hit counter script

أخبار محليّة

المشنوق: قلقون من التصرفات الايرانية ولا يمكن محاربة تطرف مذهبي بتطرف مقابل

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٥ - 17:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان "الشرق الاوسط امام مفترق طرق وجودي"، مبديا قلقه من "استمرار التصرفات الايرانية حتى بعد الوصول الى اتفاق حول برنامجها النووي"، لافتا الى ان "أحداث اليمن تذكير بالنوايا الحقيقية لايران".

وأشار في محاضرة باللغة الانكليزية في مركز ويلسون في العاصمة الاميركية واشنطن، الى انه "لا يمكن الاعتماد على محاربة تطرف مذهبي بتطرف مقابل"، مؤكدا ان "الاسلام دين السلام والتسامح والاعتدال وهذا هو الثالث الذهبي لمحاربة داعش"، مؤكدا التمسك "بلبنان حر وسيد وديمقراطي على الرغم من عشر سنوات من الترهيب والاغتيالات السياسية".

وقال المشنوق: "نعيش أوقاتا استثنائية وصعبة، حيث يواجه لبنان والمنطقة العربية خطرا غير مسبوق. ان ما يسمى الدولة الاسلامية هو تهديد لاستقرار وأمن المنطقة بأكملها، والعالم، وأشرطة الفيديو البشعة عن عمليات الحرق وقطع الرؤوس تذكرنا بالخطر الذي يشكله هذا التنظيم الوحشي علينا جميعنا. والسؤال الذي على الجميع أن يطرحه اليوم هو: كيف يمكن للعالم أن يهزم داعش؟".

أضاف: "لا شك أن الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي هي شرط ضروري لإضعاف وهزيمة داعش، لكن هذه الضربات الجوية وحدها ليست كافية، لان هزيمة داعش وغيرها من التنظيمات الارهابية، تتطلب حرمان هذه التنظيمات من قدرتها على جذب المناصرين. ان داعش تتغذى على المآسي ومشاعر الغضب والاقصاء التي تعتري المجتمعات السنية خاصة في العراق وسوريا. ووحده الحل السياسي قادر على سحب البساط من تحت أقدام داعش، وهذا يعني الاشراك العادل لجميع العراقيين والسوريين في النظام السياسي، والجيش الوطني غير المذهبي، وضمان سلامة وكرامة الشعب. وعلينا أن نتأكد من هزيمة داعش نهائيا من الداخل، فوحدها الجيوش الوطنية التي تضم الجميع، وليس الميليشيات المذهبية، قادرة على محاربة داعش من دون جعل المشكلة أسوأ مما هي عليه اليوم".

وتابع: "إذا بقي نظام الأسد في السلطة واستمر النظام السياسي العراقي كما هو يعمل اليوم، لا يمكن لأي قدر ممكن من الضربات الجوية هزيمة داعش، ولا يمكننا الاعتماد فقط على التطرف المذهبي لمحاربة تطرف مذهبي مقابل. لبنان قد يكون أكثر دولة في العالم العربي اليوم، بحاجة ماسة لاستراتيجية شاملة لاستئصال تهديدات الارهاب وتحصين نفسه من تداعيات العنف الذي يطوق حدوده، إذ أنه لطالما دفع ثمن الخلافات الإقليمية والتدخل في شؤونه الداخلية. وتعتبر إيران لبنان اليوم جزءا من منطقة نفوذها وسياساتها في لبنان تزعزع استقراره وتقسم بلدنا، وهي تفاوض المجتمع الدولي حول برنامجها النووي من جهة، فيما تستمر من جهة أخرى في توسيع نفوذها في المنطقة بدءا من العراق إلى اليمن، وصولا إلى لبنان، سوريا والبحرين. والأنباء المقلقة من اليمن اليوم، تذكير بالنوايا الحقيقية لإيران".

وأردف: "هذه واحدة من الأسباب الرئيسة لنمو التوتر المذهبي في بلادنا، ونأمل أن يؤدي أي اتفاق مع إيران إلى تغيير في سلوكها تجاه جيرانها. وحول المسألة النووية، نشجع وندعم أي مبادرة تهدف إلى تخليص الشرق الأوسط من تهديدات الأسلحة النووية والكيمائية، ونحن نقف بقوة ضد سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط وأي منطقة أخرى من العالم. وبعد هذا، ما يقلقنا في لبنان والعالم العربي ليس الخطر الأمني الوجودي الذي تشكله إيران النووية، فالقلق أيضا هو احتمال استمرار إيران بتصرفاتها الحالية في المنطقة حتى بعد الوصول إلى اتفاق. ونخشى أن يؤدي رفع العقوبات إلى توفير المزيد من الأموال والموارد للحكومة الايرانية لزيادة تدخلها ونفوذها في المنطقة، وتساهم في تصاعد التوتر المذهبي والتطرف".

وقال المشنوق: "منذ آذار 2011، كان لبنان يدفع ثمنا باهظا للنزاع في سوريا وصد مخاطر امتداده، ويعاني نتيجة التدفق الهائل للاجئين إليه. ومع وجود أكثر من مليون ومئتي ألف لاجىء سوري على أراضيه، أصبح لبنان أكثر دولة في العالم تضم لاجئين نسبة إلى عدد سكانه. كما أرخى الصراع في سوريا بثقله على الاقتصاد اللبناني، الخدمات العامة وبنيته التحتية. إذ بين العامين 2012 و2014، سجل لبنان خسائر على الناتج المحلي الاجمالي بقيمة 5،7 مليار دولار. لقد دأبت داعش وجبهة النصرة على مهاجمة مراكز الجيش على الحدود اللبنانية، وفي آب 2014، خطفت المجموعتان جنودا وعناصر شرطة لبنانيين. لقد عملنا في لبنان من دون كلل من أجل وضع إستراتيجية شاملة لهزيمة الارهاب، تقوم على ثلاثة ركائز أساسية: الوحدة الوطنية، الاحترافية في القطاع الأمني، والشجاعة العقائدية".

أضاف: "ان الركيزة الأولى في استراتيجية محاربة الارهاب هي تعزيز الوحدة الوطنية، فمنذ العام 2005، كان لبنان يبحر في مياه هائجة، اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005، الحرب الاسرائيلية ضد حزب الله في العام 2006، سيطرة حزب الله على بيروت في العام 2008، والحرب السورية وغيرها من التوترات الاقليمية، كل ذلك ساهم في تعطيل عمل نظامنا السياسي وزاد من التوترات المذهبية والطائفية. ونحن كمجموعة سياسية وتحالف سياسي لا نزال ملتزمين بلبنان حر، سيد وديموقراطي رغم عشر سنوات من الترهيب والاغتيالات السياسية. لقد فشل البرلمان اللبناني خلال الأشهر العشر الماضية في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتأجلت الانتخابات البرلمانية مرتين، وكانت الحكومة الحالية التي تألفت منذ عام تقريبا، الجسم السياسي الوحيد العامل في لبنان".

وتابع: "ان انتخاب رئيس جديد ليس شرطا ضروريا لضمان حسن عمل نظامنا السياسي فحسب، بل هو شرط مسبق لنجاح إستراتيجية مكافحة الارهاب. الرئيس اللبناني هو الرئيس المسيحي الوحيد المنتحب في الشرق الأوسط، وحماية مؤسسة الرئاسة في لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية، يعززان فرادة النموذج اللبناني خلال هذه الأوقات العصيبة من التطرف الديني والتعصب الطائفي في الشرق الأوسط. لقد بادر تيار المستقبل الذي أنتمي إليه، إلى الانخراط في حوار مع حزب الله رغم جميع الخلافات الأساسية بيننا. وقد ساعدت جولات الحوار هذه على تأمين بيئة مستقرة وتخفيف التوتر السني الشيعي وسمح لنا بمنع انتقال الأزمة الإقليمية إلى لبنان".

وقال: "أما الركيزة الثانية من إستراتيجيتنا لمحاربة الارهاب، فهي تحسين مهنية القوى الأمنية في لبنان. نحن نواجه عدوا غير تقليدي، وهذا يتطلب تحسين القدرات التحليلية والاستطلاعية لأجهزتنا الأمنية. نحن لسنا بحاجة لمحاربة المجموعات الارهابية فحسب، بل إجهاض عملياتها في وقت مبكر. لقد تمكنا، خلال العام الماضي، من تحسين عمليات التنسيق والتعاون بين الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى. كما استفاد لبنان من الدعم السخي ومساهمات أصدقائه، خصوصا المملكة العربية السعودية التي تبرعت قيادتها بمبلغ أربع مليارات دولار من أجل شراء أسلحة فرنسية للجيش اللبناني، وتدريب وتجهيز القوى الأمنية اللبنانية الأخرى. لم يكن لبنان بغنى عن الدعم الذي يتسلمه من أصدقائه في الولايات المتحدة الأميركية، وهو أصبح اليوم خامس أكبر مستلم للمساعدات الأميركية العسكرية الخارجية. ونظرا إلى التحديات التي تنتظرنا، علينا أن نعمل معا أكثر من أجل ضمان زيادتها نسبة للمخاطر التي نواجهها معا. ان محاربة عدو غير تقليدي مثل داعش تتطلب تطويرا واسعا للبنية التقنية لدينا وزيادة في التدريب وبناء القدرات لقواتنا العسكرية والأمنية".

أضاف: "الركيزة الثالثة من استراتيجية محاربة الارهاب هي الشجاعة العقائدية، فمحاربة داعش والمجموعات الارهابية الأخرى تتطلب دعما قويا وانخراطا من علماء دين وخطباء شجعان. وإحدى الشروط الرئيسية لهزيمة داعش هي تدمير خطابها الديني والثقافي. نحن بحاجة ماسة إلى ثورة عقائدية تستعيد روح الاسلام إلى مسارها الصحيح، دين سلام، تسامح واعتدال، وهذا الثالوث الذهبي -كما أحب أن أسميه- يقارب وسائل هزيمة داعش والمجموعات المماثلة. ثم إن مناقشة التحديات الأمنية والسياسية التي يواجهها لبنان والمنطقة حاليا، يجب ألا تلهينا عن الاستمرار في الإضاءة على البعد الانساني للحرب السورية، وخصوصا البعد الانساني لأزمة اللاجئين السوريين الذين يمضون اليوم شتاءهم الرابع في مخيمات رسمية وغير رسمية، شقق غير منتهية البناء، ومواقف سيارات. أكثر من عشرة ملايين سوري فروا من مساكنهم منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011، ولجأوا إلى الدول المجاورة مثل لبنان، تركيا والأردن".

وتابع: "استنادا الى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أكثر من ثلاثة ملايين سوري لجأوا إلى تركيا، لبنان والأردن، في حين أن الباقين تهجروا في الداخل السوري. كنا نبذل كل ما في وسعنا من أجل ضمان عيش آمن وكريم لضيوفنا السوريين، غير أن لبنان كان يحمل ثقلا فاق بكثير قدراته، ونستحق الدعم الكامل للمجتمع الدولي الذي عليه أن يشارك في تحمل أعباء هذه المأساة التي لا توصف. واسمحوا لي أن أكون واضحا: الشرق الأوسط أمام مفترق طرق وجودي. والتحديات والمخاطر تهدد المنطقة بأكملها، تهدد بنيات الدول، النسيج الاجتماعي ووجود المجتمعات التعددية".

وختم: "لتجنب هذه المخاطر المحدقة، فإن الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي مدعوون -وقد أقول مجبرين- على دعم ومساندة الاستراتيجية التي عرضتها. وإذا فشلنا في هزيمة الارهاب، فإن التطرف الديني والتعصب الديني سينتصران، وسيتغير الشرق الأوسط نهائيا، ومعا، يمكننا ضمان عدم حدوث ذلك".

  • شارك الخبر