hit counter script

أخبار محليّة

سلام في افتتاح المؤتمر التربوي "كلنا للعلم": بانتخاب رئيس نعيد التوازن

الثلاثاء ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 10:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 افتتحت وزارة التربية والتعليم العالي المؤتمر التربوي اللبناني "كلنا للعلم"، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في فندق فنيسيا، بمشاركة المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة وخبراء تربويين ومجددين في النظم التربوية وأعضاء لجنة التربية والتعليم النيابية.

حضر حفل الافتتاح وزراء: الصناعة حسين الحاج حسن، الإقتصاد والتجارة ألان حكيم والبيئة محمد المشنوق، السفير البابوي المونسينيور غبريال كاتشا، سفراء المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري، الولايات المتحدة الاميركية داييفد هيل، بريطانيا طوم فليتشر، كندا هيلاري شايدلز، كوريا الجنوبية جونغ إيل كوي، هولندا هاستر سيمسون، دولة فلسطين أشرف دبور والإتحاد الأوروبي أنجلينا ايخهورست، الممثل المقيم لبرنامج الامم المتحدة الإنمائي روث ماونتن، ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان نينات كيلي، النواب: بهية الحريري، علي بزي، إميل رحمة، جيلبرت زوين، فريد الخازن، محمد قباني، جمال الجراح، الوزيران السابقان خالد قباني، نقولا صحناوي، النائبان السابقان نايلة معوض وعدنان طرابلسي، منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب بطرس عازار وعدد من الأمناء العامين للمؤسسات التربوية الخاصة، ورؤساء وممثلو الجامعات والمديرون العامون في وزارة التربية والتعليم العالي: فادي يرق، أحمد دياب، المفتش العام الإداري الدكتور مطانيوس الحلبي، رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء، الدكتورة ندى عويجان، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات اليونيسف واليونيسكو.

بو صعب
بعد النشيد الوطني الذي قدمه عزفا وإنشادا تلامذة من مدارس المبرات الخيرية الإجتماعية ودار الأيتام الإسلامية ومدرسة اللويزة وأوركسترا Le Bam وتقديم معزوفات وأغنيات وطنية، تحدث الوزير بو صعب، فقال: "بقلب منفتح وعقل منفتح يلتئم شملنا اليوم وغدا في المؤتمر التربوي الأول في الألفية الثالثة، وتحت رعاية كريمة من دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ تمام بك سلام وبمشاركة وطنية رسمية وخاصة، تجمع كل التوجهات السياسية والتربوية والروحية والفكرية، وذلك من أجل تبادل الأفكار والاطلاع على التجارب الجديدة، ومناقشة أوضاعنا التربوية الراهنة بكل جرأة وصراحة ومن دون مكابرة، فنضع الأصبع على الجرح ونتطلع معا إلى العلاج".

اضاف: "قد يتساءل البعض لماذا نعقد مؤتمرا في هذه الفترة العصيبة من الزمن، إذ تطوقنا المشاكل من كل صوب، وتقفل في وجوهنا الحدود الجغرافية فلا نستطيع التواصل البري ومع محيطنا العربي، وتقفل الإمكانات السياسية فلا نستطيع انتخاب رئيس للجمهورية، وتقفل إمكانات تكوين السلطة فلا نتمكن من إجراء الانتخابات.. وغيرها وأهمها وأكثرها خطورة العقول المقفلة التي تجتاح الجوار العربي فتعيد المنطقة إلى عصور ظلامية وتشوه صورة الدين وهي ليست من الدين بشيء".

وتابع: "رغم كل شيء نجد في التربية ملاذا آمنا ونسعى من خلالها إلى تكريس لغة الحوار العاقل المجدي. فنتخطى حدود الجغرافيا بالتكنولوجيا، ونقفز فوق محاولات القفل والتعتيم بإعادة النظر الشاملة والمعمقة في نظامنا التربوي ومناهجنا التربوية وامتحاناتنا الرسمية، ونتطلع باهتمام ومحبة نحو توفير المناهج الخاصة لذوي الصعوبات التعلمية والاحتياجات الخاصة في يومهم الوطني الذي يقع غدا".

وأعلن بو صعب "ان هذا المؤتمر هو ورشة عمل كبرى، لن يجترح العجائب، ولكنه سوف ينجح من خلال جميع المخلصين بوضع خارطة طريق تتحول إلى قرارات ومشاريع مراسيم وقوانين، نرفعها إلى المؤسسات الدستورية من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب واللجان النيابية المعنية لتصبح نافذة بإذن الله".

وقال: "التربية تعني أغلى ما لدينا وهم أبناؤنا، فقد تخرجنا على أيدي أساتذة نجلهم ونحترمهم ومن خلال نظام تربوي نفخر به، ولكن حركة تطور الحياة والتقدم العلمي والتكنولوجي، يستدعي منا أن نلحق بالركب العالمي فلا نتخلف وتسبقنا حركة التاريخ، فنصبح كقطارات تسير عكس الوجهة المحددة لها وتصطدم بالواقع".

واكد "اننا في حاجة إلى تحديث مناهجنا وكتبنا لتصبح تفاعلية تبني الفكر النقدي وتعزز ملكة البحث والتعلم المستمر، ولا تحتجز المتعلم في دائرة الحفظ والتلقين فقط". وقال: "إننا أيضا في حاجة الى طرائق جديدة ومبسطة واكثر فاعلية في تعليم اللغة العربية السليمة، كما اللغات الأجنبية، وإلى صوغ الدروس بلغة بسيطة وسهلة بهدف إيصال المعلومة وليس التعجيز".

واعلن "اننا نحتاج إلى اختيار مديرين لمدارسنا ومؤسساتنا التربوية، من الشخصيات القادرة على مقاربة الأفكار الجديدة ومتمتعة بالخبرات التربوية والتكنولوجية في آن، والقابلة للتدريب والتحديث". وقال: "الأهم من ذلك كله، نحن في حاجة إلى أساتذة ومعلمين متجددين ومجددين على أن تتم إعادة النظر في طرائق إعدادهم ومناهج تدريبهم بحسب الرؤية الجديدة للدور التفاعلي للأستاذ. وهنا لا بد من مناقشة فكرة التعاون بين كلية التربية ودور المعلمين والمعلمات المنتشرة في المناطق لتسهيل عملية الإعداد والتدريب ورفع مستوى المعلمين وحادقات الأطفال في أبعد قرية عن العاصمة".

واكد "ان هذه الخطوة تهدف إلى تحقيق قفزة في مستوى التعليم الأساسي وقبله في مرحلة الروضة، إذ أن تعاظم وجود معلمين من دون إعداد وتدريب في التعليم الأساسي أدى إلى تدهور المدرسة الرسمية، وانعكس الأمر على التعليم المهني والتقني الذي يستقبل تلامذة من المرحلة المتوسطة، وتسلق الضعف في المستوى إلى التعليم الثانوي ومنه إلى الجامعات. نعم لقد استفحل ضعف المستوى في التعليم الأساسي نتيجة لقفل دور المعلمين وحشر آلاف المتعاقدين فوصلنا إلى ما وصلنا إليه".


وقال: "نأمل أن نصل إلى تحقيق منظومة تربوية كاملة، وأعتقد أننا لن نتمكن من بناء هذه المنظومة من دون أن يعيش الأستاذ بكرامته من خلال سلسلة تحقق له العيش الكريم، وبغير ذلك نكون قد إتخذنا القرار بتأخير نهوض التربية في لبنان"، مشيرا الى "إن أوجاع التربية كثيرة لكن الشفاء منها ليس مستحيلا. ويأتي بين الأولويات توفير المبنى المدرسي اللائق والنظيف والصحي والدافئ والمتسع للملاعب والمختبرات العلمية والمعلوماتية وللمواد الإجرائية مثل الفنون والمسرح وغيرها. وهذه المواد تتطلب إعداد أساتذة لها لكي لا تستمر المدرسة الرسمية جافة في غياب الفنون والرياضة وباردة لا جاذبية فيها ولا حياة".

وأعلن ان "كتاب التاريخ الذي انتهى منهجه من النقاش على ما نأمل، يستحق أن يخرج من مجلس الوزراء وقد حظي بالتوافق الوطني العام، لكي تبدأ عملية تأليف كتاب التاريخ الموحد، كما خرج كتاب التربية الوطنية الموحد والذي يحتاج الى صياغة جديدة بلغة مبسطة".


وقال: "إن المؤتمر التربوي الوطني بيوميه يناقش التعليم الرسمي والخاص، ولكننا لسنا غافلين عن التعليم المهني والتقني الذي يحتاج بدوره إلى مؤتمر خاص يتناول كل مشاكله".

وختم متوجها الى الرئيس سلام بالقول: "إنني أشكر رعايتكم وحضوركم أنتم الذين بنيتم تاريخكم الوطني من خلال جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية ومن المؤسسات التربوية التابعة لها، وتعرفون مواقع الضعف ونقاط القوة، وإن وجودكم اليوم هو تأكيد على القرار في التطوير والتحديث، وهو حافز لنمضي قدما في ذلك. أكرر الترحيب والتقدير والشكر لجميع الحاضرين والخبراء والتربويين المشاركين، كما أشكر اللجنة التنظيمية ووسائل الإعلام الكريمة والصحافيين الذين سوف يواكبون هذه التظاهرة التربوية بالإضاءة على مناقشاتها وطروحاتها وتوصياتها."

الحريري
ثم القت رئيسة لجنة التربية النيابية النائبة بهية الحريري كلمة للمناسبة، قالت فيها: "أردنا أن نكون معكم اليوم لنتحمل قسطا من المسؤولية تجاه التربية والتعليم، القضية الوطنية الأكبر والتي تتقدم على كل القضايا التي تشغلنا على أهميتها، والتي كلها قضايا داهمة وما أكثرها، وقضايا ذات أهمية بالغة وفي مقدمتها إنتخاب رئيس للجمهورية وعودة الانتظام الى حياتنا الوطنية، بالإضافة إلى أمن مواطنينا وهو في صلب مسؤولياتنا، حكومة وبرلمانا ومؤسسات عسكرية وأمنية وقضائية، وما إلى هنالك من قضايا داهمة وضرورية تترك أثرها على حاضرنا وتجعلنا في قلق شديد وتنعكس إضطرابا إجتماعيا وإقتصاديا وإنسانيا. وإننا نستطيع إذا تجاوزنا هذه الأزمات أن نعيد ما خسرناه خلال أشهر أو سنوات، لكن في قضية التعليم فإن الخلل الذي يقع الآن يستمر لأجيال وأجيال".

اضافت: "كثيرة هي المصطلحات والمفردات والتوصيات التي تحيط بالعملية التربوية وأبوابها الكثيرة وقطاعاتها ونماذجها العالمية، ولبنان يمتلك كل الكفاءات والخبرات القادرة على تحديد سبل النهوض التربوي إلى أرفع المستويات. وقد كنا في يوم من الأيام بلغنا تلك المراتب الرفيعة في التعليم العام والخاص حتى كدنا ندعي أننا حققنا العدالة التربوية لكل طلاب لبنان، لأنه لا تقدم بفئة من اللبنانيين دون كل الفئات. وقد نصح اللبنانيون قبل ما يزيد على الستين عاما أن لا يكثفوا الأنوار في أمكنة دون سواها كي لا يأتي الظلام ويطفئ الأنوار، ولم يأخذ اللبنانيون حينذاك بهذه النصيحة، فعم الظلام وتراجعنا عقودا إلى الوراء".

وتابعت: "لا أدعي الإحاطة بالعملية التربوية رغم أني لم أفارقها ولم تفارقني مدى الحياة، وهي عندي البوصلة الوحيدة التي ترشدني نحو الإتجاه الصحيح. وهذا ما سيحدثنا عنه الخبراء وهو كيف أن الدول والمجتمعات تبدأ قصة نجاحها وتقدمها من التعليم الذي يشهد في كل دقيقة جديدا، وكيف أننا في كل دقيقة نخسر فرصة جديدة. إذ نخسر علماء ومبدعين وقادة ومفكرين ومنتجين لأن أزماتنا وتعثرنا ينعكس على تعليمنا الذي يحتاج إلى الكثير الكثير ليلبي ضرورات أجيالنا من جودة التعليم".

وأكدت الحريري "أن التعليم قضية وطنية سامية ونتحمل مسؤوليتها مجتمعين، وهي ليست كباقي القضايا، وعلى أهميتها نتبادل فيها الإتهامات حول منسوب المسؤولية، لأننا إذا نجحنا في النهوض بالتعليم يكون نجاحا للوطن بأسره. وإذا فشلنا، فالفشل على الجميع وللجميع وهذا يستدعي منا جميعا، حكومة وبرلمانا ومؤسسات تعليمية ومراكز أبحاث ودراسات وخبراء، أن نتعرف أولا على الطالب اللبناني وهو المستهدف الأول في العملية التربوية وألا نتعامل مع طلابنا كأرقام ومناطق، بل علينا أن نتعرف على مواهبهم وميولهم ومهاراتهم ومجتمعاتهم. ولا أذيع سرا هنا إذا قلت أنني فشلت خلال تسلمي مهام وزارة التربية في الوصول إلى طلاب المدرسة الرسمية، رغم محاولتي إعتماد إستمارة عند التسجيل للتعرف على كل طالبة وطالب، لأننا ما لم نتعرف عليهم لا نعرف كيف نعلمهم ونساعدهم على تظهير مهاراتهم وطاقاتهم".

وقالت: "الأمر الأهم هو أن نكون على معرفة بمستقبل بلدنا وما هي أهدافنا الوطنية، وأي لبنان سيكون عندما يتخرج هؤلاء الطلاب، وهذا يستدعي أن يكون لدينا إستراتيجية وطنية إنمائية شاملة ليكون التعليم أداتها ورافعتها كي لا نزيد البطالة.. وقد آلمني كثيرا عندما اطلعت على عدد الأخصائيين الذين يطالبون بساعات تعاقد في التعليم مع الأسف الشديد".

وختمت: "شكرا يا معالي الوزير على هذه اللحظة الوطنية الجامعة التي أعادتنا إلى صلب مسؤوليتنا وعلها تعيدنا إلى تحمل هذه المسؤولية الوطنية مجتمعين. إننا بحاجة ملحة إلى مؤتمر دائم للتعليم يكون حصيلة ورش في كل تفصيل من تفاصيل العملية التربوية. كما أننا بحاجة إلى تقرير وطني سنوي عن واقع التعليم في لبنان ومرصد يتابع كل الأنشطة التربوية ويقيمها ومعها التمويلات الكبيرةالدولية ومدى تحقيقها للأهداف التي وضعت من أجلها. وإنني إذ أقدر عاليا رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء للمؤتمر الأول للتعليم، أكرر شكري لدولته ولمعالي وزير التربية والتعليم وإلى كل من ساهم في صناعة هذه الوقفة الوطنية التي أعادت إلينا الأمل بلبنان الذي نريد، وطن العلم والمعرفة والعدالة والحرية".

سلام
بعدها، القى رئيس الحكومة كلمة دعا فيها "كل القوى الوطنية المخلصة للمسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لكي نعيد التوازن إلى مؤسساتنا الدستورية والإنتظام إلى حياتنا الديموقراطية"، مؤكدا أن "أي فريق لن ينجح وحده، بمعزل عن الآخرين، في صياغة مسار البلد ومصيره". وشدد على أن "الحكومة جاهزة للخوض في ورشة نقاش حول استراتيجية متكاملة لتطوير القطاع التربوي".

وقال:"من قلب الصخب الهائل المحيط بنا، والإستحقاقات الداهمة على كل المستويات، والكلام المتطاير في جميع الإتجاهات، ذهب الياس بو صعب مباشرة إلى صلب الموضوع، ليطرح على النقاش المسألة البالغة الدقة والأهمية، المتعلقة بالتربية والتعليم في بلادنا. قد يبدو للبعض أن توقيت "المؤتمر التربوي اللبناني" غير ملائم، بالنظر إلى طبيعة المشكلات الوطنية التي تحاصرنا من كل صوب وتحتاج معالجات سريعة وحلولا ملحة، سواء على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي. لكننا نعتبر أن الجواب الملائم عن الأسئلة التي يطرحها واقع القطاع التربوي في لبنان، هو في الوقت عينه، جواب أمني وسياسي وإقتصادي وإجتماعي وإنساني، لأنه يتعلق بهذا الجيل الجالس على مقاعد الدراسة اليوم، وسيجلس على مقاعد القيادة غدا، أي أنه ببساطة يتعلق بمستقبل وطننا".

وأضاف:"لذلك أتوجه بالتحية إلى الوزير الياس بو صعب على مبادرته هذه، وأشد على يد كل من ساهم في إخراج فكرة هذا المؤتمر إلى حيز النور. كما أحيي هذه الكوكبة من أصحاب الخبرات والأسماء اللامعة، التي قررت وضع عصارة تجربتها لإنجاح هذا المؤتمر".

وتابع: "حكايتنا مع التعليم لم تبدأ بالأمس القريب. إنطلقت في أوائل القرن التاسع عشر، وكنا لما نزل تحت نير السيطرة العثمانية. صنعنا، نحن اللبنانيين، وصنعت البعثات الأجنبية، مؤسسات تربوية رائدة أحدثت تحولا كبيرا في المجتمع اللبناني، وجعلت من لبنان منارة في محيطه، ونقطة جذب للساعين إلى المعرفة من كل البلدان العربية. وساهمت هذه المؤسسات بلا شك، في صناعة عصر لبنان الذهبي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. لقد تمكن الكثير من هذه المؤسسات التربوية من الصمود في سنوات الحرب المشؤومة، وحافظ على مستوى متقدم يضاهي أفضل الصروح التعليمية في منطقتنا. لكننا نعرف جميعا أن الضرر الأكبر وقع على التعليم الرسمي، الذي مازال يواجه مشكلات بنيوية، رغم كل الجهود المشكورة التي بذلها من تسلموا المسؤولية في وزارة التربية في السنوات الماضية".

وقال:"إن قطاع التعليم الرسمي يحتاج إلى خطة استراتيجية واضحة، تبين الإحتياجات الحالية والمستقبلية للقطاع التربوي، ليصبح قادرا على تلبية متطلبات العصر. سأترك للمختصين المشاركين في هذا المؤتمر تشريح مواطن الخلل، واقتراح العلاجات اللازمة. لكنني أؤكد، أن الحكومة جاهزة للخوض في ورشة نقاش حول استراتيجية متكاملة لتطوير القطاع التربوي، تضعها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، بالاشتراك مع أصحاب الكفاءات والخبرات العاملين في هذا الحقل".

وأكد أن "النهوض بالمدرسة الرسمية اليوم، يعتبر تحديا هائلا وعملا وطنيا لا يتقدم عليه أي عمل آخر. ذلك أن المدرسة الرسمية هي نواة الهيكل اللبناني وعماده. هي المكان الوحيد الذي يلتقي فيه الكل بالكل. من كل المناطق والانتماءات والطوائف والطبقات. هي المساحة التأسيسية التي يبنى فيها اتجاه جماعي لجيل مؤمن بوطن واحد".

وأضاف:"إنني أدعو المؤتمنين على وضع الخطة التربوية الاستراتيجية، والمسؤولين عن الجانب الأكاديمي للعملية التعليمية، الى إيلاء اهتمام خاص لمسألتين أساسيتين: الأولى تتعلق بمنهاج التربية المدنية الذي يجب أن يعيد ابناءنا إلى رحاب الوطن الواحد، ويعزز لديهم مفهوم الولاء للبنان، بدلا من الولاءات الجهوية أو الحزبية او الطائفية التي أضعفت لحمتنا الوطنية، ويحصنهم من آفات العنف والمخدرات وجرائم استغلال الأطفال. والثانية تتعلق بالتعليم الديني، الذي يتعين الحرص على وظيفته الأساسية المتمثلة في نشر المبادىء السامية للأديان، وليس زرع التعصب والتطرف وكره الآخر. إن هذا الملف الدقيق يتطلب متابعة حثيثة، سواء لجهة الموضوعات التي يتم تدريسها، أو لجهة كفاءة من يتولون هذه المهمة، على أن يكون ذلك بالتنسيق والتعاون بين المؤسسات الدينية المسؤولة وبين وزارة التربية والتعليم العالي وبإشرافها".

وشدد على أن "نشر مفاهيم المواطنة والإعتدال والتسامح والانفتاح التي ندعو إليها، لا ينجح ولا يستقيم طالما بقي التوتر والإنفعال يحتلان الفضاء العام، وطالما بقي الخطاب السياسي على حاله، يضخ جرعات يومية من التشدد والإنغلاق والعنف الكلامي. نعرف جميعا أن الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية حول ما يجري في المنطقة كبيرة. ونعرف أن الرؤى إلى موقع لبنان في محيطه ودوره وعلاقاته الاقليمية متعارضة. ونعرف أن وجهات النظر حول طريقة إدارة البلاد متفاوتة. لكننا جميعا يجب أن نعرف، أن أيا من قوانا السياسية غير قادر أن يغير، ولو قيد أنمله، في مآلات الأحداث الهائلة الجارية في المحيط، وأن أي فريق لن ينجح وحده، وبمعزل عن الآخرين، في صياغة مسار البلد ومصيره، وأن أي طرف لن يتمكن من إدارة شؤوننا الداخلية بالفرض والإلغاء وبعيدا عن التوافق".

وقال:"إننا ندعو الجميع الى الرأفة بلبنان واللبنانيين، وإلى النزول من منابر الكلام العالي المؤدي إلى التنابذ والقطيعة والتوجه نحو تعزيز مساحات الحوار والتقارب. لقد نجحت حكومة "المصلحة الوطنية" حتى الآن، وبإرادة الأطراف السياسيين جميعا، في تأمين حد مقبول من الحصانة السياسية والأمنية للبلاد. ونحن نحث الجميع على تعزيز هذا المنحى، لتسيير شؤون اللبنانيين أولا، وللحد من التأثيرات السلبية للتطورات الجارية في محيطنا ثانيا. إن لبنان هو كل ما نملك، وتعريضه للمخاطر جريمة لن تغفرها لنا الأجيال مثلما هي جريمة الإستهانة بالمؤسسات والاستحقاقات الدستورية.إنني، من على هذا المنبر، أدعو مجددا كل القوى الوطنية المخلصة للمسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لكي نعيد التوازن إلى مؤسساتنا الدستورية والإنتظام إلى حياتنا الديموقراطية".

وتابع: "في كل زاوية في هذا العالم حكاية نجاح، كتبها مواطن من هذا البلد تعلم في المدرسة الرسمية أو المدرسة الخاصة، في بيروت أو طرابلس أو زحلة أو صيدا أو صور أو بعلبك أو مرجعيون أو البترون، أو غيرها من مدن هذا الوطن الصغير وقراه. نسمع هذه الحكايات ونفخر بأبطالها وهم كثر كثر، نثروا في الرحاب الفسيحة إبداعا وتألقا، وصنعوا إنجازات وثروات وحفروا أسماء كبيرة في كل ميدان. من حق هؤلاء الأبطال علينا أن نؤمن لأبنائهم وأحفادهم مدرسة وكتابا ومنهجا تفتح لهم أبواب العصر. هذا واجب علينا ودين في ذمتنا".

وختم: "إن جزءا كبيرا من هذه المهمة النبيلة، أمانة في أيدي أصحاب العقول النيرة والخبرات الغزيرة والإرادات الوطنية الصادقة، من أمثال القيمين على هذا المؤتمر والمشاركين فيه، أتمنى لكم النجاح في أعمالكم وشكرا".

في نهاية الجلسة الإفتتاحية سلم الرئيس سلام والوزير بو صعب دروعا تكريمية إلى الجهات الداعمة للمؤتمر وهي: ممثل شركة هيبكو بشير بساتنة، ممثل مدارس سابيس Sabis فيكتور سعد، رئيسة الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST هيام صقر، مديرة شركة مايكوسوفت في بيروت هدى يونان، رئيس مجلس إدارة مدير عام بنك بيروت الدكتور سليم صفير "عربون شكر على الاسهامات التي تقدمها مؤسسته دعما للتربية ودفعا بها الى مزيد من التطور.

وشكر صفير رئيس الوزراء ووزير التربية على هذه المبادرة، معتبرا ان هذا الدرع هو "حق لكل زميل في مجموعة بنك بيروت لأن الجميع مقتنعون ان التربية وحدها هي الكفيل لإنقاذ لبنان ودفعه على طريق الغد الذي يطمح اليه اللبنانيون".  

  • شارك الخبر