hit counter script

أخبار اقتصادية ومالية

مسرحية مناقشات الموازنة: السلسلة أولاً

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 09:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قرّر مجلس الوزراء عقد جلسة ثانية، يوم الثلاثاء المقبل مخصصة لاستكمال مناقشة مشروع موازنة عام 2015. في الجلسة الاولى امس ظهر تكتل واسع يرفض إدراج ما سمّيت «إيرادات السلسلة» ضمن المشروع قبل إقرار السلسلة نفسها في مجلس النواب. ضم هذا التكتل وزراء المستقبل والاشتراكي والكتائب والتيار الوطني الحرّ، اي الذين عرقلوا حتى الآن اقرار السلسلة، وكل مرّة لسبب، ولا سيما وزراء المستقبل الذين عملت كتلتهم مع كتلة القوات اللبنانية على تطيير السلسلة في آخر جلسة نيابية جرت مناقشتها فيها، وربطوا بينها وبين الموازنة، مطالبين بتسوية شاملة تطاول ايضا حسابات الدولة عن السنوات الماضية.

«إيرادات السلسلة ضمن الموازنة» أم «خارج الموازنة». هكذا جاء الاصطفاف السياسي في جلسة أمس. استهلت الجلسة بتقديم وزير المال علي حسن خليل عرضاً لأرقام الموازنة والمؤشرات عن العجز والإنفاق والإيرادات وتفاصيلها. وبحسب عدد من الوزراء اتصلت بهم «الاخبار»، فإن المداخلات العامّة انطلقت من ان المشروع المطروح لا يشذ عن الموازنات السابقة، اذ تستحوذ خدمة الدين العام ودعم الكهرباء وحصة الرواتب والأجور وملحقاتها على أكثر من 70% من النفقات، فيما لا تزيد حصّة النفقات الاستثمارية على 8%، إلا أن المشروع تضمن الإيرادات المرتقبة من الاجراءات الضريبية الجديدة، التي صوّت عليها مجلس النواب بحجّة البحث عن تمويل سلسلة الرتب والرواتب. وبحسب المشروع أضيف نحو 1300 مليار ليرة كمصادر اضافية للإيرادات في عام 2015
يشرح أحد وزراء 14 آذار أن وزراء من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب والتيار الوطني الحرّ تناوبوا على المطالبة بإقرار السلسلة قبل إدخال إيراداتها في الموازنة. وقال هذا الوزير (طلب عدم الافصاح عن اسمه) إن «الأجدر بوزير المال ومن يمثّل، أي الرئيس نبيه برّي، أن يستعجل تخصيص جلسة في مجلس النواب لإقرار مشاريع القوانين، بدلاً من استعمال إيراداتها الافتراضية لتجميل أرقام الموازنة، ولإظهار الأطراف السياسية الأخرى ضدّ إقرار السلسلة».
جاءت مداخلة وزير العمل سجعان قزّي واضحة في هذا السياق، إذ أشار إلى أن الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء موجّهة لمناقشة مشروع الموازنة، لكن المفاجأة أنه جرى تضمين هذه الموازنة الأرقام الناتجة عن إيرادات سلسلة الرتب والرواتب، برغم أن هذه المشاريع لم تقرّ في مجلس النواب بعد. وسأل قزّي: «إذا كنّتم موافقين على سلسلة الرتب والرواتب فلماذا لم يصوّت عليها؟ إدخال إيرادات السلسلة في الموازنة يعدّ بمثابة ايرادات لمشروع افتراضي، وبالتالي تكون كأنها ضريبة احتياطية لا يجوز التعامل معها على هذا الأساس، حتى يكون الأمر مبرّراً تجاه الرأي العام على الأقل، إذ يجب في ظل تنامي الشكوك في صدقية إقرار السلسلة، أن نعمل على إقرارها قبل إدخال إيراداتها في الموازنة». وذكر قزّي انه حدّدت جلسة لمجلس النواب تحت عنوان «تشريع الضرورة» وقد فهم يومها أن مشروع السلسلة سيكون على جدول أعمالها، إلا أنه لم يقرّ يومها سوى مشروع تعديلات على قانون السير. الجديّون في موضوع السلسلة عليهم أن يصوّتوا على مشروعها والمشاريع الممولة لكلفتها، وإقرارها بدلاً من تحويلها إلى ضريبة وحاصلات مالية احتياطية في الموازنة».
بحسب مصادر وزارية، فإن ما قاله قزّي كرّره أكثر من وزير في الجلسة، ولكن بعيدا عن اسلوب «القصف» المتبادل بين الوزراء المعتاد، بل كان تعبيرا عن عدم جدّية في النقاش، ووسيلة للتمييع عبر تظهير وجود انقسام في وجهات النظر حول إدخال إيرادات السلسلة في مشروع الموازنة، أو إبقائها خارج الموازنة لحين إقرار السلسلة في مجلس النواب.
المعروف ان ربط السلسلة بالموازنة كان شرطا وضعته كتلة القوات اللبنانية عشية انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس النواب بالاتفاق مع رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة. الاخير يسعى إلى الحصول على براءة ذمّة مالية مقابل الموافقة على إقرار مشاريع الموازنة سلسلة الرتب والرواتب والاجراءات الضريبية الجديدة. وبحسب احد وزراء 8 اذار «يمكن الاستنتاج ان اي بحث جدّي لن يبدأ قبل ان يضمن السنيورة براءة الذمة... وهو يستدرج الحديث معه مباشرة لصياغة تسوية لا يريدها الجميع الآن».
تشير مصادر متابعة إلى ان خلفيات مواقف الوزراء امس ليست بالضرورة متماثلة، هناك من لا يريد موازنة اصلا، وهناك من لا يريد السلسلة، وهناك من لا يريد ضرائب جديدة، وهناك من له مصالح شخصية يريد تأمينها قبل الدخول باي تسوية.
لا يكتمل مشهد النقاش في موضوع سلسلة الرتب والرواتب من دون حزب الله. ففي هذه الجلسة بالذات كان وزراء الحزب يغرّدون منفردين في النقاش. وبرغم أن النقاش كان يتركّز على إدخال إيرادات السلسلة في الموازنة أو إخراجها منها، كان وزير الصناعة حسين الحاج حسن يركّز على ضرورة البحث عن إيرادات جديدة لتغذية الخزينة العامة وعن إعادة تصويب كل السياسات الاقتصادية من خلال الموازنة العامة. وجهة نظر الحاج حسن مبنية على أساس أن «النقاش في الموازنة مستنفد»، وبحسب مداخلته فإن «الأرقام المعروضة في مشروع الموازنة هي شبه ثابتة لجهة خدمة الدين العام والرواتب والأجور وملحقاتها وكلفة الكهرباء... هذه العناصر الثلاثة تمثّل أكثر من 70% من الموازنة، فيما الإنفاق الاستثماري يبلغ 8%، وهذا ما يحتم علينا أن نبحث عن إيرادات جديدة. هذه الأرقام واضحة مثل عين الشمس ولا لبس فيها، إلا أنه بين الإيرادات المتاحة هناك النفط الذي يجب البدء باستخراجه. كذلك، يجب علينا أن نعيد تصويب السياسات الاقتصادية المكرسة في لبنان، لأن العجز التجاري بلغ 17 مليار دولار، وقد يرتفع سريعاً إلى 18 ملياراً، وهذا ما يفرض علينا أن نخفف الاعتماد على الاستيراد، وأن نحاول زيادة الإنتاج المحلي لتغذية السوق المحلية ولزيادة التصدير أيضاً».
وبرغم أن مداخلة الحاج حسن كانت أجدر بالنقاش، إلا أنها بدت كأنها أفكار من فضاء ثانٍ، إذ علّق أحد وزراء 14 آذار على مشهد الاصطفاف السياسي في الجلسة وانفراد حزب الله بتسجيل موقف خارج إطار السجال الذي دار، ممازحاً: «كلّ شغل الحزب... برّا!».
 

  • شارك الخبر