hit counter script

مقالات مختارة - هيام القصيفي

حوار المستقبل وحزب الله: الحاجة أمّ الاختراع!

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

اخترع حزب الله والمستقبل الحوار بينهما لغاية في نفس يعقوب. كلاهما يبغيان من الحوار الدائر حول خلافات عميقة، أن يبقيا سقف الاستقرار عالياً. وفي ذلك فوائد لكليهما


منذ أن بدأ الحوار بين المستقبل وحزب الله، في نهاية العام الماضي، ومسلسل التبريرات التي يعطيها الطرفان يتوالى فصولاً، وأبرزها أن هدفهما المشترك تهدئة الشارعين السني والشيعي. لكن أن تنعقد جلسة حوارية بين الطرفين في عز السجال الإعلامي بين حزب الله والسعودية، ووسط اعتراض شريحة أساسية من المستقبل، فهذا يعني أن ثمة خلفيات أعمق بكثير من التي تظهر لجمهور الفريقين.

ومن تابع بدقة خطب قيادات ونواب من الطرفين في الآونة الأخيرة، حبس أنفاسه ظناً بأن جلسة حوار الأمس أصبحت في خبر كان. لكن ما حصل أكد مرة أخرى أن المراجع الإقليمية لا تزال تعطي ضوءها الأخضر لعدم جرّ لبنان، في الوقت الراهن، إلى خط الزلازل الممتد من اليمن إلى العراق وسوريا.
حتى الآن نجحت قيادة المستقبل في تخطي المترددين والمعارضين في الداخل لاستمرار الحوار مع حزب الله، لا بل ذهبت في الآونة الأخيرة إلى انتقادهم بقسوة في مجالس تضم حلفاءها، إلى حد استخدام عبارات لاذعة في حقهم، للتأكيد أن هذه الأصوات لا تعبّر عن رأي التيار، وأن من يعبّر عنه هو الرئيس سعد الحريري وحده. والحريري الذي أكد في أكثر من محطة لافتة، كذكرى 14 شباط، استمراره بالحوار، جدد التزامه إياه، تزامناً مع السجال الحاد حول دور السعودية ودفاعه عنها، سواء عبر بياناته أو بيانات تياره الرسمية.
ورغم أن الظروف الإقليمية الحالية أوحت في لحظات دقيقة أنه يمكن المستقبل أن يتفلت من حواره مع الطرف الذي يعاديه بقوة، إلا أن ما حصل العكس تماماً. وفيما علت لهجة السعودية ضد حزب الله وعبّر السفير السعودي عواض العسيري في خطوات غير مألوفة عن ردّ فعل قاسٍ على الحزب، إلا أن اللافت أيضاً أن الحزب أيضاً ذهب إلى الحوار بخطى ثابتة.
بحسب مصادر سياسية مطلعة، فإن لكلا الفريقين اليوم أهدافاً مختلفة عن تلك التي دفعتهما منذ نحو خمسة أشهر إلى إطلاق الحوار بينهما. في حينه كانت الظروف الإقليمية أخف وطأة، وكانت بوادر ملامح تهدئة إقليمية بين طهران والرياض تلوح في الأفق، الأمر الذي دفع المستقبل وحزب الله إلى أول جلسة حوارية برعاية الرئيس نبيه بري، لتخفيف التشنج السني ــ الشيعي. وسار الحوار على إيقاع إقليمي متوازن، وبين ألغام حرب سوريا والعراق والتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، والحوار الأميركي ــ الإيراني حول التفاهم النووي وملفات الشرق الأوسط.


الحوار أهون
الشرين ولو ارتفعت اللهجة الحادة والاتهامات القاسية

لكن مشهد الشرق الأوسط تغير بعد خمسة أشهر، ودخل عامل اليمن بقوة على المسرح الإقليمي واللبناني، في شكل فاق ارتدادات حرب العراق وسوريا على لبنان، بسبب الدور السعودي المباشر في حرب اليمن. وهذا الدور تماماً هو الذي يقف كخلفية لموقف المستقبل في حواره مع حزب الله. بمعنى أن المستقبل يخوض «معركته» مع إيران والحزب من خلال التدخل السعودي في اليمن، ومن خلال مواجهة الرياض دور إيران وحزب الله والحوثيين معاً على أرضها. لا رغبة للمستقبل، بحسب أدبياته، أو أنه يعرف أن لا قدرة لديه على مواجهة الحزب في لبنان، فحجم الطرفين العسكري والأمني غير المتكافئ لا يمكن أن يسهل أي مواجهة بينهما، ولو كانت أسباب الصدام كثيرة. لذا، يصبح الحوار أهون الشرين، ولو ارتفعت اللهجة الحادة والاتهامات القاسية... على خلفية اليمن فحسب.
أما الحزب، فله أيضاً دوافعه التي تبقي مواقفه حادة من السعودية في شكل تصاعدي وغير مسبوق أيضاً، لكن مع خفض سقف المواجهة الداخلية. وهذا القرار هو الذي يدفعه إلى لقاء المستقبل، في وقت تدك فيه غارات الطائرات السعودية مواقع الحوثيين، وتدفع الرياض باتجاه تعزيز أوراقها في سوريا وتجميع الأطراف المعارضين لمواجهة حزب الله في أماكن انتشاره. يريد حزب الله حماية ظهره في الداخل اللبناني، عبر مواصلته الحوار مع المستقبل، ويريد وضعاً داخلياً متماسكاً إلى الحد الأقصى، لأنه لا يريد تشتيت وضعه الأمني والعسكري في سوريا وفي لبنان أيضاً. وهو لا يريد أي رمال متحركة تجعل من الساحة الداخلية عنواناً لأي فتنة سنية ــ شيعية ولأي عمل عسكري قد يورطه في أحداث داخلية. لذلك، كان الاهتمام الأمني للحزب ولغيره بتطويق تداعيات يمكن أن تتفلت من عين الحلوة، ويمكن أن تنسحب على أكثر من بقعة أمنية حساسة. وبقدر ما يحرص الحزب اليوم على معالجة أي ذيول أمنية، لا تورطه في تفاصيل محلية وتلهيه عن وجهته الأساسية الحالية في سوريا وعلى مقربة من الحدود اللبنانية حيث تتعدد سيناريوات الحرب المقبلة، فإنه يرغب في تفادي أي إشكالات سياسية قد تقع على هامش الواقع السياسي المتردي، كما حصل أكثر من مرة في جلسات الحكومة.
وما دام الطرفان يعرفان تماماً حدود اللعبة بينهما وأهداف الحوار الجاري، يبقى الوضع الداخلي تحت السيطرة، وتبقى جلسات الحوار جارية، مهما علت النبرات والتهديدات المتبادلة.
 

  • شارك الخبر