hit counter script

مقالات مختارة - لينا فخر الدين

«الميقاتيان» يعترفان بقتل غية وبزي والسيد والجبيلي

السبت ١٥ آذار ٢٠١٥ - 06:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

السفير

مع كلّ «كنز أمني» وسيل الاعترافات السريعة، تتبدّى أكثر فأكثر إنجازات الجيش والمؤسسات الأمنيّة، ومن ثم القضاء الذين يعمل على فكّ أكثر من لغز أحاط بالكثير من الجرائم التي حصلت في السنوات القليلة الماضية.
من أدخل السيارة المفخّخة التي ضبطت في الناعمة إلى لبنان، ومن كان يريد اللعب على حافة الهاوية بتوتير البلد؟
من الشمال إلى ساحل الشوف، مرورا بكل الحدود الشرقية والشمالية، الإرهاب واحد، وإن اختلفت التسميات بين «أبو هريرة» و «أبو عمر اللبناني» المتهمين بقتل عسكريين ومدنيين و «أبو يوسف» المتّهم بإدخال سيارة مفخّخة ضبطت في بلدة الناعمة.
فمع كل جلسة تحقيق مع الموقوفين عمر ميقاتي الملقب بـ «أبو هريرة» وبلال ميقاتي الملقب بـ «أبو عمر اللبناني»، تتبدى وقائع جديدة أمام المحققين في القضاء العسكري، وآخرها اعترافهما بالمشاركة في جريمة قتل الشيخ سعد الدين غية (محسوب على الشيخ هاشم منقارة) بإطلاق النار عليه في محلة البحصة في أسواق طرابلس، حيث أردياه قتيلاً بعد أن كانا قد حاولا سابقا استهدافه بعبوة ناسفة في سيارته، ولكنه نجا بأعجوبة.
وعدا عن تأكيد مشاركتهما في ذبح شخصين (أحدهما العسكري علي السيد من فنيدق، والثاني قالوا انه أحد المدنيين...)، اعترفا أمام المحققين بكل وقائع جريمة اغتيال المؤهل أول فادي الجبيلي بإطلاق النار عليه على بولفار طرابلس قرب محطة مكيه عند الساعة الخامسة فجراً بينما كان ينتظر سيارة تقله إلى مركز عمله في بيروت. وهذا ما أكّده أيضاً الموقوف في قضية الاعتداء على الجيش في طرابلس محمد النحيلي (شقيق مصطفى النحيلي احد قادة المحاور الذي قتل قبل ايام من تنفيذ خطة طرابلس) خلال استجوابه من قبل هيئة المحكمة العسكريّة، أمس، إذ كشف أنّه سمع عمر ميقاتي (ابو هريرة) يقول لأسامة منصور: «لقد قتلت العسكري (الجبيلي) الذي أمرتني بقتله».
كما أفضت اعترافات الميقاتيين الى كشف النقاب عن جريمة اغتيال الشاب فواز بزي (نفوسه من بنت جبيل) في كمين نصب له في محلة الملولة وهو مقيم في التبانة مع والدته منذ نحو عقدين من الزمن.
واعترفا أيضا باستهداف عشرات المواطنين العلويين من أبناء جبل محسن ممن كانوا يتنقلون بين منطقتهم ومراكز عملهم أو نشاطهم في قلب مدينة طرابلس، وذلك عبر اطلاق النار على أقدامهم، فضلاً عن المشاركة بإحراق مؤسسات وممتلكات لمواطنين من جبل محسن في أسواق طرابلس.
يذكر أن تسعين مواطنا ومواطنة من جبل محسن تعرضوا لإطلاق نار وقد قتل منهم ستة أشخاص، فيما تجاوز عدد الممتلكات التي أحرقت العشرين.
واعترفا أنهما كانا يحاولان الانتقال من عرسال الى الشمال، وأنهما كانا قد وضعا خطة بديلة تمكنهما من الانضمام الى شادي منصور وشادي المولوي في مخيم عين الحلوة.
وتوقف المحققون عند سجلهما الاجرامي الحافل برغم صغر سنهما، حيث تقرر احاطة مكان التوقيف بإجراءات أمنية استثنائية.
قضية سيارة الناعمة
أمّا بشأن سيارة الـ «أودي» التي ضبطت بالقرب من مبنى بلدية الناعمة ـ حارة الناعمة، فأصبح من الممكن بعد أكثر من سنة ونصف السنة على ضبطها ربط الخيوط ببعضها، بعد استجواب المدعى عليهم الموقوفين في القضيّة، وآخرهم اللبناني عيسى علي العثمان والفلسطيني خالد عمر المقوصي، أمس، أمام المحكمة العسكرية.
وتبين خلاصة إفادات الموقوفين والتحقيقات التي أجريت استناداً إلى «داتا» الاتصالات، أن الرأس المدبّر في هذه القضيّة هو محمد قاسم الاحمد (في العقد الثالث من العمر)، الملقّب بـ «أبو يوسف» (من عرب المسلخ ومعروف من قبل أهل حارة الناعمة بـ «أبو بكر») الذي أتى بسيارة الـ «أودي» من سوريا، حيث تّمت سرقتها هناك، ثم تمّ إدخالها إلى لبنان خلسةً عبر معابر غير شرعيّة. والأحمد، الهارب من وجه العدالة، على علاقة بـ «كتائب عبد الله عزام» وبتفجير الرويس (الذي وقع بعد أيّام قليلة من ضبط السيارة)، وفق اعترافات الموقوف نعيم عباس.
بعد إدخال السيارة إلى لبنان، ادّعى «أبو يوسف» أمام الموقوف عيسى العثمان، وهو سائق سيارة أجرة من سكّان حارة الناعمة، أنّه يريد تسجيل سيارته الـ «أودي» في مصلحة تسجيل السيارات في الأوزاعي، ولكنّه يخشى توقيفه، ولذلك، طلب منه أن يؤمّن له رقم سيارة مؤقتا يعود إلى «أودي» نوع «A6» يستعملها من الناعمة إلى «النافعة» في الأوزاعي.
فكان لـ «أبو يوسف» ما أراد، إذ أمّن العثمان رقم سيارة مزوّرا يعود إلى فتاة من صيدا، ولكن باختلاف رقمٍ واحد بين اللوحة الأصلية وتلك المزوّرة، وأعطاها إلى «أبو يوسف»، الذي لم يسجّل السيارة كما وعد، بل تنقّل بلوحتها المزوّرة وعمل على تفخيخها بـخمسة صناديق من مادة الديناميت زنة كل صندوق 25 كلغ، وكمية من مادة النيترات زنة حوالي 50 كلغ، وصاعقين شهابين، وأجهزة تفجير كهربائية مع عدة التفجير، إضافة الى حوالي 5 كلغ من المواد المتفجرة المجهولة النوع.
وبدا واضحاً أنّ المقوصي، وفي أوّل استجواب له أمام رئيس المحكمة العميد خليل ابراهيم، أمس، أقرّ بمعلوماته عن «أبو يوسف» إلّا أنّ الشبهات حوله تدور في سبب توجّه «أبو يوسف» وصهره سعيد البحري إلى محلّه (لتصليح السيارات في حارة الناعمة)، وإعطائه مفتاح السيارة المفخّخة، قبل أن يهربا خارج لبنان بعد انكشاف أمرهما.
وقد أوضح المقوصي الأمر، فأشار إلى أنّ «أبو يوسف» طلب منه أن ينقل سيارة الـ «اودي» من المستودع لركنها إلى جانب محلّه، فردّ المقوصي أن «لا مكان هنا، وتركتها هناك على اعتبار أنّ الأحمد لم يراجعني لتصليحها، ولم أكن أعلم بأن السيّارة مفخّخة، وإلا كنت هربت معهما».
ولم يكتفِ «أبو يوسف» بسيارة مفخّخة، وإنّما كان يعمل على أكثر من خط لاستهداف عدد من المناطق اللبنانيّة، ولا سيّما الضاحية الجنوبية. فهو طلب من بعض الموقوفين (الذين اعترفوا بهذا الأمر في إفادتهم الأوليّة وما لبثوا أن تراجعوا عنها في المحكمة أو عند قاضي التحقيق العسكري) تأمين كميّة من السماد الزراعي ومادة النيترات والكبريت الأصفر، بالإضافة إلى شراء العديد من السيارات التي يرسلها إلى سوريا وكان آخرها «GMC» بـ12000 دولار (اشتراها من النبطيّة)، والعمل أيضاً على تهريب السلاح والاحتفاظ ببعضه داخل منزله، وفق روايات المدعى عليهم.
وأكّد الموقوفان العثمان والمقوصي أنّهم شاهدا بأمّ العين: «جي 3» (قناصة) و «زخاروف» في منزل «ابو يوسف»، بالإضافة إلى أنّ صهر الاخير، المتواري سعيد البحري كان يقوم بتدريب بعض الاشخاص «نظريا» على استخدام السلاح في منزل «أبو يوسف»، بحسب اعترافات المدعى عليهم. كما قام «أبو يوسف» بإعطاء المقوصي «زخاروف» لإبقائه في المنزل ثم طلب منه وضعه في منزل أحد المنضوين في «سرايا المقاومة» (عدنان السعيد)، قبل أن يتصل به بعد فترة من تركيا، طالباً إعطاء «زخاروف» إلى زوجته (زوجة «أبو يوسف»).
ولم يتوقّف الأمر عند ذلك، بل كان «أبو يوسف» ينوي الحصول على صاروخين لإطلاقهما نحو الضاحية الجنوبيّة. وقد فاتح المقوصي بالأمر، الذي رفض مساعدته في ذلك، قائلاً: «هذا الأمر مرفوض شرعاً، كيف تريد قتل الأبرياء. ومن وقتها تغيّرت معاملة الأحمد معي»، وفق قول المقوصي. كذلك طلب «أبو يوسف» من العثمان أن يراقب أحد «الثوّار» لمعرفة إن كان قد خرج من مستشفى «كليمنصو»، غير أن الأخير لم يفعل. وطلب منه أيضاً أن يصل إلى الطريق الجديدة، حيث سيقوم أحدهم بإعطائه كيساً أسود اللون، غير أن الموقوف اللبناني لم يعمل على فتحه لمعرفة محتوياته.
كانت استراتيجّية «أبو يوسف»، الذي لم يكن ملتزما دينياً، وكان يعمل مسؤولاً عن التنجيد في أحد أكبر فنادق العاصمة، واضحة. إذ كان يقوم بإبقاء العلاقة مع عدد من معارفه، والكلام أمامهم بضرورة نصرة «الثورة السوريّة»، مؤكّداً أنّ «حزب الله» سيقوم بهجوم على حارة الناعمة. ولذلك «عليكم شراء السلاح والتدرّب عليه، لحماية بلدتكم وبيوتكم وأعراضكم». كما دعا أمام بعض معارفه الى زرع متفجّرات على مدخل حارة الناعمة «لصدّ أي هجوم مستقبلي لـ «حزب الله» على البلدة»، واعداً بعض الشبان بارسالهم إلى سوريا لتدريبهم. وهذا ما أكّده المقوصي، الذي أشار إلى أنّه سمع «أبو يوسف» يتحدّث في الأمر في معرض حديثه، ولكنّه استبعد أن يكون جاداً في فعلها.
واللافت للانتباه أن «أبو يوسف» كان يعطي لبعض الذين يتواصل معهم شرائح خلوية خاصّة. وهو اشترى في الآونة الأخيرة 4 شرائح كانت إحداها بحوزة المقوصي الذي كان يصلّح له السيّارات التي يملكها.

  • شارك الخبر