hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - مروان اسكندر

النواب الغافلون عن مصلحة لبنان

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٥ - 06:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

سنوات انقضت ومجلس النواب لم يقر القوانين التي تسمح بانجاز اتفاقات للبحث والتنقيب عن النفط والغاز في لبنان، وليس ثمة ما يشير الى قرب اهتمامهم بهذا الموضوع. فالقضايا الشعبوية مثل تعديل الرواتب والاجور للمعلمين وغيرهم تحوز الاهتمام، وهذه تؤدي الى زيادة الانفاق والعجز في حين ان ما يمكن ان يؤدي الى زيادة الدخل، وبالتأكيد فرص العمل، في وقت قريب لا يلتفت اليه.

في المقابل، تفيد الدراسات العلمية أن انتاج النفط والغاز من الصخور باتت عملية صناعية انتاجية لا تستوجب تخصيص مبالغ استثمارية ملحوظة للبحث والتنقيب وخصوصا في المناطق البحرية وعلى اعماق كبيرة، كما هو متوقع في لبنان، وتالياً تراجع الاهتمام بقوة بمشاريع البحث والتنقيب في البحار. واستناداً الى الدراسات المتوافرة، والتي لا يقرأها النواب الكرام، زال الاهتمام كلياً بالبحث والتنقيب، وحتى بتطوير مصادر معروفة ومتوافرة في اعماق البحار، كما هو الوضع في فنزويلا والبرازيل على سبيل المثال، وربما عن قريب سيكون الوضع مماثلا في لبنان.
يبين التقرير الذي نستند اليه ان المنافسة الرئيسية صارت بين الموارد النفطية التقليدية ونفط وغاز الصخور، ونورد ترجمة حرفية لما ورد في هذا التقرير.
بالاشارة الى موارد صخور الطفال يقول التقرير انه ظهر ان الثروات النفطية والغازية في صخور الطفال في الولايات المتحدة أكبر بكثير من التوقعات، حتى التوقعات المتفائلة، وصارت عملية انتاج النفط والغاز من هذه الصخور مماثلة لانتاج المعادن، اي انها تحتاج الى وقت اقصر بكثير من البحث والتنقيب في المياه العميقة. ففي حين ان هذه، وهي تشابه ما نحتاج الى تنفيذه في لبنان، تستوجب انقضاء ثلاث الى اربع سنوات، لا تحتاج الدورة الزمنية لانتاج الغاز والنفط من صخور الطفال الى اكثر من 28 يوماً.
وباتت عمليات انتاج غاز ونفط الصخور لا تحتاج الى مبالغ استثمارية ضخمة، بل الى تغطية التكاليف الجارية التي تقل كثيرا عن تكاليف الاستكشاف المعروفة، والمخاطرة بالنسبة الى العثور على ثروات الغاز والنفط معدومة، في حين ان المخاطر كبيرة بالنسبة الى اعمال الاستكشاف التقليدية. وعمليات انتاج النفط والغاز من الصخور سريعة ولكن سرعان ما ينخفض الانتاج بنسب مرتفعة قد تراوح بين 60 و80 في المئة بعد انقضاء السنة الاولى على بدء الانتاج، الا ان هذا الامر لا يعني تقلص الانتاج لان عمليات الانتاج السريع تتواتر ما دامت ثمة استثمارات متوافرة. باختصار، يقول التقرير، صار انتاج الطاقة مؤكداً، ومرونة الانتاج افضل، وحاجات الاستثمار أقل، وتالياً ونظرا الى الامكانات الضخمة لغاز ونفط الصخور، صارت هذه العمليات التي تنجز على الاراضي التي تحتوي الصخور أوفر حظاً من عمليات التنقيب في البحار، وهذا الامر ظهر للمرة الاولى منذ الستينات.
بناء على هذه الوقائع، ومع احتساب وقع سرعة انخفاض انتاج الغاز والنفط من الصخور ويرجح الا يرتفع سعر النفط الى مستوى 60 أو 70 دولاراً البرميل قبل الربع الاول من سنة 2016. وهنا يشير التقرير الى ان موازنة المملكة العربية السعودية ارتكزت على تقدير سعر نفط بحر الشمال – الذي هو أعلى بخمسة الى 10 دولارات للبرميل من نفط بلدان منظمة "اوبيك" ب 60 – 70 دولاراً، واحتسب السعوديون ان العجز سيكون على مستوى 31 مليار دولار لموازنة سنة 2015 – 2016، ويمكن تغطية هذا العجز من عائدات احتياط المملكة، وكذلك توفير المساعدات لجمهورية مصر العربية، كما تبين في مؤتمر شرم الشيخ، حيث توافرت معونات مؤكدة من السعودية والامارات والكويت.
اذا استفاق نواب الامة على ما يحصل في مجالات الطاقة عالمياً، وهم لم يستفيقوا على امكانات تحقيق وفر كبير من التحول الى الغاز المسيل المستورد لتأمين انتاج الكهرباء، عليهم ان يسارعوا الى انجاز القوانين المسهلة لعمليات البحث والتنقيب، علما باننا نقدر ان الحماسة قد خفت لدى الشركات المعنية لان الاسعار الحالية والمستقبلية المتوقعة لا تشجع على البحث والتنقيب في البحر المتوسط على عمق 2000 متر مثلاً.
خوض امتحان جاذبية الاستثمار في البحث والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية أمر ضروري لصوغ سياسة عقلانية مفيدة للبنانيين والاقتصاد اللبناني في المستقبل.
والخيارات البديلة متوافرة، في حال فشل استقطاب استثمارات في البحث والتنقيب في مياهنا، وقد رددنا مراراً ضرورة الاسراع في اعتماد استيراد الغاز المسيل لتشغيل معملي نهر البارد والزهراني على الغاز، كما توفير لقيم الغاز للمصنع الثالث الذي هو قيد الانشاء في منطقة نهر البارد بطاقة 500 ميغاوات.
ولعل من المفيد لفت الانتباه الى ان العديد من منشآت استقبال الغاز المسيل في الولايات المتحدة متوقفة عن العمل لان انتاج الغاز محليا بات يفيض عن حاجات الاميركيين، وهم يخططون لتصدير الغاز المسيل بداء من سنة 2017، وتالياً اذا كرسنا جهوداً مخلصة لمشاركة بعض اصحاب هذه المنشآت في تفكيك مصنع أو اثنين لاستقبال الغاز المسيل واقامتهم في لبنان خلال 18 شهراً على الاكثر نكون قد أهلنا أنفسنا لتحقيق وفورات ملحوظة. ومن المفيد الاشارة الى ان سعر الغاز في الولايات المتحدة، نظرا الى وفرته، تدنى من 4,5 دولارات لكل 1000 قدم مكعب (وكل 6000 قدم مكعب توازي حرارياً برميلاً من النفط) الى 2,5 دولارين، وهذا مؤشر لما نستطيع الاستفادة منه لان اسعار الغاز عالميا انخفضت بنسبة اقل، انما بنسبة ملحوظة.
كمواطن لبناني، راغب في رؤية لبنان يتخذ قرارات مفيدة في المديين القريب والبعيد، أتمنى ان تكون هنالك استفاقة من نوابنا المنشغلين بقضية زيادات المعاشات وتوسيع العجز وضمور الاقتصاد، قبل ان ينشغلوا بمستقبل اللبنانيين وابنائهم.
 

  • شارك الخبر