hit counter script

مقالات مختارة - أحمد ماهر

"مؤامرتان" لعملة واحدة

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٥ - 07:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

ربما يقودك حظك العسِر في أحد الأيام، لتشاهد أو تسمع أو تكون جزءاً من مناظرة أو مجادلة أو مكلمة أو نقاش حاد بين بعض الإخوان المسلمين أو مؤيدي محمد مرسي، بشكل عام من جانب، أمام بعض مؤيدي عبدالفتاح السيسي أو الجيش أو الشرطة أو الدولجية، بشكل عام من جانب آخر.
وأقول حظك العسر، لأنك ستعاني معاناة شديدة، إن كنت لا تنتمي، أو تتعصب، لأحد الطرفين المتنازعين المتقاتلين. حظك العسر لأنك ستصيبك آلام نفسية أو بدنية عديدة، أو الإحساس بالغثيان أو التقزز، أو آلام في طبلة الأذن من طول الجدال والحدّة والسخونة التي فيه، وربما تشعر بالرثاء تجاه الطرفين. ولكن، بالتأكد سوف يصيبك بعض السباب واللعنات من أحدهما، أو كليهما، لأنك لست متحيزا أو متعصبا لكليهما.
ولكن الملاحظة الأهم أنه على الرغم من الخلاف الواضح والظاهر بين "الإخوان" والعسكر، أو بين الإسلام السياسي من جهة وأنصار السيسي والدولة الحاكمة من جهة أخرى، ولكن، ستجد العشرات والعشرات من النقاط المشتركة وأوجه التشابه مع اختلاف المسميات. فكلا الفريقين "الإخوان وأنصارهم أمام العسكر والداخلية وأنصارهم" يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، وكلاهما يعتقد أنه لا بد من إبادة الآخر، أو إقصائه في أقل تقدير، وكلاهما يرى أن من ليس معه فهو عدوه. فالإخوان وأنصار مرسي يعتقدون أن كل من شارك في "30 يونيو" ماسوني أو علماني أو مسيحي أو فلول أو متآمر مع العسكر أو مشارك في الانقلاب العسكري. وكل من لا يطالب بعودة مرسي هو بالتأكيد متآمر أو خائن أو متخاذل أو أهبل. على الجانب الآخر والضفة الأخرى ستجد أن أغلبية مؤيدي السيسي يعتبرون أن كل من يعترض، أو يختلف، مع السيسي خائن وعميل وإخوان وطابور خامس.
يشترك الطرفان في الاعتقاد بنظرية المؤامرة، فأنصار مرسي مقتنعون بأن ما حدث في "30 يونيو" وما يحدث الآن مؤامرة كونية أميركية صهيونية ضد الإسلام والتجربة الإسلامية الناجحة في عهد مرسي العظيم. ويروج الطرفان نظرية المؤامرة، ويعتمدان على قصص المؤامرة الوهمية، أساساً للحكم أو أساساً للشرعية. ببساطة، كل فريق يكذب الكذبة ويصدقها، كل فريق يضحك على نفسه، قبل أن يضحك على الآخرين. يتحدث إعلام السيسي عن المؤامرات الأميركية الأوروبية ضد مصر لتدمير مصر وتقسيم المنطقة، في الوقت الذي تجد الإعلام نفسه يشيد بأي تصريحات غربية لصالح السيسي ونظامه ويبررها. وفي الوقت الذي تجد السيسي يحاول التسول من الغرب ويسافر ويصفهم بالشركاء الأصدقاء الأوفياء، السيسي ونظامه وإعلامه وخبراؤه الاستراتيجيون يصدعوننا ليل نهار عن مؤامرات أميركا وإسرائيل، في حين أنك ستجد السيسي، في تصريحاته للصحف الغربية، يتحدث عن أمن إسرائيل واتصالاته اليومية بنتنياهو.
لا فرق بين نظرية المؤامرة التي يروجها السيسي وإعلامه ومجاذيبه ونظرية المؤامرة التي يروجها "الإخوان" عن الحرب على الإسلام وقتل السيسي علماء الإسلام. ولذلك، تجد السيسي يزايد على "الإخوان" في الخطاب الديني واستغلال الدين في السياسة. وبجانب خطاباته التي يزعم فيها أنه يفعل ما يرضى الله، تجد إعلامه يكفّر المخالفين، وتجد القضاء الذي يعلم القاصي والداني أنه يصدر أحكامه بأوامر الأجهزة الأمنية يتحدث عن مخالفة الإضرابات العمالية الشريعة، أو أن أحكام الإعدام تطبيق لحد الحرابة على الذين يحاربون الله ورسوله، تماماً كما حدث أيام عبدالناصر، زايد على "الإخوان" دينياً هو أيضا، وأيضاً، أعدم العسكر وقتها العمال المنظمين للإضراب، لأن الإضراب مخالف للشريعة. لا فارق بين الإخوان الذين يلعبون بورقة الدين، والعسكر الذين يلعبون بورقة الوطنية كثيراً، والدين أحياناً.
يتصارع الطرفان على السلطة، لكن التخوين واحد، والإقصاء واحد، والتكفير واحد، ونظرية المؤامرة واحدة، وإن اختلفت تفاصيل الحشو أو الكذب.
 

  • شارك الخبر