hit counter script

مقالات مختارة - بلال فضل

قصص نحيلة

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٥ - 06:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

في السياق نفسه
قال لي إنه يعمل في الأوبرا، وإنه واحد من الكورال الذي اشترك في غناء أوبرا عايدة، أكثر من مرة، وأنه سيحال على المعاش في العام المقبل، ومن دون أن أسأل، قال لي بحرقة إنه يعمل على التاكسي، ليس لأنه مضطر مادياً، بل لأنه يحب اللف في الشوارع جداً، كما أنه، من حين إلى آخر، يتدرب على الزبائن كسميعة. وبدون سابق إنذار، اندفع في وصلة غناء أوبرالي أدهشتني، وأكدت لي صدق موهبته، فتحولت من وضع الطناش إلى وضع الاهتمام، وحين تنبهت إلى اقتراب مقصدي، بدأت أفكر في مخاطرة الذهاب إلى مشوار أبعد، لأجد فرصة لطرح كل ما لدي من أسئلة، وهو قرر أن يدهشني أكثر، بأن يوقف الغناءالأوبرالي، ليرفع عقيرته بغناء توشيح "حبيبي يا رسول الله"، كاشفاً عن مساحات أجمل من صوته الذي بدا أوضح وأجمل. حين وقف التاكسي في زحام المرور، إلى جوار بقعة من كورنيش النيل، على سور الكورنيش، وقفت فتاة عارمة المؤخرة، متخذة وضعية الاستعداد العابث لصورة يلتقطها صديقها الذي بدا مفتوناً بها إلى حد الانسحاق، والسائق الأوبرالي قطع غناء التوشيح فجأة، وقال بجدية شديدة "البنت دي ما تتصورش يا برنس، دي تتشال وتتلفح على السرير على طول"، قبل أن يعود لاستئناف "يا حبيبي يا رسول الله" من طبقة عالية.

بعض الظن إثم
ابتهجت حين رأيت الصورة العارية التي قرر أن يشركنا فيها في تصرف "فيسبوكي"، كان جديداً عليه، فهو الذي لا يكف عن تذكيرنا بدموية الماضي المشين، وخراب الواقع المحيط وسواد المستقبل المقبل، واصلت تصفح "التايم لاين"، وقد نويت أن أرسل إليه مهنئا على تلك الاستفاقة المتأخرة من وهم تغيير الواقع، لكنه أجهز على أملي فيه، بعد لحظات، حين كتب بوستا جديدا يحذرنا فيه من فتح الرابط المرفق بالبوست السابق، ويعتذر لكل من أصابهم فتح الرابط بفيروس إلكتروني، يستحقونه عن جدارة، لأنهم تصوروا أنه يمكن أن ينشغل، ولو مرة، بمباهج الحياة الدنيا.

الوضوح مطلوب
بدت لي نظرتها المسترسلة، محملة بأبعاد لا تتناسب مع الموقف والمكان والزحام وروائح العرق والغازات التي تملأ فضاء مكتب الشهر العقاري الخانق. قالت لي، وهي تتفحّصني بشكل مربك: "يعني إنت مخرج من بتوع السيما"، قلت لها "يعني مش بالضبط أنا مخرج إعلانات". أربكني أكثر ارتفاع منسوب الشبق في نظراتها، وهي تقول "عشان كده الرخصة بتاعتك شقية أوي، إنت عارف أنا كان زمان نفسي أمثل"، وسرعة البديهة التي يحسدني أصدقائي عليها لم تسعفني هذه المرة، فلم أجد ردا سوى أن أقول "خلاص نشوف منتج وأعمل لك فيلم"، والضحكة الرقيعة التي أخرجتها كانت تنذر بانزلاق الحوار نحو المزيد من الإسفاف، لولا شخرة صارمة انبعثت من المكتب المجاور، أعقبها قول زميلها الأكبر سنا ودرجة وظيفية: "ما تحترمي سنك يا ولية انتي.. يا أستاذ كل الحيحان ده عشان تاخد منك عشرين جنيه.. اديها له دلوقتي وارحم ديك أبونا"، وأنا لم أحب الوضوح في حياتي، مثلما أحببته وقتها.

عالم المعرفة
ـ بابا يعني إيه gay
ـ آآتافاسا.. اسألي ماما يا حبيبي
ـ سألتها قالت لي آآتاساتا.. اسألي بابا
ـ عملتي الهوم وورك ولا لسّه؟
ـ عملته من ساعتين
ـ طب شغّلي الفيلم الجديد اللي جبتهولك امبارح
ـ حاضر، بس جاوبني على سؤالي الأول.. مالك يا بابا في إيه؟
ـ مش عارف حاسس بدوخة فجأة، هادخل أنام شوية
ـ طب مش هتقولي يعني إيه gay
ـ لما أصحى من النوم، يا حبيبتي
ـ مافيش مشكلة أنا هاخش على غوغل وأشوف معناها بنفسي
ـ تعالي هنا يا بنت الكلب.. أبوكي على أبو غوغل.. اترزعي اقعدي وهاشرح لك بنفسي.. الكلمة دي مش موجودة في العربي، هي بس موجودة في الإنجليزي، وبتتقال عشان توصف الراجل لما.. لما..
ـ لما إيه
ـ أقولها لك إزاي.. لما يتجوز الراجل
ـ آه حاجة زي الليسبيانز كده
ـ هاه؟
ـ مالك يا بابا.. رايح فين
ـ لازم أنام حالاً.
 

  • شارك الخبر