hit counter script

مقالات مختارة - كلوفيس مقصود

قمة شرم الشيخ والمصير العربي

الأحد ١٥ آذار ٢٠١٥ - 10:47

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

العربي الجديد

تلتئم القمة العربية وسط أجواء شديدة التوتر والخطورة، في ظل حالة تشرذم غير مسبوق، ونزاعات لم تختبرها الدول العربية بهذا الحجم، منذ تأسيس جامعة الدول العربية. كما تختبر الأمة العربية تفاقم التوتر الطائفي والقبلي، على نحو غير معروف ينذر بشر خطير. في هذه اللحظات، يتوقع الشعب العربي من القمة مجابهة هذه التحديات، وأن تصدر قرارات وإجراءات ملزمة، من شأنها تقليص الاحتقان السائد. كما تنتظر وضع استراتيجية واضحة من شأنها توفير سياسات وإجراءات عملية، تؤول إلى ما ساهمت فيها منظمة أسكوا في تقريرها أخيراً، بعنوان "التكامل العربي". إلا أن المعضلات المطروحة على قمة شرم الشيخ، ومن شأنها تجاوز روتينية ما كان يحدث أحياناً، صار التصدي لحالات التفكيك والنزاعات العربية المتفاقمة أولوية ملحة، تسترجع جماهير الوطن العربي وحدتها ومصيرها، ما يوفر المناعة، أو بالأحرى، استعادتها. في تاريخنا العربي المعاصر، لم نشاهد هذا المستوى من الشطط الأخير الذي استولدته النزاعات بين الدول العربية، وحتى داخل كثير منها. وهذا بدوره همّش حضورنا القومي، إلى درجة أن كثيراً من دولنا أصبحت في خانة "الدول الفاشلة". ما ساهم في تهديد النسيج الوطني والاجتماعي، الأمر الذي استولد عبثية الإرهاب، وتخلي أنظمة عربية عن مسؤولية حماية المواطنين، ناهيك عن تمكينهم. صحيح أن الأوضاع السائدة شديدة التعقيد، ما يجعل بعض مجتمعاتنا سريعة العطب، كوننا سلمنا بأن تعاملنا مع بعضنا على أساس أن انتماءاتنا الدينية والطائفية والعرقية متعددة، بدلاً من أنها متنوعة. فالتعدد يعزز التمييز، بينما التنوع يؤكد ما يجمع، أي المواطنة الواحدة. لذا، فإن اعتبار التمييز تنوع نحتفل به، بينما التعددية تفترض ابتعاداً عن مصير موحد. هذه مقدمة مطلوبة، لكي ندرك أن الأجواء داخل مجتمعاتنا يجب أن تكون معروفة، كي تتمكن قمة شرم الشيخ من أن تعالج ما أمامها من بنود حالية وقضايا مستجدة على قراراتها، مدعومة وموثوقة، حتى تكون نافذة للمواطنين العرب. قد يسأل بعضهم عن علاقة هذه الملاحظات ببنود ما أعدته الأمانة العامة لاتخاذ القرارات بشأنها؟ السؤال منطقي. هكذا كانت قرارات كثيرة من بعض القمم السابقة غير نافذة، حتى أنه كان هناك شبه انقطاع بين الأنظمة السائدة والمجتمعات المدنية في أرجاء الوطن العربي. كما كانت حالة الاغتراب هذه موضوعاً يتطلب عملية تجسير بين جامعة الدول العربية والمجتمعات المدنية، ما يعزز أداء الجامعة، قمة وأمانة عامة. تجتمع هذه القمة وسط أوضاع دولية، من شأنها أن تؤثر بشكل واضح على تحديات كثيرة ومستجدة، مطروحة بقوة وبشكل لم نعهده من قبل. أولاً، ما أفرزته الأيام الأخيرة من أحداث خطيرة استولدت "عاصفة الحزم" الهادفة إلى إعادة الشرعية والوحدة الوطنية إلى اليمن، وزادت درجة التوتر مع إيران. وقد تزامن ذلك مع حاجة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لإنجاز اتفاق الإطار النووي بين الدول 5 +1 مع إيران، ومع التوتر المتزايد بين البيت الأبيض ورئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي من شأنه أن يعزز التجاوب الأميركي مع عدالة القضية الفلسطينية ومساندة فكرة الدولتين، مع احتمال أن لا تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. أو على الأقل، الامتناع عن التصويت. فما حصل أن التأييد الأميركي لإسرائيل لم يعد يحصل بصورة فورية، مع دعم شعبي لمثل هذا التوجه. هذه الأجواء الإقليمية والدولية التي تحيط بالقمة تجعل منها محطة مفصلية، بالنسبة للشعب العربي، كما لمستقبل دور الجامعة ومؤسسة القمة. وبالتالي، المرغوب والمطلوب من هذه القمة قرارات على قدر التحديات، مع وجوب التأكيد على ضرورة الالتزام بها، لأن البديل لن يكون أقل من ترك التفكيك الراهن، ليأخذ مداه المدمر. ولعل ضمان عودة الشرعية للحكم في اليمن أن يكون خميرة إنجازات لاحقة.

  • شارك الخبر