hit counter script

أخبار محليّة

تعويم الحكومة يؤشر على استبعاد انفراج رئاسي قريب

الجمعة ١٥ آذار ٢٠١٥ - 01:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

استعادت الحكومة اللبنانية حيويتها امس مع انعقاد جلسةٍ لمجلس الوزراء أنهت أزمة عطّلت الجلسات منذ ثلاثة أسابيع، وهو التطور «الانفراجي» الذي عكس مجددا معالم القرار السياسي الكبير بمنع انهيار الحكومة وتجنب سائر الافرقاء الداخليين تجاوُز الخط الأحمر الأخير في الأزمات الداخلية التي تحكم قبضتها على لبنان في الظروف الخطيرة الراهنة التي يجتازها.

وبدت هذه الخلاصة الكبرى لعودة جلسات مجلس الوزراء على قاعدة اتباع التوافق في اتخاذ القرارات «ولكن بخلفية الإنتاج»، اي بما يُعتبر توازناً بين الإبقاء على آلية اتخاذ القرارات بموافقة سائر مكوّنات الحكومة ولكن مع ضمانات ثابتة بعدم تعطيل القرارات اذا حصلت خلافات حولها.

وكشفت مصادر وزارية في هذا السياق لـ «الراي» ان رئيس الحكومة تمام سلام حصل عبر المشاورات الكثيفة التي استمرّ في إجرائها حتى الساعات الأخيرة قبل انعقاد الجلسة على ضمانات من سائر زعماء الكتل النيابية والحزبية والقيادات السياسية بعدم تعريض الحكومة لهزات كتلك التي تسبّبت بالأزمة الأخيرة واستدعت تعليق الجلسات لثلاثة اسابيع، بما يعني ان التحضير لجلسات مجلس الوزراء وخصوصاً في الملفات الاساسية التي تستلزم توافقاً واسعاً سيُصبِح من الآن فصاعداً خارج جلسات مجلس الوزراء اكثر من السابق.

واوضحت المصادر ان كل ملف أساسي سيخضع قبل طرْحه على جدول الأعمال للدرس بين مختلف القوى، الى حين توفير عامل التوافق حوله بما يسمح بطرحه على الجلسات لإقراره من دون مجازفات. كما ان إدارة الجلسات الحكومية لن تبقى من دون سقف زمني بل ستُحدَّد مدتها بأربع ساعات حداً أقصى وذلك منعاً للاستطالة في المداخلات وسعياً الى إعادة استدراك الوقت الضائع الذي تسببت به الأزمة الأخيرة وتَراكَم خلالها عشرات بل ومئات المشاريع والبنود الملحة.

اما في ما يتصل بربْط آلية القرارات الحكومية بالأزمة الرئاسية المفتوحة منذ 25 مايو الماضي، فان المصادر الوزارية نفسها أشارت الى ان اعتماد قاعدة التوافق بدل الإجماع بدت بمثابة تسوية بين الإبقاء على واقع ان مجلس الوزراء يقوم الآن بصلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة مما يقتضي التوافق في اتخاذ القرارات والتعهد من جهة أخرى بعدم تعطيل القرارات خصوصاً اذا كانت الأزمة الرئاسية لا تزال مرشحة لأن تطول الى أمد غير معروف.

وانعكس هذا المناخ داخل الجلسة الوزارية حيث اكد سلام «اننا امام حكومة ائتلافية ويبقى خيار التوافق هو الافضل في ظل الفراغ الرئاسي مع الحرص على الا يؤدي ذلك للتعطيل»، في حين تحدثت تقارير عن ان الجلسة تخللها التفاهم على ما يشبه «النظام الداخلي» الخاص بمجلس الوزراء من 6 بنود لتسيير أعماله على قاعدة «التوافق المنتج».

ولفتت أوساط سياسية بارزة عبر «الراي» الى ان حركة تطبيع الوضع الحكومي بسرعة نسبية لا يعكس سوى المعطيات التي تملكها غالبية القوى الاساسية في البلاد عن ضرورة التحسب لاحتمال تَمدُّد أزمة رئاسة الجمهورية، الى أمد طويل رغم كل الكلام الذي يساق عن مهلة الربيع. ذلك انه رغم انتعاش آمال محلية في حصول متغيّرات إقليمية كبيرة مثل التوصل الى التسوية النووية بين الغرب وإيران، فان أيّ عامل واقعي لا يدلّ على ان لبنان سيكون في مقدم الدول التي ستحظى بانعكاسات ايجابية لهذه المتغيّرات أقلّه في وقت قريب.

أما من الناحية الداخلية، فتؤكد الأوساط أنّ صدمة جديدة ولو متوقّعة حصلت في اليوميْن الأخيريْن بالنسبة الى الذين عمموا انطباعات مضخّمة وغير صحيحة عن حقيقة مجريات الحوار الجاري بين الفريقيْن المسيحييْن الاساسييْن اي «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية». وفي اعتقادها ان كلام زعيم «القوات» الدكتور سمير جعجع جاء بمثابة تبديد لهذه الانطباعات ولا سيما لجهة اعلانه ولكن من دون استفزاز ان هناك ملامح تزكية ايرانية حصراً لعون من خلال «حزب الله».

وتشير الاوساط نفسها الى ان هذا الامر حرّك تداعيات سلبية على محور الحوار الجاري بين الفريقيْن ولو لم يتسبب بقطعه. ومع ان المعطيات تتحدث عن قرب إرسال جعجع آخر ملاحظاته على ورقة «إعلان النيات» التي يعمل عليها الجانبان، فان ذلك لا يحجب الآثار السلبية التي تركها الكلام الصريح لجعجع في شأن ترشيح عون.

ولا يقف موضوع التعقيدات عند المحور المسيحي وحده، ولكن اللعبة الجارية راهناً تسمح للآخرين بالاختباء وراء هذا الحوار وتطوراته الآخذة بالصعود والهبوط إمعاناً في تقطيع الوقت الضائع. وقالت الاوساط ان الاسابيع القليلة المقبلة قد تحمل تطوراً حاسماً في هذا المجال اذا مضى الفريقان المسيحيان في إنجاز ورقة «اعلان النيات» والاتفاق عليها كورقة مبادئ ولو من دون الاتفاق على المسألة الرئاسية. ويبدو ان هذا الاحتمال هو الأكثر ترجيحاً اذ يحرص الفريقان بإرادة مشتركة وبنصائح كثيفة يتلقاها كل منهما على عدم العودة الى مناخ العداء والخصومة بينهما حتى لو لم يتفقا على الموضوع الرئاسي. ولكن وفي هذه الحال فان الرهانات التي بُنيت على توافق مسيحي من شأنه ان يشكل تحريكاً لأزمة الرئاسة ستعود الى «نقطة الصفر».

  • شارك الخبر