السورية ومؤسساتها خصوصاً العسكرية والأمنية منها، لئلّا تتكرّر تجربتا العراق واليمن.

وكلّ ذلك تمهيداً للإستغناء عنه في فترة تواكب الإتفاقات النهائية. فلا أحد يرى دوراً للأسد في مستقبل سوريا بعد الحرب وهو أمر سيقتنع به الجميع، وايران وروسيا في وقت ما ولو جاء متأخراً.

ولفت شتاينماير الى أنّه ومتى تمّ التفاهم على توحيد هذه النظرة للفترة الإنتقالية وموجباتها وظروفها سينطلق التحضير بسرعة لـ«جنيف 3» من دون أن ننسى تحضيرات موسكو لهذه المرحلة المتقدّمة وما أنجَزته في مؤتمرَيْ «موسكو 1» و»موسكو 2» ليلتقيا أخيراً على موقف واحد، وهو ما سيسمح ببدايات حديث عن الحلول السياسية التي يمكن تنفيذها، على رغم ما يعترض هذه المحطة من مشقات وعوائق.

وقد تطول هذه المحطة أو تقصر مع ما يرافقها من سقوط مزيد من الضحايا والخراب والدمار بفعل السباق الى التسلّح الذي لا مثيل له لدى طرفَي الصراع. الأول أيْ النظام من خلال ما يُزوّد به من اسلحة فتاكة وتدميرية، والثاني أيْ المعارضة من خلال الأسلحة التي استولت عليها من الجيش العراقي وما تسيطر عليه من قواعد الجيش السوري.

ولم يغفل الوزير الضيف أن يعترف بصراحة بأنّ الصراعات الداخلية من ضمن حلفاء النظام ومعارضيه على السواء تؤخّر التفاهمات الكبرى في جوانب عدّة منها. فلا يمكن لأحد تجاهل السباق الروسي - الإيراني غير المنظور الى الفوز بثروات السوريين ومقدرات بلادهم، ولا يمكن لأحد إغفال وجود خلافات في وجهات النظر بين أركان الحلف الدولي ضدّ «داعش» والذي لم يرقَ بعد ليضمّ الى أهدافه الاساسية النظامَ السوري نفسه.

  • شارك الخبر