hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

الابعاد الاستراتيجية للعلاقات السعودية ? المصرية

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:47

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الخليج الاماراتية

 في خضمّ الهياج السياسي والعسكري الذي تعيشه المنطقة، لعله من المفيد إستذكار بعض تاريخ وواقع العلاقات بين بعض الدول، وقد يكون من المفيد ايضاً تسليط الضوء على واحدة من اهم هذه العلاقات، لما لها من تأثيرات سياسية وعسكرية، وما تحمله من معاني لايمكن تجاهلها في سياق الحراك الاقليمي المُتنامي.
العلاقات السعودية – المصرية، تتمتع بتأثير جيوبوليتيكي وازن على مستوى الشرق الاوسط والقرن الافريقي، وفي السياق العربي على وجه التحديد، ذلك ان الدولتان تتمتعان بقوة استراتيجية لا يُستهان بها. فمصر اكبر دولة عربية من حيث عدد السكان والثالثة من حيث المساحة، وتتمتع بموقع جغرافي مُتميِّز، وفيها واحد من اهم انهار العالم ( النيل) وقناة بحرية من بين عدد قليل من الممرات المائية البالغة الاهمية على المستوى الدولي. اما المملكة العربية السعودية فتُمثل اكبر اقتصاد عربي، وثاني دولة عربية من حيث المساحة، واول مُنتج للنفط في العالم، وفيها اكبر مخزون من هذه المادة الحيوية. وللدولتان قدرات عسكرية لا يُستهان بها.
تعود علاقة التعاون بين الدولتين الى تاريخٍ غابر، فقد وقَّع الطرفان اول معاهدة صداقة بينهما في العام 1926، وفي 27/10/1955 ابرمت الحكومتان السعودية والمصرية اتفاقية دفاع مشترك تتعهد الواحدة منهما بالدفاع عن الثانية في حال تعرضها لعدوان، وبالفعل فقد وقفت السعودية مع مصر بقوة إبان العدوان الثلاثي الذي استهدف قناة السويس في العام 1956، ومنحتها هبة نقدية بمبلغ 100 مليون دولار كان له اثر بالغ في وقف انهيار المالية المصرية المُحاصرة من الدول الغربية الكبرى المُعتدية، وتحديداً من بريطانية وفرنسا ومعهما " اسرائيل " حينذاك.
وسارت العلاقات بين البلدين على ذات الوثيرة من التعاون رغم بعض الاخفاقات التي حصلت في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، وكان للتوتر الذي حصل حينها بين البلدين انعكاسات سلبية، واضعف الموقف العربي في مواجهة العدوان "الاسرئيلي" عام 1967، إلا ان للملك الراحل عبد العزيز آل سعود قول شهير، مازال يتردد حتى اليوم وهو: لاغنى للعرب عن مصر ولا غنى لمصر عن العرب.
بعد ثورة 30 يونيو 2013 قدمت السعودية لمصر مبلغ 5 مليار دولار على دفعتين لتدعيم مكانة الحكومة المصرية بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم في القاهرة، كما قدمت الرياض للقاهرة ملياري دولار كودائع نقدية وملياري دولار كتقديمات عينية، وفقاً لما اعلنه ولي العهد السعودي الامير مقرن بن عبد العزيز امام مؤتمر دعم الاقتصاد المصري الذي انعقد في شرم الشيخ منتصف آذار/مارس الماضي. والاستثمارات السعودية في السوق المصرية تتجاوز ال 7,5 مليار دولار ، و التبادل التجاري وصل الى 3,2 مليار دولار في العام 2014، ويعمل في السعودية اكثر من 1,8 مليون مصري ( وفقاً للإحصاء الرسمي ) تشمل اعمالهم مختلف المهن، لاسيما منها الطب والصيدلة والهندسة والتعليم والمحاسبة.
تسارُع الاحداث في المنطقة، لاسيما الانفلاش السياسي والعسكري للمليشيات الحوثية المدعومة من الخارج، دفع بالتعاون بين مصر والسعودية الى الواجهة، من دون التقليل من اهمية الاصطفاف العربي والدولي الذي يقف ضد الفوضى في اليمن.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي تُشكل بلاده جزء من محور " عاصفة الحزم " يقول ان التعاون بين القاهرة والرياض اساس للإستقرار والامن في الشرق الاوسط، وهو اعلن في 4/4/2015 ان مصر لن تتخلَّى عن اشقائها في منطقة الخليج العربي، وهي تعتبر الملاحة في باب المندب من اولوياتها، نظراً لما تًشكله قناة السويس من اهمية للإقتصاد المصري، وهي الشريان الاساسي الثاني من حيث الاهمية - بعد نهر النيل – وهي ترفد هذا الاقتصاد بالموارد المالية، وتؤمن عشرات الألاف من فرص العمل.
بتاريخ 14/2/2015 اجرت القوات العسكرية المصرية والسعودية مناورة مشتركة في البحر الاحمر، شاركت فيها القطع البحرية والطائرات، وفي الوقت ذاته كانت اعمال الفوضى والتمرُّد على الشرعية تتفاقم في اليمن ووصلت الى حد الاستيلاء بالكامل على العاصمة صنعاء، وتهديد ممر باب المندب بعد وصول المليشيات الحوثية الى محافظة تعز الاستراتيجية في الجنوب وتطويق العاصمة المؤقتة عدن.
تعاملت الاطراف الاقليمية الأُخرى بإستهتار مع إشارة الاعتراض السعودية – المصرية التي عبرت عنها المناورات العسكرية، وبدت هذه الاطراف كأنها تدفع الميليشيات التابعة لها في اليمن الى حافة الهاوية ضناً منها انها يمكن ان تجري تعديلات على خارطة توزُّع القوى في المنطقة في الوقت الضائع، اي في الوقت الذي ينصبُّ فيه الإهتمام الدولي على محادثات لوزان حول الملف النووي الايراني، وتنشدُّ اهتمامات القوى الأُخرى على معركة تحرير مدينة تكريت العراقية من عصابات داعش.
انتفض انتفظت مصر والسعودية ومعهما القوى الخليجية والعربية الأُخرى في وجه استباحة الشرعية اليمنية، والتي طالت كل التراب اليمني، وهددت مصالح هذه الدول، واربكت التجارة الدولية برُمتها. والتدخُل العسكري السعودي – المصري في اليمن كان شراً لا بُد منه، برغم حرص البلدين - على ما اعلن المسؤولين فيهما – على الحوار وتعزيز فرص الحل السلمي.
 

  • شارك الخبر