hit counter script

مقالات مختارة - عبدالله بارودي

مرآب طرابلس... مواجهة سياسية بغلاف إنمائي

الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠١٥ - 07:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

لم يكن الطرابلسيون يحسبون أن تشكّل المشاريع الانمائية نقطة خلاف بينهم، لكنّ التجاذب الحاد الذي حصل بين أبناء المدينة حول مشروع إنشاء مرآب وسط ساحة التل، طرح تساؤلاً كبيراً، يجدر بمختلف القوى السياسية والنقابية والمدنية الفاعلة في الفيحاء الإجابة عنه. متى يَتّفق أبناء طرابلس؟

لا شكّ أنّ المسألة لم تعد في أساس المشروع ومدى أهميته لـ«عاصمة الشمال»، بل تحوّل الأمر كما يبدو الى تجاذب سياسيّ، حاولت بعض القوى من خلاله تسجيل النقاط على المستوى الشعبيّ، عبر الإيحاء أنها تقف الى جانب ما يقرره أهل المدينة في كل ما سيتمّ تنفيذه من مشاريع إنمائية، وعدم الرضوخ لوجهة نظر تقرّرها هيئات ومؤسسات رسميّة وحكوميّة.

مرة جديدة، تظهر بعض الأطراف السياسية، أنّ معركتها الأساس هي في وجه الرئيس سعد الحريري و»تيار المستقبل»، وأنّ طرابلس هي ساحة المعركة، ومشاريع المدينة أدواتها.

فور انتهاء اللقاء الذي جَمع الحريري بأعضاء مجلس بلدية طرابلس، وبعد أن أوحَت أجواء الاجتماع أنّه طلب منهم العودة عن قرارهم السابق، والموافقة على مشروع «مرآب التل»، مقابل وعدهم بإقالة رئيس البلدية الدكتور نادر غزال من منصبه. بادرَ مرجع حكومي سابق، الى نَشر تغريدات متتالية أظهرت شدّة امتعاضه من المشروع، وتضامنه مع شريحة من ممثّلي المجتمع المدني المعترضة على تنفيذه.

في الوقت نفسه، جرى تنظيم حملة شعبية رفضاً للمشروع، وتأسيساً على معلومات صادرة عن أحد أعضاء المجلس البلدي، تفيد بأنّ الدولة التركية مستعدة لتقديم هِبة الى طرابلس، عبارة عن تنفيذ مشروع حيوي في ساحة التل، يقوم على بناء السراي القديمة، وترميم الأبنية الأثرية، وتحويل الساحة الى منطقة خضراء.

مصدر بلديّ مطّلع على أجواء اللقاء الذي جمع أعضاء المجلس البلدي مع الرئيس سعد الحريري، أشار في حديثه لـ«الجمهورية» الى أنّ الحريري لم يطلب من الأعضاء العودة عن قرارهم السابق، وعقد جلسة جديدة للموافقة على المشروع، بل تمنّى أن تتم مناقشة المشروع بشكل مفصّل ودقيق مع مجلس الانماء والاعمار من خلال اجتماع يعقد لهذه الغاية، ويضمّ فاعليات المدينة وهيئات المجتمع المدني للخروج بمَوقف موحّد.

الّا أنّ الحريري في الوقت نفسه، وبحسب المصدر نفسه، شرح للحاضرين أهمية المشروع وحيويته، وأنه لا مانع من إعادة بناء السراي القديمة ولَو على نفقة البلدية، وأن يحصر المرآب لزائري الأسواق القديمة، والمدينة التاريخية، كما هو المعمول به في كل بلدان العالم المتحضرة، على أن يتمّ تشجير المنطقة، وحَصرها بالمشاة، واستكمال تنفيذ مشروع محطتي التسفير الشمالية والجنوبية.

ونفى المصدر ذاته لـ«الجمهورية» أن يكون الحريري قد وَعد الأعضاء، في حال وافقوا على المشروع، بالعمل على عَزل الرئيس غزال من منصبه. كل ما جرى، يقول المصدر: إشتكى الأعضاء من عدم إمكانية الاستمرار في ظلّ رئاسة الغزال للبلدية، وبأنهم حاولوا طوال السنوات الماضية الانسجام مع طريقة تفكيره وأسلوبه في العمل، الّا أنهم لم يوفّقوا في هذا المجال. فوعَدهم الرجل بمتابعة الموضوع مع المعنيّين وإجراء ما يلزم لإعادة إحياء العمل البلديّ.

مصدر قيادي في «تيار المستقبل» أكد لـ«الجمهورية» أنه ليس من طِباع الحريري وخصاله إجراء مقايضة في مثل تلك الظروف. ما وَعدَ الحريري به هو العمل لتصحيح المَسار، وهو يرى ما هو الأنسب في هذا الصدد ليقوم به. مؤكداً أنّ الحريري أسمعَ غزال كلاماً دقيقاً وواضحاً وحاسماً في هذا الخصوص، لا بدّ أن يكون رئيس البلدية قد تنبّه له، وفَهمه جيداً. وعلى هذا الأساس، يجدر بالغزال اتخاذ خياراته في المرحلة اللاحقة.

في السياق نفسه، استغرب أحد قادة المجتمع المدني، عبر «الجمهورية»، موقف بعض الشخصيات السياسية المعترضة على المشروع، متسائلاً عن سبب غيابها عن إبداء ملاحظاتها عليه، على رغم أنه جرى إقراره منذ العام 2006، بقرار رقم 295 في عهد رئيس البلدية الأسبق المهندس رشيد جمالي، كما جرى التأكيد عليه عام 2011، بقرار رقم 458، وفي نيسان 2014 طالبت عدة لجان بلدية بضرورة الإسراع في إنجاز المرآب.

ويؤكد المصدر نفسه، بأنه في الشهر الماضي جرى رفض المشروع بقرار غير قانوني، لأنّ الرفض يجب أن يسبقه قرار يتمّ فيه التراجع عن كل القرارات السابقة، والمتخذ بعضها بالإجماع. لذا، فإنه في جلسة 27 شباط الأخيرة، تمّ تصحيح خطأ الجلسة السابقة، عبر الموافقة على المشروع، وليس الانقلاب على قرار سابق كما يحلو للبعض الإيحاء به.

كما نفى مصدر حكومي لـ«الجمهورية» وصول ايّ معلومات أو مراسلة رسمية من قبل الحكومة التركية تفيد استعدادهم تقديم هبة لإعادة ترميم مبنى السراي القديمة أو أي مشروع إنمائي آخر في طرابلس لغاية اللحظة.

ثمّة من يقول إنّ الاتجاه اليوم ينصَبّ على تنظيم ورشة عمل تعقد خلال الشهر الجاري، تجمع مجلس الانماء والاعمار، وسائر فاعليات المدينة، وهيئاتها الاقتصادية، ونقابات المهن الحرة، وممثلي المجتمع المدني، ورجال الاعلام لمناقشة مشروع المرآب، وإبداء مختلف الأطراف ملاحظاتهم المناسبة حوله، وإقرار ما يلزم.
 

  • شارك الخبر