hit counter script

أخبار محليّة

الجميّل: أميركا قلقة على لبنان لكن لا مبادرة لمساعدتنا

السبت ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في المنطقة صراع رهيب وفي البلد هدوء مريب. كل النداءات المحلية والعالمية ومن اعلى المحافل الدولية، المنبهة الى الفراغ الرئاسي وانعكاساته السلبية على لبنان واستقراره، الى الوضع المعيشي والاقتصادي المتردي الذي يكوي اللبنانيين، لم تقنع الفريق المعطل بالخروج من التبعية المميتة للخارج، وبالتزام الدستور وميثاق العيش المشترك. كيف يحلل الرئيس امين الجميل ما يجري في حديث لـ"النهار"؟ وما دور حزب الكتائب في هذه المرحلة وهو يستعد لمؤتمره العام وانتخاب قيادة جديدة في 15 حزيران المقبل؟

 ما هي الانطباعات التي تكوّنت لديك بعد زيارة واشنطن؟
– هدف الزيارة في الاساس كان اكاديميا لالقاء محاضرة في مجلس العموم البريطاني في لندن عن واقع الأنظمة في العالم العربي بين الدولة الفاشلة أو الدولة الديكتاتورية ودولة المواطنية، ومحاضرة أخرى في جامعة بوسطن حول الأقليات في الشرق الاوسط بعد تفشي الحركات الاصولية. وكانت مناسبة للقيام ببعض الاتصالات والاجتماعات عن مشكلات لبنان والمنطقة مع مسؤولين في البيت الابيض ووزارة الخارجية، واستنتجت في ختام هذه الاجتماعات انه لا يمكننا الاتكال إلا على نفسنا. وعلى رغم قلق الادارة الأميركية على الوضع في لبنان والمنطقة، ليس هنالك مبادرات او أفكار واضحة لمساعدة لبنان غير الدعم للجيش وبعض النشاطات المتواضعة الأخرى على صعيد الادارة والتنمية. هناك شعور في الخارج بمدى تأثير الصراعات الدائرة في العالم العربي على الوضع اللبناني، أمنياً وسياسياً واقتصادياً. إنما على اللبنانيين أن يبادروا وأن يقترحوا على أصدقائهم ما يمكن أن يفعلوه لمساعدتهم.

 وكيف يقال ان هناك مظلة دولية تحمي لبنان؟
– لا مظلة خارجية تحمي لبنان. المعاناة التي مررنا بها من قتال دموي لم يوفر حزبا ولا طائفة ولا فئة ولا بلدة، كانت درسا للبنانيين، بمن فيهم القيادات، ممّا جعل ان لا احد يريد ان يقاتل من جديد، ولمسوا ان الاقتتال الميداني نتائجه مدمرة للجميع. المطلوب هو الحوار حول خطة او مبادرة من شأنها ان تضع البلد على سكة الحل المنطقي والوطني الذي يشكل الحماية المستقبلية للوطن والناس. يشعر الجميع أخيراً بخطورة الاقتتال الداخلي العبثي، وقد آن الآوان لكي نبحث عن طريقة لتثبيت هذا الهدوء النسبي والانطلاق منه للتأسيس لسلام داخلي دائم.

 وأنتم، ماذا تفعلون كحزب؟
– التاريخ سيشهد ان دورنا كان مهماً، على الاقل لناحية تهدئة الأجواء والدفع في اتجاه الحوار والتواصل الوطني. منذ بداية الحرب السورية، كنا قد نبّهنا الى انعكاساتها على لبنان، وأن هذه الحرب أكبر منّا، وانها ستطول، ويجب ألا نتورّط فيها، “ورح نروح دعس الخيل”. انتقدنا البعض، في حينه، على موقفنا المتحفّظ، ثم عاد واقتنع بوجهة نظرنا، وتمّ التوافق على مبدأ النأي بالنفس. حبذا لو يحترم الجميع هذا القرار الوطني.
ثم كنا دائماً نصرّ على ان يبقى الحوار قائما مع “حزب الله”، أيّاً كانت خلافاتنا معه، لأنه مكوّن اساسي من مكونات المجتمع اللبناني، لا يمكننا إلغاؤه ولا يمكنه إلغاؤنا، والحل لا يكون بالبندقية ولا بالقتال في الشارع، بل بالبحث الهادئ حول الطاولة. واليوم، على رغم الصراع العنيف في المنطقة، اقتنع الأفرقاء بهذا الأمر، ولا يزال “تيار المستقبل” والحزب يتحاوران. وهذا أمر جيّد، نأمل ألا يتعطّل.

 هل انقطع حواركم مع “حزب الله”؟
– لا، لم ينقطع، بل يجري بعيداً عن الأضواء ما دامت الأمور الأساسية غير ناضجة للحل. إنما هذا الحوار، كما الحوار بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، يحفظ المستقبل.

حول ماذا يدور الحوار بينكما؟
– حول موضوعين، الأول مبدئي لا يمكن ان نصل فيه الى اي نتيجة في الظروف الإقليمية الراهنة، وهو يتعلق بالوضع في سوريا ودخول الحزب في الحرب هناك وموضوع السلاح. والثاني يتناول بنوداً أخرى تتعلق بالادارة والشفافية وطريقة تعاطي الشأن العام، والحفاظ على الأمن والاستقرار. إبقاء الحوار مع المكونات الاساسية في المجتمع اللبناني أمر مفيد، وهذا توجهنا. ودرء الخطر المحدق بالكيان بالذات يكون بترتيب الوضع الداخلي والحوار واقناع الجميع بأن الموزاييك اللبنانية لا تحتمل التورّط في صراعات المنطقة، واذا فرطت هذه الموزاييك، فمن الصعب جداً إعادة تركيبها، ويدفع الجميع تبعات ذلك. نحن نشعر من خلال الحوارات الجارية والادبيات السياسية القائمة بأن كلامنا يلاقي آذاناً صاغية، والانطباع الذي تكوّن لدينا ان الحل يتطلب بعض الوقت، وتأتي لحظة تاريخية وطنية واقليمية مناسبة للبنان تعالج فيها هذه الامور. الباب ليس مغلقا. من خلال متابعة لمسار “حزب الله” منذ عام 1982 نلاحظ تطوراً في سلوكه، تدرّج من رفض الدولة اللبنانية بالكامل حيث لا ترشيح الى النيابة ولا مشاركة في حكومات، الى المشاركة في الدولة وفي مجلس النواب والحكومة والادارة، وهو يتدخل الآن في القضايا الادارية اليومية. وكلما دخل في التركيبة اللبنانية، هو او غيره، اقتنع اكثر بضرورة الحفاظ عليها، وانخرط أكثر في مشروع الدولة الديموقراطية. وليست هذه التجربة الأولى في تاريخ لبنان الحديث.

 ولماذا يفرمل الأمور؟
– لان الأمور لم تنضج بعد، لا وطنياً ولا إقليمياً. ولكنْ لديه شعور بأن هذا البلد يجب المحافظة عليه.

 متى تنضج؟
– هناك معطيات اقليمية اكبر من الجميع، وليس لنا تأثير على الحروب والثورات الدائرة من حولنا. الأزمة أكبر منّا جميعاً. ولبنان يتأثر مما يحصل من حوله، وبعض الفئات المتطرفة تلجأ اليه وتستغل الحرية فيه لتحقيق أغراضها، على حساب أمننا. نحن ندفع في لبنان ثمن الحرية التي هي ميزة بلدنا في هذا الشرق.

قلت ان الفراغ الرئاسي يعود الى تعنّت عون ودعم “حزب الله” الذي عطّل النصاب، هل عون هو المشكلة؟
– المشكلة هي في أن نواب “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” يعطّلون النصاب في مجلس النواب. هكذا بكل بساطة. المهم التوقف عن تعطيل النصاب، لأن الدستور لحظ بعض المواد لحماية البلد ولحسن سير المؤسسات الدستورية. استثمار بعض المواد الدستورية لتعطيل الدستور هو انقلاب على الدستور، وهذا أمر يعاقب عليه في الكثير من الدول، حيث حضور جلسة الانتخاب هو إلزامي ويعاقب النائب المتخلّف عن الحضور. والذي يحصل هو بمثابة انقلاب على الدستور وعلى النظام.

 ما دام غير مرشّح فلماذا يعطّل النصاب؟
– تعطيل النصاب، وبالتالي تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية يعود الى أسباب عدة، أولها ما اسميه “الغنج السياسي”، فهناك بعض الاشخاص طامحون الى هذا الموقع، ويعرفون سلفاً أن لا مجال لهم بالفوز، ولكن “شاب واستحلى”. ثانياً، ان شخصا وحده لا يمكنه أن يعطّل النصاب. من الواضح ان “حزب الله” متضامن مع العماد عون، وأيا كانت الأسباب، يبدو أنه ليس منزعجاً من الفراغ، وإن تعطّل النظام. أفلم يطرح الحزب مشروع المؤتمر الوطني لإعادة النظر في النظام؟ وهناك فريق كبير ليس مرتاحاً الى اتفاق الطائف، ولا ينزعج اذا حصل فراغ، مما يدفع الى تغيير جذري. الخطير في الأمر، هو ان جو التغيير يعصف في العديد من الدول العربية، ونرى تغييراً في النظام والكيانات والحدود. هذا الأمر يخيفنا ونخشى أن تصل العدوى الى لبنان، ومسؤولية درء هذه المخاطر تقع على كل اللبنانيين.

هل هذا التعطيل مقصود للوصول الى المؤتمر التأسيسي؟
– لا أعرف ما هي النيات لدى هذا أو ذاك، ولكن علينا أن نفكّر في كل الاحتمالات. وهنا نتساءل الى أين يؤدي هذا التعطيل؟ ما يحصل انتحار على صعيد الدور المسيحي والموقع المسيحي في المؤسسات، وعلى الصعيد اللبناني العام. الناس أصبحت تتأقلم أكثر فأكثر مع هذا الفراغ، والامور “ماشية”. وأخشى أن نصل الى مرحلة لا يمكن الرجوع فيها الى الوراء.

 ألا يمكن سائر الأفرقاء مواجهة الفريق المعطل؟
– الفريق المعطّل يتمتع بوسيلتين لتحقيق أهدافه: القوة الميدانية والعسكرية، وقدرة الامساك بالمؤسسات. تجربة القمصان السود و7 ايار 2008 لا تزال ماثلة امامنا. هناك فريق مدجج بسلاح بما يجعله قادراً على ان يضغط على طائفته ويوحّدها حوله أولاً، وأن يضغط على الطاقم السياسي كله ثانيا، من خلال المؤسسات مثلما حصل عندما أقيلت حكومة الرئيس سعد الحريري، بينما كان يقوم بزيارة رسمية لواشنطن. وهكذا يعطّل الآن النصاب في مجلس النواب.

 ذكر بيان “تكتل التغيير والاصلاح” بعد اجتماعه الاخير “اننا نرفع الصوت قبل أن نرفع القبضات بوجه من يفكر ان يعزلنا عن رئاستنا وجيشنا”. كيف تقرأون هذا التهديد؟
– كما يقول المثل: “هذا كلام فوق السطوح” لا يؤدي الى مكان. القوي بالحق لا يتصرّف بهذا الشكل. النبرة القوية تدل على أن الشخص يتخبط في واقع أصبح أسيره.

 هل أنتم مع التمديد لقادة الأجهزة الأمنية؟
– الظروف التي يمر بها البلد تلزمنا اتخاذ مواقف، لو كان الوضع طبيعيا، لما اتخذناها بالتأكيد. هناك تعيينات حساسة جدا من الصعب ان تمر في مجلس الوزراء، ومنها الاتفاق على قائد الجيش، لأسباب معروفة. في هذه الحالة، هل نترك المؤسسة في مهب الريح، خصوصاً اليوم؟

 ماذا تأملون من حوار “التيار” و”القوات”؟
– المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية. ونقيس كل حوار بهذا المبدأ. اذا لم يؤدّ أي حوار الى تحقيق النصاب والذهاب الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جمهورية، فلا قيمة له. المفتاح هو انتخاب الرئيس، واذا لم ننتخب رئيساً فستبقى الحكومة ومجلس النواب والادارة عرجاء ولن يُعيّن قائد للجيش، ونبتدع كل يوم فتاوى دستورية جديدة. أكرّر أن تعطيل الرئاسة هو انتحار للمسيحيين وللمؤسسات، وأخطر ما في الأمر هو أن نتأقلم مع الفراغ.

 هل انت مرشّح للرئاسة؟
– الرئاسة هي بروفيل معيّن تفرضه ظروف البلد وليس قرار شخص. المهم ان ننتخب رئيساً. رحمة بلبنان وبالمسيحيين في لبنان، الذين هم قبلة المسيحيين في الشرق، يجب انتخاب رئيس يحفظ هيبة الرئاسة وموقعها، ويطمئن المسيحيين في لبنان ويكون محط آمال مسيحيي الشرق، لكي يبقى من تبقى منهم في بلادهم.

ما رأيكم في السجال القائم حول الأزمة اليمنيّة؟
– ان الكلام السلبي وغير اللائق بحق المملكة العربية السعودية وقياداتها غير مقبول. لا يمكن أن ينسى الشعب اللبناني فضل المملكة ومبادراتها حيال لبنان منذ عقود من الزمن. كما لا يمكن ألا يتضامن لبنان وكل العرب مع المملكة عندما يكون أمنها مهدداً. فنحن، كما كل الدول العربية بجانب المملكة العربية السعودية في هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها العالم العربي بأسره. ويتبيّن من قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2216 ان قضية المملكة هي قضية حق أممي وعربي، والحياد الايجابي الذي ننادي به يفرض علينا أن نكون بجانب هذا الحق.

  • شارك الخبر