hit counter script

مكتومو القيد في لبنان: فئة تتسع باطّراد

الخميس ١٥ شباط ٢٠١٥ - 07:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في لبنان (الآن) نحو 80 الف لبناني لا تعترف الدولة بهم كمواطنين او رعايا. يوجد أيضاً اكثر من 31 الف طفل سوري وُلدوا هنا من دون تمكينهم من الحصول على وثائق ولادتهم الرسمية. وهناك فئة جديدة في طور الظهور هي أولاد المتزوجين مدنيا على الأراضي اللبنانية، اذ ان تقاعس وزارة الداخلية عن تسجيل عقود الزواج ادّى الى تعطيل آاليات تسجيل الولادات


«بتعرف كيف بتوقف حياتك كلها على هالبطاقة؟ بيبطّل فيك تعمل شي لإن ما معك هوية. ما بدي شي من هالدولة، بدي بس هالورقة كرمال إقدر أعمل شي»، يقول شربل ... أو سركيس.
شربل أو سركيس، شاب لديه اسمان، إنما قانوناً ليس له أي وجود. أشقاءه وأخواته يملكون هويات إنما عندما وُلد «هو» اختلفت الأم والأب على الاسم الذي سيطلقانه على الصبي، شربل أم سركيس؟ وصل الأمر الى الطلاق وبقي الولد، الذي أصبح اليوم شاباً (23 عاماً)، غير موجود.

روز، زوجة مكتومة القيد أنجبت فتاة وصبيا مكتومي القيد أيضاً، «اذا مرضت ابنتي فلا يمكنني ان آخذها الى المستشفى لأنها بدون اوراق».
«أنا كنت الأولى عالمدرسة، بس ما قدرت آخد شهادة لإن ما معي هوية»، تقول جوزيفين البالغة من العمر اليوم 27 عاماً. بسبب مشاكل بين الأب والأم حُرمت جوزيفين التسجيل في قيود النفوس، فاصبحت: مكتومة القيد.
بالأمس، أعلن وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس يوم 25 شباط «يوم مكتوم القيد»، وذلك خلال إطلاق حملة التوعية حول تسجيل الأطفال اللبنانيين المكتومي القيد، التي تنظمها لجنة «معالجة أوضاع الأطفال اللبنانيين المكتومي القيد» بالتعاون مع مؤسسة الرؤية العالمية .
لا تعلم الدولة عدد مكتومي القيد على أراضيها، وهذا ليس غريباً على دولة لا تعرف أصلاً عدد سكانها، المعترف بهم، على نحو دقيق. التقديرات تشير إلى نحو 80 الف شخصاً لبناني محرومون حقهم بالوجود القانوني. هذا يعني انهم محرومون الطبابة، التعليم، العمل، التملك، الانتخاب وحتّى الزواج.
يشمل هذا العدد اللبنانيين فقط، إلا أن مشكلة مكتومي القيد تفاقمت مع تدفق اللجوء السوري. ففي مجتمع اللاجئين ظهرت أيضاً فئة كبيرة من مكتومي القيد إذ تعلن إحصاءات مفوضية شؤون اللاجئين انه منذ اذار 2011 حتى كانون الاول 2014 بلغ عدد الولادات 44927 طفلا سوريا، 70% منهم لا يمتلكون شهادة ولادة، أي 31448 طفلا سوريا من دون أوراق ثبوتية. 39% من مكتومي القيد السوريين لم يُسجلوا بسبب عدم توافر المستندات المطلوبة من السجلات المدنية.


لا يمكن قيد
المولود بعد مرور
سنة على ولادته إلا بالصورة القضائية

فئة جديدة من مكتومي القيد ستظهر قريباً، أولى بوادرها الطفلة ناتاشا غطاس ابنة رواد غطاس، ورشا عزو، اللذين اختارا أن يتزوجا مدنيا على الأراضي اللبنانية. ناتاشا انضمت الى فئة مكتومي القيد لأن وزير الداخلية نهاد المشنوق يمتنع عن تسجيل عقود الزواج المدني المعقودة على الأراضي اللبنانية. بعد سنوات، ستتّسع هذه الفئة إذا استمرت الدولة في اتباع النهج ذاته ما سيزيد من حجم القضية عوض الحد منها. ليس للأهل علاقة بالمشكلة هنا، إنما سببها الأساسي هو رفض الدولة تسجيل هؤلاء الأطفال، ما يمثل مخالفة جسيمة لاتفاقية حقوق الطفل التي انضم اليها لبنان عام 1990، التي تنص في مادتها السابعة على «تسجيل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية». كذلك فإن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي وافق عليه لبنان عام 1972، ينص في المادة 24 على «وجوب تسجيل كل طفل فور ولادته واعطائه اسم».
تتخذ الحملة توجهاً قضائياً، إذ تلفت القاضي رنا عاكوم الى أنه «لا يمكن قيد المولود بعد مرور سنة على ولادته إلا بالصورة القضائية»، لذلك كان إطلاق «دليل آلية تقديم الدعاوى المتعلقة بتسجيل اللبنانيين المكتومي القيد في سجلات الأحوال الشخصية أمام المحاكم اللبنانية». يسهّل هذا الدليل «وصول أصحاب العلاقة الى المحاكم اللبنانية من خلال نماذج الاستدعاءات والاستحضارات التي يتضمنها»، ويشمل مكتومي القيد على اختلاف فئاتهم، سواء أكانوا مواليد في اطار الزواج ام خارجه. يضم الدليل عدة نماذج استدعاءات مثل أن يكون المستدعي أبا لبنانيا، اما لبنانية، شخصا راشدا مكتوم القيد، او مولودا من ام عزباء… ويشرح في كل حالة المستندات المطلوبة والاستدعاء المقدم. تؤكد مسؤولة المناصرة والسياسات العامة في مؤسسة الرؤية العالمية سناء معلوف، أن هدف الدليل والحملة هو توطيد علاقة هذه الفئة بالقضاء، بحيث يتجاوزون خوفهم من التوجه الى المحاكم، ويكوّنون معرفة قانونية بالأمور المطلوبة منهم قضائياً.
تؤكد رئيسة لجنة «معالجة أوضاع الأطفال اللبنانيين المكتومي القيد» اليس كيروز أن اسباب عدم تسجيل الأطفال تختلف لدى الأسر، ويأتي على رأسها الجهل بالآليات المتبعة للتسجيل والإهمال. إضافة إلى ذلك، هناك العديد من غير المسجلين بسبب خلاقات زوجية بين الوالدين، كذلك بسبب موقف «القانون» السلبي من الانجاب خارج إطار الزواج. تلفت كيروز إلى ان الحملة تستهدف فقط اللبنانيين ولا تشمل الأطفال السوريين والفلسطينيين. ترمي اللجنة أيضاً إلى إدخال تعديلات في قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية الصادر عام 1951. أبرز التعديلات المطلوبة تعديل المادة 12 التي تنص على انه بعد انقضاء سنة على تاريخ الولادة لا يمكن قيد المولود الا بمقتضى قرار قضائي يصدر في غرفة المذاكرة، بناء على طلب النيابة العامة او صاحب العلاقة او الأب؛ بحيث تضاف الأم وقاضي الأحداث إلى الجهات التي يمكنها تقديم طلب قيد المولود. كذلك تقترح اللجنة إضافة فقرة على المادة 501 من قانون العقوبات المتعلقة بإهمال الواجبات العائلية، بحيث يعد اهمال الأهل تسجيل المولود جرماً جزائياً.

إيفا الشوفي- الاخبار
 

  • شارك الخبر