hit counter script

أخبار محليّة

بو جوده دشن كنيسة مار جرجس في راسمسقا: مدعوون لنكون شهودا للمسيح وشهداء لاجله

السبت ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 14:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

دشن راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، كنيسة مار جرجس في راسمسقا بعد اعادة ترميمها خلال قداس احتفالي عاونه النائب العام على الابرشية المونسنيور بطرس جبور، كاهن الرعية الخوري شربل كرم والآباء جوزف العنداري، راشد الشويري، شربل ايوب والاب نقولا داوود، في حضور رئيسي بلديتي راسمسقا جرجس خازن القاري وبرساآلان رزق ومختاري راسمسقا نزيه نخول وبرسا جاك ايوب وحشد من المؤمنين.

افتتح القداس الاحتفالي بتدشين الكنيسة ورشها بالماء المقدس وسط الصلوات والتراتيل، وبعد قراءة الانجيل المقدس القى بو جوده عظة قال فيها: "نجتمع وإياكم اليوم، في كنيسة القديس جرجس الشهيد، في مناسبة عيده. هذه الكنيسة التي أعيد تأهيلها من جديد لتصبح بهذه الحلة الجميلة والرائعة. ويأتي إحتفالنا هذا في ظروف شبيهة إل حد بعيد بتلك التي عاشها القديس جرجس والتي كان المسيحيون يعانون فيها أقصى ظروف الإضطهاد والملاحقة على أيدي الأباطرة الرومان، وقد قدم الكثيرون من أبناء الكنيسة حياتهم حبا بالمسيح، ولم يقبلوا بأي شكل من الأشكال الإستسلام للاغراءات وللتهديدات أن يتخلوا عن إيمانهم ولو سفكت دماؤهم وقطعت أوصالهم وتركوا فريسة للحيوانات".

واوضح ان "ما يحصل اليوم في منطقة الشرق الأوسط وفي العديد من البلدان الأخرى يذكرنا بأن إيماننا بالمسيح وحبنا له قد يؤدي بنا إلى الإستشهاد كما هو حاصل في العراق وسوريا والباكستان وليبيا حيث يستشهد الكثيرون إما حرقا وإما ذبحا على يد أشخاص يدعون الإيمان بالله والدفاع عنه وهم في الواقع أكبر أعداء لله وأبعد ما يمكن أن يكون أي إنسان مؤمنا بالله".

وتابع: "منذ عدة أشهر هجر السريان والأكراد من نينوى والموصل وقراقوش ودمرت كنائسهم ودنست مقدساتهم فإضطروا إلى ترك مناطقهم ليعيشوا في البراري والخيام. ومنذ أيام قطعت رؤوس بعض إخوتنا الأقباط والأثيوبيين في ليبيا ليس لشيء إلا لأنهم يؤمنون بالمسيح. إنهم في موقفهم هذا يؤكدون ما كتبه القديس بطرس في رسالته الأولى إلى المسيحيين والتي يقول لهم فيها: "قدسوا الرب في قلوبكم وكونوا على إستعداد دائم لتجيبوا على من يسألكم حجة عن الرجاء الذي فيكم، فإن تتألموا وأنتم فاعلو خير، إن كانت تلك مشيئة الله، خير من أن تتألموا وأنتم فاعلو شر"(1 بطرس3/15-27). ونحن اليوم نتذكر معا المجازر الأرمنية التي حصلت قبل مئة عام والتي عرفت أيضا بالمحرقة الأرمنية التي لا تزال إلى الآن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية التي حصلت في التاريخ الحديث، وقد إستخدم قداسة البابا فرنسيس في قداس إحتفالي الأحد الفائت في بازيليك القديس بطرس في روما كلمة "إبادة" لوصف تلك المجازر التي حصلت في ظل السلطنة العثمانية".

واردف: "عندما تكلم البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون، في بدء حبريته وفي إحدى المناسبات عن أسطورة القديس جرجس فهم الكثيرون هذا الكلام بصورة خاطئة واعتقدوا أن القديس جرجس أسطورة وأنه لم يوجد فعليا بينما الحقيقة كانت عكس ذلك تماما.
فقد أراد البابا أن يضع تكريم هذا القديس الشهيد في إطاره الصحيح، هو الذي عاش قبل إنتخابه حبرا أعظم في بلدان الشرق الأوسط حيث للقديس جرجس تكريم مميز فأراد قداسته أن يدعو المؤمنين إلى الإقتداء بفضائله وخاصة الشهادة للمسيح والتخلي عن كل أمجاد الدنيا، هو الضابط الكبير في الجيش الروماني وذلك من أجل الدفاع عن المسيحيين المعرضين للاضطهاد. كما أن قداسته أراد أن يوضح ما يروى عن قتل القديس جرجس للتنين الذي كان يتربص بإبنة الملك وهو على وشك إفتراسها".

وقال: "في الحقيقة إن قضية التنين وإبنة الملك التي نراها في كل صور القديس جرجس هي قصة رمزية وأمثولة، وهذا ما تعنيه كلمة أسطورة، وهي مستوحاة في الواقع من سفر رؤيا القديس يوحنا في الفصل الثاني عشر والذي يتكلم عن المرأة التي على وشك الولادة، والتنين ذي الرؤوس السبعة والقرون العشرة المتوجة والذي يجر بذنبه ثلث كواكب السماء، والذي يتربص بالمرأة لإفتراس وليدها حالما تضعه. فالتنين حيوان أسطوري لا وجود له واقعيا، وهو يرمز إلى قوة الشر التي تقف دائما في وجه قوة الخير وتعارضها وتحاربها. وهو يرمز في سفر الرؤيا إلى الإمبراطورية الرومانية التي كانت قد بدأت بمحاربة بنت الملك، الكنيسة الناشئة، وبدأت تحارب أبناءها وتعرضهم للاضطهاد والموت كي تفرض عليهم نكران دينهم والعودة إلى الممارسات الوثنية".

واشار الى ان "القديس جرجس، الذي كان ضابطا في الجيش الروماني، وآمن بالمسيح أعلن إيمانه على الملأ وصار يدافع عن هذا الإيمان وعن الذين إعتنقوه، ويدافع عن الكنيسة بنت الملك التي كانت الإمبراطورية الرومانية تحاول إقتلاعها وقتلها في المهد خلال الفترة من التاريخ الممتدة من عصر نيرون وحتى بداية القرن الرابع بعد أن آمن الإمبراطور قسطنطين بالمسيح وحرر الكنيسة من كل أنواع الإضطهاد وسمح للمسيحيين بممارسة إيمانهم بحرية وببناء الكنائس والأديرة. وقد لقب أحد المؤرخين الفرنسيين، دانيال روبس Daniel Rops هذه الفترة من التاريخ بأنها كانت عصر الرسل والشهداء.
أما لماذا استعمل كاتبو حياة القديس جرجس هذا الأسلوب الأدبي فلأنه أسلوب تعليمي يستعمل الرموز، أو الشيفرة، كما نقول اليوم، تحاشيا لإستعمال الأسلوب المباشر الذي قد يعرض الكاتب إلى الملاحقة والمضايقة والإضطهاد. وهكذا فبإمكاننا القول أن الأسطورة المتعلقة بالقديس جرجس وإستشهاده لا تضع وجوده موضع الشك، بل على العكس فإنها تؤكده وتؤكد أنه كان في الحقيقة من أول المدافعين عن الإيمان المسيحي في أيامه، ولذلك قدمه لنا الكاتب على أنه الفارس المغوار على فرسه الذي لم يقبل بأن تتعرض الكنيسة بنت الملك للاضطهاد، فدافع عنها ودفع حياته ثمنا لهذا الدفاع. وقد دفن القديس جرجس في مدينة اللد في فلسطين حيث شيدت فوق ضريحه كنيسة كبرى لا نزال نعيد ذكرى بنائها في الثالث من تشرين الثاني من كل سنة. وقد انتشر تكريم القديس جرجس في الشرق والغرب وإتخذته بلدان عديدة كبريطانيا العظمى شفيعا لها، كما إتخذ في الكثير من الأحيان في عدد آخر من البلدان شفيعا للشبيبة وللجيش وللحركات الكشفية".

وتابع: "يقول لنا المسيح في الإنجيل الذي سمعناه اليوم أننا كلنا أغصان في جذع واحد منه نتغذى وفيه نعطي الثمار. ويقول لنا في مكان آخر أننا مثل حبة الحنطة التي لا تعطي الثمار إلا إذا دفنت في الأرض وماتت. وهذا يصح فينا نحن المسيحيين لأننا لن نعطي الثمار الوافرة إلا إذا تنقينا وتطهرنا من أخطائنا ونواقصنا، وإذا قبلنا بأن نموت كي نعطي الحياة للآخرين.

واردف: "الواقع فإن إستشهاد القديس جرجس، كما إستشهاد الآلاف من المسيحيين في أيامه وإستشهاد الآلاف أيضا في أيامنا المعاصرة، وفي هذه الظروف بالذات لم يكن، ولا مرة، سببا لضعف الكنيسة وموتها، بل على العكس تماما، فإن دم الشهداء كان دائما زرعا لمسيحيين جدد على ما يقول ترتليانوس وهو معاصر لآباء الكنيسة.
فالشهداء كانوا دوما وبقوا ثابتين في إيمانهم، إلى درجة أصبحوا فيها أمثولة لغيرهم في القبول بالتضحية بالذات في سبيل المحافظة على الإيمان ونشره. وعندنا عبر التاريخ أمثلة كثيرة على ذلك. فإن الإضطهادات لاحقت المسيحيين بإستمرار وما زالت تلاحقهم حتى اليوم في مختلف بلدان العالم".

وتابع: "ونكتفي بالقول بأن القرن العشرين المنصرم كان من أكثر القرون التي إستشهد فيها المسيحيون، وليس فقط في البلدان غير المسيحية، بل أيضا وخاصة في البلدان ذات الحضارة المسيحية. ولنا على ذلك أمثلة لا تحصى عن الشهداء الذين سقطوا تحت الحكم النازي في ألمانيا والحكم الشيوعي في روسيا وأوروبا الشرقية والصين، وأثناء الحرب الداخلية في إسبانيا في ثلاثينات القرن العشرين، وفي المكسيك، وفي فرنسا على أثر الثورة الفرنسية الكبرى، أي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وما زالت الأخبار تصلنا كل يوم عن كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين يستشهدون في مختلف بلدان العالم اليوم. وإن ما يحصل في عدد من البلدان ذات الحضارة المسيحية في أوروبا مثلا، يدعو إلى الإستنكار لأن العلمانية المفرطة أوصلت هذه البلدان إلى نوع من وثنية شبيهة بتلك التي عاشها القديس جرجس وغيره من الشهداء".

وختم بو جوده: "كلنا مدعوون اليوم، أيها الإخوة والأخوات الأحباء، وبموجب معموديتنا وكوننا أغصان في الكرمة الواحدة، لأن نكون شهودا للمسيح، وإن إقتضى الأمر أن نكون لأجله شهداء، لأننا بهذه المعمودية قد شاركنا المسيح في كهنوته فأصبحنا له أنبياء، ومعه قادة ومدبرين، ومثله قديسين نستمد منه القداسة لنشرها بين إخوتنا جميع الناس. ولذا فقد اصبح لزاما علينا، كالقديس جرجس، أن ندافع عن الكنيسة ضد التنين المعاصر ذي الرؤوس السبعة والقرون العشرة المتمثل بالإلحاد والكفر بالمسيح والعلمانية المفرطة والمادية وغيرها من أشكال الإضطهاد المباشر وغير المباشر التي تجتاح عالمنا ومجتمعنا المعاصر. فليكن القديس جرجس مثالا لنا وقدوة حتى نستطيع متابعة رسالتنا في هذا الشرق فنحول مثله إلى شهود وشهداء إذا إقتضى الأمر".

وفي ختام القداس، القى كاهن الرعية الخوري كرم كلمة شكر فيها كل من ساهم وتعب ماديا ومعنويا في سبيل اتمام هذه الكنيسة، كما توجهت المحامية كمال نهرا بكلمة باسم الرعية الى من قدم يد العون بانجاح ترميم الكنيسة. ثم اقيم حفل كوكتيل في قاعة الكنيسة شارك فيها الحضور.
 

  • شارك الخبر