hit counter script

أخبار محليّة

تداعيات الأحداث السورية تتسلّل عسكرياً إلى لبنان كيف السبيل لمقاومتها؟

السبت ١٥ شباط ٢٠١٥ - 01:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم تستطع القوى السياسية اللبنانية منذ اندلاع «الربيع السوري» أن تحصّن لبنان من تداعيات الأحداث الدامية التي ما زالت فصولها مستمرة في جميع أنحاء سوريا، فلبنان بلد حدوده مفتوحة على سوريا، وهي تمتد والى 300 كلم من منطقة مزارع شبعا جنوباً إلى النهر الكبير شمالاً.
القوى الأمنية بكافة تشكيلاتها لو استخدمت كامل طاقتها البشرية فلن تستطيع أن تضبط هذه الحدود، ولذلك السلطة التنفيذية عمدت منذ بداية العام الماضي إلى زيادة عديد الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وتوابعهما، في محاولة منها لسد هذه «الثغرة» الحدودية الممتدة لحوالى 300 كلم.
والسؤال كيف يتم تحصين لبنان وإبعاده عن تداعيات الأحداث الدامية في سوريا؟
يرى مصدر سياسي لـ"اللواء"، أن الأمن في لبنان يعتمد أساساً على الوفاق السياسي، وفي ظل غياب الوفاق السياسي مهما يكن حجم عديد القوى الأمنية فإنها لن تستطيع أن تضبط الأمن سواء أكانت الأسباب داخلية أم خارجية، وإنعدام الوفاق السياسي خلال المرحلة الماضية جعل تداعيات الأحداث السورية تخترق الحدود اللبنانية - السورية.
ويضيف المصدر من المعلوم أن قوى 8 آذار لديها توجه واضح أكده ذهاب مقاتلي حزب الله منذ أكثر من ثلاث سنوات مضت إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام، وكذلك ذهاب مجموعات من المتطوعين اللبنانيين إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة، وهذا المشهد جاء انعكاساً لانعدام الرؤية الموحدة بين القوى السياسية في ما يخص الأحداث السورية، وهذا ألقى بأعباء كبيرة على القوى الأمنية والجيش يفوق قدراتها، مما سمح لعبور حوالى مليون ونصف مليون نازح سوري إلى الداخل اللبناني، بعيداً عن أعين السلطات الأمنية والإدارية، وهذا المشهد الفوضوي، والسيّئ بنتائجه غاب عن دول الجوار السوري الأخرى التي استقبلت النازحين السوريين كتركيا والأردن..
كما سمح لمقاتلي المعارضة السورية أن يتواجدوا في عرسال وطفيل، وهذا الاختراق الأمني سهّل عملية توريط الجيش اللبناني ببدء الاشتباكات (الحربية) بين الجيش اللبناني وبين المتطرفين من المعارضة السورية كجبهتي «النصرة» و«داعش» المضغوط عليهما عسكرياً ولوجستياً في القلمون السوري من الجيش السوري وحزب الله، وهذه الاشتباكات التي أصبح الجيش اللبناني أحد أطرافها في جرود عرسال ورأس بعلبك ما زالت فصولها مستمرة منذ 21 آب الماضي.
ويبدو انه مع مرور الزمن، المترافق مع استمرار الضغط على هذه الفصائل المسلحة، ومع فشل المفاوضات في تحرير الجنود اللبنانيين الأسرى لدى هذين الفصيلين، ان استحضار تداعيات الأحداث السورية إلى الداخل اللبناني من الصعب الحد منها أو القضاء عليها، رغم ان الجيش يقوم بواجبه كاملاً في حماية الحدود والأراضي اللبنانية، ويقدم في سبيل ذلك الأثمان الغالية.
ويرى مصدر آخر انه في حال لم يتحقق الوفاق السياسي، وبالتالي بلورة رؤية استراتيجية واحدة لكيفية تحصين البلد، من أجل ابعاد كل ما يُهدّد امنه واستقراره فإن القوى الأمنية الفقيرة بإمكانياتها والغنية بإيمان وإرادة شبابها ستبقى عُرضة للغرق أكثر فأكثر بحدث أمني خطير، وبعملية استنزاف تفوق قدرات المؤسسة العسكرية على تحمل نتائجها.
خاصة وأن الداخل اللبناني يعيش أزمة تعطيل جميع مؤسساته الدستورية، فرئاسة الجمهورية وهي رأس المؤسسات تعيش حالة شغور منذ عشرة أشهر، ولا يوجد في الأفق من معطيات تُشير إلى اقتراب هذا الشغور من خط النهاية، ومجلس النواب مدد له على مرحلتين وهو معطّل أيضاً، كما ان التعطيل دق باب الحكومة فجلسات مجلس الوزراء معطلة بحجة ابتداع اعراف لا علاقة لها بالدستور، وفريق التعطيل يرى «ان هذا الحال السيىء لعله يُشكّل حالة ضاغطة تسرّع انتخاب رئيس للجمهورية».
جرود بلدتي عرسال ورأس بعلبك باتتا جبهة يومية مفتوحة، يخشى من ان تصبح مشتعلة بصورة مستمرة كما يحصل في جبهات ريف دمشق، وحلب، وحمص وحوران وغيرها، وهذا يُشكّل خطراً وارباكاً للبلد كلّه، وبالتالي يخوض معركة ليست معركته.
وعليه يجب العمل على تبريد جبهة جرود عرسال ورأس بعلبك وليس جعلها ساخنة يومياً، فالجيش السوري وهو جيش كبير رغم الدعم الكبير من حزب الله والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية العراقية والافغانية، ورغم ما يرده من دعم مستمر بالسلاح والذخيرة من روسيا لم يستطع ان يقضي على هذه الفصائل المسلحة، وهو امامها كاد ينهار لولا هذا الدعم الكبير له.
وعليه يمكن مواجهة هذه الأزمة وفقاً لرؤية خبير استراتيجي عبر سبيلين يكمل أحدهما الآخر:
الاول: العمل على توفير كامل الدعم للجيش اللبناني، ليتمكن عبر السلاح النوعي من مواجهة أي اختراق للأراضي اللبنانية بقوة وحسم.
الثاني: عقد تفاهم غير رسمي عبر «الوسيط» الناشط لتحرير اسرانا، يتم به التأكيد ان معركة المعارضة المسلحة السورية مع النظام السوري وليس مع لبنان وجيشه، الذي لم يستهدف هذه المنظمات في الداخل السوري، وإذا كان هدفها مقاتلة حزب الله فهو متواجد على تماس معها في أكثر من جبهة في الداخل السوري، وهو ليس له أي تواجد لا في عرسال ولا في رأس بعلبك.
ويضيف الخبير الاستراتيجي في حال تصلبت هذه المنظمات في مواقفها العدائية تجاه لبنان، عند ذلك على القوى السياسية التوافق على رؤية استراتيجية يُشارك فيها جميع اللبنانيين، تهدف إلى دعم الجيش بصورة فاعلة وحقيقية، وحماية جميع القرى الحدودية اللبنانية التي يمكن ان تتعرض لأي اعتداء.
فالبلد اليوم بحاجة إلى تحصين داخلي بالتوافق، فإذا اسكتنا اليوم جبهة عرسال - رأس بعلبك، لا يوجد أي ضمانة من فتح جبهة أخرى، في مناطق أخرى.. وهي كلها مفتوحة..
هل تنجح ورش الحوار الجارية في تأمين ذلك؟؟
 

  • شارك الخبر