hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - جورج علم

لبنان في كنَف الممنوعَين

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٥ - 06:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

...وتبقى الخلفيّات أهمّ من «العنتريات»، وبعض المتداوَل في الأروقة الديبلوماسيّة يذهب إلى العمق متجاوزاً القشور.

- أوّلاً: إنّ الاعتداء الإسرائيلي قد حصلَ في ريف القنيطرة، وكان يُفترَض أن يأتي الردّ من هناك، لكن شاءَت إيران أن يكون من مزارع شبعا، كونها أراضيَ لبنانية محتلة، وتدخل ضمن قواعد الإشتباك بين «حزب الله» وإسرائيل.

- ثانياً: شاءت إيران أن توجّه في هذا الظرف تحديداً، مجموعةً من الرسائل، وفي اتّجاهات عدّة، واحدة في رسم الإدارة الأميركيّة لتُعبّر عن فائق غضبها من الوعد الذي قطعَه الرئيس باراك أوباما للملك سلمان بن عبد العزيز، والمتعلّق بطموحاتها النووية ومنعِها من امتلاك القنبلة الإشعاعيّة.

وثانيها في رسم المجتمع الدولي لتؤكّد مرّةً أخرى، نفوذَها المتمادي في لبنان، وقدرتَها على خطفِه إلى حيث تريد، وعلى الاستئثار بساحته ساعة تشاء.

وثالثها في رسم مجموعة (5 + 1)، لتأكيد أنّها قادرة على بَسط خريطةِ نفوذها في المنطقة، انطلاقاً من الطاولة اللبنانية، لترسمَ حدود ما تريده من سوريا، والعراق واليمن، والخليج... ورابعُها: الحَدّ من الضجّة الواسعة حيال وجودها ودورها في القنيطرة السوريّة، من خلال تعمُّدِها نقلَ أنظار المجتمع الدولي إلى المزارع اللبنانية التي تحتلّها إسرائيل.

- ثالثاً: إنّ حكومة بنيامين نتنياهو لن تكون منزعجةً من إعادة لبنان ساحةً لتسديد الفواتير وتصفية الحسابات، والدليل مبادرتُها، وبسرعة، إلى قصف الخطّ الأزرق، والقرار الدولي الرقم 1701، وقوّات «اليونيفيل»، وقد سقطَ في صفوفها شهيد إسباني.

- رابعاً: إنّ للطرفين الإيراني والإسرائيلي مصلحةً في رفع منسوب التوتّر، ودفع الأوضاع إلى حافّة الهاوية، الأوّل لابتزاز المجموعة الدوليّة في ربع الساعة الأخير من المفاوضات حول النوَوي ليكونَ له ما يريد من الشروط المواصفات، والثاني طيّ الملفّ الفلسطيني عن طريق فتح ورشة جديدة على الجبهة اللبنانية - السوريّة تخدم مصالحَه الانتخابيّة، وتؤدّي إلى عمليّة خَلط أوراق واسعة في المنطقة.

تنبَّه المجتمع الدولي إلى ما يحصل. إستشعرَ خطورة الحَدث، تدخَّلَ بسرعة، وتصرَّف بحَزم. وأجرى وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل سلسلة اتّصالات واسعة شمَلت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الأمين العام لجامعة الدول العربيّة نبيل العربي، ووزراء خارجية مصر، السعوديّة، وبعض دوَل مجلس التعاون، كذلك استمرّت الهواتف شغّالة مع سفراء الدوَل الخمس الكبرى الدائمة العضوية لدى مجلس الأمن، فضلاً عن البعثات اللبنانية في عواصم دوَل القرار.

كانت الأجواء الدوليّة مهيَّأة ومؤاتيّة، قال أحد الديبلوماسيين المتابعين: «كان هناك غضبٌ دوليّ، وكثيرٌ من القَرف، ممنوعٌ على الصغار أن يفسِدوا لعبة الكبار. ممنوع تجاوُز السقوف والمحرّمات. ممنوع استمرار هذه الغطرسة التي تتمدّد ظاهرتُها، ويشتدّ نفوذها على ضفاف الفوضى العارمة التي تجتاح عدداً من دوَل الشرق الأوسط».

- ما العمل؟

يجيب الديبلوماسي: المواقف باتت واضحة، وردود الفعل معروفة، لكن هناك استنتاجات عدّة يمكن البناء عليها: أوّلها أنّ ردّ الفعل الأميركي كان حازماً، لقد هزّت الإدارة الأميركيّة العصا. الجنون ممنوع، وممنوع أيضاً العبَث بالأولويات، أو السماح بخَلط الأوراق في المنطقة. وعلى رغم خطورة الحَدث، فإنّ الاتصالات مع المعنيين كانت لتبليغ «الأوامر»، وليس لفتح باب النقاش.

ثاني هذه الاستنتاجات أنّ مجلس الأمن الدولي انعقَد بلا تردّد، إجتمعَ ليقول ويؤكّد أنّ القرار 1701 خطّ أحمر، و»الخط الأزرق»، خطّ أحمر، وأنّ كرامة «اليونيفيل» وسلامتها من كرامة المجتمع الدولي وسلامته. وأنّ الإخلال بالمعادلة القائمة في الجنوب ممنوع ومرفوض.

وثالث هذه الاستنتاجات أنّ تحرّك فرنسا في اتّجاه مجلس الأمن، وتجاوُب المجتمع الدولي، قد حملَ أكثرَ من رسالة إنطوَت على أكثر من عنوان ومضمون، وأبرزُ الرسائل كان في رسم إيران وإسرائيل معاً لتأكيد «ممنوعَين» معاً: ممنوعٌ خطف لبنان كما حصلَ في تمّوز عام 2006، وأخذُه إلى حيث لا يريد، وزَجّه في نزاع المحاور، والتفاوض على رأسِه فيما بعد، لقبض الثمن.

وممنوعٌ المَسّ بالمعادلة الدولية في الجنوب والقرار1701. ويؤكّد المصدر أنّ المجتمع الدولي يعرف كلّ المعرفة أنّ الأوراق المتداولة ما بين إيران وإسرائيل تحت الطاولة، مختلفة تماماً عن تلك المتداولة فوقها، وإنّ مَن يريد أن يقامر عليه أن يُتقنَ جيّداََ أصول اللعبة، ولا يغامر.

وعليه أن يأخذ عِلماً بأنّ لبنان خارج الطاولة، إنّه في كنَف المجموعة الدوليّة لدعمِه وحمايته من الطامعين بأرضه وسيادته، مستغلّين ضعفَه، وهشاشة وضعِه. أمّا الذي يريد أن يقامر بأوراق سوريا والعراق واليمن، أو بالخط الأزرق في الجنوب، وخط «الأندوف» في الجولان، فعليه أن يعرف أنّ هناك «مايسترو» يُشرف على اللعبة، ويضع حدّاً لها عندما يتخطّى اللاعبون قواعد المقامرة، إلى المغامرة!

  • شارك الخبر