hit counter script

كارمن لبّس: هذا الفصل سألغيه من مذكّراتي

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٥ - 05:48

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا يمكن وصف تجربة الممثلة اللبنانية كارمن لبّس في «رقص النجوم» سوى بالخطوة الشجاعة لامرأة تعشق التحدّيات وتدرك أنّ الأحلام لا تتحقق بوشوشات الوسادة وحدها، وإنما باغتنام الفرص للإقبال على الحياة بحب وشغف وحماسة. بهذه الطاقة العالية تخوض الممثلة التي تعرف شهرةً لبنانيةً وعربيةً واسعة تحدّيها الجديد وتكشف في حديث خاص لـ «الجمهورية» عن مواقفها حيال الرقص والأضواء والاعتزال وكتابة المذكّرات، وأحلام أخرى لم يحِن أوانها بعد.

ليس الرقص بالنسبة إلى كارمن لبّس بالحلم الجديد. فالممثلة الفاتنة التي لعبت أهم الأدوار في أعمال لبنانية وعربية عدّة، تربّت في بيت كان الرقص فيه ضيفاً دائماً ورفيقاً وفياً لسهرات الوالد الذي كان يدرّس رقص الصالونات.

حلمت كارمن بالرقص طويلاً وتصوّرت نفسها مراراً تدور في حلقاته الساحرة بهذيان جميل. في مخيّلتها ارتدت أثوابه كلّها وتمخترت بالكعب العالي بين مشاهد من طفولتها تصوِّر الوالدين متعانقين في رقصة حب وحياة وجمال. ولكنّ والدها لم يشأ أن يعلّمها الرقص خوفاً من كلام الناس في زمنٍ كانت فيه النظرة إزاء هذا النوع من الفنون غير سوية.

اليوم استفاقت الطفلة الراقصة على حلبة «Dancing with the Stars»، حيث تخوض الممثلة المعروفة تحدّياً من نوع آخر تواجه فيه هذه المرّة جسدها وسنّها ونجوميتها وجمهورها.

لا تنكر كارمن لبّس في حديثها لـ «الجمهورية» أنّ التحدّي صعب ولكنها لا تستطيع أن تخفي الحماسة العالية التي تشعر بها وكأنّ دماً جديداً يجري في عروقها.

«أنا والرياضة مش أصحاب» هذا ما تقوله قبل أن تتابع: «المشاركة في «رقص النجوم» وفّرت لي الحافز لأهتم بنفسي وجسدي وأمارس الرياضة التي هي ضرورية بالنسبة إلى المرأة في سنّ معيّنة لكي تعتني بجسدها. ومشاركتي هي نوع من الرسالة إلى النساء لكي يتحمّسن أكثر على الرقص ومزاولة التمارين والاعتناء بأنفسهن ولكي أثبت لنفسي وللناس أنْ لا شيء يستيطع أن يقف بين الإنسان وحلمه».

ولمَن رأوا أنّ هذه الخطوة لا تناسب مكانتها الفنّية، تقول: «لست في صدد دخول مجال مهني جديد. هي مجرّد مشاركة في برنامج ترفيهي وتحدٍ جميل وصعب بالنسبة لي يمكنني أن أختبر من خلاله قدرتي على تحمّل التمارين اليومية الشاقة وضغط الحلقات المباشرة.

انا ممثلة ولن أصبح يوماً راقصة محترفة وأنا سعيدة بوجود هذا البرنامج لانه منحني فرصة تحقيق حلم قديم والاهتمام بنفسي أكثر ولولاه لما خصّصت الوقت اللازم لفعل ذلك... الحياة مليئة بالتجارب وفي كلّ فترة منها ندخل تجربة جديدة، وحتى إن كنت ممثلة محترفة لا يمنع أن أخوض تجربة الرقص وهل من عيب في ذلك؟».

وتضيف: « اكتشفت كم تنقصني المرونة لانني في الرقصة الأولى المباشرة كنت أشعر بأنني أطير في خطواتي بقدر ما كنت سعيدةً ولكن لدى مشاهدتي إعادة الحلقة رأيت شخصاً جامداً حركاته مكبوتة فوجدت أنني لم أستطع أن أترجم شعوري النفسي في حركة جسدي».

وتشرح مبستمةً: «العمر إله حقه»، فالراقص في سن الخمسين ليس كالراقص في سن العشرين. أدرك جيّداً انني لن أكون بمرونة ريما وداليدا وليلى اللواتي يقدمن عروضاً مبهرة ولكنني سعيدة ومتحمّسة لمواصلة التحدّي وأكثر ما أريده هو أن أثبت لنفسي أنني قادرة على تحدّي جسدي».

وعما إذا كانت ترغب بالفوز، تجيب: «لم أشترك من أجل الفوز بل من أجل التحدّي. أنا شخص يكره الرياضة على انواعها وأفضّل النوم. كما أنني إنسانة خجولة جداً وحسّاسة بعكس الشخصيات التي لعبتها. ولذلك ينعكس خجلي على وضعية كتفيّ فترينهما منحنيين إلى الداخل وبعد الرقص تعلّمت أن أفرد كتفي وأن أمشي بطريقة مستقيمة كما أنه أصبح بإمكاني السير بالكعب العالي الذي لطالما واجهت مشكلات معه».

كارمن لبّس لا تواجه جسدها فقط على حلبة الرقص وإنما نجوميتها أيضاً التي لم تنل من تواضعها الكبير: «لا أحبّ أن يُقال لي نجمة انا ممثلة ونقطة على السطر. مهنة التمثيل كأيّ مهنة أخرى. منهم مَن يدخلها بهدف الشهرة وهؤلاء يُصابون سريعاً بالغرور على انواعه من خس وملفوف و»سيف»... أما بالنسبة لي فهو مساحة مفتوحة لعيش شخصيات مختلفة واختبار عوالم جديدة.

وإذا كان الإنسان يعيش حياة واحدة فالتمثيل يقدّم فرصة عيش حَيَوات أخرى عدّة. فلمَ هذا الغرور الزائد لدى الممثلين؟ نحن نعيش في عصر إذا غبنا فيه عن الشاشة شهراً واحداً نسينا الناس. ومثلما تقع النجوم في السماء وتولد نجوم أخرى من دون أن ينتبه البشر، كذلك يخلق نجوم جدد على الشاشة وينطفئ آخرون».

وعمّا إذا كانت مستعدّة لتقديم تنازلات من أجل البقاء على الشاشة تجيب: «امارس هذه المهنة بسبب حبي الكبير لها ولكنني لست مستعدة أبداً لتقديم التنازلات على حساب الإبداع والتمثيل وعندما أشعر للحظة أنه عليّ تقديم أيّ نوع من التنازلات أنسحب مباشرةً».

وتعترف: «عشتُ حياتي تحت الأضواء ولكنني لم ادخل هذا المجال من أجلها بل بسبب الشغف الذي في داخلي وأنا قادرة على الاعتزال في أيّ وقت لانني لست مدمنة أضواء. في مرحلة من المراحل أصبت بحالة نفسية كانت تمنعني في الكثير من الأحيان من المشاركة في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية وكلّ ما هو مرتبط بالأضواء إلى حدّ دفعني لاستشارة طبيب نفسي قال لي إنني داخلياً لست مصنوعة لعيش الأضواء وهي ليست الشيء المناسب لي فأنا أكره الكذب الاجتماعي والحياة الصاخبة وأفضّل السكينة والهدوء والحياة البسيطة. أشعر بالتعب أحياناً عندما أضطرّ لتصفيف شعري ووضع الماكياج وبذل هذا المجهود الإضافي، أفضل على ذلك الهدوء في منزلي وعلى طبيعتي».

وتكشف: «بدأت أخيراً ممارسة اليوغا والتأمّل في سبيل التخلّص من الضغط والمشكلات، وأحبّ القراءة والاستماع إلى الموسيقى ولكنّ ضغط التمثيل غالباً ما لا يترك فرصة التلذّذ بهذه المتع الصغيرة ولهذا أنا سعيدة اليوم بالرقص».

وعندما نسألها عن أحلامها المتبقية تجيب بنظرة حالمة: «إلى جانب حلمي بالرقص لديّ حلم آخر وهو شراء منزل في منطقة نائية يكون لديه حديقة صغيرة أعيش فيه مع الكلاب وبعض الحيوانات. أنا متأكّدة انّ هذا ما أريد القيام به في المستقبل، ربما بعد 10 أو 15 سنة».

وعن أجمل فصل في حياتها تدوّنه في مذكّراتها تقول: «أحسّ أحياناً بأنّ عمري 120 عاماً على قدر التجارب التي عشتها واختبرتها وعدد الأشخاص الذين مرّوا في حياتي والمشكلات التي صادفتها. كان هناك الكثير من الأمور الصعبة وفي كلّ مرّة كنتُ أقع فيها، كنت أقف مجدَّداً وأكمل المعركة بسلاح الصبر والقوّة. وفي حال كتبتُ مذكّراتي يوماً ماً سأذكر أنّ أجمل فصل في حياتي هو الفصل الذي أعيشه حالياً إذ أشعر بسلام داخلي وبنوع من الاكتفاء الذاتي الذي يجعل هذه المرحلة تكون هي الأجمل».

وعن المرحلة التي تمحوها لو استطاعت تجيب: «من المستحيل محو أيّ مرحلة من حياة الإنسان مع العلم أنّ الجميع لو خيّر لتمنّى محو مرحلة معيّنة. ولكن إن امتلكتُ فعلاً القدرة على فعل ذلك أختار أن أمحو مرحلة الحرب اللبنانية وويلاتها التي لم تدمّر الحجر فقط وإنما البشر أيضاً فكلّ منّا يحمل تبعاتها النفسية في داخله. هو مرض نحمله وقد لا نعي أحياناً وجوده ولكنه ينعكس في سلوكياتنا وفي مشاعرنا وتوتّرنا الدائم وهذا القلق المزمن...».

وتختم حديثها قائلةً: «سعيدة بالتجارب التي عشتها وبالتحدّي الجديد الذي أخوضه في الرقص. وأتمنّى من الناس أن يسمحوا لأنفسهم بأن يشعروا بهذه السعادة وأن يتحمّسوا للحفاظ على أجسادهم حتى إذا تقدّم بهم السن استطاعوا أن يكونوا مكتفين وأن يتمتّعوا باللياقة الجسدية لعيش حياتهم كما يتمنّونها».

الجمهورية-رنا اسطيح
 

  • شارك الخبر