hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - وسام سعادة

صواريخ إس 300: «الاتفاق النهائي» ليس تحصيل حاصل

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المستقبل

في وقت واحد، اختار الروس رفع الحظر على توريد صواريخ إس 300 إلى إيران، والاكتفاء بالامتناع عن التصويت على قرار مجلس الأمن الأخير بشأن اليمن والمدرج تحت الفصل السابع وبالتالي تمرير القرار بدلاً من استخدام حق النقض.

رفع الحظر عن صواريخ إس 300 سيمنح إيران في وقت قريب القدرة على تطوير نوعي وشامل لمنظومتها الدفاعية بوجه أي هجوم جويّ يمكن أن تتعرّض له. كان ينظر سابقاً الى هذا التجميد للصفقة المبرمة بين موسكو وطهران عام 2007 كبادرة قام بها الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف للتقرّب من الغرب وحجز مكانة أساسية لبلده في المسار التفاوضي مع طهران حول برنامجها النووي، هذا في وقت لم توقف فيه موسكو مدّ ايران بالخبرة النووية والخبراء، خصوصاً في مفاعل بوشهر. تقرير كارين دميرجيان في «واشنطن بوست» يذكّرنا بأن موسكو لم ترفع هذا الحظر العام الماضي يوم فرض عليها الأميركيون والغربيون عقوبات اقتصادية ومالية على خلفية الأزمة الأوكرانية.

اختيار لحظة ما بعد توقيع «اتفاق الإطار» بين مجموعة الدول الست وبين ايران للافراج عن هذه الصواريخ يأتي اذاً في سياق محدّد: التأثير النوعي على المسافة التي تفصلنا عن الموعد المحدّد للاتفاق النهائي حول البرنامج النووي الايراني، والتخفيف من «واقعية» الهجمة الجوية التي يمكن أن تستهدف ايران في حال انتكاسة المفاوضات. في الوقت نفسه، الافراج عن صفقة الصواريخ يسحب من المعترضين في الكونغرس وفي اسرائيل وغيرها على الاتفاق سهولة تحريك «المخيّلة الهجوميّة الجوّية»، لكنه يقوي في الوقت نفسه الحجّة التي يسوقها المعترضون على المآل التفاوضي الحالي، في ما يتعلّق بفاعليّة الإتفاق، وعناصر القوة والجهوزية والسرعة المطلوبة في حال انحرفت ايران عن تطبيقه أو زوّغت، وفي ما يتعلّق بالحاجة الى ربط رفع العقوبات بما يتعدّى النووي الى ترسانة الأسلحة الباليستية.

وفيما يواصل الجمهوريون في مجلس الشيوخ محاولة اقناع ما يكفي من ديموقراطيين لفرض حق الكونغرس في النظر بالاتفاق النهائي وتأمين العدد الكافي لتعطيل الفيتو الذي يعد الرئيس باراك اوباما بمواجهتهم به، كانت لافتة الأفكار التشاؤمية التي طرحها وزيرا الخارجية السابقان هنري كيسنجر وجورج شولتز في «وول ستريت جورنال» بشأن ايران والنووي. الاطار العام ان ايران استفادت كثيراً من أعوام المفاوضات الطويلة كي تطور مشروعها الى ما وصل اليه الآن، وأن جهدها المحموم ما بعد توقيع اتفاق جنيف التمهيدي في 24 تشرين الثاني 2013 والى اليوم، لتطوير مفاعل المياه الثقيلة في اراك، لا يبشّر بالخير، وانّ اتفاق الاطار الذي تم التوصل اليه في لوزان اوائل هذا الشهر سيبقي ايران طيلة عشر سنوات على مسافة عام واحد، في أحسن تقدير، تفصلها عن تصنيع القنبلة الذرية. هذا بالاضافة الى تشكيك كيسنجر وشولتز بإمكانات وموارد وكالة الطاقة الذرية، وتحذيرهما من الخبرة النووية العميقة والطويلة لطهران التي تجعلها قادرة على التحايل والمراوغة في بلد شاسع كإيران، وتنبيههما الى ان ما أذيع حتى الآن ليس نصاً رسمياً لاتفاق الاطار، بل هو «التفسير الأميركي له».

الممانعات المختلفة بازاء «اتفاق الاطار»، والنظرة التشاؤمية التي يقدّم كسينجر وشولتز عينة منها، وتلك التي عبّر عنها المرشد علي خامنئي، والافراج الروسي عن صواريخ ارض – جو إس 300، تعني شيئاً واحداً: الاتفاق النهائي ليس أمراً مفروغاً منه سلفاً، والسؤال أيّ من هذه الضغوط ستنجح في التأثير على الحصيلة النهائية للمفاوضات، سيما وأن المبدأ الذي يقوم عليه التفاوض ان كل نقاط الاتفاق تعتبر لاغية في حال لم يتم التوصل الى الاتفاق النهائي على كافة البنود.

وفي وقت حاول الاسرائيليون تحميل ادارة اوباما مسؤولية الخطوة الروسية الأخيرة، بوصفها ترجمة اولية لاتفاق الاطار، تسعى موسكو إلى عدم الدخول في أي أزمة مع اسرائيل، خصوصاً وأن ميزان التبادل التجاري بين البلدين في ازدهار، وكذلك التعاون التكنولوجي، زد على ان اسرائيل لم تجارِ الغرب في عقوباته ضد روسيا، «ونأت بنفسها» عن تداعيات الأزمة الأوكرانية.

تحاول موسكو أن تثبت أنّه لا غنى عن دورها في معالجة الملفات الملتهبة في الشرق الأوسط، وتفتيت العزل الغربي لها انطلاقاً من تثبيت دورها في «الحل والعقد»، بأن تفرج عن صفقة صواريخ هنا، وتمرّر مشروع قرار دولي هناك، ناهيك عن أبعاد زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للقاهرة، حيث نحن أمام عاصمتين تبتغي كل منهما تنويع مصادر سياستها الخارجية. لكن موسكو تبدو براغماتية في كل المسائل الاقليمية الا واحدة: دعمها المستميت لنظام بشار الأسد حتى الآن، بصرف النظر عن استقبالها وفوداً سورية معارضة. ورغم ذلك، فان السياسة الروسية في المنطقة مترابطة في جمعها بين الملفات. قاعدتها بسيطة: لكلّ شيء ثمنه. هذا في حين تتسم السياسة الأميركية في المنطقة بالفصل بين الملفات كما لو كان لكل منها آليته الخاصة: فالنووي يبحث بمعزل عن سواه، وفي عز الحرب اليمنية الحالية تتابع واشنطن حربها ضد تنظيم «القاعدة« في اليمن، وآخرها اغتيال القيادي فيه، ابراهيم الربيش بطائرة من دون طيار.
 

  • شارك الخبر