hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

تساؤلات مشروعة عن العراق وسوريا وليبيا واليمن

الخميس ١٥ شباط ٢٠١٥ - 06:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الخليج الاماراتية

يتوقف المراقبون عند الفوضى وعملية التفكُك التي اصابت الجزء الاساسي من اجهزة الدولة في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا، ولا تُعتبر الظاهرة عامة، لأن تماسُك الدولة يزداد متانةً في عدد من البلدان الأُخرى، ومنها في المنطقة العربية ذاتها، لاسيما في الخليج وفي القسم الاكبر من المغرب العربي.
والتساؤلات حول الروابط بين حالة الفوضى التي تصيبُ الدول الاربعة مشروعة، ذلك ان التشابُه قائم في العديد من التداعيات، ولو كانت الخصوصية التي تُميِّز كل من تلك الدول المُنهكة، تختلف الواحدة منها عن الأُخرى في بعض الجوانب على الاقل.
في المُشتركات الانحلالية، نرى ان حالة الفوضى اصابت القطاعات الحكومية، والانقسامات المناطقية والمذهبية والعشائرية نمت على ضفاف ضعف الدولة، بل ربما شربت من مياه الانحياز والتفرقة التي وزعها مسؤولي هذه الدول من ابارهم الخزينة، طمعاً بألاستمرار في السلطة، على قاعدة " فرِّق تسُد "، فأنقلب السحرُ على الساحر، وشرِبَت قيادات هذه الدول من علقم التفرقة، ودخلت في لعبة الدماء حفاظاً عن حياة سلطةٍ لن تدوم.
خصوصية الدول الاربعة، اي سوريا والعراق وليبيا واليمن، تبرز كون هذه الدول كانت محكومة من انظمة عسكرية مُتشدِدة، ومربوطة بأشخاص وصلوا الى السلطة بإنقلابات عسكرية، واعتمدوا في استمراراهم على رأس هذه السلطة على الادوات الامنية والاستخباراتية، والقضاء على اي رأيٍ آخر في تلك الدول. ادى ذلك الى هجرة بعض المواطنيين الى دول اجنبية، منهم نُخب لهم مكانتهم، ومنهم معوُزين او مُعارضين. وكان شرط العيش بكرامة في هذه الدول الاربعة الولاء الاعمى للقائد. تلك كانت تجربة الرؤساء صدام حسين وحافظ الاسد ومعمر القذافي الى حدٍ بعيد علي عبدالله صالح.
بقيَّ الاعتراض على نمط الحكم في هذه الدول دفيناً في نفوس المُعارضين الذين كانوا يشاهدون التفرقة بين المواطنيين وفقاً للولاء لأجهزة الامن، فتنامى الحقد عند شرائح واسعة من الشعب، الى ان انفجر غضباً عند اول فرصة فجرها ما يُطلق عليه " الربيع العربي".إلاَّ ان حالة الفوضى التي عممتها السلطات المحلية للقضاء على المعارضة الشعبية، ادت الى استغلال الارادة الشعبية من قبل بعض المُنحرفين، والمُتشددين، وخرجت بعض المجموعات الارهابية مُستغلةً المُعانات، وعاثت فساداً في الارض، وخدمت اهداف بعض مَن تبقى من الحُكام الظالمين. ومن هذه المجموعات الارهابية: القاعدة وداعش وغيرهما.
وفي القواسم المُشتركة التي قد تكون ساهمت الى حدٍ بعيد في تعميم الفوضى في تلك الدول، التدخلات الخارجية، لاسيما منها الاقليمية التي هدفت من خلال دعم جماعات – او ميليشيات - تخصها في هذه الدول، الى توسيع رقعة نفوذها الاقليمي، وكسب اوراق تفاوض في مواجهة القوى الدولية الكبرى. تلك حالة العراق وسوريا واليمن، بشكل خاص، على اقل تقدير.
المراقبون لتطورات الاوضاع في هذه الدول الاربعة، يُلاحظون اوجه الشبه فيما يجري، رغم الخصوصية التي تُميِّز كلٍ منها. فبينما تنتشر منظمات مُتطرفة على اراضي واسعة من العراق، لم تنجح الادارة الجديدة حتى الآن في الخروج من انعكاسات وديعة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي اوكل قسم من ادارة الدولة للميليشيات الموالية. وفي سوريا يُدير النظام قسم من الاراضي بنمطيته الانحيازية المعهودة، بينما تنتشر منظمات ارهابية على جزء آخر من الاراضي، وتعاني المعارضة الوطنية بين مطرقة هذا وسندان تلك. اما في اليمن فالتهوَّر الميليشاوي الذي بالغت بعض القوى المدعومة من الخارج في تعميمه بوجه السلطة المُنتخبة، ادى الى حالة من الفوضى تمسُّ وحدة البلاد، وتُهدِدُ امن المنطقة برمتها، اضافة الى استفادة منظمة القاعدة الارهابية من تداعياتها.
اما ما يجري في ليبيا، فهو اذا كان لا يحظى بنفس الرعاية الاقليمية، لكنه يتشابه مع مُجريات الامور في اليمن والعراق وسوريا، لاسيما من ناحية الارضية الخصبة التي تستغلها المُنظمات الارهابية لتتغلغل في اوساط فئات شعبية يتملكها حقد دفين على انحرفات النظام السابق، او ان بعض عناصر هذه المنظمات من رموز ذلك النظام البائد.
لا يمكن عزل ما يجري في تلك الدول عن السياق الدولي العام، ولاسيما عن الخصائص التي تحكُم ادوار القوى الكبرى في المنطقة، ذلك ان هناك بالتأكيد مَن يقف وراء تمويل وتسليح المُنظمات المُتطرفة، خصوصاً " داعش " التي تقوم بإرتكاباتٍ وحشية، تُشوِه صورة الاسلام السمحاء، وكان آخرها عملياتها، حرق الطيار الاردني، وذبح العمال الاقباط المصريين.
المُطَّلعون على بعض اسرار التجاذبات الدولية، وعلى خفايا السياسة " الاسرائيلية " يؤكدون ان جهاتٍ دولية واقليمية، و" اسرائيل " يقفون وراء تنامي المُنظمات المُتطرفة. فالولايات المُتحدة الاميركية غابت عن السمع السياسي لفترة سنتين قبل ان تتنبَّه الى مخاطر عمل هذه المُنظمات، وربما كانت تُشجع بعضها لأنهم يُسببون الازعاج لروسيا، وروسيا لم تبذل اية جهود لمواجهة هذه المُنظمات ضناً منها ان داعش واخواتها يؤمنون استمرارية اطول للنظام في سوريا، وهذا النظام بدوره قدَّم تسهيلات لداعش في البداية، رغبةً بتشتيت المعارضة السورية. وعلامات الاستفهام تُطرح بقوة حول دور كل من ايران وتركيا في هذا السياق. يبقى العامل الاساسي في الوصول الى حالة الانحلال التي اصابت الدول الاربعة، وهو الدور " الاسرائيلي " الذي يهدف الى تفتيت المنطقة العربية برمتها، وصرف الانظار عن الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين.
 

  • شارك الخبر