hit counter script

أخبار محليّة

فتحعلي: فلتتحلَّ قيادات لبنانية بالواقعية تجاه إيران

الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠١٥ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يتابع سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت محمد فتحعلي قضايا لبنان متابعةً دؤوبة، كمتابعته للقضايا الإقليمية والدولية، وبسرعة قياسية ألَمَّ بالشأن اللبناني وأدرَك كُنه الحياة السياسية اللبنانية بكلّ تعاريجها وتشعّباتها، وها هو يأخذ في حوار مع «الجمهورية»على «بعض المسؤولين الذين يسعون إلى تنظيم الأمور» بإدلائهم بمواقف «لا تتلاءَم مع التحوّلات الأخيرة في المنطقة»، سواءٌ على مستوى دور إيران الإقليمي أو على مستوى مواجهة الجماعات الإرهابية في لبنان والمنطقة. ويتوقّف عند مواقف بعض القيادات السياسية من دون أن يسمّيها، ويرى»أنّ بعض الأطراف الذين ابتعدوا طويلاً عن ساحة لبنان الداخلية وكانوا أقرب إلى الأمور «لا زال لديهم تشويش في فَهم بعض المسائل الإقليمية المهمّة»، ويأمل في «أن تتحسّن رؤيتهم من خلال الحضور الميداني في الساحة ومشاهدة الوقائع مباشرةً»، داعياً هؤلاء إلى «الترَوّي في مواقفهم أكثر». ولا ينسى فتحعلي الملفّ النووي الإيراني فيأمل في «أن تصل المفاوضات الحاليّة إلى توافق نهائي إذا توافرَت الإرادة الصادقة لدی الطرَف الآخر خلال الفرصة القصيرة المتبقّية». وهنا وقائع الحوار:• ما هي العوامل المؤثّرة في انتصار الثورة الإسلامية واستمرارها، وما تأثيرها على المنطقة؟

ـ قبل ستة وثلاثين عاماً وفي مثل هذه اﻻيام انتصرت الثورة اﻻسلامية اﻻيرانية على يد الشعب بقيادة اﻹمام الخميني (قده). وتمسّكت منذ بداية انتصارها بالمباني اﻹلهية القائمة على أساس حرية اﻹنسان وعزّته والمساواة بين المجتمعات البشرية، وأعلنت استقلالها وعدم تبعيتها للقوى الكبرى، وطالبت باﻻعتراف بهذه اﻷسس في المجتمع العالمي رسمياً واحترامها .

لكن بما أنّ سياسة الجمهورية هذه ﻻ تنسجم مع سياسات التسلط للقوى الكبرى العالمية؛ لذا فإنّها منذ اﻷيام اﻷولى لبدء الثورة بدأت معارضتها وشنّ الحملات المختلفة على إيران، وسعت طوال 36 عاماً لدفع الشعب اﻹيراني الى التخَلّي عن مطالبه وسعيه الى اﻹستقلال.

وتوسّل اﻷعداء في البداية إستعمال حربة الزور واﻹغتيال، فاغتالوا 17 ألف إيراني أبرزهم إغتيال رئيسي الجمهورية والوزراء ومسؤولي القضاء الكبار وأئمّة الجمعة والعلماء النوويّين. وكانت الخطوة التالية العدوان العسكري اﻷميركي ضد نظام الجمهورية والمؤامرة التي خطّطت لها ونفّذتها الحكومة اﻷميركية حينها وأُحبطت وهزمت شرّ هزيمة بعون الله تعالى بزوبعة جوّية. وجاءَت الخطوة الثالثة بتشجيع صدّام ودعمه لشنّ هجوم ضد الجمهورية طوال ثماني سنوات.

لذلك فإنّ تاريخ الثورة يشير الى أنّه رغم كلّ هذه الضغوط وااعتداءات فإنّ شعب إيران العظيم باعتماده على خالق البشَر وفي ظلّ القيادة الحكيمة للإمام الخميني (قده) وللإمام الخامنئي استمرّ في طريق المقاومة وحوّلَ التهديدات فرَصاً لتنمية إيران في المجاﻻت العلمية والتقنية المختلفة، وارتقى مكانةً ومنزلة عالمية وإقليمية سامية.

• ما رأیكم بالملف النوَوي، وهل مِن اتّفاق وشيك في شأنه بين إيران والدوَل الغربية؟

ـ إنّ الديبلوماسية النووية اﻹيرانية كانت تقوم دوماً على أساس الحوار وعلى أساس الندّية مع الدول الكبرى. وقد أجرَينا العام الماضي مفاوضات هي اﻷكثر شفافية وصدقاً للوصول إلى الثقة المتبادلة في الموضوع النووي اﻹيراني. ولم تكن المشاركة في هذه المفاوضات بسبَب التهديد والمقاطعة؛ بل كانت نابعة من إرادة الشعب اﻹيراني، ذلك ﻷننا نعتقد أنّ الحل الوحيد للموضوع النووي هو المفاوضات.

- أسُسنا هي الثقة المتبادلة، ورفع الإبهامات المتقابلة، والندّية، واﻻحترام المتبادل والأصول المتّفق عليها دولياً.

- لقد أظهرت الحكومة اﻹيرانية خلال العام الماضي ابتكارات في المفاوضات النووية، ما أوجَد فرصاً جديدة لحلّ الموضوع، وكان نتاجها المرحلي اتفاق جنيف. وإذا أبدت أطراف المفاوضات اﻷخرى عزماً ومرونة فسنوفّق خلال المهلة المحددة بالتوصّل الى حلّ كامل لهذه القضية.

ـ إنّ الوصول الى اتفاق نووي شامل مع إيران يشكّل فرصة تاريخية للغرب يثبت فيها أنه ليس ضد تطوّر اﻵخرين وتنميتهم وﻻ يمارس العنصرية في تنفيذ القرارات الدولية. هذا اﻻتفاق يمكنه أن يحمل رسالة عالمية للأمن والسلام أيضًا، وهي أنّ طريق حلّ الخلافات هو التفاوض وليس النزاع والمقاطعة.

- إنّ مسار المفاوضات النووية في اﻷشهر الماضية شهد أملاً وجدّية متبادلة. وإنّ أيّ تأخير في حصول اﻹتفاق النهائي سيزيد من اﻷضرار التي لن تكون علينا وحدنا؛ بل ستترك أثرها السلبي على إقتصاد سائر الشعوب وتجارتها، وتلقي بظلالها على الأمن والتنمية اﻹقليمية.

ـ نأمل أن تصل المفاوضات الحالية إلى اتفاق نهائي إذا توافرَت الإرادة الصادقة لدی الطرف الآخر. وإنّنا مصمّمون على اﻻستمرار في برنامجنا النوَوي السلمي والذي يضمن حقّنا في التخصيب داخل إيران، إضافةً إلى سائر حقوقنا النووية ضمن إطار القوانين الدولية.

- أكّد الجانب الإیرانی تمسّ?ه بالتفاوض، وإنّ اﻷطراف الغربية إذا كانت جدّية يمكن التوصّل الى توافقات في المرحلة النهائية والحَد من إطالة واستهلاك الملف النووي الزائد، ما يصعّب إمكانية التوصّل إلى اتفاق.

• حصلت تحوّﻻت كثيرة في الساحة اللبنانية والساحتين الدولية واﻹقليمية وطُرحَت آراء مختلفة حول دور إيران في هذه التحوّﻻت، فما هو رأيكم في ذلك؟

ـ نعم، لقد شهدت منطقتنا، أي منطقة غرب آسيا، تحوّﻻت وتحدّيات كبيرة تركت آثارَها على دول المنطقة، وطاوَلت النظام العالمي وسائر دوَل العالم أيضاً. كما أنّ الظروف اﻹقليمية الحاليّة تشهد كلّ يوم، بل كلّ ساعة، تغييراً وتحوّلاً، لذلك فهي تتطلب منّا جميعاً المتابعة والرصد الدقيق للتحوّﻻت والتحلیلات والقيام بالخطوات والنشاطات المناسبة.

ومِن الطبيعي أنّنا إذا لم نمتلك معلومات وإدراك صحيح لما يجري فإنّنا سنقع في الخطأ في خطواتنا اللاحقة ما يُبعدنا عن أهدافنا السامية المتمثلة بإقرار السلام واﻹستقرار في المنطقة وتأمين الرفاه المعنوي والمادي لشعوب المنطقة.

لذلك فإنّني من خلال متابعتي لتصريحات بعض المسؤولين ممّن يسعون إلى تنظيم اﻷمور أرى أنّ تصريحاتهم تلك ﻻ تتلاءَم مع التحوّﻻت اﻷخيرة في المنطقة، ومن واجبي تقديم بعض الملاحظات في هذا المجال:

ـ إنّني أشعر بأنّ بعض اﻷطراف الذين ابتعدوا عن ساحة لبنان الداخلية لمدّة طويلة وكان لهم لحسن الحظ وجود أقرب الى اﻷمور ﻻ زال لديهم تشويش في فهم بعض المسائل اﻹقليمية المهمّة، وآمل أن تتحسّن رؤيتهم تلك من خلال حضورهم الميداني في الساحة ومشاهدة الوقائع بشكل مباشر. المتوقّع من أولئك أن يتروّوا في مواقفهم أكثر.

لقد شهدنا خلال السنوات اﻷخيرة ظهورَ عدد كبير من اﻹرهابيين المدجّجين بالسلاح من الداخل والخارج يمارسون أعمالاً وحشية لقيَت تنديداً عالمياً، ويتلقّون الدعم المالي من الخارج، وقد بدأت حركتهم تلك بذريعة المطالبة بالحقوق الديموقراطية، لكنّهم حشدوا الجيوش ضد حكومة قانونية وكبّدوا الشعب خسائر كبيرة في اﻷرواح واﻷموال وتحوّلوا اﻵن أكبر خطر وتهديد إرهابي في العالم.

إنّ أحداث السنوات اﻷربعة اﻷخيرة أثبَتت أنّ حكومة تلك الدولة لو لم تواجه الحركات اﻹرهابية تلك ﻻستولى اﻹرهابيون على دولتهم وقسّموها وﻻمتدّت تلك النار إلى الدول المجاورة أيضاً، ولتكرّرت الفجائع البشرية تلك. ولوﻻ صمود لبنان بحكومته، وجیشه ومقاومته في وجه اﻹرهاب ما أدّى إلى دفع ذلك الخطر عن المنطقة، فأيّ عواقب مؤسفة كانت ستلحق بلبنان؟

إنّ اﻹرهاب في العراق وسوريا أثبَت أنه يتحرّك بقسوة وبلا رحمة ضد البشرية وضد أتباع اﻷديان كلّها من مسيحيين وإيزديين وآشوريين ومسلمين سُنّة وشيعة، وقد ملأ سجلّ تاريخه بالجرائم الفظيعة.

لذلك من المدهش والمحيّر أنّنا في لبنان نرى تلك الوقائع بأعينِنا ثمّ يقوم البعض بتوجيه الانتقاد ﻷولئك الذين تحرّكوا بشجاعة وبطولة ومنَعوا بدمائهم تمدّد اﻹرهاب، علماً أنّه لولا هذه التضحیات في مواجهة «داعش» وسائر اﻹرهابيين من يدري ما كان سيعانيه الشعب اللبناني الشقيق وما كانت عليه ظروفه.

فهل دفع هذا الخطر عن المواطنين اللبنانيين الذين يواجهون خطر اﻹرهاب المنظّم عند الحدود الجنوبية والشرقیة يتطلب مثل هذه المواقف؟ وإنّني أوجّه من هنا تحيّاتي وتقديري ﻷرواح جميع شهداء الجيش اللبناني والمقاومة، وأقدّر وأثني على جهودهم وتضحياتهم في سبيل حفظ اﻷمن والاستقرار في لبنان.

ومن الجدیر هنا الإشارة إلی أنّ فخامة رئیس الجمهوریة الد?تور حسن روحانی ?ان قد تنبّأ مسبقاً بظهور مثل هذه التیارات المتطرّفة عندما تحدّث علی منبر الأمم المتحدة عام 2013.

- حتى أولئك الذين كانوا حتى اﻷمس يعتبرون أنّ الرئيس بشّار اﻷسد جزءٌ من المشكلة قد اعترفوا اليوم بأهمية دوره في مواجهة اﻹرهاب وحفظ وحدة اﻷراضي السورية، وتوقّفوا عن تكرار أخطائهم السابقة معتبرين أنّ الرئيس اﻷسد جزء من طريق حلّ اﻷزمة. ومنذ بداية اﻷزمة السورية اعتبرَت الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية أنّ الحلّ الوحيد هو الحلّ السياسي.

- إنّ استراتيجية الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية منذ انتصار الثورة هي التأكيد والتشديد على أولوية العلاقة مع دوَل المنطقة والتعاون مع كلّ الدوَل من أجل تحكيم السلام واﻹستقرار ونشرهما في المنطقة. ذلك ﻷنّ هذه الظروف تعود بالنفع على جميع الدول، وتنمية أيّ بلد تقوم على استقرار المنطقة.

لكن للأسف فإنّ البعض ينظر إلى المسائل من زاوية أخرى. وإنّ الرأي العام سيُصدر حكمَه على الدوَل والحكومات، ونعتقد أنّه ﻻ يمكن، وﻻ ينبغي، التغاضي عن دور وفهم الرأي العام في تصريحاتنا وإبداء آرائنا.

وفي هذا المجال فإنّ دور وسائل اﻹعلام مهمّ جداً، ولذلك ينبغي صوغ الرأي العام بطريقة صحيحة وصادقة. ولحُسن الحظ فإنّ أكثر وسائل اﻹعلام في لبنان تدرك هذا الدور الخطير وتسعى من خلال مقاﻻتها وأخبارها الصحيحة الى إطلاع الشعب اللبناني الشريف على آخر التحوّﻻت والتجاذبات اﻹقليمية.

ومن الطبيعي أن يقع بعض الذین یتولّون مناصب رسمیة في سوء الفهم والتحليل لدور الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية في القضايا اﻹقليمية والعالمية بسبب عدم اطّلاعهم على اﻷمور، أو لعدم حصولهم على الحقائق والوقائع الجارية ويعجزون عن تأمين حاجة الرأي العام.

- لعلّ بعض قلق أصدقائنا يعود الى إنجازات الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية بعد انتصار الثورة. فالجميع يعلم أنّ اﻹمام الخميني (قده) طرح قبل انتصار الثورة نظرية وأفكاراً لقيَت تأييد الشعب اﻹيراني ودعماً جدّياً، ما أدّى الى انتصار الثورة، ومع أنّ نظرية اﻹمام كانت عميقة إﻻ أنّها كانت مفهومة لدى عامة الناس، وهو عموماً يعتقد أنّ الله تعالى قد جعلَ اﻹسلام ديناً مرشداً إلى تكامل البشرية، وقد بيَّنَ كلّ حاجات الحياة المادية والمعنوية واﻹقتصادية والسياسية والحكومية أيضاً. لذلك قدّم اﻹمام للشعب نظام حكومة الجمهورية اﻹسلامية.

وطلبَ مِن أبناء الشعب إبداءَ آرائهم بهذا النظام من خلال استفتاء عام حصلَ على تأييد بنسبة 98%. هذه النظرية القائمة على الأحكام واﻷوامر اﻹلهية ورفض نظام التسلّط ﻻقت ترحيبَ المجتمع البشري، وخصوصاً شعوب المنطقة، وعلى اﻷخص الشعب الفلسطيني. لذا، إذا كان هناك مَن يخشى من انتشار هذا النظام الفكري اﻹلهي عليه أن يدرك أنّ هذا الفكر لم ينتشر مطلقاً من خلال القوّة القاهرة.

- إنّ امتلاك أسُس ومبانٍ مُحكَمَة ومَنطقية هو الذي يجعل المجتمع البشري يتقبّل أيّ نظرية أو يرفضها. لذلك نجد أنّ دستور الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية واستناداً إلى هذه النظرة العميقة قد أقرّ حقوق جميع اﻷقليات الدينية والمذهبية رسميّاً ويحقّ لها ممارسة شعائرها المذهبية والعقائدية في حرّية ولها رأيُها في هيكلية اتّخاذ القرار السياسي، خصوصاً في السلطتين التشريعية والتنفيذية.

- لقد أثبتت الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية اليوم وبفخر أنّ مبانيَها الفكرية والنظرية تحت القیادة الحكیمة لسماحة الإمام الخامنئي قد حقّقت تطوّراً عظيماً، ليس في المجاﻻت المعنوية فقط، بل في المجاﻻت العلمية والتقنية أيضاً (في العلوم الطبّية والدواء والعلوم الفضائية واﻷقمار اﻻصطناعية وفي التقنية النووية وفي مجال تقنية النانو والعلوم العسكرية واﻷمنية)، ما حازَ على اعتراف المجتمع العالمي.

وستعود منافع هذه اﻹنجازات على الشعب اﻹيراني وجميع شعوب المنطقة. وقد أعلنَت الجمهورية اﻹسلامية دوماً استعدادَها لتنمية التعاون مع لبنان الشقيق، خصوصاً في مجال تبادل العِلم والتقنية ودعم البنى التحتية للاقتصاد اللبناني، وقد قامت بخطوات عمَلية في • ما هي العوامل المؤثّرة في انتصار الثورة الإسلامية واستمرارها، وما تأثيرها على المنطقة؟

ـ قبل ستة وثلاثين عاماً وفي مثل هذه اﻻيام انتصرت الثورة اﻻسلامية اﻻيرانية على يد الشعب بقيادة اﻹمام الخميني (قده). وتمسّكت منذ بداية انتصارها بالمباني اﻹلهية القائمة على أساس حرية اﻹنسان وعزّته والمساواة بين المجتمعات البشرية، وأعلنت استقلالها وعدم تبعيتها للقوى الكبرى، وطالبت باﻻعتراف بهذه اﻷسس في المجتمع العالمي رسمياً واحترامها .

لكن بما أنّ سياسة الجمهورية هذه ﻻ تنسجم مع سياسات التسلط للقوى الكبرى العالمية؛ لذا فإنّها منذ اﻷيام اﻷولى لبدء الثورة بدأت معارضتها وشنّ الحملات المختلفة على إيران، وسعت طوال 36 عاماً لدفع الشعب اﻹيراني الى التخَلّي عن مطالبه وسعيه الى اﻹستقلال.

وتوسّل اﻷعداء في البداية إستعمال حربة الزور واﻹغتيال، فاغتالوا 17 ألف إيراني أبرزهم إغتيال رئيسي الجمهورية والوزراء ومسؤولي القضاء الكبار وأئمّة الجمعة والعلماء النوويّين. وكانت الخطوة التالية العدوان العسكري اﻷميركي ضد نظام الجمهورية والمؤامرة التي خطّطت لها ونفّذتها الحكومة اﻷميركية حينها وأُحبطت وهزمت شرّ هزيمة بعون الله تعالى بزوبعة جوّية. وجاءَت الخطوة الثالثة بتشجيع صدّام ودعمه لشنّ هجوم ضد الجمهورية طوال ثماني سنوات.

لذلك فإنّ تاريخ الثورة يشير الى أنّه رغم كلّ هذه الضغوط وااعتداءات فإنّ شعب إيران العظيم باعتماده على خالق البشَر وفي ظلّ القيادة الحكيمة للإمام الخميني (قده) وللإمام الخامنئي استمرّ في طريق المقاومة وحوّلَ التهديدات فرَصاً لتنمية إيران في المجاﻻت العلمية والتقنية المختلفة، وارتقى مكانةً ومنزلة عالمية وإقليمية سامية.

• ما رأیكم بالملف النوَوي، وهل مِن اتّفاق وشيك في شأنه بين إيران والدوَل الغربية؟

ـ إنّ الديبلوماسية النووية اﻹيرانية كانت تقوم دوماً على أساس الحوار وعلى أساس الندّية مع الدول الكبرى. وقد أجرَينا العام الماضي مفاوضات هي اﻷكثر شفافية وصدقاً للوصول إلى الثقة المتبادلة في الموضوع النووي اﻹيراني. ولم تكن المشاركة في هذه المفاوضات بسبَب التهديد والمقاطعة؛ بل كانت نابعة من إرادة الشعب اﻹيراني، ذلك ﻷننا نعتقد أنّ الحل الوحيد للموضوع النووي هو المفاوضات.

- أسُسنا هي الثقة المتبادلة، ورفع الإبهامات المتقابلة، والندّية، واﻻحترام المتبادل والأصول المتّفق عليها دولياً.

- لقد أظهرت الحكومة اﻹيرانية خلال العام الماضي ابتكارات في المفاوضات النووية، ما أوجَد فرصاً جديدة لحلّ الموضوع، وكان نتاجها المرحلي اتفاق جنيف. وإذا أبدت أطراف المفاوضات اﻷخرى عزماً ومرونة فسنوفّق خلال المهلة المحددة بالتوصّل الى حلّ كامل لهذه القضية.

ـ إنّ الوصول الى اتفاق نووي شامل مع إيران يشكّل فرصة تاريخية للغرب يثبت فيها أنه ليس ضد تطوّر اﻵخرين وتنميتهم وﻻ يمارس العنصرية في تنفيذ القرارات الدولية. هذا اﻻتفاق يمكنه أن يحمل رسالة عالمية للأمن والسلام أيضًا، وهي أنّ طريق حلّ الخلافات هو التفاوض وليس النزاع والمقاطعة.

- إنّ مسار المفاوضات النووية في اﻷشهر الماضية شهد أملاً وجدّية متبادلة. وإنّ أيّ تأخير في حصول اﻹتفاق النهائي سيزيد من اﻷضرار التي لن تكون علينا وحدنا؛ بل ستترك أثرها السلبي على إقتصاد سائر الشعوب وتجارتها، وتلقي بظلالها على الأمن والتنمية اﻹقليمية.

ـ نأمل أن تصل المفاوضات الحالية إلى اتفاق نهائي إذا توافرَت الإرادة الصادقة لدی الطرف الآخر. وإنّنا مصمّمون على اﻻستمرار في برنامجنا النوَوي السلمي والذي يضمن حقّنا في التخصيب داخل إيران، إضافةً إلى سائر حقوقنا النووية ضمن إطار القوانين الدولية.

- أكّد الجانب الإیرانی تمسّ?ه بالتفاوض، وإنّ اﻷطراف الغربية إذا كانت جدّية يمكن التوصّل الى توافقات في المرحلة النهائية والحَد من إطالة واستهلاك الملف النووي الزائد، ما يصعّب إمكانية التوصّل إلى اتفاق.

• حصلت تحوّﻻت كثيرة في الساحة اللبنانية والساحتين الدولية واﻹقليمية وطُرحَت آراء مختلفة حول دور إيران في هذه التحوّﻻت، فما هو رأيكم في ذلك؟

ـ نعم، لقد شهدت منطقتنا، أي منطقة غرب آسيا، تحوّﻻت وتحدّيات كبيرة تركت آثارَها على دول المنطقة، وطاوَلت النظام العالمي وسائر دوَل العالم أيضاً. كما أنّ الظروف اﻹقليمية الحاليّة تشهد كلّ يوم، بل كلّ ساعة، تغييراً وتحوّلاً، لذلك فهي تتطلب منّا جميعاً المتابعة والرصد الدقيق للتحوّﻻت والتحلیلات والقيام بالخطوات والنشاطات المناسبة.

ومِن الطبيعي أنّنا إذا لم نمتلك معلومات وإدراك صحيح لما يجري فإنّنا سنقع في الخطأ في خطواتنا اللاحقة ما يُبعدنا عن أهدافنا السامية المتمثلة بإقرار السلام واﻹستقرار في المنطقة وتأمين الرفاه المعنوي والمادي لشعوب المنطقة.

لذلك فإنّني من خلال متابعتي لتصريحات بعض المسؤولين ممّن يسعون إلى تنظيم اﻷمور أرى أنّ تصريحاتهم تلك ﻻ تتلاءَم مع التحوّﻻت اﻷخيرة في المنطقة، ومن واجبي تقديم بعض الملاحظات في هذا المجال:

ـ إنّني أشعر بأنّ بعض اﻷطراف الذين ابتعدوا عن ساحة لبنان الداخلية لمدّة طويلة وكان لهم لحسن الحظ وجود أقرب الى اﻷمور ﻻ زال لديهم تشويش في فهم بعض المسائل اﻹقليمية المهمّة، وآمل أن تتحسّن رؤيتهم تلك من خلال حضورهم الميداني في الساحة ومشاهدة الوقائع بشكل مباشر. المتوقّع من أولئك أن يتروّوا في مواقفهم أكثر.

لقد شهدنا خلال السنوات اﻷخيرة ظهورَ عدد كبير من اﻹرهابيين المدجّجين بالسلاح من الداخل والخارج يمارسون أعمالاً وحشية لقيَت تنديداً عالمياً، ويتلقّون الدعم المالي من الخارج، وقد بدأت حركتهم تلك بذريعة المطالبة بالحقوق الديموقراطية، لكنّهم حشدوا الجيوش ضد حكومة قانونية وكبّدوا الشعب خسائر كبيرة في اﻷرواح واﻷموال وتحوّلوا اﻵن أكبر خطر وتهديد إرهابي في العالم.

إنّ أحداث السنوات اﻷربعة اﻷخيرة أثبَتت أنّ حكومة تلك الدولة لو لم تواجه الحركات اﻹرهابية تلك ﻻستولى اﻹرهابيون على دولتهم وقسّموها وﻻمتدّت تلك النار إلى الدول المجاورة أيضاً، ولتكرّرت الفجائع البشرية تلك. ولوﻻ صمود لبنان بحكومته، وجیشه ومقاومته في وجه اﻹرهاب ما أدّى إلى دفع ذلك الخطر عن المنطقة، فأيّ عواقب مؤسفة كانت ستلحق بلبنان؟

إنّ اﻹرهاب في العراق وسوريا أثبَت أنه يتحرّك بقسوة وبلا رحمة ضد البشرية وضد أتباع اﻷديان كلّها من مسيحيين وإيزديين وآشوريين ومسلمين سُنّة وشيعة، وقد ملأ سجلّ تاريخه بالجرائم الفظيعة.

لذلك من المدهش والمحيّر أنّنا في لبنان نرى تلك الوقائع بأعينِنا ثمّ يقوم البعض بتوجيه الانتقاد ﻷولئك الذين تحرّكوا بشجاعة وبطولة ومنَعوا بدمائهم تمدّد اﻹرهاب، علماً أنّه لولا هذه التضحیات في مواجهة «داعش» وسائر اﻹرهابيين من يدري ما كان سيعانيه الشعب اللبناني الشقيق وما كانت عليه ظروفه.

فهل دفع هذا الخطر عن المواطنين اللبنانيين الذين يواجهون خطر اﻹرهاب المنظّم عند الحدود الجنوبية والشرقیة يتطلب مثل هذه المواقف؟ وإنّني أوجّه من هنا تحيّاتي وتقديري ﻷرواح جميع شهداء الجيش اللبناني والمقاومة، وأقدّر وأثني على جهودهم وتضحياتهم في سبيل حفظ اﻷمن والاستقرار في لبنان.

ومن الجدیر هنا الإشارة إلی أنّ فخامة رئیس الجمهوریة الد?تور حسن روحانی ?ان قد تنبّأ مسبقاً بظهور مثل هذه التیارات المتطرّفة عندما تحدّث علی منبر الأمم المتحدة عام 2013.

- حتى أولئك الذين كانوا حتى اﻷمس يعتبرون أنّ الرئيس بشّار اﻷسد جزءٌ من المشكلة قد اعترفوا اليوم بأهمية دوره في مواجهة اﻹرهاب وحفظ وحدة اﻷراضي السورية، وتوقّفوا عن تكرار أخطائهم السابقة معتبرين أنّ الرئيس اﻷسد جزء من طريق حلّ اﻷزمة. ومنذ بداية اﻷزمة السورية اعتبرَت الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية أنّ الحلّ الوحيد هو الحلّ السياسي.

- إنّ استراتيجية الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية منذ انتصار الثورة هي التأكيد والتشديد على أولوية العلاقة مع دوَل المنطقة والتعاون مع كلّ الدوَل من أجل تحكيم السلام واﻹستقرار ونشرهما في المنطقة. ذلك ﻷنّ هذه الظروف تعود بالنفع على جميع الدول، وتنمية أيّ بلد تقوم على استقرار المنطقة.

لكن للأسف فإنّ البعض ينظر إلى المسائل من زاوية أخرى. وإنّ الرأي العام سيُصدر حكمَه على الدوَل والحكومات، ونعتقد أنّه ﻻ يمكن، وﻻ ينبغي، التغاضي عن دور وفهم الرأي العام في تصريحاتنا وإبداء آرائنا.

وفي هذا المجال فإنّ دور وسائل اﻹعلام مهمّ جداً، ولذلك ينبغي صوغ الرأي العام بطريقة صحيحة وصادقة. ولحُسن الحظ فإنّ أكثر وسائل اﻹعلام في لبنان تدرك هذا الدور الخطير وتسعى من خلال مقاﻻتها وأخبارها الصحيحة الى إطلاع الشعب اللبناني الشريف على آخر التحوّﻻت والتجاذبات اﻹقليمية.

ومن الطبيعي أن يقع بعض الذین یتولّون مناصب رسمیة في سوء الفهم والتحليل لدور الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية في القضايا اﻹقليمية والعالمية بسبب عدم اطّلاعهم على اﻷمور، أو لعدم حصولهم على الحقائق والوقائع الجارية ويعجزون عن تأمين حاجة الرأي العام.

- لعلّ بعض قلق أصدقائنا يعود الى إنجازات الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية بعد انتصار الثورة. فالجميع يعلم أنّ اﻹمام الخميني (قده) طرح قبل انتصار الثورة نظرية وأفكاراً لقيَت تأييد الشعب اﻹيراني ودعماً جدّياً، ما أدّى الى انتصار الثورة، ومع أنّ نظرية اﻹمام كانت عميقة إﻻ أنّها كانت مفهومة لدى عامة الناس، وهو عموماً يعتقد أنّ الله تعالى قد جعلَ اﻹسلام ديناً مرشداً إلى تكامل البشرية، وقد بيَّنَ كلّ حاجات الحياة المادية والمعنوية واﻹقتصادية والسياسية والحكومية أيضاً. لذلك قدّم اﻹمام للشعب نظام حكومة الجمهورية اﻹسلامية.

وطلبَ مِن أبناء الشعب إبداءَ آرائهم بهذا النظام من خلال استفتاء عام حصلَ على تأييد بنسبة 98%. هذه النظرية القائمة على الأحكام واﻷوامر اﻹلهية ورفض نظام التسلّط ﻻقت ترحيبَ المجتمع البشري، وخصوصاً شعوب المنطقة، وعلى اﻷخص الشعب الفلسطيني. لذا، إذا كان هناك مَن يخشى من انتشار هذا النظام الفكري اﻹلهي عليه أن يدرك أنّ هذا الفكر لم ينتشر مطلقاً من خلال القوّة القاهرة.

- إنّ امتلاك أسُس ومبانٍ مُحكَمَة ومَنطقية هو الذي يجعل المجتمع البشري يتقبّل أيّ نظرية أو يرفضها. لذلك نجد أنّ دستور الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية واستناداً إلى هذه النظرة العميقة قد أقرّ حقوق جميع اﻷقليات الدينية والمذهبية رسميّاً ويحقّ لها ممارسة شعائرها المذهبية والعقائدية في حرّية ولها رأيُها في هيكلية اتّخاذ القرار السياسي، خصوصاً في السلطتين التشريعية والتنفيذية.

- لقد أثبتت الجمهورية اﻹسلامية اﻹيرانية اليوم وبفخر أنّ مبانيَها الفكرية والنظرية تحت القیادة الحكیمة لسماحة الإمام الخامنئي قد حقّقت تطوّراً عظيماً، ليس في المجاﻻت المعنوية فقط، بل في المجاﻻت العلمية والتقنية أيضاً (في العلوم الطبّية والدواء والعلوم الفضائية واﻷقمار اﻻصطناعية وفي التقنية النووية وفي مجال تقنية النانو والعلوم العسكرية واﻷمنية)، ما حازَ على اعتراف المجتمع العالمي.

وستعود منافع هذه اﻹنجازات على الشعب اﻹيراني وجميع شعوب المنطقة. وقد أعلنَت الجمهورية اﻹسلامية دوماً استعدادَها لتنمية التعاون مع لبنان الشقيق، خصوصاً في مجال تبادل العِلم والتقنية ودعم البنى التحتية للاقتصاد اللبناني، وقد قامت بخطوات عمَلية في هذا المجال.هذا المجال.

  • شارك الخبر