hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

السنيورة: كلام نصرالله متفرد ومتسرع ويلغي إرادة الشعب اللبناني ومؤسساته الدستورية

السبت ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 16:21

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

اعلن رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة إنّ ما جرى بالأمس في شوارع بيروت من اطلاق للرصاص والقذائف الصاروخية بالتزامن مع كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ليس مقبولاً أو مسموحاً. لقد تحولت شوارع بيروت بعد ظهر الأمس إلى ساحات للرعب والخوف ولفرار العائلات والطلاب إلى الزوايا من اجل الاحتماء من الرصاص الطائش المتساقط
وقال إن الكلام الذي صدر عن السيد حسن نصر الله وأعلن فيه عن إسقاط قواعد الاشتباك السابق مع العدو الاسرائيلي كلام متفرد ومتسرع يلغي إرادة الشعب اللبناني ومؤسساته الدستورية التي أجمعت ووافقت والتزمت باحترام القرار الدولي 1701.
واضاف ليس مسموحاً أو مفوضاً لأي طرف كان أن يقرر عن الشعب اللبناني وسلطاته الدستورية المنتخبة من قبل مواطنيه.
كلام الرئيس السنيورة جاء في كلمة خلال ندوة اقامتها مؤسسة عصام فارس للسياسات العامة في قاعة الوست هول في الجامعة الامريكية تكريما لذكرى محمد شطح وفي ما يلي نص الكلمة :
عائلة الشهيد محمد شطح،
السادة في مؤسسة عصام فارس للسياسات العامة،
الإخوة المتحدثون،
الصديق العزيز معالي الوزير طارق متري،
أيها الأصدقاء،

مع مرور الذكرى الأولى لاستشهاد الأخ والصديق محمد شطح، لفتني كلام نجل الشهيد عمر الذي قال لإحدى وسائل الإعلام ما كان قد قاله لوالده: "أما كان باستطاعتك أن تنتبه لنفسك وأمنك الشخصي قليلاً يا والدي؟؟".

معنى كلام نجل الشهيد أنّ محمد شطح، الذي كان يقوم بعملٍ وطنيٍّ كبيرٍ في وطنه لبنان، لم يكن يخطر بباله أنّ حياته قد تكون في خطر وأنه من الممكن أن يتعرض للاغتيال بهذه الطريقة البشعة والمجرمة التي تمت بها. والسبب حسب اعتقادي ان محمد شطح لم يكن يهتم الا بالسياسات العامة ولم يعْطِ بالاً للحزازات الصغيرة والمؤامرات الخسيسة وهي السمة التي طبعت جانباً معتبراً من الحياة السياسية في لبنان في العقدين الماضيين، وصارت أبشع أحياناً من ممارسات الحرب الأهلية.

كان محمد شطح صاحب العقل المنفتح والمستنير صادقاً مع نفسه ومع محيطه، يحلم بلبنان وطناً حضارياً أساسُهُ الدولةُ المدنيةُ والمستند إلى مفهوم المواطنة والمساواة في إطار النظام الديمقراطي. النظام الذي يضمن الحريات الأساسية، ويقوم على المساواة بين مواطنيه في الحقوق والواجبات.

وكان محمد شطح يؤمن ويحلم ويعمل لبلدٍ تزولُ فيه الفروقُ الطائفية والمحسوبيات، والحزبيات الصغيرة في المسائل التي تتعلق بالأزقة والزواريب التي لطالما كان يبدي محمد شطح ضيقه منها ونفاد صبره منها.

ربما لو انتبه محمد شطح الى هذه الثقوب والفجوات الكبيرة في السياسة في وطننا لبنان، لربما لما ترك الولايات المتحدة الامريكية وعاد الى لبنان بعد أن كان قد غادره في نهاية التسعينات حين لاحظ غَلَبَة السياسة الزبائنية على السياسات العامة. ولكنه أراد العودة إلى لبنان والمشاركة في صنع مستقبله رغم كل العقبات والصعاب.

حين تعرفت الى محمد شطح كان ذلك في العام 1993، وكنا ننظر وقتها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأنا كوني وزيراً للمالية في تعيين نواب حاكم وحاكم مصرف لبنان، لفتني ما كان يحمله من حضور وكفاءة راهنة وأخرى واعدة. وهو قد انضم إلى فريق عملنا خلال الحكومة الأولى للرئيس الشهيد رفيق الحريري. ولقد شكّل انضمامه إلينا قيمةً مضافةً حقيقية بسبب عقله المنفتح وعمق معرفته واتساع تجربته وشمولية آفاقه والقدرة على ابتداع فكر جديد من خارج المعتاد، وكذلك أيضاً تميز اخلاقه وحسن سمعته. وهكذا كان واستمر محمد شطح على هذا المسار إنْ في نيابة حاكمية مصرف لبنان حيث قدم تجربة متميزة بالمعرفة والحرص على التنمية والنمو الاقتصادي والاستقرار النقدي والحرص على المال العام. أو بعدها في عمله المتميّز سفيرٍ للبنان في الولايات المتحدة الأميركية. أو حين عمل إلى جانبي في منصب كبير المستشارين خلال رئاستي لمجلس الوزراء. وذلك منذ اليوم الأول لتسلمي المسؤولية رافقني كظلي في اغلب خطواتي وتجربتي في رئاسة الحكومة وفي لقاءاتي السياسية المتعددة. وهو كان حاضراً في معظم اللقاءات والاجتماعات المطولة مع جميع المسؤولين الذين كانوا يزورون لبنان أو الذين كنا نزورهم في الخارج. ولقد اخترت محمد شطح ليكون صلة الوصل بيني وبين المسؤولين في أكثر من دولة أوروبية وفي الولايات المتحدة أيضاً من خلال صلة التواصل مع المسؤولين في تلك الدولة. في الحقيقة لقد شكّل وجود محمد شطح إلى جانبي إضافة ممتازة للعمل في الشأن العام وهو بذلك قد أفاد لبنان في عمق تفكيره وبعد نظره ورؤيويته واتّساع معارفه ومعرفته بعالم العصر وعصر العالم.

لقد تحدثتم كثيراً بشأن بعض الاقتراحات التي تقدم بها محمد شطح، ليست هنا أهمية محمد شطح باستثناء فكرة الثروة في لبنان ومن هو المالك الحقيقي وكيفية العمل على إدارتها بشكل افضل ولكن المهم هو في الدور الذي لعبه محمد شطح في عملية تحقيق النمو الذي كان الزورق الحقيقي الذي استطعنا من خلاله معالجة مشكلة تضخم الدين العام وذلك من خلال عمله وجهده أيضاً الذي أسهم في تحقيق عمل تنوي ونمو غير مسبوق في لبنان ولاسيما خلال السنوات 2007 حتى 2010.

ولقد أسهم محمد شطح عندما كان مستشاراً في رئاسة الحكومة وبعد ذلك وزيراً للمالية ولكن في تلك الآونة إسهاماً أساسياً في تطوير موقف الدولة اللبنانية يوم 12 تموز 2006 وهو بأن الحكومة اللبنانية لم تكن على علم ولا تتبنى أو تبرر ولا تتحمل مسؤولية ما جرى عبر الخط الأزرق آنذاك.

وحين استقر الرأي خلال عدوان تموز اثر مجزرة قانا على وقف الاتصالات مع الجانب الامريكي وتحديدا مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تمّ اتخاذ القرار بحضور محمد شطح وبمشاركته الفاعلة وهو كان فعالاً في إسهامه في كل المداولات التي آلت إلى النص النهائي للقرار 1701 وكذلك أيضاً في الإعداد لإقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

وهو أسهم إسهاماً حقيقياً أيضاً وهاماً في موضوع تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان والدفاع عن حقوق لبنان في هذا الشأن.

بل أكثر من ذلك أودّ أن أكشف من باب الانصاف للرجل وللتجربة وللتاريخ ولمن لا يعرف أنّ محمد شطح الذي عيّن وزيراً للمالية في حكومتي الثانية بعد اجتماع الدوحة، أنه لم يكن متحمساً لهذا المنصب ولم يطلبه أو يسعى إليه أو يركض خلفه، بل كان متعففاً ينظر إلى المهمات الوزارية من زاوية إمكان إسهامه في اقدار الاقتصاد على تحقيق التنمية والنمو المستدام وعلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والنقدي وحماية المالية العامة في لبنان. وهو بذلك كان ينظر إلى العمل السياسي من زاوية مختلفة جداً عن تلك التي ينظر فيها عادةً كثير من السياسيين في لبنان للعمل الوزاري لجهة إقبالهم عليه من أجل تحقيق المكاسب السياسية. وهو بذلك كان مستحقاً وعن جدارة لذلك المنصب بالكفاية والتجربة ورحابة الأفق، والفهم الواسع للمصلحة العامة.

باختصار كان محمد شطح رجل عمل عام وعمل وطني ولم يكن يوماً ساعيا خلف منصب أو خلف استفادة.

وبقدر ما كان مطمئناً إلى انفتاحه وسلامه طويته وعقله البعيد عن العنف أو الحقد أو الإقصاء، كان محمد شطح وبعد استقالة حكومتي الثانية يأتي صباح كل يوم للتداول سوية معي في مكتبي في شارع بلس مشياً على الأقدام من منزله دون حراسة او ابهة او شكليات يأنفها

محمد شطح كان يحقق قفزات مستمرة على مسار تعزيز خبرته واتصالاته وانفتاحه وإسهامه في اغناء العمل في الشأن العام. ولكن عندما آن أوانُ القِطاف اغتيل ربما لإزاحته كشخص منفتح من أصحاب العقول المستنيرة في لبنان وربما أيضاً رسالة لآخرين من أجل ترويضهم. اغتيل بغفلةٍ عن عين الدولة، التي ما نزالُ نبحثُ عنها ونعملُ لها ولن نتراجعَ في توجهنا من أجل إقامتها وإقدارها، وذلك من أجل أنفُسِنا، ومن أجل أجيالنا القادمة ومن أجل الشهداء أمثال محمد شطح وعائلته الذين يطرحون السؤال الموجع لهم ولنا، لماذا عُدْتَ من المهجر يا أبي؟ وأما كان بالإمكان أن تنتبهوا قليلاً لأنفُسِكُم وأن نبقى مع والدنا في وطنٍ يحترم حياة الإنسان وعملَهُ وحرياته؟

أيها الاصدقاء،
عائلة الشهيد،

إنّ لبنان يمر خلال هذه الفترة بمرحلةٍ حرجةٍ جداً. بمعنى، أننا نقف على مفترقٍ هامٍ، فإمّا أن نظلَّ غارقين في ممارسات الحسابات الصغيرة، ونتسبّب بضياع البلد وتدمير المستقبل الوطني، أو أن نغتنم الفرص المتاحة، ونُفسِحَ المجالَ للتصرف المسؤول ولسياسات المصلحة العامة، بحيث تتغلب عندها الاعتبارات الوطنية على الصغائر وعلى المصالح الضيقة والزبائنية، وبحيث نتوافق على التوجهات الكبرى التي تُخرجُنا من أنفاق المكائد والتضييع التي دمرت بلدنا وأطاحت بأحلام السواد الأعظم من مواطنينا!

أيها الإخوة،

سمعتُ الصديق الدكتور محمد شطح يقول مرةً في ذكرى اغتيال الوزير بيار أمين الجميل: كيف يقول فلان إنّ العنف الثوري- كما سمّاه- هو جزءٌ من العمل السياسي! إنّ العنف بالأحرى هو إعلان عن نهاية السياسة! لقد آمن الدكتور شطح بالفكرة القائلة إنّ العمل السياسي إنما هو حوارٌ بين أنداد، وهو يراعي بلا شكّ اعتبارات القوة السياسية وتوازُناتها. لكنه يعتمد الإقناع العقلي والمنطقي وتلمُّس المصالح المشتركة، والتسويات الحافظة للوطن وأمنه وللمواطنين وسلامتهم، ولسلطة الدولة وعلاقاتها الخارجية.

وإذا كان هذا رأيه في العمل السياسي، فقد كان له فهمٌ آخرُ للسياسة أو إدارة الشأن العام بحدِّ ذاتها. قال لي مرةً في أحد الاجتماعات: يقال إنّ السياسة السليمة هي عبارةٌ عن إدراك الضرورة. وهذا التحديد ليس صحيحاً على إطلاقه. فالضرورة تُفيدُ الحتمية، وقد تذهب باتجاه العقائديات والأَيديولوجيات، أمّا الواقع فهو أنّ السياسة بما هي إدارةٌ صالحةٌ ورشيدة للشأن العام، تُتيحُ آفاقاً من التفكير والتدبير والخيارات المفتوحة التي لا تنحّي المبدئيات، ولا تستبعد الاختلافات، لكنها تبعُدُ عن تغليب الضرورات التي تعني اعتقاد الصحة المطلقة للرأْي الواحد أو التوجُّه الواحد.

أيها الأصدقاء،

في ضوء ما شهده اللبنانيون وعانوا منه في البارحة، أودُّ أن أتحدث بصراحة ومن دون لبسٍ.

إنّ ما جرى بالأمس في شوارع بيروت من اطلاق للرصاص والقذائف الصاروخية بالتزامن مع كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ليس مقبولاً أو مسموحاً. لقد تحولت شوارع بيروت بعد ظهر الأمس إلى ساحات للرعب والخوف ولفرار العائلات والطلاب إلى الزوايا من اجل الاحتماء من الرصاص الطائش المتساقط.

إنّ الذي جرى مرفوض ولا يخدم القضية التي يقول حزب الله أنه يرفع لواءها وحتماً لا يخدم قضايا لبنان المحقة في الحرية والسيادة والكرامة ولا قضايا الشعب اللبناني الذي لا يمكن ان يوافق على هذا التعدي على أمنه وكرامته وحريته.

وأنا أتمنى على السلطات الأمنية والقضائية المبادرة إلى تطبيق القانون بملاحقة المخلين بالأمن والمستخدمين للسلاح بشكلٍ علني والمعتدين على الناس وأمنهم وحريتهم.

إن الكلام الذي صدر عن السيد حسن نصر الله وأعلن فيه عن إسقاط قواعد الاشتباك السابق مع العدو الاسرائيلي كلام متفرد ومتسرع يلغي إرادة الشعب اللبناني ومؤسساته الدستورية التي أجمعت ووافقت والتزمت باحترام القرار الدولي 1701.

ليس مسموحاً أو مفوضاً لأي طرف كان أن يقرر عن الشعب اللبناني وسلطاته الدستورية المنتخبة من قبل مواطنيه.

لقد سقطت اتهامات التخوين ومرحلة فحص الدم، نحن لم ولن نتخلى عن قضية فلسطين وحق العرب في فلسطين المحتلة. ولن نسلم الراية لمن يريد خطفها أو الاستيلاء عليها ومصادرة حقنا في الكلام وفي التفكير وفي الحرية. نحن تشاركنا في البلد على أساس التساوي في الحقوق والواجبات، وليس مقبولاً أو مسموحاً أن يأتي من يصادرها ويحاول تحويل البلاد إلى أرضٍ سائبة تسود فيها شريعة الغاب ومنطق القوة والغلبة والسيطرة والإرغام.

نحن نتمسك بحقّ المواطنة المتساوية مع كلّ المواطنين اللبنانيين. فكلام الأمس لا يحترم إرادة الشعب اللبناني ولا منطق العيش المشترك ولا حقوق الإنسان بل يحاول أن يفرض منطق السلاح والعنف والتسلط. والتجربة في لبنان تقول أنّ من اتبع هذا الطريق كان مصيره الفشل والإضرار بنفسه وبغيره والحاق المزيد من الخسائر بلبنان واللبنانيين.

إن سياسات المحاور والمصالح الخاصة، وسياسات التفلُّت من المراقبة والمحاسبة والمراجعة، هي التي أنتجب هذه السيولَ من الدماء في بلداننا العربية، وهذه السلسلة من الشهداء، وهذا الانقسام الوطني والقومي- وأين هذا كُلُّه من تقاليد وأعراف الحياة السياسية الحُرّة والمسؤولة، ومن تلك الرحابة التي كان عليها شهداءُ لبنانَ الكبار من رفيق الحريري إلى محمد شطح ومن سبقهما من الشهداء.

أيها الإخوة والأخوات،

إنّ ما جرى ويجري في لبنان وعلى لبنان، يكاد يستعصي على التعقُّل، وعلى الفهم في السياقات المعاصرة. عقل محمد شطح وشهداء لبنان الكبار جميعاً هو عقل المصلحة الوطنية والحكم الصالح. أمّا الذين اغتالوهم فإنهم ارتكبوا ذلك ويرتكبونه كلَّ يوم، لأنهم يتجاهلون المصالح الوطنية ولأنهم لا يؤمنون بقضية لبنان العربي السيد المستقل، ولا يريدون له الاستقرار والازدهار ولا يريدون له أيضاً الحكم الرشيد. هل يكفي قولُ هذا في التصدي لأحداث الجرائم ضد الدولة والمواطنين؟ هذا كلُّه لا يكفي، لكنّ عزاءَنا شهداءَ وأحياءً أنّ قناعاتِنا لن تتغير ولن تتبدَّل ولن نذِلَّ أو نخضعَ أو نيأس أو نستسلِمَ لإرادة الخصم الوطني والقومي والإنساني، مهما صعُبت الظروف والمشقّات ومهما طالت. سنظلُّ نحاول ونعمل في ظلّ الدولة والدستور والسياسة الأخلاقية مؤمنين وعاملين من أجل التقدم على مسارات الاصلاح والتلاؤم والانجاز. ولذلك أتينا بالأمس وأتينا اليوم وسنأتي غداً للاحتفاء بذكرى الشهداء، ولتأكيد العزم مجدداً على صَون الدولة والوطن والدولة العادلة وصون المستقبل لأجيالنا الصاعدة.

لا نقولُ جديداً عندما نكرر في ذكرى الدكتور شطح أنّ الظروف دقيقةٌ وخطيرةٌ في الأحداث الهائلة الجارية من حولنا، وفي أن هناك من يدفع بلبنان إلى الوقوع في قلب العاصفة الهوجاء. لكننا سنبقى صامدين وثابتين في إيماننا بدور الدولة العادلة وضرورة استعادة هيبتها ومرجعيتها وسلطتها الحصرية على كامل الاراضي اللبنانية. وسنبقى صامدين مع وطننا ومع مواطنينا. نقول هذا في وقت استقبال قرابة مليون ونصف المليون نازح من الجوار السوري، وفي وقت يتهدّد فيه حبل الأمن بالاضطراب، وبالرغم من إصرار بعضهم على دفع الوطن ويا للأسف لكي يستمر ساحةً لإرسال الرسائل واستقبالها. ولستُ أدري كيف يكونُ كسْباً استراتيجياً لأيّ أحد هذا الخرابُ الذي يُصنعُ كلَّ يومٍ في العراق وسورية وليبيا واليمن ولبنان، وهذا القتل المستشري كأنما نحن في حروب التتار أو المغول؟! أهذه هي الرسالةُ التي يرادُ إرسالها بقتل الدكتور شطح وإخوانه وزملائه؟ وما علاقةُ ذلك كلّه بحريات الأَوطان وكرامتها وحياة أهلها وأمْنهم واستقرارهم؟!

صحيح انّ المجرم الذي اغتال محمد شطح نجح في توجيه طعنةٍ خبيثة لتيار المستقبل ولقوى 14 آذار وأيضاً لكل لبنان ولكل اللبنانيين، لكننا وعلى الرغم من ذلك فإننا على ثقة بأنّ الصعوبات التي تواجه لبنان ستكون إلى زوال، فنحن لن نتراجع ولن نسمح باغتيال محمد شطح مرة ثانية. ولهذا نحن نتمسك بكل ما آمن به وعمل من اجله شهيدنا الكبير من أجل إعلاء شأن الدولة السيدة على أرضها ومرجعية مؤسساتها وكرامة اللبنانيين ومن أجل أن يبقى لبنان وسيبقى لبنان.

وتبقى ذكرى محمد شطح ذكرى رجل فاضل لم تلوثه نفايات السياسة في لبنان. محمد شطح عاش واستمر حتى آخر يوم من حياته، رجل علم وحوار وانفتاح وآفاق رحبة. لقد عبر إلى السياسة التي تراجع شأنها واصبحت شأناً منحدراً في لبنان خسرنا بسبب ممارسات الاقصاء لدى بعضهم رجل علم وفكر وحوار. رجلاً استمر على نقاوته وصفائه حتى لحظة استشهاده هو محمد شطح رحمه الله.

أيها الأصدقاء،

أودّ أن أشكركم جميعاً وأشكر معهد عصام فارس للسياسات العامة على إقامة هذا الاحتفال التكريمي لهذا الصديق الكبير الدكتور محمد شطح. كما أشكر الدكتور طارق متري على الدعوة للكلام في ذكرى العزيز العزيز محمد شطح. إننا جميعاً مَدينون لمحمد شطح، بالريادة الفكرية، وبالتعلُّم من خبرته وتجربته، وبالصداقة التي تُعطي دون حساب. لقد خسرْناه جسداً جميعاً بفقده، وفقْدِنا عذوبته وتواضُعِه وشفافيته، ولكنه يبقى حاضراً في ضمائرنا ووجداننا. ولن ننساهُ ما عشْنا. رحمه الله.
 

  • شارك الخبر