hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

لبنان أمام مشكلة تعطيل التشريع ونأي الحكومة بنفسها عن السياسة

الإثنين ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

خطا رئيس مجلس النواب نبيه بري بتوزيعه جدول أعمال جلسة “تشريع الضرورة” على النواب، نصف خطوة في اتجاه دعوة الهيئة العامة الى الانعقاد في جلسة تشريعية، لكنه يتريث في تحديد موعدها ريثما تنجح المشاورات في إقناع الكتل النيابية المسيحية بعدم مقاطعتها، أو بعضها على الأقل، بغية تأمين النصاب فلا يقتصر الحضور على الكتل ذات الغالبية الإسلامية.

وقالت مصادر نيابية لصحيفة “الحياة”، ان بري بتوزيعه جدول الأعمال يستطيع دعوة الهيئة العامة في أي وقت، مع انه يحرص على ان تكون الجلسة ميثاقية تشارك فيها بعض الكتل المسيحية، وإلا سيضطر الى تأجيلها في حال وجه الدعوة بذريعة افتقادها الى الميثاقية.

ولفتت الى ان الجهود ما زالت قائمة لإقناع الكتل المسيحية، أو بعضها، بعدم مقاطعتها لأن هناك ضرورة لتوفير النصاب الميثاقي لانعقادها، وهذا يتطلب منها ان تعيد النظر في موقفها لأن لا مصلحة في تعطيل التشريع في ظل وجود حكومة تنأى بنفسها عن مقاربة الملفات السياسية العالقة لتتفادى الوقوع في محظور الانقسام.

وأكدت المصادر نفسها ان الحكومة ترمي بالمشكلة المترتبة على التمديد للقيادات العسكرية والأمنية في ظل انعدام التوافق على تعيين من سيخلفهم في مناصبهم على البرلمان، لعله يتمكن من ابتداع المخارج لأن من غير الجائز تعيين قائد جديد للجيش خلفاً للحالي العماد جان قهوجي طالما ان الشغور في سدة الرئاسة الأولى لا يزال قائماً من دون أن تلوح في المدى المنظور إمكانية انتخاب رئيس جمهورية جديد.

وعزت السبب الى أن الأولوية يجب أن تعطى لانتخاب رئيس جديد ليكون له رأي في تعيين قائد الجيش، وقالت ان الأمر نفسه ينسحب على قانون الانتخاب الجديد نظراً الى استحالة إقراره في غياب الرئيس الذي يجب أن يكون له رأيه فيه، خصوصاً ان الدستور اللبناني يعطيه الحق في عدم التوقيع عليه وإعادته الى البرلمان للنظر في الملاحظات التي يبديها عليه.

ورأت المصادر النيابية ان هناك امكاناً للهروب الى الأمام بتعطيل التشريع في البرلمان بذريعة ان المجلس النيابي، كما نص عليه الدستور، يبقى في حال انعقاد دائم إلى حين انتخاب الرئيس، لكنها سألت عن الجدوى من انتقال عدوى التعطيل من رئاسة الجمهورية الى البرلمان في ظل وجود حكومة تبين ان الهم الأساسي لديها توفير الحماية لنفسها من الداخل وهذا ما يبرر غياب السياسة عن جلسات مجلس الوزراء.

واعتبرت ان المسؤولية لا تقع على عاتق رئيس الحكومة تمام سلام بمقدار ما ان معظم القوى المشاركة في الحكومة ارتأت لنفسها الدخول في “ربط نزاع” يمنعها من مقاربة القضايا الخلافية او التداول في الشأن السياسي أسوة بالحوار الدائر بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” برعاية الرئيس بري ممثلاً بوزير المال علي حسن خليل.

وأكدت أن ما لا يفعله رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” في الحكومة ميشال عون يصر على عكسه في البرلمان، وبدلاً من أن يلجأ الى طرح معارضته التمديد للقيادات العسكرية الأمنية في مجلس الوزراء يحاول أن ينقل معارضته الى البرلمان اعتقاداً منه ان معظم الكتل النيابية لا تؤيده في موقفه وترى ان التمديد في حال تعذر تعيين قادة جدد يبقى أفضل من الفراغ.

وكشفت المصادر ان الكتل النيابية ستجد نفسها محرجة حيال ما أخذ يتردد من حين إلى آخر عن ان صعوبة تأمين دفع الرواتب للموظفين العاملين في القطاع العام إذا لم يصر الى توفير تغطية نيابية لفتح اعتمادات مالية، بسبب تعذر إقرار الموازنة، تتيح لوزارة المال صرف هذه الرواتب، مع ان هناك من يعتقد أن الرواتب ستبقى مؤمنة كما في السابق وأن التلويح بعدم صرفها ما هو إلا محاولة لاستحضار ضغط من الشارع في اتجاه اضطرار الكتل النيابية الى عودتها عن مقاطعة الجلسات.

وقالت هذه المصادر، ان هناك إمكاناً لإقناع كتل نيابية مسيحية وأولها كتلة حزب “القوات اللبنانية” بأن تعيد النظر في موقفها في مقاطعة الجلسات في حال تقرر إدراج مشروع الموازنة على جدول أعمال جلسة “تشريع الضرورة” على رغم ان القرار بيد الحكومة التي ما زالت تغرق في دراسة مشروع قانون الموازنة للعام الحالي.

وتابعت ان إدراج الموازنة يمكن ان يشكل مخرجاً لـ”القوات” لحضور الجلسة شرط أن يتضمن إقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام التي ما زالت عالقة أمام تحقيق التوازن بين نفقاتها وتأمين الموارد المالية لتغطيتها، إضافة الى حسم الموقف من سلسلة الرتب الخاصة بالعسكريين.

وأضافت ان إقرار الموازنة يجنب الحكومة والبرلمان في آن معاً طلب وزير المال فتح اعتمادات مالية لتغطية النفقات بما فيها صرف الرواتب لأن فتحها يستدعي تشريع قطع الحساب للحكومات السابقة لأن ليس من الجائز التشريع في مكان من دون الآخر مع انهما يواجهان المشكلة نفسها.

ورأت ان إقرار الموازنة يبقى المعبر الوحيد لإقناع “القوات” بعدم مقاطعة التشريع نظراً الى استحالة إدراج قانون الانتخاب على جدول أعمال “تشريع الضرورة” وذلك لسببين: الأول يكمن في استمرار الاختلاف حول القانون وهذا ما دفع بلجنة الانتخاب الفرعي التي كان شكلها البرلمان الى تمضية “إجازة” قسرية لا زالت مفتوحة. أما السبب الثاني- كما تقول المصادر عينها- فيتعلق في أن البرلمان كان أوصى سابقاً بتأجيل إقرار قانون الانتخاب الى ما بعد انتخاب الرئيس بغية عدم إشعار الرأي العام، ومن خلاله المجتمع الدولي، بأن الأمور “ماشية” في ظل استمرار الشغور في الرئاسة الأولى.

لذلك، فإن المزايدات الشعبوية التي تتزعمها بعض الكتل المسيحية تلعب دوراً في عدم توفير النصاب الميثاقي لانعقاد الجلسة، إضافة الى ان “تكتل التغيير”، ومن زاوية تباينه مع بري بذريعة ان الأخير يتزعم الدعوة للتمديد للقادة العسكريين، يحاول أن يرد له “الكيل كيلين” من خلال اشتراطه جدول أعمال آخر يتضمن استعادة الجنسية للمسيحيين ورفع سن التقاعد للعسكريين.

وفي هذا السياق، لاحظت المصادر وجود “توتر” خفي في علاقة عون ببري بدأ يظهر تدريجياً الى العلن ويفترض أن يتصاعد مع عودة الحديث عن التمديد لثلاثة من كبار الضباط هم العماد قهوجي ورئيس الأركان العامة في الجيش اللواء وليد سلمان والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص.

وعلمت “الحياة” من مصادر نيابية ووزارية أن التمديد لهم سيكون لمدة ستة أشهر لإشعار اللبنانيين بأن ليس هناك من مفر أمام الإسراع بانتخاب رئيس جديد، وأن تقصير المدة ينم عن وجود رغبة قاطعة لمن يهمهم الأمر بأن لبنان لا يستطيع أن يتعايش الى ما لا نهاية مع الشغور في الرئاسة الذي يمنع إعادة انتظام العمل في شكل طبيعي في داخل المؤسسات الدستورية وأولها رئاسة الجمهورية.

كما علمت من هذه المصادر أن عون، وفق ما أخذ يردده عدد من وزراء ونواب “تكتل التغيير”، يرفض الصيغة التي طرحت سابقاً وتقضي بالتمديد لعشرة من كبار الضباط من بينهم العميد شامل روكز بذريعة انه مبدئي في رفضه، وبالتالي لا يضغط لإبرام صفقة يمكن ان يستفيد منها روكز.

وأشيع في هذا الخصوص أن العودة الى تسويق الصيغة الرامية الى التمديد لعشرة من كبار الضباط ستدفع عون الى الطلب من روكز الاستقالة، لا سيما انه يحال الى التقاعد لبلوغه السن القانونية في تشرين الأول المقبل.

وعليه، كيف سيتعامل عون مع التمديد لقهوجي وسلمان وبصبوص وهل يختار البرلمان لتمرير رسالة اعتراضية مفادها بأنه على موقفه بمقاطعة جلسات التشريع أم يطلب من وزرائه الانسحاب من الحكومة على رغم ان بعض حلفائه لا يشاركونه في موقفه هذا؟ ثم ان تغطية فتح الاعتمادات تستدعي تشريع ما أنفقته الحكومات السابقة في ظل غياب الموازنات لأن من غير الجائز ان يكون هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد بإجازة التشريع لحالة من دون الأخرى، مع ان كل الحالات متشابهة اقتضتها الضرورة التي أملت على هذه الحكومات الإنفاق ريثما يتم تشريعه.

  • شارك الخبر