hit counter script

مقالات مختارة - دافيد عيسى

الواقع اللبناني... بين الايجابيات والسلبيات

الإثنين ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 08:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مما لا شك فيه ان الوضع الذي نعيشه هو وضع غير طبيعي وغير مقبول. فالدولة من دون رأس، والحكومة تكاد ان تكون حكومة تصريف اعمال. والإدارات في أدنى طاقتها الانتاجية والفساد مرض متفشي في الجسم اللبناني واغلبية مؤسساته ينهشها وينهكها هذا المرض الفتاك. واللبنانيون عالقون بين سندان الضغوط الاقتصادية والاجتماعية ومطرقة الأزمات الاقليمية والصراعات المذهبية... ومن الطبيعي ان تكون هناك شكوى عارمة من هذا الوضع وحالة تأفف وتذمّر من الطبقة السياسية وان يجري تحميلها مسؤولية التدهور والتراجع في كل المجالات وعلى كل المستويات.
ولكن اذا اردنا ان نكون موضوعيين نقول انه ليس السياسيون وحدهم من يجب تحميلهم المسؤولية والقاء كل تبعات الواقع عليهم. فاللبنانيون يتحمّلون قسطاً من المسؤولية ايضآ ولا يمكن اعفاؤهم ولا تبرير سلوكهم الذي يغلب عليه في احيان كثيرة الاستسلام والاهمال والتقصير والسلبية والاستقالة من الدور... ولنا في هذا المجال ملاحظتان:
- الأولى تتعلق بالشعب الذي لا يحاسب أي مسؤول يخطىء أو يسيء الأمانة واستعمال السلطة في صناديق الاقتراع . في نظام ديمقراطي برلماني الشعب فيه هو مصدر كل السلطات، لا تستقيم الأمور ولا تنتظم الدولة إذا انتفت المحاسبة وإذا أحجم الشعب عن تدفيع الوزراء والنواب والطبقة الحاكمة ثمن اخطائهم وممارساتهم. فعندما يهمل الشعب واجباته من الطبيعي ان يهمل المسؤولون واجباتهم وان يشجعهم هذا التغاضي على الاستمرار في انحرافهم وفسادهم واهمالهم لدورهم وارتهانهم للخارج من دون حسيب ولا رقيب.
فيا ايها اللبنانيون كفوا عن التذمر و"النق" طالما انكم تغضون الطرف وتجددون للطبقة السياسية ذاتها وتعيدون انتاجها في كل انتخابات، وطالما انكم لا تحاسبون ولا تحددون المسؤوليات ثواباً وعقاباً. فإذا ما احسن مسؤول التصرف يجب ان يقابل بالتهنئة وان نصفق له ونجدد له الثقة كل اربع سنوات, وإذا ما أخطأ وأساء التصرف يجب ان يدفع ثمن خطأه ونحجب عنه الثقة في اقلام الاقتراع.
- الثانية تتعلق ببعض الاعلام والبرامج التي تنحو في اكثر الاحيان إلى السلبية في التعاطي مع الاحداث والتطورات. فيسلط الضوء على الجانب السيء والبشع من الصورة ويضخم السلبيات، ويهمل الايجابيات مهما كانت بيّنة وجليّة ولا يرى إلا النصف الفارغ من الكوب...
لا يجوز ان تبقى بعض البرامج التلفزيونية غارقة فقط في البحث عن الفضائح والتشهير والاثارة وما تعتبره " سبقاً صحفياً واعلامياً"، بل يجب ايضاً الاضاءة على النواحي الايجابية وتشجيع كل المحاولات والجهود التي يبذلها بعض المسؤولين والوزراء على طريق الاصلاح ومكافحة الفساد الاداري والغذائي بكل اشكاله وذلك لعدم تيئيس الناس واستسلامهم لهذا الواقع .
من هنا فانه ورغم الشكوى العارمة من الطبقة السياسية، يُسجّل لعدد من وزراء هذه الحكومة انهم نجحوا حضوراً وأداءً وانتاجية ومن المهم الاقرار بهذه النجاحات وتظهيرها وتعدادها بدل الاكتفاء بابراز السلبيات ونواحي الفشل والسوء والتركيز عليها لحث الوزراء الآخرين على الاقتداء بهؤلاء خدمة للناس في هذه الظروف الصعبة.
لقد سمعنا الكثير من الانتقادات بحق الحكومة وهذا مطلوب من اجل تصحيح الانحراف والاعوجاج وحث الدولة على التفرغ الى حاجات الناس الحياتية والاجتماعية والاقتصادية خصوصاً انها مكبلة وعاجزة سياسياً بسبب ارتباط بعض اطرافها الاساسيين بدول اقليمية وبسبب الانقسام الطائفي والمذهبي الخطر الذي تعيشه البلاد، لكننا لم نسمع في المقابل في هذه البرامج من يُثني ويقدّر عمل بعض وزراءها المتميزين .
الاعلاميين يطالون بانتقاداتهم بين الحين والآخر ايضاً مؤسسات وشركات وطنية ناجحة ومتميزة ودون وجه حق، وهذا ما حصل مؤخرآ مع شركة طيران الشرق الاوسط ( MEA) والتي طالتها سهام الانتقادات بسبب احتفالها بعيدها الـ 70 الذي ارادته احتفالاً مميزاً في شرم الشيخ ودعت إليه كوكبة من رجال الاعلام والقانون والاعمال انتقلوا إلى المنتجع المصري بطائرة الميدل إيست في عيدها الـ 70 وهذا يدخل في استراتيجة هذه الشركة التسويقية.
نحن نعجب كيف ان البعض ساءه ان تحتفل الميدل إيست على طريقتها ووفق ما تراه مناسباً وكيف ان هذا البعض لا يرى من كل افعال هذه الشركة الوطنية إلا هذا الفعل الاحتفالي الذي يصب في مصلحة الشركة على الصعيد التسويقي والاعلامي، متناسياً ومتجاهلاً كل الانجازات والنجاحات التي تحققت على يد رئيس مجلس ادارتها مديرها العام محمد الحوت وفي عهده.
شركة طيران الشرق الأوسط (MEA ) هي واحدة من المؤسسات التي تشكل علامة فارقة وطنياً واقتصادياً ورمزاً من رموز التحدّي والنجاح اللبناني بعدما نجحت في الصعود من القعر والتعثر وخطر الافلاس لتسلك طريق النجاح والربحية وتحقق قفزة نوعية عبر سلسلة خطوات وقرارات شجاعة ومدروسة اتخذها رئيس واعضاء مجلس إدارة الشركة .
اني اقول وبكل صراحة انه من الممكن ان نجد من لا يعجبه شكل محمد الحوت او شخصيته ولكن من الصعب ان نجد من لا يعترف بنجاحه وبالنتيجة التي احرزها على مستوى هذه الشركة الوطنية، ومن الظلم والافتراء ان لا نعترف بان الحوت كان الرجل المناسب في المكان المناسب وانه صاحب كفاءة مهنية عالية، وانه متميزاً بالاقدام والشفافية وامتلاك روح المسؤولية والمبادرة مستنداً إلى دعم وثقة حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة هذا الرجل الذي ما اشرف على مؤسسة الا ووضعها في طليعة المؤسسات.
فلماذا التوقف عند شكليات، والتعمية على خطوات رفعت مستوى الخدمات في الميدل إيست وانتاجيتها وأرباحها. ولماذا الامعان في التشويش على مؤسسات ناجحة والإساءة إليها؟
الانتقاد البناء مسموح ومطلوب، والتحامل والظلم مرفوضان، "فالشمس شارقة والناس قاشعة"، والناس ترى وتعرف وتسمع وتميز بين الحق والباطل، بين المؤسسة الفاسدة والمؤسسة الناجحة، من هنا فاني اقول لهؤلاء ان الابتزاز والافتراء والتحامل والظلم لن ينالوا من رصيد وصورة وصدقية اية مؤسسة وطنية ناجحة.
من قال ان الادارات والمؤسسات اللبنانية ليس فيها إلا الفساد والفضائح ؟ ولماذا لا نرى إلا الجانب السيء من الصورة ؟ ولماذا لا نتحدث إلا عن السيئات والسلبيات؟ ولماذا نشكو دائماً من الفساد ولا نتكلم مرة عن النجاح ونبرزه ؟
هناك مؤسسات وطنية اكتسبت ثقة اللبنانيين ومحبتهم وتقديرهم وتقدير العالم وفي مقدمة هذه المؤسسات المؤسسة العسكرية التي حفظت أمن لبنان واستقراره ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي وقدمت الوف الشهداء على مذبح الوطن، ومصرف لبنان الذي حفظ الاستقرار النقدي والمالي ومناعة القطاع المصرفي وسلامته كما حافظت على مدخرات اللبنانيين واموالهم، وهذه المؤسسات يجب دعمها وتشجيعها وحمايتها برموش العيون .
فالى اصحاب المؤسسات الاعلامية اقول مسؤوليتكم كبيرة تجاه وطنكم وشعبكم , من هنا اتوجه اليكم متمنياً عليكم تشجيع الناجحين و"الأوادم" في الوزرات والمؤسسات وتسليط الضوء على جوانب مشرقة ونجاحات لبنانية تبعث على الارتياح والامل بمستقبل افضل وابراز النواحي الايجابية حفاظاً على صورة لبنان في الخارج وخدمة لبلدكم وشعبكم واقتصاده وسياحته.
في الختام اقول الى اللبنانيين بكل راحة ضمير... لدينا الكثير من الوزراء والمديرين العامين في الدولة وكذلك من بين رؤساء مجالس ادارات المؤسسات العامة "اوادم" واصحاب ضمير وكفاءة ونظافة كف ناجحون ونفتخر بهم، وان الكثير من مؤسساتنا ناجحة ولامعة، وان هذا البلد الصغير بحجمه سيظل كبيراً بتاريخه وحضارته وانسانه المتميز في طموحه وابداعه ومبادرته وافكاره.

  • شارك الخبر