hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - محمد أمين الداعوق

على قدر أهل الحزم تأتي النتائج

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٥ - 06:49

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اللواء

اللبنانيون في حيرة من أمرهم، من هول الإتهامات والأوامر التي تنهال على رؤوسهم ونفوسهم من كل حدب وصوب، هم متهمون بأنهم لم يساهموا في الحرب السورية ضد المعارضة كما فعل حزب الله بعديده وعدته، وقد أحجم الجميع عن تلك المشاركة بمن فيهم حركة أمل والتيار الوطني الحر والمردة وكل فرقاء وأجنحة الثامن من آذار (باستثناء حزب الله ) وجميع فرقاء الرابع عشر من آذار المتهمون بالإمتناع عن المشاركة. ويأتي في طليعة «المتهمين» الجيش اللبناني الذي تم الزعم بأنه لبث قابعا عند الحدود يداريها ويحميها من أي غزاة يجتاحون الأرض اللبنانية، تاركا لمليشيا حزب الله « مجد » الإنخراط في المذابح السورية. كان هذا الشق الإتهامي الذي أطلقه الحزب بحق غالبية الشعب اللبناني التي اتهمها بالإنكفاء والتقصير في الوقت الذي انطلق فيه مدافعا عن نظام الأسد ومساهما في عمليات القتل والإبادة التي يتعرض لها الشعب السوري، وملبيا، نداء إيران وأوامرها التي وجهتها إلى كل ميليشياتها، إنطلاقا من وعد ايراني بتصدير الثورة الفارسية من خلالها إلى كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، وما تيسر لها من بلدان عربية تطاولها مطامعها وتصرفاتها العدائية والمتمثلة في مجمل بلدان الخليج العربي التي تحلم بأن تطالها أظافرها التفجيرية، فجاءت عاصفة الحزم وتوابعها لتصحّيها من أضغاث أحلامها التي انقلبت مع الوقت إلى أحلام يقظة، ومطامع متجسدة، ولتذكرها بأن لهذه الأرض وهذه البلاد رجالا عامرين بالوطنية والعزة والكرامة، وبالتصميم على الدفاع عن أرضهم وعقيدتهم ومصالحهم، وبحماية الأماكن الإسلامية المقدسة من هول المطامح والمطامع التي تواجهها في هذه الايام العصيبة والحافلة بالأخطار.
ما سلف كان الشق الإتهامي في موضوع القلمون والدفع بالجميع للإشتراك في غياهبها وأماكنها الوعرة عقاريا وعسكريا، أما الأوامر التي وجهها الحزب إلى الجميع دون استثناء، وفي الطليعة إلى جيش البلاد بعد أن حاز على إجماع وطني باعتباره اليد الطائلة والقادرة الوحيدة التي تملك تفويضا وطنيا كاملا بأن يكون جيش الوطن كله، بجميع فئاته وجهاته، سلاحه الذي جرى وما زال يجري تعزيزه بمزيد من العدة والعديد، هو صاحب السلطة الرادعة بفرادة صاغها الدستور وصانها منطق الدولة، إلا أن الحزب أخذ يوجه إليه شتى صنوف التعنيف الشفهي والإنتقادات اللاذعة، لأنه لم ينخرط في الحرب السورية، ولم يشترك في المذابح المذهلة التي تحصل بالتكافل والتضامن مع النظام السوري، ويهدد بنقل نشاطه الإقتتالي من الأرض السورية إلى المواقع اللبنانية التي يزعم أنها محتلة من قبل المخربين.
وها هو سماحة السيد حسن يعلن ضمن ما تم إعلانه، أن حرب القلمون ما زالت رحاها تدور حتى الآن وهي مستمرة، وها هي المعارضة السورية تعلن في المقابل أن المعارك القائمة ما زالت بين كرّ وفرّ، وأن ما يتم احتلاله بالأمس قد استعيد بضعه، وبعضه الآخر يمكن أن يستعاد في الغد. وها هي جملة من المستجدات تطرأ في كل يوم على مجمل الأوضاع في سوريا من خلال التقدم الذي تحدثه المعارضة بكفاءة عاليه وجهد ملحوظ على مجمل الأراضي السورية مطبقة على عنق النظام بتدرج واضح ومدروس.
وها هو مستشار الرئيس الإيراني علي أكبر ولايتي في بيروت، يزور المسؤولين اللبنانيين ويلتقي بسماحة السيد حسن، وبعضهم يستخلص أن في الأجواء بعضا من المحاولات الإيرانية التي تحاول أن تحتوي ردة الفعل المحلية على الخسائر البشرية الهامة التي تلحق بمقاتلي الحزب مع مطلع كل شمس، سواء في القلمون، أم في سواها من أماكن تواجد القوات الحزبية المقاتلة على مجمل الأراضي السورية، وبعضهم الآخر يرى في الزيارة بعضا من ردود الفعل الإيرانية تجاه الأحداث المستجدة بصور غير متوقعة، الأمر الذي شكل إزعاجات ومصاعب هامة لإيران وتطلعاتها وأطماعها الثورية والتوسعية.
وفي واقع الأمر، ورغم التحذيرات والإخطارات والأوامر التي يطلقها سماحة السيد في وجه كل من لا يماشونه في سياساته، ونهجه المتفرد والمنفرد خارج كل الأسراب وخارج الإطار الميثاقي والدستوري والقانوني، فاذا به لا يلقى ما يسعى إليه من تأييد، سواء ضمن الإطار الوطني الشامل أم ضمن الإطار الشيعي الضيق، فإذا حركة أمل والتيار الوطني الحر والمردة وبعض الجهات الأخرى، إما أنها صامتة وساكتة تجاه ما يحصل، وإما أنها تعارض في شيء من العلن وكثير من الضمنية، تطورات الأحداث في القلمون وممارسات تغطيس لبنان وتوريطه في مسائل غريبة عنه وعن شعبه وعن وحدته الوطنية وهي بقدها وقديدها تنتمي إلى إيران ومصالحها ونهجها المنطلق من ثورة ذاتية تسمي نفسها الثورة الإسلامية وهي في واقعها الظاهر والباطن ثورة فارسية تسعى إلى الهيمنة والسيطرة على مجمل أنحاء المنطقة، وخاصة منها البلدان التي تتضمن انتماءات شعبية موالية لها في عقيدتها وتوجهاتها ورغبتها في التمدد والتشدد والسيطرة الإقليمية، مثبّتة أنظارها وأفكارها ومطامعها، باتجاه الخليج العربي وامتداداته الحافلة بالمواقع الإسلامية المقدسة والثروات النفطية الهائلة والمواقع والممرات البحرية الإستراتيجية التي يخيل للفكر الإيراني الغارق في أضغاث أحلامه بهذا الخصوص، أنه قادر بالأقليات التي تحاول لملمتها من حوله والإستقواء بها، أن يقلب كل الطاولات ويغير في معالم المنطقة كل ما لا يتلاقى منها مع أهوائه ومصالحه.
القضية اليمنية جاءت في الواقع مستجدا بالغ المعنى والأثر، لتدل على أن اقصاء الوضع العربي والبلدان والشعوب والقيادات العربية عن مواقع التحالفات ومراكز المصالح ومصانع الإستراتيجيات الصغرى والكبرى، قد يكون له أثره لبعض الوقت ومن خلال بعض الرؤساء وفي طليعتهم الرئيس أوباما وسياساته المبتعدة إلى حد مقلق عن تحقيق المصالح العربية، ولكن ردات الفعل الصادرة من هذه المنطقة التي مهما خدرت أعصابها ومداركها وافتعلت لها المعضلات والأخطار، تبقى مدركة لمصالحها، ساعية لحماية نفسها من كل أنواع المطبات التي تصادفها، وما عاصفة الحزم ولواحقها والأثر الذي خلفته، إلا دليل على صورة الغد التي تمسح عنها معالم التخاذل والتباطؤ والإستخباء لتلاقي حقائق هذا الزمان شديدة الحدة والمرارة، وبقدر اشتدادها من حولنا وفي داخلنا، بقدر ما نرجو أن نثبت أننا على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وعلى قدر عواصف الحزم تكون النتائج بصورها الفضلى.
 

  • شارك الخبر