hit counter script

أخبار محليّة

مؤتمر "كلنا للعلم" واصل اعماله والكلمات طالبت بتقديم مساعدات اضافية

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 19:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إفتتح اليوم الثاني للمؤتمر التربوي الوطني المنعقد بعنوان "كلنا للعلم" في فندق "فينيسيا"، بكلمة لمدير الموارد البشرية والتسويق في شركة HYPCO أماني ماجد، تلتها جلسة بعنوان "التعليم في حالات الطوارئ، الإستجابة التربوية للأزمة السورية". 

وأدار الجلسة وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب، فافتتحها بالقول: "يعجز الإنسان عن الكلام ووصف معانات اللاجئين في ظل الظروف التي يعانوها. إنها مسؤولية علينا جميعا، لا يمكن الإختباء وراء أصبعنا، طالما هناك لاجئين في لبنان لا بد من تأمين مساعدات لهم ومن ضمنها التعليم".

أضاف بو صعب: "إننا نعاني من أزمة في لبنان نتيجة حالة النزوح وتتم مناقشتها في مجلس الوزراء، وهذه المسؤولية تحتم علينا أن نؤمن مكانا للأطفال النازحين في المدارس لكي لا يبقوا في الشوارع ويتوجهوا إلى العنف والتسول وغيرها من الأمور اللاأخلاقية. ونحن لا يمكننا أن نغض النظر لأن التحديات كبيرة وأكبر من قدرة وزارة التربية وحيدة".

وإذ ذكر بأن "المدارس تحتاج إلى تجهيز وترميم في معظم المناطق، ومن هنا كانت خطة تأمين التعليم لكل ولد"، قال: "أتتنا مساعدات من المجتمع الدولي لكي نتمكن من إستقبال أكبر عدد ممكن من الطلاب في المدارس".

وطالب بو صعب المجتمع الدولي "بتقديم مساعدات إضافية قبل أن ينهار إقتصاد البلد خصوصا أن لبنان يتحمل أكثر من أي بلد آخر".

وكان ضيف الجلسة، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي ألقى كلمة جاء فيها: "إن أول المسؤولين عن الأزمة التي يعاني منها الأطفال السوريون، هو المجتمع الدولي الذي تقاعس حتى الآن عن حل الأزمة في سوريا، والتعاطي معها على المستوى الجدي والمسؤول بحل أزمة التربية والتعليم لهؤلاء الأطفال. والمسؤول الثاني هو الدولة اللبنانية. واسمحوا لي أن نسترجع معا تاريخ هذه الأزمة ونحدد فيها المسؤوليات كي نستطيع تحديد طرق المعالجة. بدأت الأزمة في العام 2011 وكان وقعها وقع الصدمة في كل المجالات على لبنان. البعض تعاطى معها بإدراك وتدبير، في حين اعتبرها البعض الآخر مزحة عابرة وسمح الى مستوى التواطؤ والتغاضي، بترك هذه الازمة تتفاعل وتنفجر في لبنان الى أن وصلت الأعداد والانتفاخات الى ما وصلت اليه. واضطرت الحكومة اللبنانية في المرة الاولى في شهر حزيران 2014 ان تضع ورقة سياسة الحكومة اللبنانية للنزوح السوري بعد ان تهدد السلم والتماسك الوطني نتيجته، وأصبحنا أمام لا خيار سوى الحد من أزمته. فكان القرار أولا بوقف النزوح، واتخذت الإجراءات على الحدود اللبنانية-السورية أدت الى أنه كان لدينا فائض دخول كل شهر 30 الف مواطن سوري يلجأون الى لبنان، أي بمعدل الف شخص يوميا".

أضاف: "هذه الإجراءات سمحت بأن ينعكس هذا الرقم ويؤدي الى خروج ألف يوميا أي تناقص 30 الف بمعدل الخروج والدخول. وهذه كانت الخطوة الأولى لوقف عملية النزوح. أما الخطوة الثانية التي كان من المفترض أن تبدأ ولم تبدأ حتى الآن، بمسؤولية من الحكومة اللبنانية طبعا، هي الفصل بين لاجىء الحرب الحقيقي ويعتبر عن حق لاجئا حقيقيا، واللاجىء الاقتصادي الذي يساهم في ظلم هؤلاء الأطفال ولاجئ الحرب الحقيقي، اذ انه يأخذ من دربهم الرزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعونة الواجبة لهم. وكان من المفترض ان تبدأ الخطوة الثانية بحصول الحكومة اللبنانية على المعلومات من قبل المفوضية العليا للاجئين UNHCR، وهذا الأمر حتى اليوم معرقل ولم يتم بحسب الأصول. وهذه المسؤولية الأولى التي تقع على عاتق المجتمع الدولي متمثلا بهذه المنظمة، وبالحكومة اللبنانية التي على الرغم من قرارها الواضح بوقف النزوح، نشهد اليوم زيادة تسجيل لأعداد النازحين وذلك بعد ان كان الرقم قد انخفض الى مليون و140 الف نازح مسجل في لبنان، عاد وارتفع اليوم الى مليون و190 الفا".

وتابع باسيل: "إن عملية وضع المواصفات ونزع صفة النزوح عن من هو غير نازح فعلي لم تنطلق كما يجب، وأنها مناسبة اليوم لتذكير الجميع بمسؤولياتهم لأننا امام الإجماع والتوافق الداخلي الذي تم في حزيران 2014، اعتمدنا السكوت في هذا الموضوع إفساحا في المجال للإجراءات كي تأخذ مجراها، ونعود ونذكر بها لأننا ضنينون بهؤلاء الأطفال وأطفال لبنان، لأن الأزمة كما تسير لا أعتقد أنها تعالج موضوعهم وسأقول لكم كيف: نحن كنا بدأنا في لبنان بتدريس صفوف صباحية لـ 45 الف طالب سوري، ومن ثم بفضل المعونات والمساعدات الخارجية والبرامج التي وافقت عليها واعتمدتها وزراة التربية، أضفنا الصفوف المسائية لـ 65 الف، وبالتالي نحن أمام 110 آلاف طالب سوري يتلقون التعليم في لبنان بطريقة أو بأخرى. في الوقت الذي شاهدنا فيه ان رقم من هم بحاجة الى التعليم هو 400 الف، اي اننا ما زلنا بعجز 75% من تدريس هؤلاء الطلاب. ونحن طبعا بحاجة ان نعطيهم الرعاية والتعليم والعناية بالدرجة الاولى كي لا نخسرهم وندفعهم باتجاهات ثانية منها لا سمح الله، الاتجاهات العنيفة والتي سيصبحون فريستها وتحت ضغطها. وهذا المؤشر يكفي وحده من دون أن نقول أن هناك 73% من الأطفال المشردين في الشوارع اللبنانية هم سوريون، و45% منهم من دون تعليم".

وقال: "إنما هذا العجز وفي مكان مركز نحن متوافقون جميعا كلبنانيين وكمجتمع دولي ان الأولوية بالرعاية بموضوع النزوح هو للطلاب، هناك عجز بنسبة 75%".

وأكد أن "أهمية وضرورة القيام بالإجراء الحقيقي بتعريف النازحين بين المستحق الفعلي وغير المستحق، قبل الانتقال الى المرحلة الثالثة والاهم وهي مسؤولية المجتمع الدولي بإيجاد مناطق آمنة للسوريين داخل سوريا، لأن هؤلاء الأطفال يريدون العودة الى وطنهم، وليست بحلول ان نجد الاستدامة ببقائهم في لبنان".
وقال: "هنا المسؤولية الكبرى على المجتمع الدولي حيث يتنامى الحديث ويتصاعد، وكلنا يعرفه ولكن تنقصنا الجرأة لقول الحقيقة، ان هناك مشروع فعلي لإبقاء السوريين في لبنان ونحن نواجه دائما نصوصا مشبوهة في هذا الاتجاه ونحاول ان نقاومها. وكما في موضوع اللجوء الفلسطيني واجهنا ونواجه حاليا، مواجهة جديدة لتحضير مذكرات مشبوهة وملغومة لتوقيعها بين لبنان والسلطة الفلسطينية في هذا المجال ولن نقبل بها، لأنها تحول وتكون اجراءات تمهيدية لتحويل اللجوء الى نزوح فلسطيني، كذلك لن نقبل بأي نص او اجراء يسعى الى تحويل النزوح السوري الى لجوء سوري، لأننا بهذا نكون نمدد ازمة هؤلاء الأطفال وندفعهم دفعا نحو حالات البؤس التي يشكون منها".

وتابع: "نحن لا نتحدث عن المعالجة الاقتصادية لأنكم تشهدون جميعا حالة العجز والتي عبر عنها المجتمع الدولي بكل المؤتمرات التي عقدها في الكويت وكل مؤتمرات الدعم ومجموعة الدعم الدولي للبنان التي لم تؤمن مبلغ 100 مليون دولار له. هل حقيقة ان المجتمع الدول يريد مساعدتنا، ويريد ان يتحمل مسؤوليته تجاه أزمة لم يفتعلها لبنان إنما يدفع ثمن عطائه وكرمه وضيافته ومحبته لسوريا والسوريين ولكل لاجئ ومحتاج، والاهم يدفع ثمن تمسكه بحقوق الإنسان والحفاظ عليها والدفاع عنها؟ هل هكذا يكافأ لبنان؟ هناك سوابق كثيرة من شطب ديون، لماذا لا تشطب ديون لبنان الخارجية التي تفوق العشرين مليار دولار إذا كان المجتمع الدولي يريد فعلا أن يساعد لبنان؟".

ورأى أن "هناك إمكانية لتمويل الحرب في سوريا بمئات المليارات من الدولارات، وإمكانية لتعليم هؤلاء الأطفال كيفية حمل البنادق، ومعروف من يمول ويدرب ويسلح ويحرض ويذهن، إنما ليس هناك من إمكانية لمساعدة بلد صغير مثل لبنان ونعطيه أكثر من خمسين مليون دولار؟ لأنه يدفع شهريا 100 مليون دولار كلفة الكهرباء للنازحين السوريين. طوال اربع سنوات من الازمة في سوريا، المجتمع الدولي لم يؤمن أكثر من نصف شهر كلفة الكهرباء على لبنان للنازحين السوريين".

واردف: "نحن أمام هذه معضلة حقيقية تسمح لنا ان نسأل عما اذا كان هناك مؤامرة وتواطؤ دولي لإبقاء السوريين في لبنان، لأننا لا نستطيع التصديق اننا نعجز عن إيجاد المناطق الآمنة في الداخل السوري والتي بإمكان المساعدات اللازمة الوصول اليها. ونبقى في الموضوع الأهم ألا وهو الموضوع التربوي، وجميعنا يدرك كيف تتناقل الأزمات في العالم، من اللاتوازن الثقافي بين منطقة وأخرى في العالم مثل الشرق الأوسط وأوروبا، ومن قارة الى قارة او دولة الى دولة او من الدولة ذاتها. ان التفاوت الثقافي ينقل المشاكل من المناطق الأقل ثقافة الى الأكثر ثقافة. وبطبيعة الاوضاع بين سوريا ولبنان تنتقل المشاكل من سوريا الى لبنان على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية ونسبة الجريمة وقائع نراها في السجون ونسبة الإجحاف التربوي الذي يطال هؤلاء الطلاب".

أضاف: "معروف في هذا الإطار المساهمة الإيجابية لوزارة التربية في تقبل كل الأفكار والمساعدات التي تصلها من الخارج لتطوير البرامج التعليمية للطلاب السوريين، إنما مع كل هذا، لا يجب على المجتمع الدولي ان يتلطى وراء فكرة ان التعليم لهؤلاء الطلاب يحل المشكلة في سوريا وهو ما ينهيهم عن الارهاب. هذا الامر غير صحيح، والشواهد كثيرة. ان مشكلتنا في الارهاب ليست مشكلة ثقافة، جزء منها مهم ثقافي إنما لا تنحصر فيها، والبرهان حادثة كينيا الأخيرة التي نفذها طالب حقوق متفوق وعصري ومثقف عمره 24 سنة، إنما كل هذا لم يمنعه من جمع 148 طالبا مسيحيا وقتلهم. واللافت ما قامت به السلطات الكينية فورا، التي عمدت الى إقفال مخيم للاجئين يضم 350 الف صومالي في منطقة تبعد 100 كلم (عن مكان حصول الجريمة) وذلك خلال فترة ثلاثة اشهر. وكينيا بلد منضم الى معاهدة الامم المتحدة للاجئين سنة 1951 وصدقت عليها 1966، إنما لأن كينيا اعتبرت وبحادثة واحدة، بينما لبنان انتم ترون ما يشهد من حوادث من قبل إرهابيين ليسوا لبنانيين، ان مخيما يبعد 100 كلم عن غاريسا يشكل خطرا قوميا وقررت إقفاله وبناء حائط يمتد على 700 كلم مع الحدود مع الصومال، لحماية أراضيها من اي حادث إرهابي محتمل. وهذا الامر مسموح ومذكور في المادة 9 في اتفاقية الامم المتحدة بوضع اللاجئين في العام 1951".

وختم باسيل: "نحن في لبنان أخذنا اجراءات على الحدود فانتفض المجتمع الدولي. نحن لم نغلقها امام اي محتاج او حالة إنسانية سورية من الدخول الى لبنان، لذلك نحن نقول ان مسؤولية هؤلاء الأطفال هي بعهدة المجتمع الدولي اولا والدولة اللبنانية ثانية، لتؤمن لهم كل ظروف الحياة الكريمة وإعادتهم الى بلدهم الام سوريا حيث ستكون كرامتهم وعزتهم وإنسانيتهم محفوظة، وبهذا نقدم لهم أفضل ما لدينا".

وألقى وزير البيئة محمد المشنوق كلمة قال فيها: "عام 1947 كتب عبد الله المشنوق، وكان في حينه مدير كلية المقاصد - الحرش في بيروت، مقالا تحت عنوان "التربية باللعب لا اللعب بالتربية". وقد ضمن هذا المقال خلاصة تجربته في حقل التربية والتعليم على مدى عشرين عاما، وحاول أن يطلق ما يتعارف عليه خبراء التربية اليوم بتقنيات ووسائل التعلم التفاعلي في الصفوف.وفي عام 1961 كتب أحد تلامذته، وقد أصبح قاضيا، أن أفضل أيام حياته الدراسية كانت عند جلوسهم تحت شجرات الصنوبر يستمعون الى عبد الله المشنوق يخاطبهم بأسلوب محبب أشبه بالراوي،فلا يشعرون بمرور الوقت، ويتضايقون عندما يرن الجرس منهيا ساعة من التحليق معه في مجالات، هي مزيج من التعليم المباشر والاطلالة على الحياة ودور الطلبة فيها".

أضاف: "هذا الكلام يعود اليوم بنا نصف قرن الى الوراء، لكنه لا يزال ثابتا في جدواه، وقادرا مهما طالت الحداثة قطاع التعليم،أن يتجاوب مع الظروف والمتطلبات التربوية على إختلافها".

وسأل: "لماذا هذا الكلام ونحن نتحدث عن التربية في قطاع التعليم الخاص؟
ببساطة لأن التربية لا تتوقف في تطورها، ولأن التوجهات الاستراتيجية للتربية والتعليم في لبنان، ما زالت تحتفظ بالمقاربة الانسانية في توجيه التعلم نحو التنمية الشاملة لشخصية المتعلم وتعزيز إحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية وتنمية القدرة على المشاركة والشعور بالمسؤولية، بروح من التفاهم والسلم والتسامح والصداقة، وبالشراكة المجتمعية في بناء مجتمع المعرفة.
ولأن هذا الكلام ينطبق علينا في لبنان، كما ينطبق على أكثر من تسعين بالمئة من بلدان العالم، فإن المبادئ الأساسية التي تحكم قطاع التعليم الرسمي والخاص، لا تضيف على هذه التوجهات سوى ما يعزز الوحدة الوطنية وما يلبي حاجات العمل المستقبلي للطلاب".

وتابع: "أنا من القائلين إن التربية في لبنان لا تختلف بين القطاعين الرسمي والخاص، الا بمسائل محدودة يمكن أن ألخصها بمميزات الادارة المدرسية في قطاع التعليم الخاص، ومميزات التقويم التربوي المستمر للطلبة والمعلمين على حد سواء، والتطوير المهني للهيئة التعليمية، وبعض التركيز الإضافي لدى مدارس القطاع الخاص على جوانب تربوية دينية خاصة أو جوانب تحديثية تبدو اليوم كأنها باتت المؤثر الطاغي على كل العملية التربوية في العالم".

واردف: "الارقام لا يمكن تجاهلها في لبنان، فإذا كان عدد الطلاب يناهز المليون، فإن أكثر من 70% منهم مسجلون في القطاع الخاص ومؤسساته التربوية المنتشرة في كل لبنان. ولذلك فإن الحديث عن التعليم الخاص في المدارس ذات الأقساط المرتفعة أو تلك المجانية هو الاكثر أهمية باعتراف الدولة التي تعمل على تطوير التعليم الرسمي، والنهوض به في هيئته التعليمية وتجهيزاته.
إلا أن الادارة التربوية الرسمية لقطاعات التعليم، وضبط مستويات المخرجات التربوية والشهادات الرسمية، لا تزال تعتمد الاسلوب التقليدي الذي حدد قانون انشاء وزارة التربية والتعليم العالي والمراسيم والقرارات التي تنظم هذا القطاع.
وأستدرك هنا لأقول إن في لبنان أكثر من ألفين وثلاثمئة مدرسة خاصة، تتوزع على جمعيات لها طابع ديني ظاهر أم مبطن، ولها علاقاتها بالمراجع التي تؤمن لها التمويل الاساسي، وهي على كل حال قادرة على الاستمرار بأقساطها المتوسطة والمرتفعة. أما المدارس التي لا ترتبط بجمعيات ومؤسسات دينية، فعددها حوالي 400، بعضها يصنف نفسه خارج مستويات التعليم في لبنان وهو يحوز على شهادات الجودة الدولية، بينما العدد الاكبر منها يقع في منزلة بعيدة عن مستويات التعلم في لبنان، وأوضاعها السيئة لا تمنع الطلاب من الانتساب لها بسبب أقساطها المنخفضة وادارتها التي تتساهل في مستويات الطلاب وفي عملية ترفيعهم ونجاحهم".

وقال: "يبقى هناك قطاع يتولى مهمات التعليم الخاص المجاني وفق عقود مع وزارة التربية والتعليم العالي تعود الى خمسينات القرن الماضي، وفيها من إشكالات التباطؤ في دفع مستحقات الدولة لهذه المدارس، ومشاكل الاختناق الاداري، ما أدى الى اغلاق بعضها والى تراجع في مستويات مدراس معروفة، بينما ظلت تلك التابعة لمؤسسات تربوية دينية خاصة تحافظ على جودتها رغم الخسائر الفادحة والديون التي ترتبت عليها".

وأكد أنه "أمام هذا الواقع المتشابك، أصر على القول إن العملية التربوية في لبنان لا تزال بخير، وهي تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى الى اعادة النظر في الامور التالية:
أولا: يجب توقيع عقد تربوي جديد بين وزارة التربية والتعليم العالي وجميع المدارس في لبنان يتناول أسس الادارة المدرسية الحديثة ويحدد تفاصيل العلاقة الاشرافية والانمائية التربوية للهيئات التعليمية، أكان ذلك في المدارس الخاصة ذات الاقساط أم تلك المجانية. إن ضبط هذا الموضوع سيؤدي الى حل لمعظم الاشكالات القائمة حاليا، وندعو وزير التربية والتعليم العالي ليكون بطل هذا العقد التربوي الجديد.

ثانيا: إقامة نظام تقويم وترفيع للمعلمين والاساتذة في القطاع التربوي بصورة عامة، يشمل المعلمين في المدارس الرسمية والخاصة، وإذا لم تتمكن الدولة من اقامة مثل هذا النظام، فيجب فصل القانون الذي ينظم أوضاع المعلمين في القطاع العام عن القانون الذي ينظم أوضاع المعلمين في القطاع الخاص.

ثالثا: إن العالم يتجه اليوم الى التخلي عن الكتب المدرسية لمصلحة الكتب الالكترونية ونظم البحث العلمي التشاركي والمدارس الافتراضية، حيث لا صفوف، بل تفاعل عبر الاجهزة الالكترونية بين المعلمين والمتعلمين. إن هذا الواقع يفترض إعادة النظر بصيغة المناهج والمحاور والمراحل التعليمية التي باتت متداخلة، مما يفرض إعادة تأهيل المعلمين من جهة وقيادة عملية إصلاحية واسعة في نظام الادارة المدرسية.

رابعا: فتح التعليم ما قبل الجامعي على الاطر المهنية وتوسيع مخرجات التعليم الثانوي، ليؤمن اختصاصات تطبيقية على المستوى الجامعي يحتاج اليها لبنان اليوم وسيحتاج اليها أكثر في المستقبل. هناك نظرة خاطئة الى التعليم المهني، وكأنه أدنى من التعليم المنهجي المقرر رسميا. أقول بصراحة إن مثل هذا التمييز رفضته الدول المتقدمة، وتمكنت من فتح المهنيات بشهادات قادرة على دخول الجامعات وربط نظريات التعليم بالمهن التي يحتاجها المجتمع".

ولفت المشنوق الى "أن التعليم في القطاع الخاص في لبنان بخير، والتعليم في القطاع العام بخير، ويحتاج الى تعزيز لنصل في المستقبل، ونريده قريبا، الى تعليم وطني واحد قادر على النهوض بالإنسان وبالوطن، مستندا الى مبادئ وثوابت وقيم أبرزها الحق في التعلم، والحق بتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، والحق بأفضلية وصول المميزين الى المواقع المتقدمة".

وأشار الى أن "أمام وزارة التربية والتعليم العالي والمؤسسات التربوية مسؤولية نسج هذا العقد التربوي الجديد، ومسؤولية الدولة هي في التحرك اليوم قبل الغد لمنع التراجع التربوي في عالم تتعاظم فيه التحديات والفرص التربوية".

وفي الجلسة نفسها، تحدث السفير البريطاني توم فليتشر، فقال: "من الضروري العمل على توفير التمويل لمساندة لبنان في تأمين التعليم للاجئين".
وأكد "أهمية برنامج تأمين الكتب المدرسية الذي تقوده وزارة التنمية الدولية في بريطانيا".
وقال: "إن نجاح هذا البرنامج يمكننا من تقديم مساعدات أكبر، فبريطانيا لن تتراجع عن التزاماتها بل ستمددها لخمس أو عشر سنوات وأكثر إذا لزم الأمر. فهذا المشروع أوسع من تقديم الكتب المدرسية، هو مشرع دعم لوزارة التربية لتتمكن من التخطيط والتطور والإستمرار".

أما رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة أنجلينا إيخهورست فحيت في هذه المناسبة "المدارس والأساتذة الموجودين الذين استقبلوا أعداد هائلة من اللاجئين رغم التحديات الكبيرة". وأكدت أن "الدعم الأوروبي للبنان مستمر، وأن جميع دول العالم تدرك حجم التحديات وحاجة لبنان إلى الدعم المالي، لذلك يجب وضع موازنة لتحديد أولويات التمويل".

وقال رئيس مجلس إدارة "بنك بيروت" سليم صفير: "إعتمادا على تجربتي الشخصية، أشير إلى أن علاقتي بالتربية ركنية في عملي، إذ تعينني على تفسير القواعد المصرفية التقنية البحت، في إطار بيئة مختلفة عن تركيبة المصارف ومتطلباتها. ان الحاجة ماسة في قطاعنا، لإعتماد مقاربة فلسفية للقواعد الإدارية والقانونية المنصوصة، بهدف جعل البيئة المصرفية مقبولة مجتمعيا فهي قائمة على القواعد الرقمية، ومن هنا خصوصيتها، وعلينا ان نسعى لنوفر لها تلك الطواعية واللمسة الانسانية وللعلم، وحدها التربية تسمح بفعل ذلك".

أضاف: "المسؤول، حتى ولو كان بالفطرة، قياديا، في حاجة الى ثقافة تمكنه من تحقيق دور تطوري في بيئته. وأنا واثق، بالتجربة، أن رحلة الثقافة تبدأ بين المسؤول عن التثقيف: أي المشرع، الدولة، المدرسة، المعلم، النظم والاجراءات، ووزارة التربية، وبين الطفل، الطالب، التلميذ، من خلال خلق نظام حياة يومية عنده، قائم على عدالة في التقييم. عندها تكون الشهادة أبعد من ورقة، بل تأتي إعترافا وتكريسا للمخزون الثقافي عند الطالب نفسه. من هنا طلبي بأن يكون حملة الشهادات مثقفين، كي يتمكنوا من إستيعاب متطلبات الحياة اليومية. ومن هنا الحاجة الى قاعدة عميقة للامتحانات التي على أساسها تمنح الشهادات، وهو ما سيسمح للطالب لاحقا بالنجاح مهنيا وبناء عائلة ووطن حضاري منتج، هكذا نحد من هجرة شبابنا".

وتابع: "في قناعتي أنه كلما كنت مثقفا، تحضرت، وكلما زاد تحضري، أمعنت في مدنيتي، وكلما فعلت ذلك إزداد تعلقي بوطني ووطنيتي. من هنا الحاجة الملحة الى قيادة الثقافة. يجب أن تقاد الثقافة نحو الوطنية، نحو حب القريب، نحو العدالة، الأخوة، عدالة المجتمع، المساواة بين أبنائه. هكذا نبتعد عن الحروب والأزمات وحب المال والسلطة، وهكذا نقترب من الحضارة ومن المدنية ومن التعلق بالوطن كقيمة دهرية. هوذا دور المعلم، التبشير بالحضارة، وواجبه اليوم إعادة المدنية الى عقول طلابنا وقلوبهم من أجل خير وطننا وخير أولادنا".

وألقى النائب سامي الجميل كلمة تمنى فيها على وزير التربية ان "نذهب الى تطوير حقيقي للقطاع التربوي من خلال خطوات جريئة"، مؤكدا "الوقوف الى جانب الوزير الياس بو صعب لتحرير التربية من وصاية السياسيين والاحزاب ومجلس الوزراء". داعيا الى "استقلالية الجامعة اللبنانية وعدم التدخل السياسي في مسألة تعيين العمداء والمدراء لأن المسألة محض أكاديمية".

واكد في ملف المدرسة الرسمية أن "الوقت حان لنحسم التعاقد ويتم تثبيت الاساتذة بناء على معايير اكاديمية وامتحانات".

وفند الجميل الملفات الثلاثة مستهلا حديثه من المدارس الرسمية لافتا الى "خطوتين لا بد منهما"، متوجها الى وزير التربية قائلا: "في الميزانية نفسها المخصصة لوزارة التربية وهي من أكبر الميزانيات في الدولة بعد وزارة الدفاع وبالامكانيات نفسها التي ندفعها نحن قادرون على ان نحسن الاداء بنسبة 60 الى 80 بالمئة"، معتبرا ان "مشكلتنا اننا تعاطينا مع ملف التعليم الرسمي في لبنان بمنطق التسييس والمحسوبيات والخدمات ولم نتعاط معه من منطلق اكاديمي صرف".

وأضاف: "ما قمنا به ان كل واحد أراد فتح مدرسة في كل ضيعة وأن نفرغ أساتذة لكل مدرسة بحيث اصبح عدد الأساتذة اكبر من عدد التلاميذ"، وسأل: "أين المشكلة في أن نحصر ونجمع المدارس، فبالإمكان أن نفتح مدرسة لكل 10 قرى وتكون بمستوى عال جدا على صعيد البناء والاساتذة والمختبرات والترفيه، يكون فيها كل مستلزمات التربية الصالحة والاهتمام الكامل يطمح كل الاهالي لتعليم أولادهم فيها"، مشيرا الى ان "تعيين اساتذة بالواسطة دون الأخذ في الاعتبار خبرتهم المهنية ادى الى تدني المستوى التعليمي".

واكد أن "الوقت حان لحسم التعاقد وتثبيت الاساتذة بناء على معايير اكاديمية وامتحانات ولفت الى انه وبنفس المبالغ التي تدفع لموظفي الدولة اللبنانية نحن قادرون على ان نطور المدرسة الرسمية وتكون بديلا من الوضع الذي نعيشه اليوم".

وفي ملف الجامعة اللبنانية أكد "أننا نؤمن بان الجامعة اللبنانية كالمدرسة الرسمية هي عمود فقري لبناء مجتمع متطور ففي البلدان الغربية لا يفرقون بين الجامعات الرسمية والخاصة كال"سوربون" مثلا في فرنسا"، مؤكدا "ضرورة العبور بالجامعة اللبنانية الى مستوى آخر يجعلها تستقطب كل الطلاب الناجحين فلا يجبرون لأنها غير قادرة على استيعابهم الى اللجوء الى جامعات خاصة تثقل اقساطها كاهلهم او يتوججهون الى كليات "دكاكين" لا تستوفي الشروط الأكاديمية".

وأوضح أنه "يهمنا ان يكون هناك عدد كبير من الجامعات اللبنانية كما في فرنسا مثلا وان كانت كل واحدة تبعد عن الأخرى 400 متر"، مؤكدا ان "المسألة لا علاقة لها بالمسافة"، متطرقا الى "المركزية التي تربط الامور بالسياسة بحيث تصبح المسألة سياسية".

وشدد على "وجوب الحفاظ على استقلالية الجامعة وحقها في تعيين العمداء والاساتذة من دون تدخل السلطة السياسية"، متمنيا على وزير التربية "ألا نرقع وان نذهب الى تطوير حقيقي للقطاع عبر خطوات جريئة"، وقال: "نحن الى جانبكم لتحرير التربية من وصاية السياسيين والاحزاب ومجلس الوزراء وكل الناس".

وعن الجامعات الخاصة اعتبر الجميل انها "نعمة كبيرة رفعت صورة لبنان عاليا بمستواها الذي لا بد من حمايته بجهاز رقابي على من يعلم أبناءنا لنعرف كيف يكبرون وعلى يد من؟".

وعن ملف كتاب التاريخ لفت الجميل الى ان "هناك طريقتين لنعلم أبناءنا التاريخ، طريقة الصيغة الواحدة التي تقدم للتلاميذ ليحفظوها وقد نبذت في العالم لأنها لا تتوافق مع العصر"، مضيفا: "في لبنان ليس هناك صيغة واحدة نتفق عليها للتاريخ اللبناني، لذلك توقف عندنا في العام 1943"، داعيا الى "ايجاد طريقة لكتابة التاريخ لغاية 1975 او 1990"، وتابع: كل لديه رأيه من المقاومة والميليشيا وكل واحد "يشد لناحيته" وهنا ينشأ جيل ويترعرع من دون أن يعلم تاريخ بلده، وهناك أجيال تنمو وتكبر ولا تعرف هواجس وشعور بعضها البعض وهذا غير مقبول، فقد حان الوقت لاجراء مصالحة ومصارحة حقيقية بين اللبنانيين وأن نطوي الصفحات السوداء وأن يعرف كل واحد رأي الاخر ووجهات نظره"، لافتا الى "اننا نؤمن ان كتابة التاريخ لا تكون بحفظ صيغة توافقية"، مشددا على ان "الوقت حان لنعرف كل وجهات النظر ولنكون وجهة نظر موضوعية".

وختم: "اقول هذا الكلام لأنني مقتنع بوجوب وقف التكاذب اذ لا يجوز تأجيل هذا الملف، بل مقاربته بطريقة موضوعية تأخذ بالاعتبار كل وجهات النظر ونكون نبني طالبا واعيا منفتحا قادرا على التواصل وعلى تقبل اراء بعضنا البعض لنبني بلدا على مستوى أبنائنا وطموحاتنا".

وكانت جلسات اليوم الاول، ناقشت واقع القطاع التربوي الرسمي في لبنان، وتحدث فيها المدير العام للتربية فادي يرق، فتناول "التحديات التي تمنع النهوض بالقطاع التربوي، ومنها: بطء في المركزية الإدارية والبيروقراطية، نقص الموارد البشرية الإدارية، عدم تحديث النظام الداخلي للمدارس، حاجة 70 في المئة من الأبنية المدرسية للتأهيل، نقص في المختبرات، خصوصا في مرحلة التعليم الأساسي".

وأدار الجلسة الدكتور سهيل مطر الذي تساءل عن "سر إستمرار وتفاقم مشاكل قطاع التعليم الرسمي رغم كافة الجهود التي بذلت ممن تسلموا وزارة التعليم"، مشيرا الى أن "كل إصلاح تربوي يحتاج إلى فصل التربية عن السياسة، وهذا لم يتحقق حتى الآن".

وشارك في النقاش الدكاترة: عدنان الأمين، كمال حمدان، تيريز الهاشم طربيه وجورج نحاس وغادة درزي، فتناول الأمين مشكلة تناقص عدد التلامذة في المدارس الرسمية منذ عام 2001 وعزاها إلى "أسلوب التعاقد الذي يعتمد على الوساطة الشخصية والسياسية، بغض النظر عن الحاجة"، داعيا الى "إصدار قانون جديد لتعيين المعلمين على أساس الوضوح والاستحقاق".

وتطرق حمدان الى مسألة التدخل السياسي، مشيرا الى أن "انفاق الدولة على التعليم لا يتعدى الـ 2 في المئة من الناتج المحلي"، داعيا إلى "التراجع عن بدعة المنح التعليمية وإلغاء التعليم المجاني الخاص".

ولفتت طربيه إلى كلفة التلميذ طوال مسيرته التعلمية، والتي تصل إلى 45 ألف دولار"، داعية الى "ترشيد الإنفاق"ز 

أما نحاس فطالب ب"محاسبة المسؤولين عن التربية"، مشددا على "ضرورة تشكيل هيئة علماء للاشراف على عمل الحكومة ومحاسبة أداء وزرائها لتحقيق الشفافية".

وركزت درزي على "إيجابيات المدرسة الرسمية، والإنجازات المحققة في التعليم الرسمي، من حيث استخدام تكنولوجيا المعلومات، وإجراء دورات التدريب المستمر للمعلمين بإشراف المركز التربوي".

وكانت مداخلة للدكتور خالد قباني أشاد فيها بخطوات وزير التربية، مشيرا إلى أن "ثمة أزمة حقيقية في الرسمي وغياب التقويم بين القطاعين الخاص والرسمي"، داعيا إلى "ضرورة تطوير المناهج التربوية لمواكبة التقدم على المستوى العالمي".

وبعدما تناول عميد كلية التربية في جامعة القديس يوسف الدكتور فادي الحاج موضوع الإمتحانات الرسمية والشكاوى التي ترافق هذا الإستحقاق، عدد الأب الدكتور جوزف طنوس من جامعة "سيدة اللويزة" الضغوط التي يتعرض لها تلميذ الشهادة المتوسطة.

أما مديرة ثانوية مارون عبود الرسمية سناء شهيب فعرضت دراسة "تيس" عن توجهات العلوم والرياضة ضمن إختبار تقدم تلامذة الثامن والثاني عشر - علوم عامة والذي عكس لدى تلك الفئة اللبنانية ضعفا في التطبيق وثباتا في النظري.

وطرحت مديرة مكتب التقويم والبحث المؤسساتي في الجامعة الأميركية الدكتورة كرمى الحسن أسئلة تشكل المقياس التقويمي للامتحانات ومنها، مشددة على "ضرورة التوقف عند أنماط الأسئلة التي يحتاجها التلامذة وعدد المواد المدرجة".
 

  • شارك الخبر