hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ناصر زيدان

عوامل توتير سياسي غير محسوبة

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٥ - 06:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

تقول اوساط سياسية متابعة لتطور الاحداث في لبنان؛ ان ثمتَ عوامل توتير سياسي دخلت بقوة على مسار الازمة تحمل بوادر تصيعد في الخلافات القائمة، وتُنذر بتفاقم الامور، بعد مرحلة من الهدنة، ساهمت في ارسائها الحوارات التي حصلت بين الاطراف المُتخاصمة، لاسيما الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله.
وتتخوَّف هذه الاوساط من بعض المؤشرات التي توحي بإمكانية تغيير قواعد الاشتباك السياسي، خصوصاً ان هذه المؤشرات تترافق مع تباعد المواقف بين الدول الاقليمية الكبرى، على خلفية تصاعد الاحداث في اليمن والتصريحات الحادة التي رافقتها، ومن جراء الاستفراد في خطة مواجهة المدّ الداعشي في العراق، لاسيما في معركة تكريت، بعد ان كانت هذه المواجهة مناسبة لتقريب وجهات النظر بين القوى الكبرى، وقد اشتركت قوى دولية وعربية في محاربة " داعش " من دون تردد، لكن تصريحات قائد فيلق القدس قاسم سليماني اعادت الامور الى المُربع الاول.
ومن اهم العوامل التي يُخشى من تأثيراتها السلبية على الوضع في لبنان، كلام بعض المسؤولين الايرانيين، وآخرهم وزير الثقافة علي جنتي، الذي قال: ان امن لبنان من امن ايران. وبصرف النظر عن خلفيات التصريح التي قد تكون بنيِّة تعزيز العلاقات السياسية بين البلدين، لكن تأثيرات هذا التصريح ستفعل فعلها في الاتجاه المُعاكس، ذلك ان مجموعة كبيرة من القوى اللبنانية، لا ترتاح لمجرى التداخلات القائمة بين الدولتين، وهذه القوى تعتبر ان بعض المسؤولين في طهران يساهمون في اطالة امد الفراغ في سدة الرئاسة اللبنانية، ويبالغون في التدخلات الافقية مع بعض الاطراف الحزبية التي تدور في فلكهم على حساب دور الدولة ومكانتها.
امَّا المحطة الأُخرى غير المحسوبة، والتي ربما يكون لها ارتدادات على الاوضاع اللبنانية الهشَّة؛ فهي مجرى سير استماع الشهادات امام المحكمة الدولية الخاصة في لبنان، والتي تعقد جلسات علنية في لاهاي، للوصول الى الحقيقة في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.
وتقول اوساط قانونية متابعة لجلسات المحاكمة، ان تساؤولات كبيرة تُطرح حول الكيفية التي يتم فيها طرح الاسئلة على الشهود، من دون مراعاة مكانة هؤلاء الشهود؛ وحتى اختصاصاتهم المهنية، او مسؤولياتهم السياسية، كطرح سؤال ذات طابع عسكري صرف على مسؤول سياسي لا يعرف بالامور العسكرية. وتقول هذه الاوساط ان جزء كبير من الشهادات تحوَّل الى تحقيق مع هؤلاء الشهود، وتمَّ ادخالهم في مسارات سياسية ليست ضرورية لمجرى المحاكمة، والبعض منها معلومات معروفة لدى القاصي والداني، وتكرارها لايُقدِّم ولا يؤخر، والاوضاع في لبنان اليوم لاتتحمل استعادة كُل موبقات فترة الوصاية السورية، خصوصاً في جو الحوارات القائمة.
ومن العوامل التوتيرية غير المحسوبة، وربما جاءت بالصدفة، افادة الرئيس الاسبق للحكومة ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة امام المحكمة الدولية، والتي اشار فيها الى ان الرئيس الشهيد قال له: ان حزب الله حاول اغتياله اكثر من مرَّة، رغم ان السنيورة تجنَّب في اليوم التالي اتهام حزب الله بتنفيذ عملية الاغتيال المشؤومة.
القوى التي تدور في فلك حزب الله اتهمت السنيورة بنكأ الجراح، وبمحاولة تخريب الحوار القائم بين حزب الله وتيار المستقبل، وسبق تصريحاته في لاهاي، اذاعته لبيان قوى 14 آذار في البيال، والذي اعتبره حزب الله استهدافاً سياسياً، لأن البيان اتهم الحزب بتخريب مسار الانتظام العام في الدولة، وربط لبنان بأحلاف اقليمية خارجية.
العوامل التوتيرية المُستجدة، سيكون لها تأثيرتها على مسار العملية السياسية المُعقدة في لبنان، لاسيما وانها تترافق مع وجود ملفات خلافية كبيرة على الساحة، منها عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والفراغ الذي يُهدد مواقع اساسية في الدولة، وتحديداً موقع قيادة الجيش ورئاسة الاركان وقيادة قوى الامن الداخلي، والتبايُن واسع بين القوى السياسية الاساسية حول كيفية مُعالجة هذا الفراغ القادم.
العماد ميشال عون يعارض تمديد خدمات القيادات العسكرية، ويعتبر الامر مُخالفة للقانون، ويحرم كبار الظباط المؤهلين من الوصول الى سدَّة المسؤولية، ومنهم صهره العميد شامل روكوز، بينما يعتبر وزير الدفاع سمير مُقبل ان خيار التمديد الزامي في ظل عدم التوافق، لكي لا يحدث فراغ في المؤسسة العسكرية التي تُعتبر الملاذ الآمن الاخير للبنانيين، والجيش وحده القادر على تجنيب البلاد ويلات الإنزلاق الى الفوضى، وهو دون غيره الذي يتصدى للمجموعات الارهابية.
الاتفاق غير المُعلن على تنظيم الخلافات السياسية الواسعة بين القوى السياسية والطائفية والمذهبية المتنوعة، قد يُعطِّل مفاعيل عوامل التوتير المُستجدة، اذا لم يكُن هناك عوامل أُخرى ليست في الحسبان، او اذا لم يكُن هناك قرار في تغيير قواعد الاشتباك السياسي في ضوء تصاعد التوتر في المنطقة. اما اذا كان هناك قرار خلف التصريحات العالية النبرة، عندئذٍ يمكن ان تكون البلاد امام تحديات امنية وسياسية سلبية غير محسوبة.
  

  • شارك الخبر