hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - إياد الدليمي

صراع طائفي أم قومي؟

الثلاثاء ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

لم يعد سراً، ولا غريباً، أننا، اليوم، نعيش صراعاً في المنطقة، قطبه الأبرز إيران، بينما لا تزال ملامح القطب المقابل تتشكل، وإنْ بصعوبة وبطء، وهو العرب الذين لم يبلوروا، بعد، سياسة واضحة تجاه عدوهم الذي تشكل في غفلة منهم طوال عقود أربعة مضت.
تسوّق إيران صراعها معنا على أنه طائفي مذهبي، تستغل، في ذلك، وجود شيعة منتشرين بين البلدان العربية، وإن كانوا أقلية، أو يزيد كما في العراق، وتستغل إيران حالة تهميش تعاني منها بعض هذه الأقليات، للّعب على وتر مظلوميتها، لدفعها من أجل الثورة والتمرّد، وحتى تهديد الأمن الداخلي لبلداننا العربية، كما حصل في البحرين، في أعقاب أحداث فبراير/ شباط 2011، وما تلا ذلك.
في 1979، اندلعت الثورة الإيرانية ضد حكم الشاه رضا بهلوي، وعلى الرغم من أن الاحتجاجات بدأتها الطبقة الوسطى التي كانت ترزح تحت خط الفقر، بينما الشاه وأركان مملكته كانوا يعيشون واقعاً باذخاً، بعيداً عن معاناة الشعب، الأمر الذي تفاقم وتطور عاماً بعد عام، خصوصاً بعد فشل خطة اقتصادية أعلن عنها الشاه، فجاءت التظاهرات معبّرة عن تطلعات الإيرانيين في التخلّص من ملكيةٍ، ما عادت قادرة على أن تساير تطلعاتهم.
دخل الإسلاميون الشيعة على الخط، واستغلوا أخطاء الشاه الذي أسرف في إبعاد الإيرانيين وتغريبهم، وشيئاً فشيئاً، انقلب الخميني على رفاق الأمس ممّن ساندوا ثورته، من يساريين وقوميين وغيرهم، ونصب المشانق لكل معارض له ولجمهوريته التي بدأ يفصّلها على مقاس تطلعاته. وهنا ظهرت إيران الشيعية التي تنظر إلى المنطقة على أنها جزء من موروثها القومي، متناسية شيعية الدولة، ومستغلة الجماعات الشيعية في البلدان العربية، لتكون جسراً للخميني وثورته، في الوصول إلى امبراطورية فارس التي لا يبدو أن إسلاميي إيران الشيعة يتصرفون بمعزل عنها، وعن أحلامهم بها.
في الحرب العراقية الإيرانية من عام 1980 حتى 1988، سعت إيران إلى استخدام الطائفية، لتفتيت الجبهة الداخلية في العراق، ونجحت في بدايات تلك الحرب، وتحديداً ما بين عامي 1980 و1982، من خلال أحزاب شيعية، في مقدمتها حزب الدعوة الإسلامي، الحزب الحاكم اليوم في العراق، والذي شن عدة تفجيرات وعمليات مسلحة، كان منها محاولة اغتيال الرئيس الراحل صدام حسين.
"لعلّ سؤال أي عراقي شيعي زار إيران، عقب 2003، تساعدك في فهم العقلية الإيرانية التي تتعامل مع العرب على أنهم عرب، بغض النظر عن طائفتهم ومذهبهم"
طوّق العراق تلك الفتنة التي كان يُراد لها أن تفتّت جبهته الداخلية، ولم ينجرف إلى المسار الذي كانت تريده إيران من تحويل الحرب العراقية الإيرانية إلى حرب بين السنّة والشيعة، وأضفى عليها طابعاً قوميا خالصاً، فكانت حرباً بين العرب والفرس، مستحضراً كل مؤامرات بني فارس على العرب والمسلمين، منذ ما قبل الإسلام وحتى بعد دخولهم الإسلام وبقاء النزعة الفارسية في نفوس بعض القوم، ممّن كانوا يحسنون صنع الدسائس والمؤامرات، وصولاً إلى نجاح ابن العلقمي، وزير المستعصم، في إضعاف دولة الخلافة، والتآمر مع المغول لاحتلال بغداد عام 656 هجرية.
اليوم، نحن إزاء حالة تحتاج منّا أن نوحّد خطابنا الإعلامي والسياسي، فعاصفة الحزم التي انطلقت، قبل نحو ثلاثة أسابيع، لم تكن ضد فئة من اليمنيين، قاموا بانقلاب على الشرعية وحسب، وإنما ضد مجموعة يمنية باعت نفسها لإيران، تحت شعارات طائفية ومذهبية، وبدأت تسعى للاستيلاء على اليمن، بالتعاون مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
من مصلحتنا اليوم، نحن العرب، أن نضفي الصبغة القومية على صراعنا مع إيران، وهي الصبغة التي لا تريدها إيران، لأنها تدرك أن سلاح القومية أمضى في حرب من هذا النوع. فاللجوء إلى طائفية الصراع يصب في خانة إيران بالمطلق، فهي لديها، طائفياً، شيعة عرب في العديد من دولنا، وبالتالي، يمنحها تحويل الصراع إلى طائفي فرصتها الذهبية، لمد جسورها، والتواصل مع الشيعة العرب في بلداننا، وبالتالي، تجنيدهم خدمة لمشروعها، وهو ما فعلته إيران طوال العقود الأربعة الماضية. وهي تخشى من قومية الصراع، لأن ذلك سيمنح العرب فرصة تاريخية، في حال تبلور مشروعهم السياسي، لمد يدهم إلى نحو 11 مليون عربي، يعيشون في أكبر إقليم إيراني، وهو إقليم الأحواز، ناهيك عن وجود نحو 70% من احتياطي النفط الإيراني في تلك المنطقة العربية، المقابلة لدولنا الخليجية.
على العرب الشيعة أن يدركوا أن إيران تنظر إليهم جسراً تعبر عليهم، وصولاً إلى غاياتها، فهي لا تهتم بالطائفة، كما تروّج في إعلامها، ولعلّ سؤال أي عراقي شيعي زار إيران، عقب 2003، تساعدك في فهم العقلية الإيرانية التي تتعامل مع العرب على أنهم عرب، بغض النظر عن طائفتهم ومذهبهم.
 

  • شارك الخبر