hit counter script

أخبار محليّة

باسيل طالب مجلس الامن بتحضير قرار دولي يعطي الحماية للأقليات في الشرق

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٥ - 20:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

شارك وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في اجتماع مجلس الامن حول ضحايا "الهجمات والاضطهاد الاثني أو الديني في الشرق الاوسط"، الذي أقيم في مبنى الامم المتحدة.

وألقى الوزير باسيل كلمة في الاجتماع قال فيها: "أتيت إليكم اليوم من اجتماع جامعة الدول العربية التي قطعت أعمالها وحيدا من بين زملائي الوزراء، لأكون بينكم نبحث معا عن طريقة لوقف الإبادة الثقافية التي تتعرض لها منطقتنا، وسأعود إليها فور انتهاء اجتماعنا، عودتي إلى جذوري، جاهدا هناك لكي تبقى جامعة للحضارات أكثر منها رابطة للغة. ومهما خيبنا المجتمعان الدولي والعربي، سنبقى نجول، وسيبقى شعبنا يناضل لإنقاذ روح لبنان والشرق الأوسط، أي ثقافتهما، من الخطر. فنحن، كالبابا يوحنا بولس الثاني، أبناء أمة عاشت أكبر اختبارات التاريخ وصمدت معتمدة، لا على طاقات القوة المادية، بل على ثقافتها فقط".

أضاف: "نأتي إليكم من حضارة فينيقية، ابتدعت الحرف وصدرته إلى العالم من موانئها التجارية، نأتي إليكم من هوية مشرقية خلطت الأديان السماوية على أرض واحدة، وفي إنسان واحد، نأتي إليكم من صيغة لبنانية فريدة بالمناصفة في التشارك بالحكم بين المسيحيين والمسلمين، نأتي إليكم من شعب عظيم حمل رسالة الشهادة عندما قتل في أرضه، وحمل رسالة الرجاء عندما صمد في أرضه، وحمل رسالة الإنسانية عندما هجر من أرضه، نأتي إليكم من أرض الرسالات ومن وطن الرسالة لبنان، رسالة التسامح مع الحفاظ على الذات، رسالة التعايش مع الحفاظ على الآخر، رسالة الأنسنة في مقابل داعش اللاإنسان".

وتابع: "نحن قوم نأتيكم من سلالة الأنبياء والرسل، من بطون أنجبت موسى ويسوع ومحمد، نحن أحفاد لمن ولد وزرع في الشرق، هاجر واندمج في الغرب، عاش في لبنان وعايش الشرق والغرب فيه. لذلك، نحن اضطهدنا، وذنبنا الوحيد أننا بصدفة جينية ولدنا في مجموعات بشرية طائفية، واعتقدنا أن الأمم المتحدة وجدت لتحمي أمثالنا، فكان داعش النكسة الكبرى لنظام الأمن الجماعي".

وأردف: "لقد أوصانا الإرشاد الرسولي بألا نسأل عن امتيازات، ولسنا هنا بوارد ذلك، لكننا نتساءل عما حل بميزات منطقتنا؟ نتساءل ماذا حل بالعراق، بلاد ما بين النهرين؟ وماذا حل بسوريا بلاد ما بين الخلافتين؟ وماذا حل بلبنان بلاد ما بين الحضارتين؟ نتساءل لماذا يضحى بمبادئنا على مذبح المصالح؟ ولماذا نذبح على يد داعش وإسرائيل، تحت سمع العالم وبصره، الذي يكتفي بتدوين الأحداث وإرسال التقارير؟ نتساءل عما إذا ما كانت ازدواجية معايير المجتمع الدولي وكيله بمكيالين يغذيان توترات العالم؟ ونتساءل عما بقي من القانون الدولي والعدالة الدولية ومجلس الأمن الدولي، عندما لم يعد هناك من قانون وعدالة وأمن في منطقتنا؟".

وقال: "في حديثنا عن الأقليات اليوم، مطروح ماذا تبقى من قيمة للأقلية إذا كانت تعيش تحت رحمة أيديولوجية الأكثرية؟ وإذا كان تناقص عددها يؤدي بها إلى ثقافة الانعزال الأقلوي؟ وإذا ما أصبح وجودها للوجود، أقصر طريق لها إلى الزوال؟ ماذا بقي من قيمة للأقلية إذا انخفضت في العراق من مليونين إلى أقل من 300 ألف؟ وإذا انخفضت في تركيا من 15% إلى 1%؟ وفي بيت لحم من 85% إلى 12%؟ وفي القدس من 53% إلى 2%؟ وإذا هجر 700 ألف من الأيزيديين والمسيحيين في الموصل دفعة واحدة؟ وخطف مطرانين من دون تحريك ساكن؟ وإذا هجر الأشوريين نتيجة هذا السكوت؟ وإذا هدمت تماثيل سرجون الأكادي في الموصل؟ وإذا مسخت رئاسة الجمهورية في لبنان بصلاحياتها وسخرت بأشخاصها حتى أصبح لا يسمح باعتلائها إلا لمن هو من أهل الذمة؟ وهل يبقى من أقلية إذا سمح لدولة أن تولد باسم الإسلام، وهي تفسير راديكالي معتور للاسلام. ألا يستحق كل هذا، تحريك الآلة العسكرية بما هو أكثر من طلعات جوية ودعم الجيوش الشرعية التي تقاتل على الأرض وتقدم الشهداء كجيشنا اللبناني البطل؟ ألا يستحق كل هذا تحريك آلة العدالة الدولية بما هو أكثر من بيان، ودعم مسعى لبنان لدى المحكمة الجنائية الدولية؟ وألا يستحق كل هذا قرارا من مجلس الأمن بما هو أكثر من اجتماع، مشكورة عليه فرنسا، إلا أن مستوى الحضور فيه يعكس مستوى الاهتمام الدولي ببقاء الأقليات وحوار الحضارات؟".

أضاف: "نحن لسنا هنا لندافع عن جماعات أو ديانات، إنما عن مبادئ ونظم حياة. فالمسيحية ثقافة حياة ومجموعة قيم إنسانية تخص كل الناس. أتعتقدون أن المسيحية تبقى في العالم إن لم يبق مسيحيون في أرض المسيح؟ وأن النبع يبقى يسيل إذا جف المصدر؟ أتعتقدون أن الإسلام يبقى إن شوه في منطقتنا، وأبلس في منطقتكم، وتصارع ذبحا في أرجاء المعمورة؟ أتعتقدون أن اليهودية، إن خلق لها كيان أحادي منغلق رافض للآخر، يمكنها وحدها أن تحمل رسالة الخير في وجه الشر؟ أتعتقدون أن الحرية تعني فقط أن نسمح بتعرية مريم والمسيح، وبهتك محمد في الرسوم، فيما يحاكم فقط من يلفظ أي كلمة معادية للسامية؟ أتعتقدون أن مفهوم الاندماج يختصر فقط بانخراط المشرقي في الغرب وإعادة المسلم إلى الشرق؟ وألن يولد هذا عنفا ما بين الحضارات على ضفتي المتوسط؟ إن قيمة هذا المشرقي هي في بقائه في أرضه لأنه يحفظ التعدد والتنوع فيها ويمنعها من أن تتحول إلى بقع أحادية طائفية، منسلخة عن هويتها، ومتنكرة لرسالتها الإنسانية، متصارعة في ما بينها، ومصارعة كلها للغرب. إن هذا المشرقي لن يزيد الكثير على نقص ديموغرافي في الغرب إذا أضيف إليه، وإن حسن استقباله في السفارات والمطارات والداخليات لن يحميه ولن يحمي مستقبليه، بل إن صموده في أرضه هو ما يحمي حضارته ويحمي حضارتكم ومجتمعكم".

وتابع: "جئنا اليوم لنطالب أولا بأكثر من بيان، بل بتحضير قرار دولي يعطي الحماية للأقليات في الشرق ويضع الخطوط الحمر الجغرافية والمعنوية لها، على أن تكون آلية التنفيذ جامعة لكل دولة ورادعة لكل مجموعة، ولنطالب ثانيا بأكثر من وقف تشجيع هجرة المجموعات المكونة للمشرق من أرمن وكرد وتركمان وآشوريين وكلدان وسريان وأيزيديين والشبك والصابئة المندائيين ودروز، بل بإعادة من هجر على يد الدواعش منذ القرن التاسع عشر، ولنطالب ثالثا بأكثر من تبرع لمنظمة اللاجئين وبأكثر من صندوق ائتماني لإعادة إعمار الحجر، بل بصندوق أممي لإعادة إعمار حضارات هدمت، وشعوب هجرت، وثقافات شوهت في مختبرات الـrealpolitic".

وختم: "الهجرة هي انسلاخ عن الأصل، ونحن الأصل والوصل والفصل في منطقتنا، ولسنا مستعدين للتخلي عن ذاتنا، إن إسرائيل، الأب الشرعي لداعش منذ عشرات السنين، هي وداعش دعاة حرب فيما نحن بناة حضارة ودعاة سلام، حافظوا معنا على حضارتنا وهويتنا وثقافتنا، وخذوا منا ما هو أكثر من نفط وموارد. خذوا منا المحبة والخير والسلام والثقافة، فوجودنا في أرضنا فعل إيمان، نحن أبناء الإيمان، وإبليس داعش لن يقوى علينا".

وكان الوزير باسيل التقى وزير خارجية النمسا سيبستيان كورز، وبحث معه في العلاقات الثنائية وحوار الحضارات، وشكره على الجهود التي تقوم بها النمسا للانفتاح على المسلمين في البلاد الذين يشكلون ستة بالمئة من المجتمع النمساوي.
كما دعا باسيل نظيره النمساوي إلى زيارة لبنان.
 

  • شارك الخبر