hit counter script

أخبار محليّة

أحمد قبلان: للابتعاد عن منطق الإثارات والنعرات

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٥ - 12:41

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وجاء فيها: "قال الله سبحانه وتعالى (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون). في واحدة من بطون هذه الآية، أن صراع الحق والباطل تجذر في الأرض، وتمكن من التجربة الإنسانية، لذا حاول المبطلون إلباس الباطل لباس الحق، للنيل من الحق، بالتشويش على الناس حقيقة الحال، وهو ما حذر منه نبينا الأعظم محمد، مشيرا إلى أن الفتن ستصيب الأمة من بعده، وأن السيف سيقع بينهم، وأن قوما يدفعهم عنادهم في الدين، وجحودهم في الحق إلى قتل أولياء الله والتآمر عليهم، بل إلى اتخاذ أعداء الله أولياء دون المؤمنين، وأبرز هؤلاء قوم يأتون في آخر الزمان يتحالفون مع اليهود والروم لقتل أولياء الله".

اضاف: "ومنه، كما في أيامنا هذه، أن تتحالف مع تل أبيب والأطلسي ضد غزة وبيروت ودمشق وصنعاء، بخلفية عقل يريد أن يبتز الناس حقهم بالسلطة والموارد والثروات وإدارة أنفسهم، وذلك بالاستقواء على مستضعفي هذه المنطقة، رغم أن معطيات المنطقة الجديدة اختلفت تماما عما كانت عليه زمن العصر الأميركي".

وتابع: "ولأن العداوة بين أهل الإسلام هي كارثة بمضبط الله تعالى، فقد ذكرهم الله تعالى بحقيقة مراد النبوة فيهم، فقال جل وعلا (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، ذلك لأن المعادلة بين أهل الإسلام هو حل الخلافات بما يتماهى مع الحق والحدود الشرعية، وليس عبر إلباس الباطل لبوس الحق، أو عبر إعلان الحروب لخدمة المشروع الأميركي في المنطقة، مع التذكير لمن نسي أو تناسى بأن فلسطين لا تزال حتى اليوم رازحة تحت مخالب الاحتلال الإسرائيلي، بالاتفاق والتفاهم والتشارك مع واشنطن".

وقال: "بتعبير آخر، يريد الله تعالى من المسلمين أن يعيشوا الله كما يريد، لا كما تريد واشنطن، أو الصهيونية أو المصالح الأنانية لبعض الأنظمة التي تعيش عقلية الاستبداد والترهيب، وتعمل على استنزاف الآخرين، بخلفية الحسابات التي تتعارض مع الله ودينه الحنيف. وفي الحديث النبوي الشريف:"أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل"، ولا باطل أعظم من استعمال القوة لقمع شعب مسلم مظلوم، أو لتأمين مشاريع واشنطن في المنطقة، وبخلفية حروب هدفها قتل المسلم، وليس استرجاع القدس أو تحرير فلسطين، تماما كما بدا واضحا من لعبة الحرب على العراق وسوريا، عبر تكفيريين ومشاريع قتل وإبادة، وفق الحسابات المذهبية، والمشاريع السياسية، التي تخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية، في ما قوله تعالى (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)، يعني أن المسلمين يد واحدة، وشعار واحد، ومشروع واحد، ينتصرون ببعضهم، ويتعاونون ضد الإثم والعدوان، وليس بالقواعد الأميركية أو المشاريع الأطلسية، ينتصرون للقدس، لتحرير فلسطين، وليس لتدمير صنعاء وبغداد ودمشق، أو كسر مشاريع الدول التي تقاوم امبراطورية الشر أميركا. الله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله)، (أنصار الله) ليست واشنطن وتل أبيب، ولا بعض الأنظمة التي نشأت وقامت على الاستبداد، ونهب ثروات شعوبها، بخلفية تحالف حفظ المصالح مع واشنطن وأطلسها. الله تعالى يقول (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا)، فطاعة الله تعني معاداة الطغاة، وليس باستنجادهم عبر التبعية والقواعد العسكرية التي تعمل على نهب شعوبنا، وسحق طموحهم، واحتكار سلطاتهم، وتجيير موارد أمتنا ضمن مشاريع تخدم فرعون هذا العصر".

اضاف: "الله تعالى يقول (قاتلوا في سبيل الله)، وليس في سبيل أميركا وتل أبيب، وبعض الأنظمة التي تعيش أسوأ معاداتها لله في شعوبها وناسها. الله تعالى يقول (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت). الله تعالى يقول (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى)، وهل هناك طاغوت أكبر من أميركا! وهل هناك مجرم وإرهابي أكثر من إسرائيل".

وتابع: "الله تعالى يقول (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم)، المؤمنون إخوة وليس الأميركي؛ اليمني أخوكم، أيها العرب، وليس طاغوتا. إننا ندين بشدة العدوان على اليمن، وندعو اليمنيين إلى الوحدة في مواجهة أي عدوان مخالف للشرعية والقوانين الدولية، كما نحذر بعض الدول الإقليمية من اللعب بالنار لأن ألسنتها ستدخل إلى دورها وقصورها، وستطال المنطقة بأكملها، فإيران ليست عدوا أيها العرب، ولا سوريا، ولا اليمن، ولا العراق بل إسرائيل هي عدوكم الأساسي، وكل من يصر على عداوة إيران واليمن وسوريا لن يربح الحرب، لأن من يراهن على الباطل فهو من الأخسرين أعمالا".

وشدد على انه "في هذا الظرف الحساس المطلوب عقلاء لا يعطون الغرب القدرة على إدارة مشاريع تحرق المنطقة، لأن هناك دولا لن تقبل أن تربح واشنطن عبر اتباعها حربا تسمح للأميركي أن يعيد تكريس وجوده الظالم من جديد. في هذه المنطقة من السهل جدا رسم خريطة، لكن من الصعب جدا على حلف واشنطن تنفيذها".

وقال: "ولأننا أمام أزمة كبيرة وخطيرة، نطالب الحكومة اللبنانية أن تنأى بنفسها عن هذا الصراع، لأن واشنطن تعيد رسم مشاريع تدمير المنطقة عبر تفجيرها من الداخل، وعلى الحكومة اللبنانية التنسيق مع الحكومة والجيش السوري، لأن حرائق المنطقة تكاد تبتلع كل جهد في محاربة الإرهاب".

وطالب ب"ضرورة تجهيز وتمكين الجيش دون الحاجة إلى هبات لها أثمان سياسية، مع التأكيد على حق لبنان بمنع أي مشاريع ظاهرها إنساني، وباطنها إدارة ملف إرهابي".

ودعا "في ظل هذا الواقع المتفجر اللبنانيين جميعا بكل أطيافهم وتوجهاتهم السياسية بذل أكثر قدر ممكن من الجهود واتخاذ كل الخطوات المحسوبة لمنع الانجرار والاستدراج إلى الفتنة، لأن الفتنة إذا وقعت لا سمح الله فسيكون الجميع حطبا فيها، وسيكون الثمن باهظا ومكلفا ولا قدرة للبنانيين على تحمله، لذا نشدد ونقول للجميع انتبهوا وتيقظوا وكونوا على حذر ووعي بعيدا عن منطق الحساسيات والإثارات والنعرات والانفعالات كي لا نقع في المطبات المدمرة وفي الفتنة السنية - الشيعية التي لا تبقي ولا تذر، متذكرين قول أمير المؤمنين علي: "كونوا في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرعا فيحلب". 

  • شارك الخبر