hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

فضل الله: لتكريس الوحدة في وجه العابثين بأمن الوطن

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٥ - 13:43

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، ولزوم أمره، وعمارة قلوبنا بذكره ومحبته، وهذا يتحقق عندما نستهدي بالأجواء الروحية والإيمانية التي ننعم بها في هذا الشهر؛ شهر شعبان. ولنا في ذلك أسوة برسول الله، حيث كان يدأب على صيامه وقيامه، وعلى الذكر والاستغفار والصدقة وقراءة القرآن. ولنا أسوة بعلي أمير المؤمنين، الذي كان يناجي ربه في هذا الشهر بالمناجاة الشعبانية، ونذكر بعض فقراتها المفعمة بالحب لله والأمل به:"إلهي، لم يزل برك علي أيام حياتي، فلا تقطع برك عني في مماتي، إلهي كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي، وأنت لم تولني إلا الجميل في حياتي.. إلهي، إن أخذتني بجرمي أخذتك بعفوك، وإن أخذتني بذنوبي أخذتك بمغفرتك، وإن أدخلتني النار أعلمت أهلها أني أحبك.. إلهي فلك أسأل وإليك أبتهل وأرغب".

اضاف :"علينا أن نتأسى بمن نستعيد ذكرى ولادتهم في هذا الشهر، أن نتأسى بسيد شباب أهل الجنة وسيد الشهداء، الإمام الحسين، وأن نتأسى بالعباس بن علي، أنموذج التضحية والإباء والإيثار والفداء والشهامة والرجولة، أن نتأسى بالإمام زين العابدين، إمام العفو والتسامح والعبادة، وبالإمام المهدي المنتظر في حمل راية العدل للحياة كلها".

وتابع : "لنغتن من نفحات هذا الشهر، من أجوائه الروحية، ومن تربيته، حتى نكون أكثر وعيا وصلابة، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات.ونعود إلى ما جرى في الأسبوع الماضي من أحداث:

والبداية من اليمن، التي عادت إليها الحرب لتستهدف بشرها وحجرها، بعد انتهاء الهدنة التي كنا نتمنى استمرارها مع كل اليمنيين، والبدء بحوار جامع وجاد، حوار يخرج اليمن من معاناته، حوار لا يستثني أحدا، ويراعي متطلبات اليمنيين كافة، ويزيل هواجسهم، حوار بعيد عن سياسة الاستقواء والغلبة، حوار يشعر معه إنسان اليمن بحرية بلده واستقلاله، من دون أن يكون حديقة خلفية لأحد. حوار يشعر معه اليمنيون بالأمان من جيرانهم.إننا نأمل أن تساهم الخطوات الجارية في الوصول إلى هذا الحوار، من دون لعبة التمييع أو الدخول في شروط غير واقعية.لقد آن الأوان للجميع أن يعوا أن لا حل في اليمن إلا بالحوار المنتج، وليس أي حوار، وكل ما عدا ذلك سيكون مزيدا من التدمير لبنية هذا البلد، ومزيدا من الأحقاد التي تتوارثها الأجيال. وقد لا تنطفئ نارها".

اضاف :"وإلى العراق، حيث دخل هذا البلد في نفق جديد، بعد دخول داعش إلى الرمادي، إحدى مدنه الرئيسة، مستفيدا من ضعف قدرات الجيش العراقي وإمكاناته، وعدم وجود التسليح الكافي، فضلا عن الانقسام الداخلي، وعدم جدية التحالف الدولي في مد يد العون إلى هذا البلد، أو في حربه على الإرهاب.إننا أمام هذا الواقع الخطير، بما له من تداعيات على وحدة العراق واستقرار محيطه، ندعو مجددا كل العراقيين إلى الوقوف صفا واحدا لمواجهة أجندة هذا التنظيم، التي هي بالطبع ليست أجندة العراق والعراقيين وكل من يحرص على وحدته واستقراره.إننا نعي مدى حاجة العراق إلى إصلاحات، لشعور البعض بالغبن، أو للاختلال في التوازن، أو لوجود بعض المظالم، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون ذلك عائقا أمام العمل المشترك من أجل تخليص العراق من هذه القوى التدميرية، التي تسهل تنفيذ مخططات الآخرين، والتي لن تكون لحساب أي مكون من مكونات الشعب العراقي، بل على حساب العراق وأهله.والحديث عن العراق بات يستدعي الحديث عن سوريا، حيث أصبح المستهدف واحدا في ظل سعي داعش إلى توسعة منطقة سيطرته من العراق إلى الأراضي السورية، لإيجاد كيان خاص به، باتت ملامحه ترسم على الأرض، ونخشى أن يكون مقدمة لرسم خرائط جديدة للمنطقة، تحمل العنف والويلات لها على إيقاع الاستنزاف المستمر لأوطاننا وأمتنا".

وتابع :"ووسط كل هذه الغمامة السوداء التي تكاد تلف المنطقة، نستعيد الذكرى الخامسة عشرة للتحرير، هذه الذكرى التي تعيدنا إلى أمجاد عاشها اللبنانيون يوم استطاعوا بوحدتهم أن يدحروا العدو الصهيوني من أرضهم، وهو يجر أذيال الهزيمة والخيبة.لقد أظهرت هذه الذكرى جليا مدى القدرات والإمكانات التي يمتلكها اللبنانيون عندما تتوحد جهودهم وطاقاتهم في مواجهة أعدائهم، وعندما يقررون أن يقفوا صفا واحدا متراصا، جيشا وشعبا ومقاومة.إننا مدعوون في هذه الذكرى إلى أن نستعيد هذه الوحدة، أن نرممها بعدما تصدعت نتيجة ما يجري من أحداث في الداخل، أو ما يأتي من الخارج، لنواجه هذا العدو الذي لا يزال جنرالاته السياسيون والعسكريون يمنون أنفسهم بالثأر لهزيمتهم في لبنان في العام 2000، والتي تكررت في العام 2006. إننا نريد تكريس هذه الوحدة في وجه العابثين بأمن هذا الوطن عند حدوده الشرقية، حيث التحدي الجديد الذي يستهدف اللبنانيين بشتى طوائفهم ومذاهبهم واتجاهاتهم".

واكد "إن مواجهة هذا الخطر الجديد لا يمكن أن تتم بطائفة أو مذهب أو موقع سياسي معين، بل بموقف جامع من كل اللبنانيين، حتى لا تأخذ بعدها المذهبي والطائفي، وخصوصا أن هناك من يسعى لإعطائها هذا البعد. ومن هنا، فإننا نضم صوتنا إلى كل الأصوات التي تدعو إلى أخذ المبادرة في علاج هذا الخطر من قبل الدولة اللبنانية، بالتنسيق مع كل القوى الفاعلة، بما يعيد الاستقرار والأمن إلى الربوع اللبنانية كافة، ولا سيما البقاع العزيز.إن اللبنانيين أحوج ما يكونون في هذه المرحلة إلى تعزيز مناخات الثقة والتواصل فيما بينهم، والخروج من كل الحسابات الخاصة والصغيرة التي يستغرق فيها النادي السياسي على حساب الوطن، وتجميد كل الكلمات والتصريحات والآراء والقضايا والطروحات التي تثير الحساسيات وتعبث بالهواجس، حتى نكون قادرين على مواجهة العواصف التي تحيط بنا من كل مكان، وهي ليست عادية، بل هي أخطر مما نتصور.إن على المسؤولين أن يستفيدوا من انشغال العالم عنهم، وبقاء لبنان حتى الآن خارج الصراع، لترتيب بيتهم الداخلي لا العبث فيه وجعل الفراغ هو طابع الحياة اللبنانية، الفراغ في التشريع، وفي الموازنة، وفي التعيينات في المواقع الحساسة، والفراغ الاقتصادي والإنمائي".

اضاف :"في قضية العسكريين المخطوفين، لا بد لنا من أن نثمن الجهود التي تبذل من قبل الدولة اللبنانية، والتي نأمل أن تفضي إلى تحريرهم وإعادتهم إلى أهلهم".

وتوقف "عند أجواء العنف الذي نعانيه، والذي رأينا تداعياته في أكثر من جريمة أسرية، كان آخرها الجريمة التي حصلت منذ مدة قصيرة، لنشير إلى خطورة هذه الجرائم، وضرورة القيام بخطوات ميدانية لمعالجتها، فهي لا تعالج فقط بقوانين رادعة أو عقوبات، على أهميتها، بقدر ما نحتاج إلى تضافر جهود العلماء والمربين والتربويين وعلماء النفس، لدراسة أسلوب مكافحتها والعمل لمعالجتها.وللأسف، فقد بات الحديث عن المرأة يقترن في كل مرة بالحديث عن الدين، وكأن الدين هو سبب ما تعانيه المرأة، فإذا كان كذلك، فلماذا تقتل 23 امرأة كل أسبوع في أميركا، بسبب التعنيف الأسري. إن الأمر يتعلق بفقدان الإنسان إنسانيته، وفقدان الرحمة في القلوب، وفقدان العلاقة الأسرية لأسسها المتمثلة بالمودة والرحمة والمعروف، فهي ما نحتاج إليه للوصول إلى نتيجة حاسمة وعلاج جاد".
 

  • شارك الخبر