hit counter script
شريط الأحداث

خطّة الضاهر «الإنقاذيّة»: رحلة الألف ميل

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٥ - 07:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

راج الحديث خلال الأسابيع الماضية عن خطّة إنقاذيّة لـ «دمج» أو «توحيد» القنوات التلفزيونيّة اللبنانيّة الثماني، بهدف تقليص الخسائر الماليّة الضخمة التي تتكبّدها سنوياً. وبالرغم من الضجّة الإعلاميّة المثارة حول الموضوع، والزيارات التي قام بها مدراء تلك المؤسسات لوزيري الاتصالات بطرس حرب، والإعلام رمزي جريج، فإنّ ما ظهر حتّى الآن من المداولات، لا يعدو كونه رأس جبل الجليد.
الانترنت «بطيء»
فُرجت أخيراً أمام رئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال» بيار الضاهر، حين أعلن أنّه حاز على «إجماع شفهيّ» و «موافقة مبدئيّة» من قبل رؤساء مجالس إدارة القنوات التلفزيونيّة اللبنانيّة، للسير في «خطته الإنقاذية» للإعلام المرئي. وتهدف الخطّة إلى تقليص خسائر قطاع الإعلام المرئي والتي بلغت 60 مليون دولار سنوياً.
الإجماع المعلن ليس كافياً لإنقاذ القطاع، لذلك استغاثت القنوات بوزارة الاتصالات، بهدف تخفيض الرسوم المفروضة على التلفزيونات اللبنانيّة، أسوةً بالقنوات العربيّة ذات المكاتب التمثيليّة في لبنان، والتي تنتج وتصوّر معظم برامجها على أراضيه.
حملت القنوات سلسلة مطالب لوزارة الاتصالات، تمحورت حول حقّها بفرض بدل مادّي على حقوق البثّ، سواء على المتلقّي أو على أصحاب الكابلات، كما هي الحال مع محطّات أو باقات أخرى، مثل شبكة «أو أس أن» وغيرها.
وطلب الضاهر من وزير الاتصالات تحسين سرعة خدمة الانترنت، ما يتيح للقنوات الإفادة من الإعلانات «أونلاين»، كمصدر ربح جديد. إلى جانب التفكير بفرض رسوم على المشاهدة الالكترونية على غرار المواقع الإخباريّة والترفيهيّة الأجنبيّة.
توحيد الكاميرات وليس الألوان
بعيداً عن التوافق على الخطوط العريضة، يخيّم الضباب على تفاصيل الخطّة الإنقاذيّة. فإلى جانب الطلب من وزير الاتصالات إلغاء الرسوم عن سيّارت البثّ المباشر SNG، يجري الحديث عن إنشاء غرفة إنتاج موحّدة، تعنى بكل ما يتعلّق بالبث المباشر المخصص بنسبته الأكبر لمواد النشرة الإخبارية. فبدل أن تتكبد كلّ المحطات عناء إرسال مصوّر ومراسل لتغطية مؤتمر صحافي مثلاً، يمكن لكل المحطات أن تحصل على صور ومشاهد موحّدة. وبذلك تكون الغرفة المقترحة، أشبه بوكالة أنباء محليّة، توزّع على كافة المحطات المعلومات الإخبارية والصورية نفسها. ذلك ما يفتح الباب على أسئلة عدّة: ماذا سيكون مصير المصوّرين والمراسلين والطاقم الفائض في المؤسسات الإعلاميّة؟ وهل سيكون صرفهم حجةً لتقليص الكلفة الإنتاجية؟ وماذا يحلّ بالمنافسة بين القنوات والرغبة بالتميّز على صعيد الصورة والمضمون، إن اعتمد الجميع على مصدر واحد؟
ربّما تفيد غرفة الإنتاج المشتركة في خفض كلفة نقل المواد الإخباريّة الجافّة، مثل المؤتمرات الصحافيّة والاحتفالات السياسيّة. ولكن في ظلّ الاستقطاب السياسي السائد، كيف ستحافظ كلّ قناة على نبرتها، أو رأيها، عوضاً عن التحوّل إلى إعلام بلون واحد وصوت واحد؟ مع العلم أنّ تبادل المشاهد والكاميرات بين المحطّات، أمر سائد في كواليس الصناعة التلفزيونيّة محلياً منذ زمن، فلماذا يجري البحث عن مأسسة الأمر اليوم؟
يقول بيار الضاهر لـ «السفير» إنّه «لا خوف على الموظّفين الحاليين، في حال توحيد الإنتاج، لأنّ أعمالاً بديلة وأكثر تنافسية ستكون بانتظارهم في حرم المؤسسات». أمّا عن دور المنافسة بين القنوات فيقول إنّ كلّ قناة ستحتفظ «باستقلالية القرار، وإرسال من تريد إلى مكان الحدث، والتميّز بالصورة، لكن ذلك سيكون على نفقتها الخاصة». أما عن موضوع تحديد أسعار الإعلانات يوضح الضاهر أنّ المقصود بذلك جعل تلك الأسعار «معلنةً لا تتغيّر، ويكون لكلّ برنامج ونشرة أخبار سعرها الإعلاني المحدّد بحسب نوعه ونسبة المشاهدة». برأيه فإنّ ذلك سيحدّ من «بازار تحطيم أسعار الإعلانات، يشكّل ضمانة للمعلن والمحطة في آن معاً».
خلافات جوهريّة
بالرغم من محاولة الإيحاء بالشفافيّة، تبقى عدّة تفاصيل من الخطّة الإنقاذيّة طيّ الكتمان، خوفاً من «تسريبات قد تفسد الطبخة». لكنّ مصدراً على إطلاع على مجرى المشاورات يؤكّد لـ «السفير» أنّ نقاط الخلاف، أكبر بكثير من النقاط المشتركة. ويقول المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إنّ النقطة الوحيدة التي تم الاتفاق عليها بشكل نهائي حتى الآن، هي توحيد توقيت نشرات الأخبار المسائية. أما النقاط الأخرى فلا زالت قيد المناقشة وتشوبها خلافات جوهريّة، وخصوصاً خطة توحيد الإنتاج ككلّ، «بمعنى تبادل النجاحات وبثها على كلّ المحطات».
على سبيل المثال، تحصر «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال» إنتاجها الخاص ببرامج معدودة، وتثبّت أقدامها في إنتاج مسلسلات تستحوذ على نسبة كبيرة من المشاهدة، في حين تواصل «أم تي في» مثلاً التقدّم بالبرامج الترفيهيّة والفنيّة ذات الإنتاج الضخم والمعتمدة على الإبهار، وتتشاركان في بثّها. والمثال ذاته يسري على باقي المحطّات. وبذلك يصير أمام المعلن عيّنة من أجود الإنتاجات المحليّة، ويتاح للقنوات التحكّم بأسعار المادة الإعلانيّة، ومضاعفتها إن رغبت، لتنقسم العائدات الإعلانيّة بذلك على المحطّات مجتمعةً. ذلك ما يعدّه البعض غير منصف بحقّ قنوات تعمل بجهد للمنافسة على الصدارة، وأخرى تائهة نجاحها محكوم بالمواسم الانتخابية، والصراعات الداخلية، ومزاجية الولاء السياسي... كما أنّ توحيد البرمجة سينعكس سلباً على خيارات المشاهد، إذ ما الفرق عندها بين مشاهدة ثماني محطّات، ومشاهدة محطّة واحدة؟
صحيح أنّ مصيبة الخسائر الماديّة تجمع أقطاب الإعلام المرئي في لبنان، ولكن، وبالرغم من الشحّ المالي، يبقى هناك من هو متقدّم على الآخر. فهل تكون هذه الخطة الإنقاذيّة، أشبه بخشبة خلاص للمحطات الإعلامية مجتمعةً أم حبكة ذكية يستثمر فيها الضعفاء نجاح الأقوياء؟ يقول مراقبون إنّ قطاع الإعلام سيبقى في وضعه الحالي، لخمس سنوات على الأقلّ، من دون انفراجات تذكر... فهل يستنزف القطاع كل قواه حتى تعلن محطة تلو الأخرى استسلامها، وتخلو الساحة لأحاديّة أو ثنائيّة إعلاميّة احتكاريّة؟
 

السفير سعاد حبقة جبر

  • شارك الخبر