hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

صوت واحد: إنتخبوا الرئيس الماروني

الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠١٥ - 06:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في وقتٍ يَعجز مجلس النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية، وتغرق المنطقة في أتون حروبٍ لا تنتهي، تُصِرّ بكركي والقيّمون على الحوار المسيحي - الإسلامي على حماية الميثاق من خلال انتخاب الرئيس الماروني المسيحي الوحيد في الشرق، ونبذِ التطرّف، ودعمِ الأجهزة الأمنية الشرعية، وتحصينِ لبنان وتحييده عن عواصف المنطقة.

عندما يَصل المأزقُ السياسي الى حدِّ الضيق الذي نعيشه اليوم، تُسارع المرجعيات الروحيّة في لبنان الى عقد قمة روحية تُحاول قدر الإمكان إعادة القطار الى السكّة الصحيحة، ويتحوّل العاملون على خطّ الحوار المسيحي - الإسلامي خليّة نحل تسعى الى الحفاظ على صورة لبنان بتنوّعه الديني والمذهبي.

قمّة بكركي أكثر من ضرورية، فلبنان الصورة الجامعة ومنتدى حوار الطوائف، يُمحى من على خريطة المنطقة، فهو لم يعد موجوداً في العراق حيث تلعب الحرب المذهبيّة لعبتها، وتُمزّق بلاد الرافدين، وتُهجّر الكلدان والسريان والآشوريين، ولبنان خرَج من سوريا أيضاً بعد لعبة الدم الطائفية، ويُودّع المنطقة بعد دخولها مجزرة النزاعات الطائفية.

أمام هذا الواقع، كانت الدعوة الى عقد قمّة روحية في بكركي نظراً لما يُجسِّده الصرح البطريركي من رمزية تاريخية عند المسيحيين المشرقيين، ونور أمل بأنّ لهم مرجعيّة قادرة على جمع القادة الروحيين من مختلف الطوائف، وتوحيدهم على كلمة واحدة تمثّل تطلّعات المسيحيين واللبنانيين على حدٍّ سواء.

شدَّ كلّ مسؤول روحي العزيمة، وتوجّه الى جونية التي تنبض بالحركة الدائمة، ومن عاصمة كسروان صعدوا الى بكركي وسط تدابير أمنية مشدّدة، فأوضاع البلد لا تسمح بالتلكؤ الأمني. الصرح يُجدّد نفسه، وهو في ورشة بناءٍ مستمرّة، إذ يشهد مدخله نفضة عمرانية، تاكيداً على البقاء والتطوير، وقد إستُحدث حوض على مدخله لزراعة الورود والأشجار في رسالة تدلّ على الإستمرار في هذا الشرق.

وقف النائب البطريركي العام المطران بولس صياح يستقبل الوافدين، ولم يخلُ الإنتظار من دردشة مع الصحافيين عن أوضاع المسيحيين ولبنان، حيث يسخر صياح وتستفزّه فكرة أنه لم يبقَ للمسيحيين كلمة في لبنان، فيقول: «عودوا الى وضعنا في التسعينات وكيف كنّا مهزومين، والآن وضعنا أفضل بكثير، لا تدعوا معنوياتكم بالأرض».

لا يهدأ هاتف صياح، إذ إنه كان يُنسّق اجتماع لجنة الاحزاب المسيحية الخاصة بمتابعة ملف الحوض الرابع في المرفأ من جهة، وينتظر وصول شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن الذي تأخّر من جهة أخرى. في وقت كان الهواء يهبّ في بكركي، حاملاً معه براعم الأشجار التي تتفتح.

ما إن وصل شيخ العقل حتّى بدأ الإجتماع في حضور السفير البابوي غابريال كاتشيا.، فتوسّط البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وبالقرب منهم جلس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة،. وقد افتتح الاجتماع بكلمة ترحيبية للراعي أكّد فيها أهمية القمة الروحية ودورها.

بعد ذلك وقف الجميع دقيقة صمت احتراماً لشهداء الجيش اللبناني بناءً على طلب مفتي الجمهورية، وتوجّه المجتمعون بالتعزية إلى الطائفة الآشورية بوفاة البطريرك مار دنخا الرابع.

وعند الساعة الثانية عشرة ظهراً دقّ جرس بكركي إيذاناً بوقت الفطور، وبعده بقليل انتهى الإجتماع، وتوافد الجميع الى مأدبة الغداء باستثناء قبلان الذي غادر.

تأخر البيان الختامي، ودارت مناقشات لتعديل النصّ الأساس، وفي هذه الأثناء كان القادة يغادرون، حيث أكد المفتي دريان لـ«الجمهورية» أنّ «التسمية تعبّر عن أجواء هذه الجمعة الروحية وتوقيتها، فهي قمّة بكلّ ما للكلمة من معنى في هذه الظروف، والبيان الختامي يشرح كلّ التفاصيل»، مؤكداً أنّه والراعي على تنسيق وتناغم تامّ، «وأنا معه في كلّ ما يُقرّره».

بعد مشاورات طويلة وتعديلات، صدر البيان الختامي فأكّد ضرورة إنتخاب الرئيس الماروني- المسيحي الوحيد في الشرق، مبدياً عدم رضاه عن الحوار «لأنه لم يلامس الوجع الأساسي». ودعا إلى محاربة التكفير والتصدي للإرهاب، ومعالجة ازمة النازحين «لأنّ لبنان لم يعد قادراً على تحمّل الأعباء»، مشدِّداً على أهمية دعم الجيش والقوى الأمنية، والحفاظ على المسيحيين في الشرق.

وفي هذا الإطار أكّد البطريرك غريغوريوس الثالث لحام لـ«الجمهورية»، أنّ «مجرّد انعقاد هذه القمة يُعَدّ أمراً إيجابياً. فعلى رغم القتل والحروب المذهبية فإنّ القادة الروحيّين يجتمعون في بكركي ليخرجوا بموقف موحَّد»، معتبراً أنّ «لهذه القمّة صدى، حيث سنبقى نصرخ وصوتنا سيعلو من بكركي لوقف آلة القتل والتدمير وحماية المسيحيين في الشرق، ولن نستسلم لآلة القتل والتهجير، فلا صحّة لما يُقال بأنْ لا قيمة للقمّة».

إنتهت القمّة الروحيّة، وعلى رغم السقف العالي التي خرجت به، إلّا أنّ حقيقة واحدة تبقى راسخة في بكركي وهي أنْ «لا رئيس في المدى المنظور».

  • شارك الخبر