hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

تعطيل التشريع وعدم انتخاب الرئيس يُهددان النظام البرلماني اللبناني

الإثنين ١٥ أيار ٢٠١٥ - 06:16

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

مع إنفضاض الجلسة 23 المُخصصة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية من دون اية نتيجة، يكون قد مضى سنة كاملة والبلاد بدون رئيس. والفراغ الرئاسي يُلقي بظلاله القاتمة على الحياة السياسية اللبنانية برُمتها، نظراً لما للرئاسة من دور ومهام، لايمكن القفز فوقهما بسهولة، ولأن الرئاسة هي الناظم للحياة العامة في لبنان.
الصلاحيات الرئاسية التي أُنيطت بمجلس الوزراء مُجتمعاً، لا تُمارس بكاملها، ولا بالكيفية المُنتظمة التي يمارسها الرئيس شخصياً، ذلك ان التوافق يحكُم ممارسة هذه الصلاحية، وبالتالي يُفرض على مُعظم القرارات والمراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء الحصول على إجماع الوزراء لكي تُصبح صالحةً للتنفيذ، على اعتبار ان نشر المراسيم من صلاحية رئيس الجمهورية، على عكس صدورها الذي لا يحتاج إلآّ الى النصف زائد واحد من الوزراء، او ثلثي اعضاء الحكومة، اذا كانت القرارات من النوع الهام، كموضوع تعيين موظفي الفئة الاولى في الدولة.
الإجماع سمة تعطيلية، يمكن ان تُطبق في النظام القبلي، او الديكتاتوري العسكري، ولكنها لا يمكن ان تكون وسيلة حُكم في النظام الديمقراطي.
النظام البرلماني الديمقراطي اللبناني مُهدد بالانهيار اذا ما بقيت الوتيرة الحالية قائمة على الساحة السياسية اللبنانية، فالخلل يتمدذَد الى كل الزوايا، برُغم وجود بعض عوامل القوة التي تحمُلُ شيء من التفاؤل، مُتأتية من انجازات بعض الوزارات، ومن رصانة وحِكمة رئيس الحكومة تمام سلام.
مجلس النواب الذي مدد لنفسه دورة كاملة نظراً لتعذُّر اجراء الانتخابات النيابية، لايقوم بالحد الادنى من واجباته، فلا هو ينتخب رئيس للجمهورية، ولا يقوم بدور المراقبة للسلطة التنفيذية، ولا بالتشريع، خصوصاً تخلُفِهِ عن اقرار موازنة الدولة الغائبة منذ العام 2005، ولم تعُد القاعدة الاثني عشرية صالحة لتسيير شؤون المالية العامة، نظراً للتظخُّم الكبير الذي حصل خلال 10 سنوات، وتضاعفت بسببه ارقام الصرفيات والواردات على السواء.
يُعارض التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية، عقد جلسات تشريعية لمجلس النواب، إلاَّ اذا وضع على جدول اعمال اول جلسة، اقتراح قانون للانتخابات النيابية، واقتراح قانون لإستعادة الجنسية اللبنانية من قبل المُغتربين من اصول لبنانية في الخارج. وهذين القانونين يستحيل اقرارهم في هذه الظروف المُعقدة التي تمرُّ بها البلاد، علماً ان اقتراح قانون استعادة الجنسية قد يأتي بنتائج عكسية تماماً لما يراه الطرفين الاساسيين على الساحة المسيحية، فإن اوساط سياسية مُطّلعة على ارقام المغتربين، والفئات المُتحمِّسة منهم لإستعادة الجنسية، ترى ان القانون قد يُزيد من الاختلال الديمغرافي لمصلحة المُسلمين.
تعطيل جلسات مجلس النواب يؤدي الى احداث خسائر مالية كبيرة في الاقتصاد المُتهاوي، فالهِبات والقروض المُقدَّمة من البنك الدولي وغيره لإقامة مشاريع انمائية، تحتاج الى موافقة مجلس النواب، ومنها مبلغ 600 مليون دولار سيُلغى بالكامل اذا لم يتم التصديق عليه خلال هذه الدورة التشريعية العادية التي تنتهي في 30 ايار/مايو الحالي، لتعذُّر فتح دورة استثنائية للمجلس، لأنها تحتاج لتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة. كما ان القوانيين الأُخرى المُتَّقف عليها في اللجان ضرورية، ولازمة الإقرار، ومنها قانون سلامة الغذاء.
ربط التشريع بشروط تعجيزية، فيه شيءٌ من النهج التعطيلي، بصرف النظر عن احقية مطالب القوى التي تفرض هذه الشروط. وجواب وزير المالية علي حسن خليل على طرح الدكتور سمير جعجع حول القاعدة القانونية التي تقول: "ما لا يُدرك كله، لايُترك كله" يُبيِّن اهمية معالجة الاستحقاقات الداهمة التي لا تحتمِل اي تأجيل. فتعطيل انتخاب الرئيس، و وتوقيف كل اعمال التشريع، قد يُطيح بالنظام البرلماني الديمقراطي برُمتهِ، والبيئة الحاضنة لهذه الإطاحة متوافرة، تغذيها تصريحات نارية تأسيسية من هنا وهناك.
 

  • شارك الخبر