hit counter script

مقالات مختارة - حسين عاصي

رسالة السنيورة الى عون وصلت.. و"الوطني الحر" لا يعلق ! "شهر العسل" بين "الأزرق" و"البرتقالي" مهدد في الصميم

الأحد ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 07:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

(الديار)

«عون ما بيمشي كرئيس ولا يوجد بني آدم ممكن أن يمشّيه»، قال رئيس «كتلة المستقبل» النائب فؤاد السنيورة، في ما اعتُبر «رسالة مباشرة» أراد إيصالها إلى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، «الجنرال» الثمانيني «الطموح»، الذي لا يزال مؤمنا بأنّ فرصته الحالية بالوصول إلى كرسي الرئاسة كبيرة، وهي لن تتكرّر.
حسم السنيورة الأمر إذاً، نافضًا يده من كلّ الوعود والتسريبات والتكهّنات والتحليلات. ليس لعون نصيب على الإطلاق في الوصول الى رئاسة الجمهورية، كاشفاً أنّ هذا الكلام قد نُقِل إلى «الجنرال» بصراحة، «أما إذا كان يتأمّل، فالمشكلة عنده».
قد يكون كلام السنيورة «الفجّ» إزاء عون غير مفاجئ للكثير من المراقبين، الذين لم يصدّقوا يومًا إمكانية سير «تيار المستقبل» بترشيح الرجل الذي لطالما كان في «الاتجاه المعاكس» تمامًا، وهو الذي لا يمكنه أن يسكت عن «التجاوزات الكثيرة» التي قام بها السنيورة وفريقه السياسي طوال عقودٍ، خصوصًا في ما يتعلق بـ «الفضائح المالية»، من دون أن ننسى «الفيتو السعودي» المفروض على اسم عون، والذي لم يعد خافيًا على أحد، لا في الداخل ولا في الخارج. إلا أنّ المفارقة، في رأي مصادر سياسية مطلعة، تكمن في أنّ كلام السنيورة القاسي أتى بعد أقلّ من أربع وعشرين ساعة على كلام لرئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري يقول فيه انّ لا مشكلة مع «التيار الوطني الحر»، مستشهدا بـ «الحوار» معه الذي استطاع تحقيق الكثير من الأمور الهامة والتي يمكن البناء عليها.
ولعلّ هذا «التناقض» بين حديثي الحريري والسنيورة هو الذي دفع مصادر «التيار الوطني الحر» إلى التزام «الصمت الحَذِر»، مفضّلة عدم التعليق في الوقت الحاضر بانتظار «نضوج» الموقف «المستقبلي»، أو أقلّه أخذه صفة رسمية، لا يمكن لأحد باستثناء الحريري أن يضفيها عليه، خصوصًا أنّ الحوار بين الجانبين كان دائمًا شخصيًا ومباشرًا بين عون والحريري، وبالتالي فلا لزوم اليوم لأيّ رسالة تأتي بـ«الواسطة» من خلال السنيورة أو غيره، علمًا أنّ المصادر لا تخفي سرا أنّ السنيورة لم يكن يومًا من المرحّبين بهذا الحوار، بدليل أنه لم ينخرط فيه لا من قريب ولا من بعيد، بل كان يضع العصيّ في دواليبه من خلال «وكلائه» الذين لم يوقِف الحوار «حماستهم» الدائمة للتصويب نحو «التيار» و«الجنرال».
عمومًا، ترى المصادر المطّلعة أنّ «شهر العسل» بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» مهدَّدٌ في الصميم. في الواقع، هي تعتبر أنّ ما يفرّق الجانبَين أكثر بكثير ممّا يجمعهما، بدليل أنّ التقارب الذي شهداه في الآونة الأخيرة نابعٌ من «المصلحة» بالدرجة الأولى، فـ «الجنرال» قرّر «الانفتاح» على كلّ الأفرقاء من دون استثناء، الخصوم منهم قبل الحلفاء، لعلّه «يضمن» بذلك الوصول إلى سدّة الرئاسة، وما حواره مع خصمه التقليدي المتمثل بـ«القوات اللبنانية» سوى خير دليل على ذلك، في حين أنّ «تيار المستقبل» استغلّ الفرصة لضرب أكثر من عصفور بحجرٍ واحدٍ، حيث أثبت انفتاحه على حزبٍ لا يمكن لأحد التشكيك في حجمه التمثيلي خصوصًا على الساحة المسيحية، وحاول ضرب «حزب الله» عبر وتره الحسّاس، من خلال الإيحاء له بأنّ وصول «حليفه» إلى الرئاسة منوطٌ به بشكلٍ أساسي، وربما بشروطه أيضًا.
وفي سياق الضرب على وتر الحزب، تضع المصادر تصريح السنيورة أيضا، اذ أنه حرص على «تضمين» رسالته ما مفاده أنّ «حزب الله» نفسه لن يقبل عندما تدنو «ساعة الحقيقة» العماد عون، وأنّ كلّ ما يردّده في هذه الفترة لا يعدو كونه مجرّد «دعمٍ معنوي» لحليفه لإيمانه بأنه لن يقدّم ولن يؤخّر، وكأنّ السنيورة يقول انّ لدى الحزب هواجس من «انقلابٍ عوني» يمكن أن يحصل بعد أن يحقق مبتغاه، فيكون الحزب وغيره مجرّد «وسيلة» استخدمها للوصول، وتنتفي الحاجة إليه متى تحققت الغاية.
لكنّ المصادر تعرب عن اعتقادها بأنّ تصريح السنيورة يطرح الكثير من علامات الاستفهام، إذ كيف يمكن له أن يحسم أنّ لا نصيب بالمطلق للرجل في الوصول، في حين أنّ تياره ينادي منذ فترة بـ «لبننة» الاستحقاق، وينفي ما يُحكى عن «فيتو» خارجي من هنا وهناك على أسماء بذاتها، ثمّ كيف يمكن له أن يُعدِم فرص عون أو غيره من المرشحين وهو يدعو ليل نهار المسيحيين لـ «التوافق» فيما بينهم على المرشح المناسب، لينتخبه الآخرون دون تردّد، وهو يستبق مثل هذا الاتفاق بالقول انّ هذا المرشح مرفوضٌ بالمُطلَق.
مع ذلك، فإنّ المصادر لا تتوقع «تداعياتٍ كبيرة» لتصريح السنيورة في الوقت الحاضر، فهو لا يعدو كونه «رسالة» لن تؤثر بشيء في مجرى الأمور، فـ «الجنرال» لن يقفل الأبواب والخطوط في هذه المرحلة طالما أنّ هناك «نافذة أمل» لا تزال مفتوحة أمامه، وبالتالي فهو سيحافظ على «شعرة معاوية» ولن يلجأ إلى «التصعيد» الذي قد ينهي فرصه عمليًا أقلّه في المدى المنظور، كما أنّ «تيار المستقبل» لن يعمد الى انهاء الحوار مع «الجنرال»، لإدراكه أنه حوارٌ بنّاء وإيجابي ومثمِر، وهو أصلاً يرفض حصره بالملف الرئاسي ورغبة عون بالحصول على دعم التيار في هذا الاستحقاق.
«شهر العسل» بين «المستقبل» و«الوطني الحر» مهدَّدٌ في الصميم إذاً، تقول المصادر، ولكنّ هذا «التهديد» لن يصل في الوقت الحاضر إلى حدود «الطلاق»، لإدراك التيارين أنّ الأضرار الناجمة عن تباعدهما في هذه المرحلة من شأنها أن تنسف في طريقها كلّ «الإيجابيات» التي تحقّقت، والتي كان من شأنها أن تحقق «خرقاً ما»، خرق لا يزال واردًا رغم كلّ شيء. 

  • شارك الخبر