hit counter script

أخبار محليّة

الراعي جدد الدعوة لانتخاب رئيس: أظهرت السنة فشلا سياسيا

الأحد ١٥ أيار ٢٠١٥ - 12:16

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة بولس الصياح، حنا علوان وعاد ابي كرم، والمونسينيور عصام ابي خليل ولفيف من الكهنة، بحضور النائب الفرنسي اللبناني الأصل هنري جبرايل، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، عائلة المرحوم موسى طانيوس مختار حصارات وحشد من المؤمنين.

العظة

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "وصية جديدة إعطيكم" (يو 13: 35)، قال فيها: "في خطابه الوداعي، بعد خروج يهوذا الإسخريوطي عن العشاء الأخير، ليسلمه، ترك لنا الرب يسوع نحن المسيحيين وصية جديدة: هي "أن نحب بعضنا بعضا، كما هو أحبنا". سماها جديدة بالنسبة إلى القديمة المنصوص عنها في توراة موسى. وهي محبة الله من كل القلب والعقل والإرادة، ومحبة القريب محبتنا لذواتنا (تثنية 6: 5؛ متى 22: 34-40). فالجديد الذي أضافه هو "أن نحب بعضنا بعضا كما المسيح أحبنا" (يو13: 34-35).

أضاف: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، فنحييكم جميعا، وبخاصة عائلة المرحوم موسي طانيوس مختار حصارات، الذي توفي منذ أشهر، إذ كان يتفانى في خدمة البلدة، ويراجع شؤونها من دون كلل، لدى مراجع الدولة المعنية. إننا نذكره بصلاتنا، ونجدد تعازي الرجاء لزوجته وعائلته والأنسباء.
ولنتحد الآن في احتفالنا هذا مع قداسة البابا فرنسيس الذي يرفع، في هذا الوقت، على مذابح الكنيسة الجامعة، قديستين جديدتين من أرضنا المشرقية، من فلسطين: ماري ألفونسين، مؤسسة راهبات الوردية من القدس، والقديسة ماري ليسوع المصلوب الراهبة الكرملية من عبلين الجليل: الاثنتان من مواليد 1843.القديسة ماري ألفونسين ماتت في عين كارم بلدة القديس يوحنا المعمدان سنة 1927 عن أربع وثمانين سنة، والقديسة ماري ليسوع المصلوب توفيت في بيت لحم سنة 1878 عن خمس وثلاثين سنة.
هاتان القديستان هما علامة ناطقة لأرض فلسطين التي هي في الأساس مقدسة بتصميم إلهي، لكنها جُعلت من البشر، وبكل أسف، أرض الحديد والنار، ونُعتت بأنها أرضُ الإرهاب. هذه العلامة تذكرنا بأن جميع بلدان الشرق الأوسط تجملت بالثقافة المسيحية منذ عهد المسيح والرسل، أي منذ ألفي سنة. وقد تراكمت فوقها الثقافة الإسلامية بعد ستماية وست وثلاثين سنة، وتفاعلت معها على مدى الأجيال وأخذت منها قيم الانفتاح والتعددية والحداثة والاعتدال. أما اليوم وقد راح الحديد والنار يمزق قُدسية هذه الأرض، تدعونا القديستان الجديدتان، مع قديسي لبنان الجدد، إلى واجب المحافظة على الوجود المسيحي في هذه المنطقة بأكثر فعالية، من أجل الدفاع عن قدسية الحياة البشرية، ونشر إنجيل المسيح، إنجيل الأخوة والمحبة والسلام، وتعزيز العيش معا على تنوع الديانات والثقافات والحضارات".

وتابع: "يرفع قداسة البابا معهما على المذابح قديستين راهبتين أخريين هماالقديسة جان إيميلي دي فيلنوف من رهبانية الحبل بلا دنس، والقديسة ماريا كريستينا دل إيماكولاتا مؤسِسة أخوية خدام القربان الأقدس. وقد شاء الأب الأقدس إعلان قداستهن معا في سنة المكرسين، ليبين قيمة الحياة المكرسة، الرجالية والنسائية، كعلامة ناصعة البياض في جبين الكنيسة. نصلي اليوم من أجل جميع المكرسين والمكرسات في الأديار وفي العالم، لكي يظلوا مشعين في الفضائل والأعمال الصالحة الشاهدة لمحبة المسيح ولقيم الملكوت في عالمنا، ولكي ينعم الرب يسوع على جميع الرهبانيات بدعوات مقدسة، من أجل تلبية حاجات الكنيسة الراعوية والرسالية في لبنان والشرق الأوسط وبلدان الانتشار".

وقال: "عالمنا بحاجة ماسة إلى محبة، تلك التي جسدها ابن الله، يسوع المسيح على أرضنا، وجعلها العلامة الفارقة للهوية المسيحية، على ما يقول في إنجيل اليوم: "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، إن كان فيكم حبٌ بعضكم لبعض" (يو13: 35). عندما دُعي المؤمنون بالمسيح باسم "مسيحيِين" كانت التسمية نتيجة اختبار عاشه معاصروهم في الكنيسة الناشئة، إذ كانوا يقولون: "أنظروا كيف يحبون بعضهم بعضا". كانت المحبة علامتهم الفارقة. كم نرجو أن تظل المحبةُ علامة ظاهرة فينا، نحن أبناء هذا الجيل!
وصف القديس بولس الرسول المحبة بأنها الفضيلة التي تعطي روحا وشكلا لكل شيء. فبدونها لا قيمة للمعرفة والعلم والإحسان بالمال والتضحية بالذات. المحبة تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد، المحبة لا تتباهى ولا تتكبر. المحبة لا تأتي قباحة، ولا تطلب شيئا لنفسها. المحبة لا تحتد ولا تظن بالسوء. المحبة لا تفرح بالظلم بل بالحق. المحبة تتغاضى عن كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء... كل شيء يسقط، أما المحبة فتثبت (راجع 1كورنتس13: 1-8). كل هذه الفضائل الروحية والاخلاقية والانسانية هي ثمرات المحبة".

وتابع: "قيمة المحبة أنها تأتي هبة من الله نفسه الذي هو محبة، على ما قال يوحنا الرسول (1يو4: 16)، وأن الله يسكبها في قلوبنا بالروح القدس. ليست المحبة صفة من صفات الله، بل هي إياه. وليس فيه شيء سواها. بالعقل نعرف وجود الله، أما بالإيمان فنعرف أنه محبة. المحبة التي يسكبها الله في قلوبنا بالروح القدس تجعلنا إلهيين، متجانسين مع الله، وقادرين على الولوج في العمق الإلهي. عندئذ إذا أنت أحببت، فالله فيك هو الذي يحب.
يسكب الله روحه، روح المحبة، في كل قلب منفتح عليه، وحافظ لرسومه ووصاياه، لكنه جعل لنا في سر القربان ينبوع المحبة ومدرستها. في الذبيحة القربانية والمناولة نتجانس مع الله - المحبة، ونصبح صانعي محبة في العائلة والمجتمع، وفي الكنيسة والدولة".

أضاف:"إننا نصلي اليوم ملتمسين من الله، الحاضر في سر القربان، بمحبة الآب وعنايته، وذبيحة الابن ووليمته، وشركة الروح القدس، أن يسكب هبة المحبة في قلوبنا. بالمحبة نبني الجماعة على أسس العدالة والسلام، وبالمحبة نتجاوز الخلافات، وبالمحبة نُصلح كل شيء.
ونقول أيضا: بالمحبة تستطيع الكتل السياسية والنيابية في لبنان، أن تقوم بالمبادرات العملية والفعلية، السخية والمتجردة والشجاعة، من أجل إيجاد المخرج لأزمة رئاسة الجمهورية، ولانتخاب رئيس للبلاد، قبل أن يطوي الفراغ في سدة الرئاسة سنة كاملة، في 25 أيار الجاري. لقد أظهرت كل هذه السنة فشلا على المستوى السياسي عندنا لا نرضاه، ولا يصون كرامتنا الوطنية".

وتابع: "ألا نذكر كيف أن المجلس الدستوري بقراره الصادر في 28 تشرين الثاني 2014 بشأن الطعن في تمديد ولاية مجلس النواب سنة وسبعة أشهر، قد فضل رد الطعن للحيلولة دون التمادي في حدوث الفراغ في المؤسسات الدستورية، بالرغم من أن المجلس الدستوري قد بين أن قرار المجلس النيابي بالتمديد خالف الدستور في مقدمته وفي عدد من مواده وهي تحديدا 27 و32 و57، فضلا عن عيوب أخرى، كانت تستدعي كلُها إبطال قرار التمديد.
كانت النية لدى المجلس الدستوري والمطالبين بالتمديد الشروع فورا بانتخاب رئيس للجمهورية، وإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، وإجرائها قبل نهاية فترة التمديد. ولكن انقضت ستة أشهر من دون تحريك ساكن. وهذا أظهر فشل الأفرقاء السياسيين في الوصول إلى مبتغاهم الأساسي. فلم يجد نفعا لا حضور المثابرين إلى المجلس النيابي، ولا مقطاعة المقاطعين من أجل تعطيل النصاب على مدى أربعة عشر شهرا. فبات من واجب الضمير الوطني إيجاد مبادرات أخرى لإخراج الفراغ الرئاسي من أزمته. لكننا نكرر القول: لا مجال لهذه الخطوات الحرة والمتجردة والجريئة ما لم تسكن المحبة في القلوب. ولا يقولن أحد أن القضية عند المسيحيين، وتحديدا عند الموارنة، بل هي عند الكتل السياسية والنيابية. فهي وحدها قادرة على التوافق بالطرق التشاورية في إيجاد المخارج المشرفة والمجدية. الجميع معنيون برئيس البلاد، لا الموارنة والمسيحيون وحدهم. فالرئيس ليس للمسيحيين ونرفض ان يكون للمسيحيين، الرئيس هو لجميع المواطنين اللبنانيين".

وختم الراعي: "هذه المحبة حاجة لكي يضع أمراء الحرب الدائرة في العراق وسوريا واليمن حدا لها، بإيجاد السبل الديبلوماسية لحل النزاع. وبتنا نتساءل: النزاع بين من ومن؟ وحول ما يدور النزاع؟ وما المقصود من الحروب أصلا في كل واحد من هذه البلدان؟ نطرح هذه الأسئلة لأننا نرى حربا تهدف إلى هدم كل شيء: الحجر والبشر والتاريخ والحضارة والآثار. ثمن باهظ لا يساوي حتما النتائج التي ستحصل. يمكننا أن نقول، ومع الأسف الشديد: ما يجري على أراضي الشرق الأوسط هو وصمة عار على جبين الانسانية والحضارة البشرية. غير أننا نعتصم بالرجاء ونصلي من أجل أن تنفتح القلوب لقبول هبة المحبة من الله، فيجد الجميع طريقهم إلى السلام وإلى العيش معا بروح الأخوة والتضامن والتكامل. ولا ننسى الوصية الإلهية: "أحبوا بعضكم بعضا، كما أنا أحببتكم"(يو13: 34). إذا سكنت المحبة الحقيقية في قلوبنا، نكون أهلا لنرفع المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
 

  • شارك الخبر