hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

الراعي: نكرس لقلبك الطاهر لبنان والمنطقة ملتمسين نهاية الأزمات سلميا

الأحد ١٥ أيار ٢٠١٥ - 12:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في بازيليك سيدة لبنان في حريصا، لمناسبة بدء الشهر المريمي، عاونه فيه المطرانان طانيوس الخوري وعاد بو كرم والاباتي مالك بو طانيوس ورئيس الدير الاب يونان عبيد، في حضور لفيف من الكهنة والآباء وحشد من المؤمنين.
بعد الانجيل ألقى الراعي عظة بعنوان "ها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال"، دعا فيها إلى "الصلاة للعذراء مريم من اجل انتخاب رئيس للجمهورية، وقال: "منذ ليلة أول شهر ايار مع أطول مسبحة في العالم، التي حملتها جماعة أولاد مريم من بكركي إلى حريصا، حتى الصباح الباكر من هذا الأحد، وجماهير المؤمنين والمؤمنات، لبنانيين وأجانب، مسيحيين ومسلمين، تتقاطر من جميع المناطق، وتتحلق حول أمنا مريم العذراء، سيدة لبنان في حريصا، للإحتفال بعيدها في هذا الأحد الأول من شهر أيار، المخصص لتكريمها، وتلاوة مسبحتها الوردية. وها نحن ننضم إليهم لكي نرفع إليها الطوبى: "ها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال" (لو1: 48). ما أجمل المثول بين ذراعيها اللتين تبسطهما وتبارك الجميع بالنعم السماوية، وفقا لحاجاتهم الروحية، وتبارك وطننا لبنان وبلدان هذا الشرق الأوسط، وهي من أرضه، وبواسطتها تجلى كل سر الله الواحد والثالوث: فهي ابنة الآب، وأم الإبن، وعروس الروح القدس".
أضاف: "لكي يتواصل نشيد "الطوبى لمريم من جيل إلى جيل"، وهو تمجيد لعظائم الله فيها وفي تاريخ البشر، كرسنا، منذ ثلاث سنوات، لقلبها الطاهر، لأمومتها المقدسة ولشفاعتها القديرة، وطننا لبنان وبلدان الشرق الأوسط. ونجدد هذا التكريس في عيدها، ملتمسين للبنان الخروج من أزمة فراغ سدة الرئاسة، بانتخاب رئيس جديد للبلاد، اليوم قبل الغد، تتوافق عليه الكتل السياسية والنيابية، على أن يقود هذا التوافق المسؤولون الموارنة وهم أول المعنيين، بروح التجرد والمسؤولية الوطنية، من أجل حماية الجمهورية وإعادة الحياة إلى المجلس النيابي، وتسهيل عمل الحكومة، وحل عقدة التعيينات في المؤسسات العامة، وإعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي الفاعل، في الأسرتين العربية والدولية؛ وملتمسين لبلدان الشرق الأوسط، ولاسيما لفلسطين وسوريا والعراق واليمن، السلام والاستقرار ونهاية النزاعات والحروب، وحماية الكنيسة ورعاتها وشعبها، لكي يعلنوا في هذه الأرض الممزقة بالحديد والنار إنجيل الخلاص والسلام، وقد أعلن منها منذ ألفي سنة للعالم كله. فيصان الإيمان المسيحي، ويبقى ناميا وفاعلا وشاهدا؛ ونصلي لكي يحرك الله، بشفاعة سلطانة السلام، ضمائر حكام الدول والجماعة الدولية، فيعملوا من أجل حماية المبادىء الأساسية لحياة الشعوب، وهي: قيمة الحياة، والكرامة البشرية، والحرية الدينية، والعيش معا بسلام وانسجام، واحترام الأقليات وحقوق الإنسان. ونصلي من أجل شعب نيبال المنكوب من جراء الزلزال الذي أصاب البلاد وخلف حوالي ستة آلاف قتيل، وعشرات الألوف من الجرحى، وتدميرا كاملا للبيوت. نصلي لكي تتجلى رحمة الله ومحبته على يد المؤسسات الدولية، وتعاون الدول وجميع القلوب السخية على مواجهة هذه الكارثة الانسانية والوطنية".
وتابع: "ها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال"(لو1: 48). لقد أتينا كلنا لنعطي الطوبى أمنا مريم العذراء الكلية القداسة وسيدة لبنان، "لأن القدير صنع فيها العظائم"(لو 1: 49). فهي، في تصميم الله الخلاصي، تحتل الصدارة بين جميع البشر: إنها أم الإله بالجسد البشري وقد أعلن عقيدتها مجمع أفسس سنة 431. وهي البتول التي حبل بها بلا دنس، وقد أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854. فمنذ الدقيقة الأولى للحبل بها حفظت، بتدبير إلهي، بريئة من دنس الخطيئة الأصلية. وهي عذراء دائمة البتولية وأم، وبهذه الصفة هي صورة الكنيسة. فالكنيسة أم بقبولها كلمة الله وأمانتها لها (راجع نور الأمم 64)، تلد لحياة جديدة، بالكرازة والمعمودية، بنين حبل بهم من الروح القدس، وولدوا من الله (المرجع نفسه). والكنيسة عذراء، قدمت للمسيح عريسها عهد الحب والأمانة المتجلي في قديسيها وقديساتها (المرجع نفسه). وهي أم الكنيسة، إنها تواصل من السماء أمومتها تجاه أعضاء جسد المسيح، بإسهامها في ولادة الحياة الإلهية في نفوس المفتدين ونموها؛ وتساعدهم في المعركة ضد قوى الشر التي ترافق تاريخ البشر كله (الكنيسة في عالم اليوم، 37)؛ وتوجه أنظارهم، عبر مسيرتهم على الأرض، نحو المسيح - الطريق الذي يقود إلى بيت الآب (راجع أم الفادي 47). وهي شريكة الفداء وثمرته الأسمى. فأصبحت وسيطة الخلاص بوساطة ابنها الوحيدة، بحيث أن نعم الفداء والخلاص تأتينا، عبر الأسرار المقدسة من المسيح بواسطة مريم "أم النعمة الإلهية". وهي سلطانة الانتقال بنفسها وجسدها إلى مجد السماء، كتتويج لعظائم الله فيها. وهي "ملكة السماء والأرض"، إلى جانب ابنها الفادي (المكرم البابا بيوس الثاني عشر، 1/11/1950 و 11/10/1954)".
وقال: "إن المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط يلقون حاليا، وتحديدا في العراق وسوريا اضطهادا واضحا واعتداء سافرا، بدأ بشكل مباشر في الموصل وسهل نينوى، على يد تنظيمات إرهابية. وما زالوا مشردين ويعيشون تحت الخيم بالذل والقهر والظلم. ونحن نطالب بإلحاح السلطات المحلية والأسرة الدولية بعودتهم وسائر النازحين والمشردين إلى بيوتهم وممتلكاتهم موفوري الكرامة، مع حماية حقوقهم بحكم المواطنة. وفي سوريا، وحاليا في حلب، وقد سبقها مدن وبلدات أخرى، الكنائس تدمر والأحياء المسيحية تقصف ويسقط القتلى، ويتشرد المؤمنون، وتهدم المنازل والمتاجر ودور العبادة. وكم هو مؤسف ومخز أن دولا تعتدي على المواطنين الآمنين وعلى المسيحيين، بمد المتحاربين والتنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح والمرتزقة! هل فقدت الحياة البشرية نهائيا، عند أمراء الحروب والمحاربين، قيمتها وقدسيتها وكرامتها؟"
أضاف: "أمام هذا الواقع المؤلم نتساءل بخيبة أمل: كيف تبرر منظمة الأمم المتحدة وجودها، فيما تتخلى عن مسؤوليتها المنصوص عليها في مقدمة ميثاقها: "نحن شعوب الأمم المتحدة، قد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب... وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للانسان وبكرامة الفرد". وعن أحد أهدافها التي تحددها المادة الأولى وهو: "حفظ السلم ومنع الأسباب التي تهدده وإزالتها، وقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلام، باعتماد الوسائل السلمية، وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي". ونتساءل: أين دور مجلس الأمن كسلطة تنفيذية لحفظ السلم والأمن (راجع ميثاق الأمم المتحدة، الفصل الخامس، المادة 24). كيف يسمح اليوم أن يترك شعب آمن فريسة للحرب والنزاعات السياسية والإقتصادية بين الدول النافذة، والساعية فقط وراء مصالحها وحساباتها التجارية والاقتصادية، ومآربها السياسية والمذهبية، تحت ستار الديمقراطية والإصلاحات ورفع الظلم".
وختم الراعي: "نصلي مع مريم نشيد: "تعظم نفسي الرب" (لو1: 46)، وهو نشيد الشعب الجديد، يرفعه إلى الله للشكر على نعمه التي يفيضها في تصميم الخلاص؛ ونشيد الفقراء، وكلنا منهم، لالتماس نعمة المسيح الشافية، وكلمته الهادية، ومحبته التي يسكبها في قلوبنا بعطية الروح القدس، والتي تعطي معنى للحياة ونكهة لتاريخ البشر. وإلى أمنا السماوية، سيدة لبنان وسلطانة السلام، نرفع صلاتنا هاتفين: يا مريم أمنا، إليك نكل نفوسنا وعائلاتنا وكنيستنا. ونكرس لقلبك الطاهر لبنان وبلدان الشرق الأوسط، ملتمسين نهاية الأزمات والخلافات والحروب بالطرق السلمية، وراجين أن تزرعي في بلداننا الاستقرار والسلام الشامل والدائم، وأن تردعي أيدي الشر التي تدمر وتقتل وتهجر، وتعملي على إعادتهم إلى مخافة الله وإلى إنسانيتهم".

  • شارك الخبر