مجتمع مدني وثقافة
بو صعب خلال احتفال تسليم جائزة بشارة الخوري: آمل ان يقف الوزراء صفا واحدا لاقرار منهج كتاب التاريخ
الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٥ - 10:42
أعرب وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب عن امله في ان "يقف الوزراء صفا واحدا لاقرار منهج التاريخ عندما يطرح على مجلس الوزراء، وهو اصول تأليف الكتاب لاسيما وان المنهج الاخير يغطي حتى العام 1943"، متمنيا ان "يتم تأليف كتاب التاريخ الموحد الذي ينصف من قدم للوطن التضحيات ومن استشهد من اجله".
ورأى ان "موجات التعصب المذهبي هي موجات مرفوضة ومستنكرة، ونحن دعاة الاعتدال والحياة الوطنية الواحدة نشدد على التنوع ضمن الوحدة وعلى تعدد الثقافات تحت مظلة الدولة الراعية ونؤكد المواعيد الدستورية مهما بلغت الصعاب والمخاطر، كما نتطلع الى دور متعاظم لجيشنا الوطني وقوانا الامنية والعسكرية لحماية الكيان من الموجات التي تسير عكس سير الحضارة".
مواقف وزير التربية جاءت في كلمة ألقاها في الاحتفال الذي أقامته وزارة التربية و"لجنة جائزة بشارة الخوري للتوعية الديموقراطية" في قصر الاونيسكو واعلنت فيه نتائج المسابقة التي نظمتها بدعم من مؤسسة "فريديريتش ايبرت" عن "دور الرئيس بشارة الخوري في تحقيق الميثاق والاستقلال"، وشارك فيها تلامذة الصف الثانوي بفرعيه العلمي والادبي للعام الدراسي 2014 -2015 ينتمون الى مدارس رسمية وخاصة في المحافظات.
حضر الاحتفال بو صعب ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام وممثلون لرؤساء الجمهورية والحكومة السابقين ووزراء ونواب حاليون وسابقون وممثلون لرؤساء الطوائف. وشارك فيه عدد من السفراء ونقباء المهن الحرة وكبار الموظفين والقضاة ورؤساء الجامعات والاعلاميين ومديري المدارس والتلامذة المشاركين في المسابقة وذويهم، اضافة الى عائلة الرئيس الراحل بشارة الخوري يتقدمهم نجله الوزير السابق الشيخ ميشال بشارة الخوري.
افتتح الاحتفال بالنشيد الوطني انشدته جوقة جامعة سيدة اللويزة بقيادة الاب خليل رحمه والانشاد المنفرد للسيدة فاديا طنب الحاج، ثم ألقى الاستاذ رفيق شلالا كلمة اللجنة المنظمة فرحب فيها بالحضور مبرزا اهمية المناسبة، وقال: "يلح علينا التاريخ اليوم ، وفي هذه المناسبة بالذات ، لنستقي منه العبر، ونعود إلى تلك الأصالة والحكمة والجرأة التي جمعت اللبنانيين حول مفهوم الاستقلال، وبناء الدولة. فكان لبنان المعاصر، وبات لوجوده على الخريطة الدولية طعم التفوق، والحرية، واللقاء بين الشرق والغرب.ولم يكن هذا الحلم ليتحقق، لولا تلاقي إرادتين مكونتين لجناحي لبنان المسلم والمسيحي، تمثلتا بشخصين ألهما الحرية والاستقلال وتقرير المصير، نعرف ولا شك أن أحدهما هو الرئيس المؤسس للاستقلال الشيخ بشارة الخوري، والثاني هو الرئيس رياض الصلح. وما أحوجنا اليوم إلى استعادة تلك الأجواء المجيدة التي أفضت إلى ولادة دولة حرة ومستقلة تدعى لبنان. وما أحوجنا إلى استعادة وطنية الشيخ بشارة الخوري، في زمن شح فيه مفهوم السيادة ، وتقلصت الحرية، ويكاد يصبح الارتهان إلى الخارج سيدا فوق مفهوم الاستقلال وكرامة الوطن والمواطنين".
أضاف: "يقول لنا بشارة الخوري من علياء التاريخ، أن امتداد لبنان العربي وانفتاحه الغربي، لطالما كانا مصدر غنى وثراء فكري، وانساني، واقتصادي لشعبه ووجوده. وقد تحولا اليوم إلى قيود تغلل أحلام هذا الشعب، وتدفع بشبابه إلى الهجرة واليأس من هنا، تأتي هذه المسابقة التربوية انطلاقا من دور مؤسس الاستقلال في صنع تاريخ للفخر والاعتزاز بلبنان، لتخاطب الشباب تحديدا، وهم في ختام رحلتهم على مقاعد الدراسة، بأن اقرأوا التاريخ من بوابة كبار لبنان كالرئيس الشيخ بشارة الخوري، واجعلوا مجددا حلم الاستقلال والحرية الناجزة حلمكم الخاص، ومقصد طموحاتكم والأهداف. لهذه الغاية كانت المسابقة التي شارك فيها طلاب من المدارس الثانوية لان "لجنة جائزة بشارة الخوري للتوعية الاجتماعية " تؤمن بان التربية السليمة، هي سلاح الجيل الجديد في التغيير والتعبير. هو بشارة الخوري الذي أدرك أن الميثاق الوطني، عهد ثقة واحترام متبادل بين أشقاء الوطن، وانسجام مع مفهوم بناء دولة القانون والمؤسسات، وليس انحرافا صوب المحاصصة الضيقة، والطائفية المكبلة، وسطوة زعماء الطوائف".
وختم داعيا الى "الاتفاق على كتاب تاريخ واحد".
ثم ألقى المؤرخ الدكتور انطوان حكيم كلمة عرض فيها لمقدمات الميثاق الوطني من زاوية تاريخية ومواقف المكونات اللبنانية من الاستقلال، وصولا الى فترة الرئيس بشارة الخوري، وقال: "حيال التحولات الكبرى التي شهدها لبنان والمنطقة العام 1920، كان لا بد من بروز قادة كبار على مستوى الوطن ليبددوا المخاوف ويلطفوا المطالب ويسدوا الشرخ الذي اصاب المجتمع اللبناني ويرسموا خطا متوازنا في التعامل مع الدول المجاورة ويتخذوا موقفا واضحا وجريئا من الانتداب ، فتطوع جباران يمثلان جناحي لبنان المسيحي والمسلم للقيام بهذه المهمة الصعبة، هما الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح".
ثم كانت كلمة حفيد الرئيس الراحل رئيس "لجنة جائزة بشارة الخوري للتوعية الديموقراطية" الشيخ مالك ميشال الخوري الذي قال: "السنة الماضية صادفت الذكرى الخمسين لرحيل الرئيس بشارة الخوري ، وارادت اللجنة ان تتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي في إحياء ذكرى أحد صناع الاستقلال"
أضاف: "منذ إنشاء دولتنا قبل أكثر من سبعين سنة وحتى الآن، حصلت في البلدان المجاورة للبنان تغييرات جذرية: دول لم تعد موجودة، أنظمة وحدود تغيرت أو اختفت، بلدان تجزأت، وهلم جرا...أما لبنان فبقي بمؤسساته، ولو لم تكن مثالية، وحدوده وشعبه برغم كل المحاولات الداخلية والخارجية لتحطيمه، لأن لبنان قوي لدرجة أن بنيته ما زالت صالحة لمواجهة هذه الزلازل وسد كل الهجومات مهما كانت قسوة عنفها، ومهما كان مصدرها. ودعما لهذه البنية وحفاظا عليها، قاوم الشعب اللبناني بأسره هذه العواقب، وواجها بمبادئه الديمقراطية، مستندا إلى الميثاق الذي رسخه بشارة الخوري ورياض الصلح وزملاؤهما مع استقلال لبنان. كتب بشارة الخوري في مذكراته "الحقائق اللبنانية": "وما الميثاق الوطني سوى اتفاق العنصرين اللذين يتألف منهما الوطن اللبناني على انصهار نزعاتهما في عقيدة واحدة: استقلال لبنان التام دون الإلتجاء إلى حماية من الغرب ولا إلى وحدة أو إتحاد مع الشرق".
وتابع: "هذا يعني أن الميثاق هو أكثر من صيغة تفاهم بين أشخاص أو طائفتين، لا خلاف أصلا بينهما، إنما هو تحالف بين تيارين سياسيين مختلفين، وصيغة ناتجة من نضوج سياسي جعل هذين الخطين اللذين يبدوان كأنهما متناقضان، يتحالفان من أجل الاستقلال التام. أليس ذلك من المبادىء الأساسية لنظام ديموقراطي؟"
وقال: "استقلال يعني أيضا الثقة بالآخر. لذلك استخدمت عبارة "الميثاق" الوطني، حتى ولو كان الأمر أشبه بتحالف سياسي. فلم ولن يفقد لبنان عروبته وانتماءه الشرق أوسطي ولا انفتاحه على الغرب والعالم.هذا ما صنعه لبنان واللبنانيون من خلال بشارة الخوري ورياض الصلح. توحدوا حول مفاهيم ومبادئ مشتركة، جمعت ابن صور بابن طرابلس وابن بعلبك بابن القاع وبنت جبيل مرورا بصيدا وبيت الدين وجبيل وبيروت.يؤدي الميثاق، التحالف بين تيارات سياسية، أي النظام الديمقراطي، عبر روحه ومضمونه ومفهومه إلى المؤسسات الرسمية المبنية على التفاهم بين الاحزاب والاراء التي تعمل على تنفيذ ما يريده الشعب".
أضاف: "بشارة الخوري ليس ملكا! ولم يكن أبدا البلد ملكه. وكان يعرف تماما أن هذا البلد سيتطور وتتغير فيه الأحزاب ويتجدد الأداء والآراء، ولكن ستبقى الدولة بمؤسساتها. وهكذا صار. بقي البلد، بقي الوطن، وبقيت المؤسسات. وعبر اللعبة السياسية الطبيعية، تحاول الأحزاب أن تشارك وتضغط على المؤسسات من أجل تعبير مختلف بحسب التطورات الديمقراطية وليس من أجل إلغائها. وتأكيدا على ذلك، علينا فقط أن نفتح أعيننا لنرى ماذا حصل ويحصل في محيطنا المباشر وغير المباشر! لذلك تفتخر لجنة بشارة الخوري للتوعية الديمقراطية، أن تكون هذه المسابقة تحت إشراف مؤسسة رسمية لأن الوطن ليس سلعة بأيدي أفراد أو مجموعات، إنما هو ملك الإستقلال".
وختم: "ها هي ميزات وصفات الدولة والوطن كما أفهمها كمواطن، وأظن كما أرادها نحاتو استقلال لبنان. فهذه المنحوتة، الميثاق الوطني، أي النظام الديمقراطي اللبناني ، ترمز إلى ثروتنا الهائلة، وهي تكمن في الأسلوب الفريد من نوعه للتعامل مع الرأي الآخر لبناء الوطن. يبقى علينا أن نحافظ على هذا الميثاق. كنز ترك لنا بوصية من آباء الإستقلال الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح لاستثماره".
وبعد قصيدة "لبنان عقل فوق كل شيء" من كلمات الدكتور كمال يوسف الحاج والحان اياد كنعان وانشاد فاديا الطنب، القى ممثل مؤسسة "فريديريتش ايبرت " في لبنان السيد اكيم فوغت كلمة شدد فيها على اهمية هذه الجائزة، واثنى على جميع من شارك فيها "لانهم تعلموا واطلعوا على الدور التاريخي واهمية الحياة السياسية للرئيس بشارة الخوري"، شاكرا وزارة الثقافة والتعليم العالي، واللجنة المسؤولة عن الجائزة على المجهود الذي بذلته، وبالاخص الشيخ مالك الخوري.
ولفت الى "اوجه الشبه بين فريدريش ايبرت وبشارة الخوري لجهة اضطلاعهما بدور مساهم في ارساء اسس الدولة في المانيا ولبنان". واشار الى "الدور الذي تقوم به المؤسسة من اجل تشجيع الثقافة والعلم في مختلف دول العالم ومنها لبنان"، مشددا على "اهمية ان يشمل التعليم معرفة اهمية المواطنية وقيم الديمقراطية، لتكون مكملة لمواد اخرى مثل الرياضيات والعلوم والادب".
واعرب عن اقتناعه بأن "العقد الوطني الذي وضعه الرئيس بشارة الخوري كان عنصرا مهما في نشوء لبنان المعاصر"، داعيا الى "ضرورة ابقاء شعلة الديمقراطية مضاءة من خلال كفاح يومي للسياسيين والمواطنين على حد سواء. لذلك، يجب على المواطنين ان يبدأوا بتجرع الثقافة الديمقراطية باكرا من اجل ان يتعلموها ويفهموها فيحللوا ويتعملون على اتخاذ قرارهم المستقل".
واعلن "تخصيص مؤسسة "فريدريش ايبرت" دورة دراسية في المانيا، للفائزين الخمسة بالجائزة لهذا العام حيث سيزورون برلين في شهر حزيران المقبل ويختبرون الديمقراطية بشكل عملي من خلال زيارة البرلمان الالماني، وعقد لقاءات مع شبان ناشطين في مجتمعاتهم". ولفت الى انها "المرة الاولى التي تقوم بها المؤسسة بمثل هذه الخطوة".
وكانت الكلمة الاخيرة لبو صعب الذي نقل الى الحاضرين "اهتمام الرئيسين نبيه بري وتمام سلام وتقديرهما لهذا الموضوع التربوي والميثاقي"، وقال: "إنها محطة أردتموها سنوية لكي نسلط الضوء على حقبة عزيزة من تاريخنا، ونبرز من خلال أبحاث التلامذة دور شخصية وطنية استقلالية، نستلهم من سيرتها العبر ومن توجهاتها قدوة للحفاظ على أسس الاستقلال، فنسعى باستمرار إلى صونه وإلى تعزيز مناعته ضد التدخلات الخارجية، وفي مواجهة المصالح الإقليمية والدولية".
أضاف: "إن هذه التجربة المتميزة بعنوانها ومضمونها وأهدافها تستحق أن تتحول إلى مناسبة سنوية، تتناول شخصيات لها أثرها السياسي والاجتماعي والاقتصادي على الصعيد الوطني العام. وقد أضافت المقابلة الشخصية التي أجرتها اللجنة مع المرشحين عنصرا جديدا للمرشح، يتمكن من خلاله من إبراز قدراته والتعبير عن ثقافته بكل شفافية وموضوعية. لقد أدرك الرئيس بشارة الخوري حجم التدخلات الإقليمية والدولية في السياسة الوطنية، فرأى ضرورة حياد لبنان وتحييده. ونحن اليوم نشهد صراعا يحيط بنا من كل جانب وتطاولنا شظاياه، وتؤثر سلبا على إرادتنا في انتخاب رئيس للجمهورية، وإجراء انتخابات برلمانية نتمكن بعدها من إعادة تكوين السلطة في شكل ديموقراطي سليم. كما نشهد أفكارا ظلامية تهدر الدماء وتغير حدود الدول لكي تنشىء لنفسها كيانات جديدة تحت مسميات جديدة، قائمة على سياسة الإلغاء والترهيب".
وتابع: "ان هذه الموجات من التعصب المذهبي في سبيل الأطماع الشخصية، هي موجات مرفوضة ومستنكرة، ونحن دعاة الاعتدال والحياة الوطنية الواحدة، نشدد على التنوع ضمن الوحدة، وعلى تعدد الثقافات تحت مظلة الدولة الراعية، ونؤكد المواعيد الدستورية مهما بلغت الصعاب والمخاطر. كما نتطلع إلى دور متعاظم لجيشنا الوطني وقوانا الأمنية والعسكرية لحماية الكيان من الموجات التي تسير عكس سير الحضارة".
وختم: "أتمنى عندما نطرح منهج التاريخ أمام مجلس الوزراء أن نقف مع الزملاء الوزراء صفا واحدا لإقرار المنهج وهو أصول تأليف الكتاب ، سيما وأن المنهج الأخير يغطي حتى العام 1943، ويجب أن نبدأ بتأليف الكتاب الموحد، وليكن لنا الأمل بوضع كتاب تاريخ موحد ينصف من قدم للوطن التضحيات ومن استشهد من أجله".
وبعد قصيدة "المحبة " لجبران خليل جبران، تلا شلالا باسم اللجنة المنظمة أسماء الفائزين الذين نال كل منهم رحلة الى المانيا ذهابا وايابا مع اقامة لمدة اسبوع يتعرفون خلالها على احد اعرق الدول الديموقراطية من خلال لقاءات مع المؤسسات الديموقراطية فيها".
والفائزون هم: هادي علي مطر من ثانوية الانجيلية الوطنية في كفرشيما، رالف ناجي ضاهر من مدرسة مار يوحنا العقيبة، سمر رفيق الناشف من ثانوية مزرعة يشوع الرسمية، ديالا عبود غطاس من ثانوية مزرعة يشوع الرسمية، دانا ابرهيم صليبا من ثانوية بكفيا الرسمية. وتسلم التلامذة الجوائز من الوزير بو صعب ووزير الثقافة روني عريجي والمدير العام فادي يرق وفوغت، ثم التقطت الصورة التذكارية.
واختارت المدارس الرسمية والخاصة مرشحين اثنين من كل مدرسة من تلامذة الصفوف الثانوية النهائية. وبعد الاختيار فاز 69 تلميذا في الامتحان الخطي نالوا جميعا شهادة تقديرية، وانتقل 17 منهم الى الامتحان الشفوي. وتركزت الاسئلة على تاريخ لبنان الحديث من قيام دولة لبنان الكبير في الاول من ايلول 1920 الى الجلاء في 31 كانون الاول 1946، ودور الرئيس بشارة الخوري في تحقيق الوحدة الوطنية وأهمية التزام الميثاق الوطني للمحافظة على الاستقلال.