hit counter script

أخبار اقتصادية ومالية

التأمين الصحي للمهندسين: فوز «الشركة» النافذة

الثلاثاء ١٥ شباط ٢٠١٥ - 09:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قبل نحو أسبوعين، عقدت لجنة تلزيم التأمين الصحي في نقابة المهندسين أولى جلساتها لفتح العروض التي تلقتها من أربع شركات تأمين هي «كونتيننتال تراست»، «أكسا»، «ميدغلف»، و«بانكرز». الجلسة الاولى كانت مخصّصة لتصنيف العارضين من خلال المواصفات المنصوص عنها في دفتر الشروط. أهم هذه المواصفات مذكور في البند 7 من المادة الثالثة من دفتر الشروط، الذي يوجب على العارضين «تقديم إفادة من جمعية شركات الضمان تفيد عن أقساط الاستشفاء المحققة من قبل الشركة الواحدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، على ألا يقلّ إجمالي هذه الأقساط في السنة الواحدة عن 20 مليار ليرة».

رقم أعمال الشركات المقبولة يفترض أن يدل على وضعها الائتماني وعلى خبرتها في مجال التغطية الصحية وحجم علاقاتها مع المستشفيات (...)، أما باقي الشروط، فهي تبدو «عادية»، نظراً لأنها توجب على الشركة تقديم أوراق تجارية وتفاصيل رخصتها ومعيدي التأمين الذين تتعامل معهم (…).
قُبلت الشركات الأربع في جلسة التصنيف، التي عقدتها لجنة التلزيم بحضور النقيب خالد شهاب وعضوي المجلس جاهدة عيتاني وحسن دمج وغياب مصطفى فواز وميشال متى. يقول المطلعون على مجريات الجلسة إن بعض الظروف التي قدّمت في الجلسة كانت مفتوحة أصلاً، وهو ما يعني أن ثمة من اطلع على مضمونها، إلا أن هذه الوقائع لم تعرض أمام مجلس نقابة المهندسين، بل بقيت مستورة داخل جدران جلسة التلزيم.
أكثر ما أثار الاستغراب أن لجنة التلزيم صنّفت شركة «كونتيننتال تراست» من ضمن المواصفات المطابقة للشروط برغم أن حجم أعمالها المعلن، لا يتجاوز 330 ألف دولار في عام 2014 و320 ألف دولار في عام 2014. وبالتالي فإن رقم الأعمال هذا لا يستوفي الشرط المنصوص عنه في دفتر الشروط، لكن ما حصل أظهر أن لهذه الشركة ذراعاً قوية في نقابة المهندسين، فبحسب المعطيات تبيّن أن لجنة التلزيم اعتمدت على التحالف القائم بين شركة «كونتيننتال تراست»، وشركة «نيكست كير» التي تدير محفظة تأمين «أليانز ــ سنا»، فأخذ حجم أعمال «نيكست كير» ليبرّر استيفاء الشركة لشرط رقم الأعمال.
هذه الطريقة في تصنيف الشركات أثارت التساؤلات لدى البعض في النقابة، فما هو معروف ومتداول بين أصحاب شركات التأمين أن الفرق بين شركة التأمين مثل «كونتيننتال تراست»، ومدير التأمين مثل «نيكست كير» لا يرقى إلى اعتبارهما حجم أعمال واحدا. فالشركة التي تدير التأمين هي التي تتولى إدارة العمليات اليومية لعقود التأمين وطريقة محاسبتها وغيرها من الأعمال الإدارية ــ اليومية، وهي تستوفي كلفة محددة «على الرأس»، أي على كل بوليصة، لقاء هذه الأعمال. وما يعزّز هذا الفصل بين الاثنين أن شركات إدارة محفظة التأمين ليس لديها رخصة تأمين، وهي ليست مدرجة على لائحة شركات التأمين التي تصدرها لجنة الرقابة على التأمين في وزارة الاقتصاد.
يقول أحد أعضاء جمعية شركات التأمين ان شركات التأمين هي التي تصدر البوالص وتغطي كلفة الأعمال التأمينية سواء كانت طبية أو حوادث سيارات أو تأمين على الحياة أو غيرها، وبالتالي فإن هذه الشركة، التي تحمل رخصة من وزارة الاقتصاد بمزاولة أعمال التأمين، هي التي تتحمل مخاطر البوالص ومخاطر التعاقد مع معيدي التأمين، وهي التي تحقق الخسائر أو الأرباح نتيجة قيامها بهذه الأعمال. وهذا يعني أن الفرق بين مديري المحفظة ومصدري البوالص كبير، ولا يجعلهما شركة واحدة «وإلا لكان هناك مصلحة مباشرة لشركات إدارة المحافظ في التحالف مع شركات تأمين مغمورة للفوز في مناقصات كبرى في نقابات المهندسين والأطباء وأطباء الأسنان والمحامين وتأمين موظفي الشركات الكبرى وموظفي المصارف...».
برغم هذا العيب الكبير في فضّ العروض، إلا أن جلسات التلزيم استكملت لاحقاً بحضور كل الاعضاء. وقد تبيّن لدى فضّ العروض المالية، أن السعر الأدنى لكلفة البوليصة الواحدة كان من نصيب شركة بانكرز، بقيمة 345 دولاراً، تُحتسب على أساس 78 ألف مهندس وافراد عائلاتهم، وعلى أساس إعادة تأمين بقيمة 7% وكلفة إدارة بقيمة دولارين عن كل بوليصة. غير أن عرض «كونتيننتال تراست»، جاء على النحو الآتي: 347 دولارا لكل بوليصة على أساس 78 ألف مهندس وعائلاتهم، 7% إعادة تأمين مع شرط زيادتها بنسبة 17% اذا كانت النتيجة خسارة (هذا الأمر يجعل إعادة التأمين عملياً أقرب إلى 17%)... وقد رفض نقيب المهندسين خالد شهاب تلاوة الشروط التي وضعتها الشركة ضمن عرضها.
إلا أن لجنة التلزيم قرّرت أن تفتح باب المفاوضات مع الشركات الأربع من أجل التوصل إلى نتائج نهائية. وبحسب المعطيات فإن المفاوضات انتهت إلى تلزيم «كونتيننتال تراست»، وعندما عرض الأمر على مجلس النقابة اعترض ممثل التيار الوطني الحرّ إيلي رزق، وممثل جمعية المشاريع الإسلامية أحمد نجم الدين، وامتنعا عن التصويت، لكن النقيب خالد شهاب قال لـ«الاخبار» إن «نتائج المناقصة والتلزيم عرضت على مجلس النقابة، وهو الذي اتخذ القرار بعدما تقدمت عدة شركات، وتبيّن أن الشركة الملتزمة حالياً، أي شركة ميد غلف، قدّمت أعلى سعر». وأضاف شهاب: «إن اعتراض نجم الدين مبني على أساس أن نقيب المهندسين ناجح في عمله، وأنه يجب عدم تلطيخ هذ الصورة بمغامرة مع شركة جديدة، لا نعلم عنها شيئاً حتى لو كانت الكلفة أعلى. اليوم لدينا 16 عضواً موافقا على كل ما جرى في ما يتصل بعقد التلزيم».

«بنك ميد» VS «ميدغلف»

تأسست شركة «كونتيننتال تراست» عام 1983 وهي مملوكة من جورج معكرون الذي أدارها طيلة هذه الفترة، إلا أن الأزمة التي وقع فيها قبل فترة غير قصيرة مع بنك عوده أدّت إلى دخوله إلى السجن ثم خرج منه أخيراً ليبيع الشركة إلى «بنك ميد» قبل نحو ثلاثة أشهر. حاجة «بنك ميد» إلى هذه الشركة التي كانت توصف بأنها «شركة نائمة»، مرتبطة بحاجته إلى شراء رخصة شركة تأمين تكون تابعة له عضوياً، سواء ما يتعلق بإصدار بواليص التأمين لزبائن بنك ميد أو لموظفيه أيضاً أو للشركات التابعة لمجموعة آل الحريري وللنقابات التي يديرها سياسياً مثل نقابة المهندسين في بيروت. وبحسب المطلعين على هذه السوق، فإن رغبة «بنك ميد» تكمن في «استعادة» ما حصلت عليه «ميدغلف» من الحصة السوقية التي لم تكن لتحصل عليها لولا أنها كانت مملوكة من «بنك ميد»، وخصوصاً أن «ميدغلف» مملوكة من لطفي الزين ومؤسسة التمويل الدولية ومجموعة يابانية.
(الاخبار_محمد وهبة)

  • شارك الخبر