hit counter script

أخبار محليّة

نقابة المحامين كرمت شهداء الجيش وقهوجي أكد القضاء على خلايا الارهاب

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٥ - 16:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كرمت نقابة المحامين في بيروت برئاسة النقيب جورج جريج، شهداء الجيش اللبناني في اليوم الوطني لشهداء الجيش اللبناني باحتفال في بيت المحامي، حضره وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي ممثلا الرئيس ميشال سليمان، المحامي رفيق غانم ممثلا الرئيس أمين الجميل، النائب زياد القادري ممثلا الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وزيرا العدل اللواء اشرف ريفي والثقافة ريمون عريجي، ممثل لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، النواب: نوار الساحلي، عبد اللطيف الزين ودوري شمعون، النائب انطوان زهرا ممثلا رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، رئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، ممثلون عن النواب: سامي الجميل، ستريدا جعجع، أسعد حردان، طلال ارسلان وسليمان فرنجية.

كما حضر رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، النائب العام المالي علي ابراهيم، قاضي التحقيق العسكري الاول رياض ابو غيدا، رئيس ديوان المحاسبة القاضي احمد حمدان، المدعي العام القاضي فوزي خميس، الوزيران السابقان ناجي البستاني ومنى عفيش، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص المقدم توفيق نصر الله، ممثل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم العقيد عدنان شعبان، نقباء المحامين السابقون واعضاء مجلس النقابة الحاليين والسابقين.

بداية النشيد الوطني، فتقديم للمحامي الدكتور جورج يزبك الذي قال: "نحن في جمهورية رئاستها مغيبة، ورئيسها مفقود. الكل مسؤول، ونحن أمام عملية سطو تمارس على الجمهورية، وأخشى القول ان الرئاسة انتقلت الى رحمته تعالى. في أحسن الحالات، هي تصارع الموت للبقاء، تماما كما يصارع عسكرنا بلحمهم الحي في الجرود العالية. نحن أمام تأميم للجمهورية ومرافقها، وأولى الضحايا عيد الشهداء في السادس من أيار الذي صودر".

وأشار الى أن لبنان "كان قلبا واحدا، دما واحدا، أبطالا يتحدون من اجله دون حاجة لوسيط، أو لحوار وطاولة حوار، وراع للحوار".

ثم ألقى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس كلمة قال فيها: "كلما أوغلنا في خطيئة الفراغ الدستوري، واتسعت الهوة بيني وبين مهنتي، نصب لي سعادة النقيب جورج جريج جسرا يعيدني بوساطته إلى أهلي وأصلي، وجسر هذا اليوم فريد في وسائل العبور والعبارة، إذ نحن على متن السادس من الخامس، تقودنا الذكرى إلى أن السطور أعواد الكلمات، وعليها ترتفع مشانق كمثل تلك التي رفعت في سماء بيروت ودمشق، وشدت على رقاب، كل ذنبها أنها ضبطت متلبسة بلسان عربي مبين. مشانق لم تفرق بين عمامة وقلنسوة، بين عمادة ووضوء، حتى إن بترو باولي حفيد الالياذة لم تشفع له ملامح اسمه الاغريقي، بل مسد له الحبل في الديوان العرفي كما لسعيد فاضل عقل وعبد الوهاب الانكليزي والأب جرجي الحداد وعمر حمد والشيخ احمد طبارة وعمر بيهم ورفاقهم، لأن القتلة جعلوا من الضاد تهمة تستوجب الإعدام، لمن لا يلحن بها، أيا كان سنخه واعتقاده".

أضاف: "الكلمة التي تحيي هي نفسها التي تقود الى الشهادة، غير أن العربية ترفض الموت، على كثرة ما ينزل بأهلها منه منذ ارتفاع ألفها حتى انبطاح الياء. إنها لغة تتوالد فيها المفردات والمعاني كما تتوالد الابعاد من الابعاد فالدم الذي سرب على ساحة البرج طفا على زبد المتوسط وحط موجه في النيل حيث انطلقت الصحافة العربية في قاهرة المعز أقلاما من خشب الأرز تدون على صحف من البردى حكايات الحرية والنهضة والوحدة. وإذا بمقتطف من حديقة الاخبار ينمو على سفح المقطم إلى جانب الأهرام المستضيئة بالهلال. وإذا بنا اليوم في عيد الصحافة الرائدة بل في كل صبيحة نمسك فيها صحيفة لا نملك إلا أن نحيي أرواح نسيب المتني وكامل مروة وسليم اللوزي ورياض طه وسمير قصير وجبران تويني ورفاقهم الكثر. فمن دماء هؤلاء امتلأت دواة حبرنا الخالد".

وتابع: "لكن في قصة هذا البلد المنارة فصلا ثانيا، بل أول، فلقد شكل طوال عمر الارض ملاذا للمضطهدين وميناء للمشتتين يدخلونه بسلام آمنين، ويقيمون بينهم وبين جباله وسهوله وأوديته وشطآنه وشائج قربى وأواصر ذمام لا تنفصم. هم ليسوا فيه بقايا شعوب متنوعة بل أهل وأحباب ومواطنون، كل واحد منهم أخ للآخر وإن احتفظوا بتراث الجماعات التي جاؤوا منها. وكأنما وسمتهم العربية بعبقريتها في التعبير فاجتمعت قراباتهم على تباعدها الى وطن واحد كما تجتمع الكلمات المتقاربة على اختلاف مدلولاتها الى جذر واحد، فالجذر اللغوي نسب بين المفردات وأب لشجرة مفاهيمها المتنوعة الأغصان والأوراق والثمار. أوليس لفظ الإبادة ولفظ الأبد يرجعان الى جذر واحد؟ ألا يتقاربان على صورة تحفظ نقاء السلالة اللغوية إذ يفضيان كلاهما الى معنى الديمومة؟ وبعد أوليس صحيحا القول: إن ذكرى الإبادة لا تنطوي حتى ينطوي الأبد؟".

وأردف: "هذه بالحقيقة مشاعر كل اللبنانيين على إختلاف إنتماءاتهم. واذا كان بعض منا قد رفع علما ما فوق ذكرى الابادة الارمنية، فهؤلاء حركتهم عصبية مفتعلة في غير محلها، فتركيا اليوم دولة صديقة وجارة، ولا نظن أنها تسعى، ونوقن اننا لا نسعى معها إلى إستعادة الامبرطورية العثمانية. أقول هذا، وانا مؤمن بأن الاجيال لا ينبغي لها أن تحمل بالضرورة أوزار الأسلاف، ففي سفر الحضارة ما من خطيئة جدية نتوارثها كابرا عن كابر من غير أن يكون لنا فيها يد. واسترجاع التاريخ يظل بلا قيمة إن لم يؤد إلى تنقية الذاكرة الجماعية من جراح بليغة قديمة تعمقت ندوبها في حياة الشعوب. هذا هو الوطن ذو التضاريس الصعبة والمسالك الوعرة والذرا البيضاء والأرز الحاضن للأبد، مسور بسياج من خير الأجناد، الذين أنشأهم آباؤهم على التضحية وقدموهم حماية للحدود والورود وحبات التراب، وجهزوهم بالسلاح الأمضى، سلاح البسالة التي قاتلوا وما زالو بها، فاستحقوا أن يكونوا محل ثقة من أهل المال والسلاح، فتقبلوا العطية من يد لم يرعشها الشك واستقبلوا السلاح من يد أيقنت أنها تسلمها لزنود أمينة وخبيرة وجديرة".

وقال: "إذا كانت ذاكرتنا تعيدنا في بعض الأحيان الى ألوية في الجيش انتسبت الى طوائفها ومذاهبها فإن اللبنانيين اليوم يتحدون من يستطيع أن ينسبها أو يبعضها أو يذر بينها الشقاق، وما كان لهذه المؤسسة أن تعصى على العاديات لولا أنها منضبطة تحت سقف الدستور ملتزمة بتوجيهات السلطة السياسية. ومن تجليات هذا الإلتزام التقيد بسياسة النأي عن الإنغماس في المأساة السورية التي يتحمل لبنان آثارها الأكثر خطرا على كيانه، وما كان لها أن تبقى بريئة من الصراعات والتجاذبات لولا أن قاموسها قد تطهر من أية لفظة انقلابية مصدرا أو اشتقاقا:
فوضع الندى في موضوع السيف بالعلى
مضر كوضع السيف في موضع الندى".

أضاف: "إنني في هذه المناسبة أخاطب الجيش وقيادته وأقول، صمودكم دين علينا وجرحكم جرحنا وقلقكم يؤرق وسائدنا ولن يبخل الوطن على أبنائكم الرهائن بأي ثمن من اجل تحريرهم من محنتهم التي طالت، فليس أحد أولى منا بحماية من نذروا أنفسهم لحمايتنا. وفي هذه الذكرى أحيي شهداء نهر البارد الذين طهروا بدمائهم شمالنا من عصابة فتح الاسلام وعصابات الإرهاب كلها، وكانوا مع رفاقهم بقيادة الرئيس ميشال سليمان والشهيد فرنسوا الحاج والجنرال قهوجي، يرفعون عن تلك المحافظة وقصبتها طرابلس تهم التعصب والانغلاق، وذلك بالتعاون مع الأهالي الذين كانوا لهم خير ظهير ونصير. ولبيت المحامي أقول هذا القصر كعبتنا".

وتحدث المحامي الدكتور وسيم منصوري فقال: "هم أحياء عند ربهم يرزقون"، هم أحياء عند الوطن لا يموتون، هم للوطن المفضلون الحقيقيون، ولكن هل كان الوطن بحجم تضحياتهم؟ هل تحملنا مسؤولياتنا الوطنية مثلما تحمل هؤلاء الأبطال الأبرار؟".

أضاف: "من هنا لا بد من الاعراب عن عدة مسائل أدرجها كالآتي:

أولا- جغرافيا الكلام:
هناك كلام يصح في مكان ما، لكن يكون باطلا في مكان آخر. فالعقيدة العسكرية التي أثمرت ثالوث "الشرف والتضحية والوفاء" هي عقيدة تصح في الجغرافية اللبنانية المتمثلة بالتفاف جميع الفرقاء السياسيين حول مؤسسة الجيش، لكنها عقيدة غريبة عن أصحاب الجغرافيات الموبوءة والمستجدة في البيئة العربية التي تحاول نشر ثالوث "العار والخديعة والانتحار" وهي لم ولن تجد لها بيئة حاضنة خاصة في لبنان. إن محاربة الارهاب ليست مهمة أمنية وحسب، بل هي مهمة وطنية، وعلى جميع القوى السياسية والاجتماعية والثقافية والشعبية على حد سواء، الوقوف وجها لوجه أمام جغرافيا الأفكار المستوردة التي لم نعهدها ولم تدخل ضمن أدبيات حياتنا ولا تشبه ديننا ولا ثقافتنا. إن الالتزام بالأخلاق والدفاع عن الوطن واحترام القوانين ليست بالأمور الاختيارية أو الانتقائية، كما أنها ليست وجهات نظر، إنها وبكل بساطة واجب علينا ولا نقاش في الواجبات، فلا أحد يناقش ربه في جدوى الصلاة، وبالصلاة ترتاح النفوس وبالصلاة للوطن نؤمن به أكثر.

ثانيا- صلة المؤسسة العسكرية بالمجتمع:
تمثل المؤسسة العسكرية مجتمعا متكاملا كأنها صورة لبنان المصغرة في تعدديتها المناطقية والطائفية والفكرية، وقد استطاعت المؤسسة العسكرية أن تحرص على هذا التنوع والتماسك بفضل سياسة قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي نحيي جهوده البطولية في ظل الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة. وثمة مسألة ضرورية لا بد من التوقف عندها، هي علاقة المؤسسة العسكرية بالمجتمع، وعلينا أن نبادر إلى البحث عن جوهر هذه الصلة. وإذا ما كان من نقاط ضعف أو ثغرات للاسراع لردمها، لسنا في زمن الفجوات، وعليه لا بد من قراءة المجتمع وفهم البيئات المتنوعة فيه، هذه البيئات التي باتت تتأثر بكافة أشكال الاعلام لا سيما الاعلام الجديد المتمثل بوسائط التواصل الاجتماعي، خاصة وأن الارهابيين يستغلون هذه المنابر ويملؤون قنوات النشر بأفكارهم، فالمعركة لم تعد في ساحات القتال وحسب بل في ساحات جديدة افتراضية، وهذا ما يفرض الاستعجال في تحصين الأمن الالكتروني كما الأرضي، والذي يتطلب المزيد من الخبراء والتجهيزات، كما يتطلب المزيد من التشريعات القانونية الرادعة والحامية لأمن الناس.

ثالثا- الوحدة الوطنية والقانون:
إننا نشكرالنقيب الصديق الاستاذ جورج جريج على الجهود التي يبذلها في رفع شأن نقابة المحامين، هذه النقابة التي ترمز إلى شعار "العدل أساس الملك"، فالاحتفال باليوم الوطني لشهداء الجيش اللبناني في بيت المحامي في نقابة المحامين دليل على أن الوحدة الوطنية متلازمة مع القانون، وهم جسد واحد لا يتفرقان، فالقانون هو الضامن الوحيد للوحدة الوطنية، والحوار بين مختلف الأطراف هو الحصانة لهذه الوحدة. لذا، ولكي نكون على قدر تضحيات الجيش، لا بد من الاشارة إلى ضرورة تفعيل عمل المؤسسات، كل المؤسسات، ابتداء من عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وفي هذا الإطار، لا بد من التنويه بجهود دولة الرئيس نبيه بري الداعي باستمرار لجلسات انتخاب وتشريع، وبجهود وإصرار دولة الرئيس تمام سلام الرامية الى الهدف نفسه. فالتشريع اليوم أصبح أكثر من ضرورة، ألم يحن وقت إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي تعطي أفراد القوى العسكرية وموظفي القطاع العام حقوقهم، ألا يقتضي إقرار سلة من القوانين التي لم تعد المعاهدات التي وقع عليها لبنان تنتظر الجدل الداخلي؟ وغيرها وغيرها".

وختم: "بكل حال، لعل الحوار القائم ما بين الأطراف السياسية يرسي أسس تعزيز الوحدة والوطنية، ويسهم في انجاز هذه الملفات العالقة وفي التقدم نحو انتظام عمل المؤسسات بإرادة القانون ومشيئته. ولا أعتقد أننا نستطيع تقديم أي شيء لمن قدم لنا حياته، جسده، روحه. أمام الشهداء نقدم التحية للجيش، ننحني لهم، نقبل جباههم وجباه الوطن عبرهم".

بدوره، قال قائد الجيش العماد جان قهوجي: "في اليوم الوطني لشهداء الجيش اللبناني الذي تقيمه نقابة المحامين في بيروت، في قاعة الاحتفالات الكبرى في بيت المحامي، بين تاريخ الوطن ودماء الشهداء حكاية لا تنتهي، عمادها الشرف وغايتها التضحية ومبدأها الوفاء. فحيثما سقط شهيد ارتفع علم جديد، وكلما سقط شهيد، شمخت أرزة جديدة في وجه الرياح والعواصف. بين المؤسسة العسكرية ونقابة المحامين أكثر من رابط وأبعد من علاقة، فنقابتكم هي سياج القانون، والجيش هو سياج الوطن. ونقابتكم هي صوت الحق، والجيش هو المؤتمن على صون الحق. من هنا كان الدور المميز لمحامي لبنان ولنقابتهم الكريمة في دفاعها الصلب عن حقوق اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، أو في مساندة المؤسسة العسكرية في مهماتها الوطنية، فأنتم رسل الحق، وكلمتكم حكم مبرم ونهائي، ضد شهود الزور والمفترين والمجرحين".

أضاف: "إن يوم الشهداء بالمطلق هو أقدس الأقداس عندنا، فكيف حين يجمع تاريخا نضاليا عريقا طويلا، مجبولا بدماء الأبطال، أبطال الصحافة في عيدهم اليوم، والذين نستذكر معهم قافلة من الصحافيين الذي استشهدوا على مذبح الوطن، دفاعا عن النموذج اللبناني والكلمة الحرة في لبنان. لقد أردتم كرجال للحق والقانون، أن تكرموا شهداء الجيش في رحاب عيد شهداء لبنان، فشكرا لكم، وتحية من كل ضابط وجندي، لأنكم تؤكدون مجددا رسالتكم الوطنية ووقوفكم الى جانب الجيش، واعتزازكم بتضحيات شهدائه، تماما كما أثبتم على الدوام أنكم سياج القانون، وخير مؤتمنين على إرث مدينة الشرائع بيروت. بيروت الثقافة والحضارة، وبيروت الكلمة الحقة، تلك التي انطلقت من شرفاتها ذات يوم الى العالم، محملة بكنوز المعرفة والحرية والإبداع".

وتابع: "لا يفوتني في هذا اليوم أن أقولها بالفم الملآن، إن يوم الشهداء هو اليوم اللبناني بامتياز كالإستقلال تماما. ولذا أتوجه عبر منبركم الكريم هذا بأقصى مشاعر الوفاء، من كل شهيد عسكري ومدني، جنديا كان أم صحافيا أم مدنيا عاديا، سقط في ساحات الشهادة على أرض الوطن فداء لكرامته، متعهدا أمامكم وأمام أرواح الشهداء الطاهرة، السير على منهج الشهادة الدائمة من أجل لبنان وكرامته وحريته وتعدديته، ونموذجه الفذ في هذه المنطقة والعالم بأسره. واسمحوا لي أن أتوجه بشكل خاص هذا اليوم إلى الأبطال الأحياء، أسرانا المخطوفين لدى التنظيمات الارهابية، لأؤكد تكرارا أن قضيتكم هي أمانة في عنق الجيش، ولن نوفر وسيلة في سبيل عودتكم سالمين موفوري الكرامة الى ذويكم، وعائلاتكم والى مؤسستكم العسكرية".

وقال: "لا بد في هذه المناسبة الوطنية العزيزة، أن نؤكد بأن المواجهة التي يخوضها الجيش اليوم ضد الإرهاب، لا تقل خطورة عن مواجهته الدائمة ضد العدو الإسرائيلي. فإسرائيل والإرهاب وجهان لعملة واحدة، وتعبيران مختلفان عن حقيقة واحدة وجوهر واحد، وهما النقيض الواضح للمجتمع اللبناني القائم على التعدد والحوار والاعتراف بالآخر. لقد سعى الإرهاب خلال السنوات الفائتة ولا يزال، وبمختلف مصادر قوته، إلى إلحاق لبنان بالساحات الإقليمية المشتعلة من حوله، مستفيدا مما يجري في المنطقة من فوضى أمنية، وصراعات سياسية وتشابك للمصالح الدولية، وفتن طائفية ومذهبية، لكن الجيش كان له دائما بالمرصاد، إذ استطاع بفضل تماسكه وتضحيات رجاله، إلحاق الهزيمة العسكرية بهذا العدو، ومحاصرته على الحدود الشرقية والقضاء على خلاياه الإرهابية في الداخل".

أضاف: "إنني من على منبر هذا الصرح الكريم - بيت المحامي، أطمئن اليوم جميع اللبنانيين إلى مناعة الجيش في مواجهة التحديات، فالإنجازات التي يحققها يوميا، والإلتفاف الشعبي العارم حوله، والثقة الدولية بدوره الوطني، والتي ترجمت على أرض الواقع، بالشروع في مده بالمساعدات العسكرية النوعية، لهي خير دليل على ذلك. كما أؤكد مرة أخرى، بأن الجيش لن يسمح بوجود أي موطىء قدم للارهاب في لبنان، وأن التجاذبات السياسية الداخلية والإرباك الحاصل في عمل مؤسسات الدولة، لن تثنيه عن القيام بواجبه المقدس في الحفاظ على استقرار لبنان وتجنيبه العواصف الإقليمية، مهما تطلب ذلك من أثمان وتضحيات".

وختم: "دمتم أصدقاء للجيش وحراسا لرسالة الحق والقانون في خدمة الوطن والإنسان".

أما جريج فقال: "هوذا اليوم الذي يختصر كل الايام، الشهادة، فشهيد الجيش شهيد لبنان، شهادة الجيش لا تحتاج الى اثبات، ليست مختبرا لتحديد فئة الدم، هو دم كل لبنان. ليست فاتورة تلفون أو كهرباء أو مولد لإثبات محل الاقامة، جيش لبنان مقيم في لبنان، في الداخل وعلى الحدود، في طرابلس وفي الضاحية، في البقاع وفي عرسال. والشهادة ليست سجلا عدليا في مخفر فرن الشباك، إنها الشهادة التي تعرف عن ذاتها بذاتها. هوذا اليوم الوحيد الذي لا نقطع فيه قالب حلوى، بل نذكر شهداء الواجب، وأسرى الواجب في الجرود. هوذا اليوم الذي لا مكان فيه ليهوذا، لا بيع فيه ولا شراء، لا بالذهب ولا بالفضة، أمانة لا خيانة. هوذا اليوم الذي لا خلاف عليه، ويوم يصبح الخلاف على الجيش أمر اليوم، ينتهي لبنان".

أضاف: "هوذا اليوم الذي لا أثر فيه لغبار الهروب والاتكالية، وثقافة التحريف والتسويف. لا تراتبية فيه، لا تبويب ولا تنسيب، لا تصنيف ولا تزييف، لا تطييف ولا تجديف، هوذا يوم التشريف لا التسخيف، بل أقول هو اليوم الوحيد غير القابل للتوظيف. أو سمعتم يوما هذا الجندي يقول أريد نفسي قبل أهلي، أريد ذاتي قبل وطني؟ أريد حياتي وأبخل بشهادتي؟ أو سمعتم هذا القائد يقول إنه اليوم في اليرزة وغدا في بعبدا؟ قال نريد رئيسا، لا أنا الرئيس. قال نريد دولة، لا أنا الدولة. قال الرئاسة مهمة لا مهنة؟".

وتابع: "ليس نحن في النقابة من يرشح، ولا نحن من ينتخب. لكن نحن أصحاب حق، ونقولها بصوت عال: نعم نريد دولة اليوم، ورئيسا اليوم، لأن غدا قد يكون متأخرا أو قد لا يأتي أبدا. نريد وعدا كوعد الجيش، يحل فجرا لا عند المغيب. يهبط في وضح النهار ولا يتسلل في عتمة الليل. الجيش حاجز نعم، لكنه حاجز ضد التقسيم والترحيل والتهجير. الجيش جهوزية، والمواجهة مع اسرائيل ليست زوبعة في فنجان، أو صاعقة في سماء صافية، بل هي عقيدة قتال ضد كل عدو متربص بلبنان. فبفضل هذا الجيش كانت الشهادة التي لم تفرق بين الرتب العسكرية، جنودا ورتباء وضباطا. فالجيش أساس في قيام الدولة، بل أساس في طرح جدلية بناء الدولة نايشن بيلدنغ nation building. بعيون النسور الثاقبة، بدم جنودنا الشهداء، وأرواح أسرانا الغالية، بمؤسساتنا الصامدة، بنقابة محامينا، بهيئات مجتمعنا المدني، سنتمكن من بناء هذه الدولة، ومن الوقوف أمام قوة الحياة التي تدب في عروقنا، وفي جذور هذه الأرزة التي اسمها لبنان".

وأردف: "في علم السياسة، الدولة ومؤسساتها وقراراتها هي وحدها المعبرة عن ارادة الشعب صاحب السيادة، وهي حائزة على أعلى درجات السلطة Summa Potestas سوم بوتستاس. ولا يصح ان تعلو عليها، ولا أن تتجاوزها، ولا ان تشاركها، او تنافسها أية سلطة اخرى داخلية أو اقليمية أو دولية. وهكذا الجيش، مؤسسة لا خصخصة فيها، ولا شراكة معها، بل هو كالدين لا إشراك فيه. هو كلبنان، مسجد كبير وكاتدرائية كبرى، ومساحة مدنية لمن لا يرغب ببيوت الله. جيش قوي، لا يضعف مع السياسة ولا يقوى بها، السياسة تزول، والجيش باق. الجيش والسياسة، ربما، فسياسة الجيش هي تعبير الصامت الأكبر عن مفردات العمل الوطني بكل مكوناته، من الحفاظ على الديمقراطية الى ضمان الأمن والاستقرار".

وقال: "الجيش والتسييس، هذا ممنوع، فلا وديعة في الجيش للسياسيين، ولا التزام من الجيش أمام السياسيين، والذراع التي تمد عليه تشل واليد تيبس، جيش يسقط عند أبوابه المنطق الذي يقول ان الغياب افضل من الحضور، جيش صاحب قلب كبير، لكن لا يعرف البكاء مهما كان الاسى. عندما سئلت الملكة اليزابيت لماذا لم تبك ديانا، قالت: عندما أعطيت التاج قيل لي: الواجب اولا، أنت بعد ذلك. وعندما أولي القيادة، كان يدرك العماد قائد الجيش أن لا محل للضعف عند القادة، كان يدرك أن لبنان أولا، والشخص يأتي بعد الوطن".

أضاف: "جيش قادر على أن يعيد لبنان الى لبنان، فيبقي لبنان اليوم شبيه لبنان الامس. عندما قررت فرنسا نفي الجنرال ديغول وخيرته بين مصر والسنغال، قال لايفون Yvonne: احزمي الحقائب لن نذهب الا الى لبنان. هكذا سيعود لبنان، عروة وثقى للأمن، ممرا للحضارة، مستقرا للمدنية، لا أرض مخابرات، وساحة صراعات، ومساحة ممنوعات، وحفلة جنون لقطاع الطرق والعصابات".

وختم: "في لبنان اليوم جمهورية دون رئيس لكن لا يمكن ان أرى بلدا دون جيش، مع عميق تقديري لهذا المنصب الشاغر الذي بح صوتنا صباح مساء مطالبين بإعمال الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية. في لبنان دولة تصريف اعمال، لكن لا دولة تقوم بجيش تصريف أعمال أو جيش إدارة أزمة. فلنصفق لجيشنا وقيادته، جيش يحارب الارهاب في أقسى وأقصى الظروف، ويحمي الحدود بوجه أعتى السيوف وأعلى السقوف، ويحفظ الأمن، بل ويؤمن المرور على كل طرقات الوطن".  

  • شارك الخبر