hit counter script
شريط الأحداث

خاص - ملاك عقيل

الخطة الأمنية في الضاحية: وأخيراً...

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٥ - 06:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بناء على تعميم حزبي داخلي، التزم نواب ووزراء وقيادات "حزب الله" الصمت الكامل حيال ما تضمّنته شهادة الرئيس فؤاد السنيورة على مدى أربعة أيام أمام المحكمة الدولية. الأمر نفسه انسحب على ردّات الفعل والمواقف ازاء ما أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق من واشنطن، حيث أشار أكثر من مرّة إلى الدور الذي تلعبه إيران في زعزعة استقرار لبنان و"تقسيمه". وقد أشار بالإصبع إلى أحداث اليمن للتدليل على النوايا الحقيقية لطهران في المنطقة، مساوياً بين تطرّف المجموعات الإرهابية و"التطرّف المذهبي المقابل".
هكذا، ورغم الرياح "السنيورية" التي هبّت باتجاه الضاحية من تحت قوس محكمة لاهاي، مذكّرة "بمحاولات الحزب المتعدّدة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري"، وإصرار المشنوق على تحميل إيران مسؤولية غياب الإستقرار في لبنان، مع ما يعني هذا الإتهام من انعكاس على تحميل "حزب الله" بشكل غير مباشر جزءاً من هذه المسؤولية، برز إصرار من جانب الحزب على تجنّب أي احتكاك كلامي يمكن أن يؤدي إلى عودة عقارب الحوار إلى الوراء. أحداث اليمن كانت كفيلة بخلق قواعد اشتباك مضبوطة على مستوى الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصرالله شخصياً، لكن مع الحرص على عدم تمدّد رقعة زيت الإحتقانات المتبادلة باتجاه يصعب تطويقه.
من اليمن وصولاً إلى سوريا والبحرين والعراق، مروراً بالموقف من الرياض وطهران، والشهادات أمام المحكمة الدولية وخروج بعض "المستقبليين" عن الخط الأحمر المرسوم كالرئيس فؤاد السنيورة والوزير أشرف ريفي، بقيت ردّات الفعل المتبادلة بين الضاحية و"بيت الوسط" تحت سقف التعهّد بالحفاظ على الحوار... ولو شكلاً!
أولياء الحوار إذاً مصّرون على إمداده بالأوكسجين اللازم، وإن كانت المواقف النارية، من قبل الجانبين، تزّنره بكل الإتجاهات. وفيما يستمر الكلام المنمّق والإستيعابي بين ممثلي "حزب الله" وتيار "المستقبل" في عين التينة، تتكثّف جهود التنسيق داخل حكومة الرئيس تمام سلام تحت عنوان ثابت: ممنوع سقوط هذه الحكومة. أما أحد أهم أوجه التنسيق فيُترجم في مجال الأمن.
بعد الخطة الأمنية في الشمال ثم البقاع أتى أوان خطة الضاحية. قبل سفر نهاد المشنوق إلى واشنطن طلب وزير الداخلية من كافة رؤساء الأجهزة الأمنية خلال اجتماع مجلس الأمن المركزي تجهيز المطلوب منهم لكي يصار إلى تحديد ساعة الصفر لانطلاق العملية بعد عودته من زيارته الأميركية.
المطّلعون يقولون أن هناك أياماً عدّة تفصل عن بدء تنفيذ الخطة الأمنية، فيما يحرص مسؤولو "حزب الله" على الطلب من جماعاتهم التعاون التام مع الأجهزة الأمنية والضباط والعسكريين المولجين بتنفيذ الخطة (الجيش، قوى أمن داخلي، أمن عام، أمن دولة).
هكذا، وبعد زلّة لسان من وزير الداخلية صُنّفت الضاحية كجزء من "الإستراتيجية الدفاعية" عاد، وتحت تأثير فَوَران دمّ عدد من قيادات تيار "المستقبل" اعترضت على هذا التحييد غير المبرّر، ليؤكد أن "الضاحية جزء من هذا البلد، ولا بد أن تشملها الخطط الأمنية". "حزب الله" لم يبدِ أي ممانعة، بل قدّم كل ما يُتاح لطمأنة الحكومة والأجهزة بأن الضاحية ليست خارج ثوب الشرعية. ومحاضر جلسات الحوار ومجلس الأمن المركزي شاهدة على ذلك.
بطبيعة الحال تحظى الضاحية بفعل نسيجها الإجتماعي (اللون الواحد)، وكونها مقرّاً لأهم رموز الحزب وقياداته، ولاعتبارها المقرّ المفترض لأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، بسلسلة استثناءات لا تنطبق على المناطق الأخرى. فلا مجال للحديث هنا عن نزع صور السيد نصرالله، أو صور قادة المقاومة، وصور الشهداء، والصور الحزبية، ونزع الأعلام واللافتات والشعارات، أو دخول المراكز الحزبية... كل هذا المشهد لا يندرج في بند الخطة الأمنية للضاحية.
منذ اليوم الأمني الأول الذي نفذّته القوى الأمنية بقرار من وزير الداخلية السابق مروان شربل في 23 أيلول من العام 2013، كُسِر "التابو" الذي لطالما حكم وضع الضاحية الجنوبية لبيروت. منذ ذلك اليوم أصبح للعسكر مساحة عمل أوسع من مجرّد تنظيم السير في زواريب المنطقة المحسوبة على "حزب الله" (انتشر نحو 1200 عنصر من قوى الأمن والأمن العام والجيش)، فيما توسّعت منطقة العمليات أكثر وأكثر مع بدء التفجيرات الإرهابية التي طالت الضاحية.
قبل ذلك بنحو عام أيضاً، سقط المقدّم عباس جمعة شهيداً بعدما قضى متأثراً بإصابة خطرة تعرّض لها أثناء محاولته توقيف المطلوب "عنتر" كركي في منطقة الغبيري (كان كركي مطلوباً بعشر مذكرات توقيف، وصدرت بحقه أربعة أحكام قضائية تصل إلى المؤبّد والأشغال الشاقة).
اليوم لا تختلف الخطة الأمنية للضاحية عن جوهر ما حصل قبل نحو عام ونصف، حيث سيصار إلى تسيير الدوريات وإقامة الحواجز في عمق الضاحية وتنفيذ مداهمات لاعتقال مطلوبين (سرقات، إحتيال، فرض خوات، مخدّرات، دعارة، السلاح الفردي...). ويقول مسؤول بارز في الحزب "نحن نرفع الغطاء عن الجميع، وهناك استحالة لأي مطلوب للعدالة بأي جرم أن يتلطّى بعباءة الحزب أو يختبئ في أحد مقاره"!.
التعاون بين الأجهزة الأمنية وأمن "حزب الله" أمر مفروغ منه. مسؤولو الحزب يضعون كل إمكاناتهم بتصرّف الخطة، خصوصاً أن هناك حاجة ملحّة من جانب "حزب الله" وجمهوره إلى التخلّص من الحمل الثقيل لأصحاب السوابق الذين يضرّون بصورة منطقتهم، مع التسليم بأن بعض البقع الحسّاسة داخل الضاحية تحتاج إلى معالجات إستثنائية "وعلى البارد".
 

  • شارك الخبر