hit counter script

الاتجار بالأعضاء البشرية مصدر تمويل جديد للمتطرّفين

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٥ - 10:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا يترك تنظيم «داعش» أي طريقة غير قانونية، وغير شرعية، وغير أخلاقية، إلا ويستخدمها لتمويل عناصره المنتشرة في دول منطقة الشرق الأوسط لنشر الفوضى وممارسة الإرهاب. فبعد أن قرّر مجلس الأمن الدولي العمل من أجل تجفيف منابع التمويل الذي يحصل عليه جرّاء الاستيلاء على النفط وسرقة الآثار وبيعها، وجد وسيلة جديدة للحصول على الأموال وهي الإتجار بالأعضاء البشرية. ويقوم منذ أشهر بتجنيد أطباء لاستئصال الأعضاء الداخلية، ليس فقط من جثث مقاتليه المتوفّين الذين تمّ نقلهم بسرعة الى المستشفى، بل أيضاً من المصابين الذين تمّ التخلّي عنهم، أو الأفراد الأحياء الذين يتمّ اختطافهم.
ومصدر التمويل الجديد هذا، لا يُمكن تجفيفه بسهولة، على ما يقول مصدر ديبلوماسي مطلع، لأنّ الجثث والرهائن هي أكثر ما يمكن أن تنتج من أي معركة يخوضها التنظيم، ولهذا يبدو من الصعب على دول مجلس الأمن قطع هذه الطريق على «داعش» وأخواته، إلاّ في حال تمكّن من إدانة الدول أو المافيات التي تشتريها منه. علماً أنّ تقارير غربية كشفت هذا الأمر الخطر، ذكرت أنّه يتمّ تهريب معظم الأعضاء من سوريا والعراق الى بلدان عديدة مجاورة من بينها تركيا حيث تُباع الى عصابات إجرامية تقوم بدورها ببيعها الى مشترين مشبوهين في جميع أنحاء العالم.
ولأنّ هذه التجارة تُشكّل أرباحاً كبيرة لـ «داعش» وسواه من الجماعات المتطرّفة، يتوقّع المصدر أن يتمّ الاعتماد عليها في المرحلة المقبلة، ما دام هناك سوق سوداء دولية لتصريفها، خصوصاً أنّ من كان لديه مريض ما في حالة حرجة في أي بلد في العالم، لا يتوانى عن دفع مبلغ ضخم لكلّ من يؤمّن له العضو المناسب الذي يُنقذ حياة مريضه، من دون أن يهتمّ بالطريقة، إذا ما كانت أخلاقية وإنسانية أو غير ذلك، لا سيما أنّ التبرّع الطوعي بالأعضاء بعد الوفاة لا تزال نسبته ضئيلة في غالبية دول العالم.
ويتمكّن التنظيم من خلال العمليات غير الشرعية التي يقوم بها، من سرقة النفط والآثار وبيعها، وتهريب المخدرات، وأخيراً الإتجار بالبشر، على ما يقول المصدر نفسه، من تأمين التمويل الذي يحتاجه سنوياً لمواصلة الحرب التي يشنّها في دول المنطقة، والمؤسف أنّه ليس من أي تأثير سلبي في مصادره الغامضة تلك، رغم كلّ القرارات المتخذة في مجلس الأمن لإضعاف قدراته المالية والعسكرية والقضاء عليه.
وإذ تجري غالبية عمليات استقطاع هذه الأعضاء، بحسب المعلومات في مستوصف القيارة جنوب الموصل، كما في مستشفى الموصل، اللذين يقعان كلاهما تحت سيطرة «داعش» الذي يُجبر الأسرى الذين حُكم عليهم بالإعدام على التبرّع بالدمّ وانتزاع أعضائهم قبل قتلهم من قبل أطبّاء أجانب يعمل على الاستعانة بهم، يجد المصدر أنّ الحلّ الأقرب لوقف هذه التجارة هو أن تعمل الحكومة العراقية على استعادة الموصل من قبل المتطرّفين.
وأمام هذا التطوّر الخطر والمثير للقلق، لا بدّ من أن تسارع الحكومة اللبنانية، على ما يُشدّد المصدر، الى حلّ ملف العسكريين المخطوفين بما يضمن عودتهم الى ذويهم سالمين، وإن تطلّب الأمر المقايضة أو المبادلة أو أي شيء آخر، على ما تعلن جهات سياسية مراراً، بما لا يمسّ الأمن القومي اللبناني ويحفظ هيبة الدولة. فمن الضروري عودتهم سريعاً قبل أن يقوم التنظيم باستغلالهم بطريقة أو بأخرى. فالمماطلة وإعطاء المزيد من الوقت للمتطرّفين يجعلهم يبتدعون طرقاً جديدة من الإجرام لتخويف شعوب العالم.
وفي رأيه، أنّ العنف لا يجب مواجهته بالمثل، لأن هذا لا يؤدّي الى حلّ مشكلة الإرهاب، بل على العكس يجعلها تتفاقم، فتكثر الحروب ويقع المزيد من الضحايا الأبرياء، ولهذا يجب اللجوء الى اعتماد وسائل سلمية ذكية، تقضي على مخططات التكفيريين التدميرية عن طريق معاقبة الدول والجماعات التي تشتري منهم كلّ ما يعرضونه للبيع، فينقطع عنهم التمويل ويصبح من الصعب عليهم الاستمرار من دون مال وعتاد.
ومن هنا فإنّ المسؤولية تقع على مجلس الأمن في كشف هذه الدول والجماعات وممارسة الضغوطات عليها، لا سيما وأنّ في شرائها النفط والآثار المسروقة، والمخدرات وأخيراً الأعضاء البشرية، وإن بأسعار بخسة، تُساهم في نمو الفكر التكفيري ومواصلة حروبه بهدف القضاء على كلّ من لا يؤيّده أو يجاريه في الأفكار والأقوال والأفعال. علماً أنّ هذه الدول معروفة، غير أنّ المجلس لا يعمل على كشفها أو معاقبتها كونها تسيطر عليه، لكنّ المطلوب منه اليوم، إذا ما كان فعلاً يريد إحلال السلام في العالم، والقضاء على الظواهر المتطرّفة أن يتخذ سريعاً قراراً يدين ويُعاقب كلّ من يدخل في «التبادل التجاري» الأسود مع «داعش» و«جبهة النصرة» بأشدّ العقوبات.
وأمام هذا الواقع المعقّد، ينصح المصدر نفسه بضرورة أن يلتزم كلّ شخص، في أي من دول المنطقة، الحيطة والحذر لكي لا يقع في قبضة إحدى الجماعات المتطرّفة التي فاقت ممارساتها اللاإنسانية كلّ التوقّعات، ليس بهدف إقامة الدولة الإسلامية التي تروّج لها، بل من أجل جني الكثير من الأموال والأرباح من الثروات الطبيعية التي تملكها الدول التي يدخلون اليها ويستولون على أراضيها وممتلكاتها. فبهذه الطريقة يصبحون هم المنتصرين، بحسب وجهة نظرهم، بالقوة والمال وتوسيع رقعة دولتهم، على بقية شعوب المنطقة. ولهذا يجب على كلّ شخص يمتلك حقّ العيش بكرامة وحرية أن يواجه هذه التنظيمات، بشكل عنيف دفاعاً عن حقوقه الإنسـانية، ولكن بطرق سلمية، للتخفيف قدر الإمكان من شرّها.

"الديار"
 

  • شارك الخبر