الاخبار

تمثّل المساحات المخصصة للمكاتب التجارية نحو 6.5% من مجمل المساحات قيد الإنشاء في بيروت الادارية. الخبراء يشيرون الى ان التوظيفات في «الباطون» ليست منسجمة مع الحاجات الفعلية للاقتصاد. ما يعني أن تجار العقارات يتخبّطون في السوق، أو أن هناك حركة «مشبوهة»

تُظهر دراسة أعدتها شركة رامكو العقارية ارتفاع حصّة المساحات المخصصة للمكاتب التجارية قيد الإنشاء في نطاق بيروت البلدي بنسبة 32% بين أيلول 2013 وشباط 2014، إذ بلغت 195 ألف متر مربع، وأبرزت أنها تتركّز في الأشرفية التي ستنافس وسط بيروت. تثير هذه التطورات السوقية سؤالاً أساسياً: هل ينسجم سلوك تجار العقارات مع الحاجات الفعليّة للاقتصاد؟

تشير «رامكو» إلى أن مساحات المكاتب قيد الإنشاء في بيروت تبلغ 195694 متراً مربعاً عائدة لنحو 37 مشروعاً بينها 11 مشروعاً مختلطا بين المكاتب والسكن. وتضيف الدراسة إن المساحات المذكورة هي تلك المعدّة للبيع أو الإيجار، ولا تدخل ضمنها مساحات الأبنية التي شيدتها المصارف والشركات لاستعمالها الخاص.
وتتركّز هذه المساحات التجارية في عدد من مناطق العاصمة، أبرزها الأشرفية التي «نالت النصيب الأكبر من مشاريع المكاتب الجديدة، أي 23 مشروعاً، منها 11 مشروعاً تنتشر على كورنيش النهر ما بين المتحف وجسر الفيات وبدارو، حيث تعدّ هذه الرقعة الأكثر نشاطاً». حصّة الأشرفية من المشاريع العقارية تنطوي على 130752 متراً مربعاً من المكاتب الجديدة قيد الانشاء، وهي تمثّل 67% من مجمل المشاريع قيد الإنشاء في بيروت، حيث يراوح سعر المتر المربع فيها ما بين 3500 دولار و5500 دولار للمتر المربع الواحد، تبعاً للموقع ونوعية البناء. بعضها جاهز (ورقة، تجهيزات كهربائية وصحية، مطبخ، طرش...) وبعضها الآخر يباع على العظم.

67% هي حصّة الأشرفية من المكاتب الجديدة قيد الإنشاء في بيروت
أما في وسط بيروت، فهناك 5 مبانٍ تجارية تنتج مساحات مجموعها 43331 متراً مربعاً. وفي بيروت، فإن سعر المتر المربع الواحد للمكاتب في الطوابق الاولى على العظم يراوح ما بين 5500 دولار و7500 دولار للمتر المربع.
وفي الجزء الغربي من بيروت، أي في مناطق الحمرا، الباشورة، والأونيسكو، هناك 10 مشاريع تبلغ مساحتها 21611 متراً مربعاً، يراوح سعر بيعها ما بين 5000 دولار و5500 دولار للمتر المربع في المكاتب المجهزة.
يشير المدير العام في رامكو، كريم مكارم، إلى أنه «في ظل ركود سوق العقارات السكنية، ارتفعت مساحات مشاريع بناء المكاتب بنسبة 32% عمّا كانت عليه في أيلول 2013 في محاولة من المطورين لتحقيق نجاح أفضل من التطوير العقاري السكني، فضلاً عن أن العقارات الواقعة في معظم محاور الطرق الرئيسية ليست مريحة للسكن بسبب ضوضاء السير الكثيف عليها». ويتوقع مكارم أن يصبح الجزء الشرقي الجنوبي من الاشرفية مقصداً مهماً للأعمال خلال الفترة ما بين 2017 و2018 وأن تنافس مناطق المكاتب التقليدية في وسط بيروت وشارل مالك.
في الواقع، فإن حسابات «رامكو» تثير تساؤلات واسعة حول الحاجات الفعلية لمدينة بيروت من المكاتب التجارية قياساً إلى معدلات النشاط الاقتصادي. بعض الخبراء يشككون في قدرة الاقتصاد على خلق نموّ كافٍ في سوق العمل يكفي لإشغال كل هذه المساحات. بيع (استهلاك) هذه المساحات التي تمثّل 6.5% من مجمل المساحات قيد الإنشاء في بيروت، قد يتطلب أكثر من 5 سنوات قياساً على مؤشرات سوق العمل المحلية. المشاريع المذكورة قادرة على استيعاب أكثر من 20 ألف وافد جديد إلى سوق العمل، فيما لا تقدر هذه السوق على خلق أكثر من 3000 فرصة عمل سنوياً. وللقياس يمكن الإشارة إلى أن عدد العاملين في كل القطاع المصرفي المحلي، الذي يعدّ أكبر القطاعات المحلية وأكثرها قدرة على النمو، لا يزيد على 20 ألف موظف.