hit counter script
شريط الأحداث

- ابراهيم درويش

سفير روسيا لـ"ليبانون فايلز": المظلة الدولية لا تزال فوق لبنان وأستبعد نشوب حرب إسرائيلية قريبة

الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠١٥ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد عبور ذلك الباب الحديدي الخالي من أي حراسة أمنية ظاهرة، والإستقبال اللبق، فتفتيش روتيني بسيط، تتوجه الى تلك القاعة الكبيرة المدججة بالدروع التقديرية واللوحات التي تختزن النفح الشرق أوسطي في تفاصيلها...
لحظات من الانتظار تراها ضرورية ريثما تفرغ من اشباع حشريتك في التعرف سريعا على مضمون اللوحات المعلّقة على جدران تلك القاعة الكبيرة في مقر السفارة الروسية في احدى الشوارع الفرعية لكورنيش المزرعة...
بفيض من التواضع المتمكّن، يرحب السفير الروسي الكسندر زاسبكين بزواره، دردشة بعيداً عن قيود آلة التسجيل، تقرأ في حروفها حب السفير الروسي للبنان ولشعبه المنطلق أساساً من قناعات روسية وتوجّهات روسية متعلقة بسياستها في المنطقة".
يبدأ الحوار بالتأكيد على السعي الروسي لإرساء الإستقرار في المنطقة والإصرار على إعادة التوازن في القرارات الدولية، ومن على فرس الديبلومسية المحنّكة، يرمي برسائله الإيجابية باتجاه دول المنطقة، مطمئناً أن المظلة الدولية مستمرة فوق لبنان، بإجماع كل اللاعبين الأساسيين.
"ليبانون فايلز" حاور السفير الروسي ألكساندر زاسبكين في السفارة الروسية، وهذا نص الحوار:
* هل تعتبرون أن المعطيات الميدانية والمعلومات عن تقدم الجيش السوري وتراجع قوة المعارضة قد ينعكس إيجاباً على تعزيز فرصة الحل السياسي؟
ـ موقفنا واضح حول ضرورة أن تتقدّم التسوية السياسية، وخلال الفترة الأخيرة بات واضحاً للأطراف المعنية أن لا فرصة للإرهابيين وللمعارضة على وجه العموم لإسقاط النظام السوري عسكرياً، ما يؤكد على الحاجة الملحّة لإتاحة الفرص لتحريك المسار السياسي.
* هل تعولون إيجاباً على كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول ضرورة الحوار مع الرئيس الأسد قد يسرّع في الحل السياسي؟
ـ لا نعرف ما هو المقصود من كلام كيري، إلا أننا نؤكد على ضرورة الإعتراف بأهمية الحل السياسي وبيان "جنيف"، ونتمنى أن يتم توظيف الجهد الأميركي والغربي لترتيب الحوار بين المعارضة والنظام.
أما بالنسبة للحوار بين الولايات المتحدة الأميركية والنظام السوري، فهذا أمر نصحنا به الولايات المتحدة في أكثر من مرة منذ بدء الأزمة السورية.
* رعت روسيا حوارات سورية ـ سورية فهل تعتبرون أن فرص نجاح هكذا حوار باتت أقوى اليوم؟
ـ فرص الحوار السوري ـ السوري أصبحت أقوى نظراً لتنامي الخطر الإرهابي، والذي أصبح واضحاً للقوى الوطنية التي تنظرإلى المصلحة السورية، إنما في الوقت ذاته، نلاحظ أن الأجواء الدولية ليست أفضل من قبل وربما العكس صحيح، وتجدر الإشارة إلى أنه في السابق كان لدينا المبادرة الأميركية ـ الروسية، أما اليوم فليس هناك إلا الجهود الروسية لترتيب حوار سوري ـ سوري في موسكو.

* هل اقتنع اللاعبون الخارجيون بفشل الحل العسكري في سوريا، أم أن ما يحكى عن فصيل معتدل جديد يجري التحضير له يؤشر إلى أن الولايات المتحدة لم تلعب بعد كل أوراقها في سوريا؟
ـ كما قلت سابقاً، فإن عدم إسقاط النظام بات أمراً واقعاً، ونشهد بعض المؤشرات على اعتراف الغرب بهذا المعطى، إلا أن هذا لم يفرز تغييراً جوهرياً في المواقف تجاه هذه الأزمة، إذ لديهم رؤية معينة خاصة حول إمكانية تغيير النظام في سوريا، فيما نعتبره شأناً سورياً داخلياً.
* هل ما زال الحديث عن حل في سوريا يقترن بسنوات أو أننا دخلنا في مرحلة الشروع بالبحث عن حل؟
ـ لا يمكن التكهّن حول عمر الأزمة السورية، إلا أن المعطيات الكافية لوقف النزاع غير متوفّرة، ولا يزال هناك تباعد كبير في القراءة بين السلطة والمعارضة، ويجب تقريب وجهات النظر والبحث عن القواسم المشركة بين الفريقين، علماً أن مواقف الدول الخارجية لم تتغيّر بعد. وأؤكد أن الأقوال يجب أن تقترن بالأفعال ويجب وقف دعم وتسليح المجموعات غير الشرعية، ومن دون هذه الخطوة لا يمكن التكهن بإمكانية وقف العنف، وهذا ما يجعلنا في دائرة مغلقة، حيث الدول الغربية لا تستطيع إسقاط االنظام، إنما لديها القدرة على إطالة أمد العنف في سوريا.
* هل لدى روسيا مبادرة جديدة لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع في سوريا؟
ـ نحن في صدد التحضير لـ "موسكو 2" وتحقيق تمثيل أوسع للمعارضة، ونطمح لتقريب وجهات النظر والمعيار الأساسي للتفاوض هو "جنيف2". نحاول أن نتعاطى بمرونة كبيرة تجاه الدعوات لتكون الصيغة مناسبة للجميع، لتأمين مشاركة واسعة لأنه من الضروري أن تشارك فئة كبيرة من المجتمع السوري في الحوار.

* هل يمكن القول أن روسيا بدأت تتجه نحو كسر أحادية القرار الدولي والعودة الى ثنائية الأقطاب؟
ـ في الفترة الأخيرة لم نتطلّع إلى ثنائية القرار، إنما نعترف بوجود عدد من مراكز القوى، وهدفنا إيجاد التوازنات الصحيحة بين مراكز القوى، وليس بين القطبين الأميركي والروسي، والدلالة في ما حدث في أوكرانيا وأدى إلى تدهور العلاقات الدولية، ما انعكس سلباً على مجمل القضايا المطروحة عالمياً، لذا ما يجب الحديث عنه اليوم ليس عودة التوازن بين قطبين أو عدة أقطاب، إنما الحد الأدنى من القواسم المشتركة في المجتمع الدولي حول القضايا الملحّة.
*أدت الإجراءات الدولية بحق روسيا إلى إحداث تغيير في موازنة روسيا العسكرية، هل فعلاً أحرجت العقوبات روسيا إقتصادياً إلى هذه الدرجة؟
ـ سنواصل تنفيذ كل البرامج المتعلقة بزيادة القدرة الدفاعية الروسية، ولا تغييرات جوهرية وفقاً للمعلومات المتوفرة لدي، على الرغم أنني لست المصدر المخوّل للإجابة على هذا السؤال، إلا أن ما يمكن الحديث عنه هو وجود تأثير للإجراءات المعادية لروسيا في المجالين الإقتصادي والمالي، إنما نتخذ الإجراءات اللازمة للإعتماد أكثر على قدراتنا الذاتية.
* كيف يمكن أن نصف العلاقات الروسية ـ السعودية؟
ـ العلاقات جيدة والإتصالات الأولى مع القيادة السعودية الجديدة تدلّ على نيّة في تطوّر العلاقات بين البلدين وهناك مصلحة مشتركة في هذا المجال.
*ماذا عن العلاقات الروسة ـ التركية؟
ـ الإتفاق مع تركيا حول أنبوب نقل الغاز الذي كان من المفترض أن يمر في بلغاريا لولا المعارضة الأوروبية، مؤشر على تنامي العلاقات بين البلدين، وهو يشكّل مكسباً إقتصادياً واستراتيجياً للبلدين أيضاً.
* ماذا عن العلاقة الروسية ـ المصرية؟
ـ العلاقة مع مصر تتطوّر بشكل إيجابي، فمصر كانت نقطة ارتكاز للتواصل الروسي في الشرق الأوسط، وقد رأينا تباشير نتائج الزيارة الإيجابية للرئيس الروسي فلادمير بوتين ومباحثاته مع نظيره عبد الفتاح السيسي.
* هناك من يراهن على تدهور العلاقات الروسية ـ الإيرانية مستقبلاً.فهل ترون أن هذه الفرضية مرهونة بالمتغيّرات السياسية وصراع النفوذ في المنطقة؟
ـ أستبعد تدهور العلاقات الروسية ـ الإيرانية، وسياسة روسيا في المنطقة هي "سياسة في كل الإتجاهات"،لأن هناك مصالح مشتركة واسعة. وفي ما يخص إيران تم توقيع المرحلة الثانية من محطة بوشهر، كما أن الموقف المبدئي الروسي يؤكد على ضرورة المشاركة الإيرانية في حل القضايا الشرق أوسطية والحوار السياسي يجري بشكل متواصل.
*هل نجحت الولايات المتحدة في ضرب روسيا انطلاقاً من أوكرانيا؟
ـ أوكرانيا في ذروة الإهتمام الدولي، وهي من أكثر القضايا إلحاحاً، لأنها كانت الذريعة لاتخاذ الإجراءات ضد روسيا، ولذا نحن ندعو إلى تطبيق اتفاق "مينسك 2"، الذي جاء نتيجة لتحرّك الدول الأوروبية ومشاركة روسية، ويجب أن يكون محل التزام وتطبيق من السلطات في كييف لأن ممثلي دونيتسك ولوغانسك التزموا بكل ما ينص حول سحب الأسلحة الثقيلة، فيما الجانب الآخر يماطل ويواصل القصف. كذلك، تم تأجيل القرار في البرلمان الأوكراني حول النظام الخاص بدونيتسك ولوغانسك، فالغرب يحمّل مسؤولية تطبيق هذا الإتفاق لروسيا ولمقاتلي دونيتيسك ولوغانسك، كأنه يبرّر مسبقاً أي تصرّف لسلطات كييف وللجيش الأوكراني، ما يتيح لهما استئناف الأعمال الحربية في أي لحظة. وهنا نرى خطورة الوضع في المنطقة، وندعو أن تكون جهود المجتمع الدولي مركزة لإعادة ضبط الأمور في أوكرانيا.
نعتقد أن هناك محاولات من جانب أميركا في الدرجة الأولى لجرّ روسيا إلى مواجهات أمنية في أوكرانيا وهي التي شجّعت هذه التوتّرات لفصل روسيا عن أوروبا، إلا أننا نرى مصالح مختلفة بين روسيا وأميركا، فضلاً عن التعاون الإقتصادي بين الفريقين، إضافة إلى التعاون الجيد بين روسيا وأوروبا، لكن حلف شمال الأطلسي يلعب دوراً سلبياً في العلاقات مع روسيا، وهذا ما دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى التحرّك للوصول إلى اتفاق "مينسك 2". وهناك فرق في المواقف بين الدول الأوروبية التي لا تريد اليوم استمرار العقوبات ضد روسيا، ومن هنا نستنتج أن المخرج لهذا المأزق يجب أن يكون عبر الجهود الأوروبية بالدرجة الأولى.

* هل ما زالت المظلة الدولية فوق سماء لبنان؟
ـ المظلة الدولية لا تزال قائمة على لبنان، فلا مصلحة لأي طرف دولي مؤثر في الساحة اللبنانية في زعزعة الأوضاع، بل على العكس الجميع مهتم بالمحافظة على الإستقرار في البلد، حتى الذين ينقسمون حول ملفات أخرى يجتمعون حول الوضع في لبنان.
* ألا تعتقدون أن العدو الإسرائيلي هو خارج هذا الإجماع حول استقرار لبنان؟
ـ حتى الآن لدينا القناعة، أن لا لبنان ولا إسرائيل لديهم النية لتصعيد الأوضاع والشروع بجولة جديدة من الحرب، أما بالنسبة للمستقبل فهو غير واضح. ونحن نتكلم عن المستقبل المنظور ولا نرى خطراً جدّياً.
* أين أصبح ملف تسليح الجيش اللبناني؟
ـ ليس خافياً أن هناك تفاوض روسي ـ لبناني لتوريد السلاح إلى الجيش اللبناني، وبحسب المعلومات الواردة تم التوصل إلى نتائج إيجابية، ولا سيما أن هذا الموضوع مقترن بالعقود وليس بالتوقّعات، وليس لدي أي معلومات عن وجود عراقيل.

* هل ترون أن هناك ارتباطاً وثيقاً كما بين الازمة السورية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية؟
 _ نحن نريد قدر الامكان أن يكون القرار في السياسة الداخلية اللبنانية بعيداً عن التجاذبات الخارجية، في ظل الربط الحاصل بين الاستحقاقات ومنها الاستحقاق الرئاسي بالتطورات في سوريا وحتى في الملف النووي الايراني، وهذا ما لا نراه ايجابياً للبنان ".
 * هل تتفقون مع التخوفات من تفجر الوضع في المنطقة وعالمياً؟
 _ بالنسبة لروسيا المهم هو الوضع العالمي، وللأسف هذا الوضع غير طيبيعي والتطور الذي حصل في السنوات الأخيرة هو تطور سلبي، وحتى الآن لا نرى التغيير المنشود في المواقف الغربية بالنسبة للقضايا الرئيسة وكأن هناك سيناريو الفوضى وهو مطلوب أن يستمر واذا لم نجد القواسم المشتركة على الصعيد الدولي يكون التدهور أمراً محتماً، ولن نصل الى المخارج المطلوبة للأزمات في الشرق الاوسط، الأمر الذي يتطب جهوداً دولية".

 

  • شارك الخبر