hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

ندوة في الذكرى العاشرة لاغتيال سمير قصير

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٥ - 17:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

نظمت "مؤسسة سمير قصير" في الذكرى العاشرة لاغتيال قصير، وضمن "مهرجان ربيع بيروت 2015"، ندوة من سلسلة "افكار بيروت"، بعنوان "معالجة الذاكرة لبناء المستقبل"، في حرم الابتكار والرياضة في جامعة القديس يوسف، في حضور الوزير السابق زياد بارود، نائبة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاوروبي النائبة السابقة لرئيس البرلمان الايرلندي الشمالي جاين موريس، نائب وزير الدفاع التشيلي السابق لوسيانو فويو والاستاذة في مادة التاريخ المعاصر في جامعة سالامانكا في اسبانيا خوسيفينا كويستا بوستيو.

وأدارت الندوة مديرة مكتب المركز الدولي للعدالة الانتقالية كارمن ابو جودة، فاعتبرت "اننا نحتفل بالذكرى ال40 على بدء الحرب اللبنانية، لذلك نحن هنا كي نستفيد من خبرة دول اخرى استطاعوا المرور بمرحلة انتقالية بعد حكم ديكتاتوري استمر لاعوام"، لافتة الى ان "مصطلح معالجة الذاكرة، افضل من تنقية الذاكرة. لأن ذاكرة اللبنانيين مجروحة وملتبسة بحاجة الى شفاء"، متطرقة الى "حقبة انتهاء الحرب اللبنانية التي انتهت مع اتفاق الطائف بين المتحاربين"، رافضة "ما قيل عن تلك الاتفاقية بانها اتفاقية سلام".

واوضحت ان "ما قيل انه ما من غالب او مغلوب في هذه الحرب، هو مجرد اسطورة. اذ غلب النظام السوري وحلفائه على القيادات المسيحية التي نفيت وسجنت كما النظام ذاته على القوى الديموقراطية والعلمانية التي حلمت بالتغيير"، لافتة الى ان "قانون العفو، هو عفو ذاتي اعفى عن الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب من دون العودة الى رأي الضحايا".

وذكرت ان "هذه الندوة ليست الاولى. اذ نظمت عام 2001 بعنوان "ذاكرة للمستقبل"، شارك فيها سمير قصير، وكانت تهدف الى مسار رسمي لمعالجة الذاكرة وما لم يحدث"، موضحة ان "مبادرات المجتمع المدني بقيت محدودة، لذلك لم تنته بالنتيجة المرغوبة. وان سياسة النسيان لم تطبق في لبنان، خصوصا ان اهالي المفقودين لن يستطيعوا النسيان قبل معرفة مصير ابنائهم".

وتناولت خوسيفينا بوستيو الحرب الاهلية والعالمية التي مرت بها اسبانيا، واشارت الى "النتيجة النهائية التي توافق عليها الجميع، وهي بعدم تكرار الحرب بل الابتعاد عنها"، موضحة ان "اسبانيا شهدت تنامي حركة الارهاب واجبرت الاسبان على التوصل الى توافق وايجاد نقاط مشتركة كي لا تتكرر الحرب. فمرت بنقاشات حادة بين الاطراف لايجاد حلول ترضي الجميع"، وميزت بين العفو ونفي الذاكرة، فاعتبرت ان "العفو أمر وفقدان الذاكرة امر آخر".

وعن تنقية الذاكرة، قالت: "ان السياسيين الذين شاركوا في الحرب، عبروا عن رأيهم وكتبوا تاريخهم، كما حاول كثيرون ممن عاشوا في المنفى استرجاع الماضي ورغب بذلك ابناء الجيل الثاني، الا ان الاصرار الاكبر كان لاهالي المفقودين والعائلات التي تطلب معرفة امر ما عن ابنائها"، لافتة الى ان "المرحلة الانتقالية بدأت مع المجتمع المدني".

واشارت جاين موريس، الى ان "القصة في ايرلندا الشمالية مختلفة عن اسبانيا"، شارحة ما مرت به ايرلندا، معتبرة ان "السلام موجود اليوم، الا ان المصالحة لم تتم"، واذ لفتت الى ان "ايرلندا بحاجة لطريق طويل كي تصل الى النتيجة المرغوبة. فهي كانت بحاجة الى جمع المعلومات والحقائق قبل البدء بالمصالحة والمصارحة، مما شكل صعوبة كبيرة، فكان من الصعب الوصول الى معلومات مفيدة، انما تم التوصل فقط الى بعض التقارير"، مؤكدة ان "ايرلندا لا تزال تواجه مشاكل عديدة"، منوهة ب"الانجازات التي توصلت اليها، لكن الجرح لم يختم بعد والتحلي بالصبر ضرورة".

ولفت لوسيانو فويو، الى ان "تشيلي دولة يافعة عمرها 200 سنة، ومرت بمشاكل عدة. منها الحكم العسكري، حيث خسرت حقوقها المدنية. فخسر الفرد حريته وعاش منعزلا عن محيطه، مما ادى الى هجرة كبيرة هربا من ذلك الحكم المستبد. وتلك المشاكل خلفت اعدادا كبيرة من المفقودين"، داعيا الى "وضع سياسة مصالحة لبناء مستقبل مزدهر"، معتبرا ان "الديموقراطية هي السياسة الوحيدة الواجب اتباعها والضمانة لتطور السلم في العالم".

اضاف: "البداية كانت صعبة لكننا استوحينا من الارجنتين شعار عدم التكرار، وحاولنا تطبيقه في تشيلي. فوضعت لجان تسعى لنتائج جيدة خلال فترة 25 سنة تقصت الحقائق والمفقودين. وبناء على هذه الحقائق التي صدق عليها الجيش، قامت تشيلي ببناء ذاكرة اخلاقية سياسية وانسانية، واعطت التعويضات، خصوصا في ما يتعلق بالتربية وتعزيز حقوق الانسان، وبنيت قاعدة مهمة للبيانات المتعلقة بالحمض النووي، مما ينهي مشكلة المفقودين ويسهل التسامح والنسيان وتخطي ما حصل".

وتطرق الوزير السابق زياد بارود الى مرحلة ما بعد الحرب في لبنان، واعتبر ان "بيروت وبلفاست متشابهتان كثيرا، حيث هناك جدران لا تزال موجودة"، مذكرا بالندوة التي نظمت في مبنى "الاسكوا"، التي "شارك فيها الشهيد سمير قصير وكان ملاحقا آنذاك ليحول بعدها عنوان هذه الندوة الى جمعية وقع على نظامها عشية اغتياله"، معتبرا ان "قصير ينتمي الى مدرسة العدالة الانتقالية وليس الانتقائية".

ورأى ان "قانون العفو تضعه الضحية، اما في لبنان فوضعه الجلاد، وكانت هذه المشكلة الاولى التي تكمن في كيفية صدور هذا قانون. والمشكلة الثانية، هي باهمال موضوع المخفيين قسرا والمخطوفين، لانهم لم يوضعوا على أجندة الطبقة السياسية التي حكمت في فترة ما بعد الحرب. اما مشكلة ما بعد العام 2005، كانت في كيفية الانتقال الى الحيز التطبيقي، خصوصا ان معظم مكونات الحكومة شاركت في الحرب"، متطرقا الى "دور وزارة الداخلية بالمشاركة لحل موضوع المخطوفين والمخفيين، فقد شاركت الوزارة فقط في لجنتين، الاولى سياسية قضائية امنية قامت باعداد تقارير، اما الثانية فاكتفت بجمع محاضر قوى الامن الداخلي واصدرت محاضر بناء على الشكاوى التي وصلتها"، مؤكدا ان "المشكلة في لبنان تكمن في تجاهل الفاعل"، مشددا على ان "الانتقال الى الافضل في هذا الملف تطلب اعطاء الحكومة مجتمعة اولوية واهمية اكثر فيه".

وقال: "طلبنا من الحكومة انشاء بنك الDNA، على ان تتحمل وزارة العدل هذا الموضوع، لكنها تجاهلت الطلب بسبب عدم رغبتها بمعالجة هذا الملف. وهذا التهاون يعرقل المصالحة التي تتطلب قراءة الصفحة وطويها بعد الحصول على كل المعلومات، ما لم يحصل قبل انهاء ملف المخفيين قسرا"، مشيرا الى ان "الطبقة الحاكمة في التسعينات، سعت الى افقال هذا الملف ونسيانه، وكأن لبنان لم يمر بمرحلة حرب. فحاولت محو كل ما له علاقة بالحرب، حتى باعادة اعمار بيروت حاولت ازالة آثار الحرب"، ورأى ان "هذا الامر غير منطقي"، لافتا الى ان "المشكلة في لبنان تعود لغياب المصارحة قبل المصالحة، فلم يحاول اي طرف سياسي البوح بحقيقة تفكيره ولا الاعتراف بالخطأ".

واعتبر انه "لا يمكن تعميم الارتكاب على جميع اللبنانيين، لان بعضهم لم يرتكب الجرائم ولم يشارك فيها. فالمجتمع بأكمله ضحية هذا المسار. الا ان اهالي المخفيين والشهداء والمتضررين من الحرب فهم ضحايا اكثر من غيرهم".

وانتقد بارود "تمديد النواب لانفسهم مرتين منذ العام 2009"، مشيرا الى ان "قانون الانتخاب لا يعكس التمثيل الصحيح"، لافتا الى "اهمية الضغط الشعبي الذي يمارس في لبنان والذي ردع الطبقة السياسية الموجودة من القيام بالأسوأ"، منوها باهالي المخطوفين الذين "استطاعوا ابقاء قضية المخطوفين على مسامع الجميع كي لا تنتسى مع مرور الزمن، بالرغم من وقوف الطبقة السياسية ضدها".

ثم دار حوار مع الحضور.
 

  • شارك الخبر